الصفحات

الأحد، ٣١ آذار ٢٠١٣

(فرنسا أقل استعجالاً لتسليح المتمردين السوريين)


صحيفة اللوموند 31 آذار 2013 بقلم كريستوف عياد Christophe Ayad وبنجامان بارت Benjamin Barthe
     صرّح فرانسوا هولاند يوم الخميس 24 آذار في مقابلة مع القناة الثانية للتلفزيون الفرنسي أن الوضع في سورية ما زال غامضاً جداً في الوقت الحالي لدرجة أن فرنسا لا تستطيع تسليح المتمردين. يُمثل هذا التصريح تراجعاً كبيراً عن تصريحاته بتاريخ 14 آذار عندما دعا نظراءه الأوروبيين إلى رفع الحظر عن إرسال الأسلحة إلى سورية. قال فرانسوا هولاند في المقابلة التلفزيونية: "لن نرسل الأسلحة إذا لم نكن متأكدين بأن هناك رقابة كاملة على الوضع من قبل المعارضة. وفي الوقت الحالي، لسنا متأكدين من ذلك". يعني ذلك أن احتمال وصول هذه الأسلحة إلى المجموعات الجهادية المعادية للدول الغربية ما زال كبيراً جداً في الوقت الحالي لدرجة تمنع رفع الحظر.
     يبدو أن الدبلوماسية الفرنسية أصبحت تتمسك في الأيام الأخيرة بمنطق معاكس لما كانت تقوله وزارة الخارجية الفرنسية سابقاً حول أن تجنّب تصاعد قوة الحركات المتطرفة يمر عبر تسليح المتمردين التابعين للجيش السوري الحر. نفى مستشارو فرانسوا هولاند أي تغيّر في الموقف الفرنسي حول هذا الموضوع، وأكد مصدر في قصر الإليزيه قائلاً: "إنها تصريحات مُكمّلة لتصريحات 14 آذار"، واعترف هذا المصدر بأن الرئيس أخذ بعين الاعتبار "التطورات التي شهدتها المعارضة السورية منذ 14 آذار" في إشارة إلى الأزمة الجديدة التي يعيشها الإئتلاف الوطني السوري والاستقالة التي تقدم بها رئيس الإئتلاف معاذ الخطيب.
     هل ساهمت الأسلحة الكرواتية التي اشترتها السعودية لصالح الجيش السوري الحر، وتم إيصالها عبر الأردن، إلى زيادة قلق الإليزيه؟ بمجرد دخول هذه الأسلحة إلى سورية، ظهر جزء منها بأيدي المجموعات السلفية كما أظهرت أفلام الفيديو على الأنترنت، ولاسيما راجمات القذائف المضادة للدبابات من طراز M79 Osa التي حصل عليها بعض عناصر جبهة النصرة التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية. إن وصول الأسلحة الكرواتية التي تتضمن أيضاً مدافع عديمة الارتداد، يُفسّر جزئياً النجاح الذي حققته المعارضة مؤخراً في جنوب سورية.
     يدل موقف فرانسوا هولاند الأخير على الغموض والحيرة السائدة في قمة الدولة حول مسألة تسليح المتمردين في سورية. قال أحد الدبلوماسيين: "تراجع فهمنا للواقع على الأرض كثيراً منذ قيامنا بإغلاق السفارة في دمشق. لم يعد باستطاعة أحد أن يؤكد صحة ما يقول. لا توجد رؤية مشتركة بين الأطراف الثلاث الرئيسية لدبلوماسيتنا أي بين وزارة الخارجية ووزارة الدفاع والرئاسة. ومن هنا يأتي الانطباع بالتردد والحيرة".
     تُثير إمكانية إرسال الأسلحة الانشقاقات داخل وزارة الخارجية الفرنسية، وهذا ما أكده الاجتماع الخاص مع أحد الدبلوماسيين الذي قال: "إن إرسال الأسلحة أمر جيد، ولكن لا أحد يسأل إطلاقاً إلى أين تصل هذه الأسلحة. لم يتم استخدام نصف الأسلحة التي تم إرسالها إلى المتمردين، وتم تخزينها بانتظار الحرب التي ستقع بين الفصائل بعد سقوط الأسد".

(مؤسس حزب الله صبحي الطفيلي يُظهر انشقاقه)


صحيفة اللوموند 31 آذار 2013 بقلم مراسلتها الخاصة في لبنان لور ستيفان Laure Stephan

     لا يحوي صالون الشيخ صبحي الطفيلي (65 عاماً) في بعلبك صورة لحسن نصر الله بعكس أغلب المنازل الشيعية في سهل البقاع معقل حزب الله في شرق لبنان. كان صبحي الطفيلي أحد مؤسسي حزب الله وهو الآن أحد المنشقين النادرين عنه. تم إبعاده عن المسرح السياسي منذ حوالي خمسة عشر عاماً، ولكنه استعاد صوته اليوم، وأدان انخراط حزب الله العسكري في سورية. إذا كان الحزب ينفي القتال إلى جانب بشار الأسد، فإنه يعترف بأن الناشطين يعملون في القرى السورية القريبة من البقاع لحماية سكانها والشيعة اللبنانيين. ولكن الشيخ صبحي الطفيلي لا يعتقد بهذه الرواية ويتهم حزب الله بأنه "أداة لدى النظام السوري".
     ما الذي يُحرّكه؟ هل هي روح الانتقام من الحزب الذي أبعده عام 1998 بسبب معارضته للتغيير السياسي في الحركة؟ أم الغضب، لأنه ما زال يعتبر حزب الله صنيعته؟ قال صبحي الطفيلي: "أنا فخور بانتصاراته العسكرية ضد إسرائيل، ولكنني أخجل من نشاطاته السياسية. إذا كان حزب الله مخلصاً لإيديولوجيته، فإنه سيكون إلى جانب الشعب. إن دوره في سورية يخدم الإسرائيليين لأنه يُغذي النزاع بين السنة والشيعة في لبنان، ويؤجج خطر الحرب الأهلية"، إنه مُقتنع بأن دعم حسن نصر الله إلى دمشق يُقسّم الحزب.
     كان صبحي الطفيلي الأمين العام للحزب بين عامي 1989 و1991، ويقول أنه يُكرس وقته للنشاطات الدينية فقط. إنه لا يفكر بإطلاق حركة عصيان مدني كما فعل عام 1997 مع "ثورة الجياع" التي أدانت تهميش منطقة البقاع. ولكنه ليس رجلاً مطمئناً، هناك رجال مسلحون لحماية منزله، ويتعرض زواره لتفتيش دقيق. ما زالت سمعته سيئة وغامضة.
     كان صبحي الطفيلي يبعث على القلق خلال الثمانينيات عندما كان طالباً في الحوزات  الدينية في العراق، وكان أحد الرجال الأقوياء في حزب الله. إنه يبتسم عندما نُذكّره بذلك. يرتبط اسمه بعمليات التفجير الانتحارية وخطف الرهائن الغربيين التي قام بها حزب الله في الحرب. لم يعترف حزب الله بعمليات الخطف أبداً، ويقوم صبحي الطفيلي بتحميل إيران مسؤولية عمليات خطف الرهائن دون أن يكون مُقنعاً. بالنسبة له، إذا كان الرهائن مُعتقلين آنذاك في المناطق الخاضعة لسيطرة حزب الله ـ الضاحية الجنوبية لبيروت والبقاع ـ ، فقد كانوا بأيدي المجموعات المرتبطة بإيران. وأكد قائلاً: "أنا كنت ضد خطف الرهائن". إذاً، لماذا لم يعمل على إنهائها؟ أجاب قائلاً: "لم يكن باستطاعتنا معارضة إيران".
     قطع صبحي الطفيلي علاقته مع إيران بعد أن كان يدافع سابقاً عن الثورة الإسلامية، وقال: "أولئك الذين كنت على علاقة معهم هم في المعارضة أو السجن". كان وصول علي خامنئي إلى منصب "المرشد الأعلى" بداية لتهميشه التدريجي داخل حزب الله، وقال: "أمرت طهران الحزب بالدخول في اللعبة السياسية اللبنانية عام 1992. كنت معارضاً لذلك لكي لا أتعاون مع دولة تحت الهيمنة السورية". قام صبحي الطفيلي في النهاية بمواجهة حزب الله بالسلاح، وصدرت بحقه مذكرة اعتقال في نهاية التسعينيات لأنه أطلق النار على الجيش اللبناني.
     يسخر أنصار حزب الله اليوم من صبحي الطفيلي، ويعتبرونه زعيماً سابقاً لا وزن له، على الرغم من أنهم يتابعون جميع مداخلاته الإعلامية. يتهمونه بأنه كان أصل المعارك الدامية مع حركة أمل الشيعية في نهاية الثمانينيات، أو أنه قام بتغيير موقفه. قال أحد نواب بعلبك: "كان سابقاً رجل السوريين، ويدعي الآن أنه ضدهم". ولكن صبحي الطفيلي دافع عن نفسه قائلاً: "لم يحصل التقارب بشكل فعلي بين حزب الله ودمشق إلا في التسعينيات. لقد أراد النظام السوري القضاء عليّ".
     إذا قام صبحي الطفيلي بانتقاد حزب الله، فإنه يمتنع عن ذكر اسم رئيسه حسن نصر الله. لم يكشف صبحي الطفيلي عن أسرار تشكيل الحزب "لكي لا يخدم الإسرائيليين"، وذلك في لغة خشبية واضحة.

السبت، ٣٠ آذار ٢٠١٣

(مستشفى إسرائيلي لمعالجة المتمردين ضد الأسد)


صحيفة الفيغارو 30 آذار 2013 بقلم مراسلها في إسرائيل مارك هنري Marc Henry

     قام الجيش الإسرائيلي ببناء مستشفى ميداني في هضبة الجولان بشكل سرّي لمعاجة الجرحى السوريين في صفوف المقاتلين المعارضين للأسد. كشفت وسائل الإعلام عن هذه المبادرة البارحة 29 آذار، الأمر الذي أجبر المسؤولين العسكريين على التقليل من أهمية هذا القرار، وتحدثوا عن "وحدات معالجة صغيرة" و"التدخل في الحالات الخاصة". تمت معالجة عشرات المقاتلين خلال الأسابيع الأخيرة ولاسيما في الأكواخ الحديدية المبنية بالقرب من أحد المواقع العسكرية، وتم تجهيزها بغرفة عمليات وبعض أجهزة الأشعة. تمت إحالة 11 مريضاً مصابين بجروح خطيرة إلى مستشفيات نهاريا وصفد في شمال إسرائيل. في النهاية، تمت إعادة ثمانية مرضى إلى سورية بعد معالجتهم، وما زال هناك اثنان آخران يعالجان في المستشفيات الإسرائيلية، وتوفي الثالث الذي أصيب برصاصة في رأسه يوم الأربعاء 27 آذار.
     حرص المسؤولون الإسرائيليون الذين ذكرتهم وسائل الإعلام على التأكيد بأن هذا "العمل الإنساني" لا يمثل تغييراً في سياسة إسرائيل التي ما زالت ترفض استقبال اللاجئين السوريين خوفاً من أن يؤدي ذلك إلى تدفق اللاجئين كما حصل في الأردن وتركيا. أشارت الإذاعة الإسرائيلة الحكومية إلى أن الجيش يخشى أيضاً الوقوع بين نار الدعاية الإعلامية  للجانبين. قال أحد المُعلّقين في الإذاعة الإسرائيلية: "لا تريد إسرائيل توفير الحجج لبشار الأسد وأنصاره الذي يعتبرون القوات المتمردة كعملاء في خدمة إسرائيل، ولكن هؤلاء المتمردين أنفسهم يدينون جمود الرئيس السوري ووالده من قبله بسبب الحفاظ على الهدوء الكامل في هضبة الجولان خلال أربعين عاماً".
     تخشى أجهزة الأمن الإسرائيلية أيضاً من قيام جهاديي تنظيم القاعدة الناشطين بين المتمردين بالتسلل بين اللاجئين في حال فتح الحدود، الأمر الذي سيسمح لهم بارتكاب عمليات التفجير في إسرائيل. وإذا تسلل عناصر نظام بشار الأسد بين اللاجئين، من الممكن أن يغتنموا هذه الفرصة كما حصل سابقاً في المخيمات الأردنية.
     النتيجة، يبذل العسكريون الإسرائيليون جهوداً مضاعفة لتحديث السور الإلكتروني الذي يبلغ طوله ثمانين كيلو متراً. من المفترض أن تنتهي أعمال التحديث خلال الأشهر القادمة، وتم تقديم تعزيزات هامة إلى الوحدات المدرعة المتخصصة بمهمات التنصت. يرى البعض أن إسرائيل مُحقّة عندما تتخذ مثل هذه التدابير الوقائية لكي لا تجد نفسها متورطة في النزاع السوري، ولكن يجب على الدولة العبرية إظهار قدر أكبر من التعاطف مع ضحايا المجازر.
     قام الرئيس الإسرائيلي السابق إسحاق نافون وبعض الضباط الاحتياط بإطلاق نداء من أجل حث حكومة بنيامين نتنياهو على تقديم المساعدة إلى اللاجئين الهاربين من المعارك "باسم الواجب الأخلاقي".

(التحقيقات حول حزب الله تستأنف الجدل حول طبيعته الإرهابية الشبيهة بذلك الذي قتل خمسة إسرائيليين في بلغاريا)


صحيفة اللوموند 30 آذار 2013بقلم كريستوف عياد Christophe Ayad

     أصدرت المحكمة القبرصية يوم الخميس 28 آذار الحكم بالسجن لمدة أربع سنوات على اللبناني ـ السويدي حسام طالب يعقوب (24 عاماً) في قضية المؤامرة المعادية للإسرائيليين، وقد اعترف بالعمل لحساب حزب الله. تم اعتقال هذا الشاب في شهر تموز 2012 عندما كان يقوم باستطلاع مطار ليماصول بهدف الإعداد على ما يبدو لعملية تفجير شبيهة بالعملية التي أدت إلى مقتل خمسة سائحين إسرائيليين وسائق الحافلة البلغاري في صوفيا بتاريخ 18 تموز 2012.
     أشار هذا الشاب إلى أن شخصاً مجهولاً من الحزب الشيعي اللبناني طلب منه الاستعلام حول مواعيد وصول الطائرات القادمة من إسرائيل وتسجيل أرقام لوحات الحافلات التي تنقل السائحين الإسرائيليين. كما أكد عدم معرفته للغاية من هذه المعلومات. أشارت المحكمة إلى أن حسام طالب يعقوب قام بست مهمات على الأقل في قبرص بين شهر كانون الأول 2011 وتاريخ اعتقاله.
     من غير المعتاد الإيقاع بأحد عملاء حزب الله أثناء الإعداد لعمليات التفجير، وأن يعترف بانتمائه إلى الفرع السرّي للشبكة الدولية للميليشيا الشيعية. عاش حسام طالب يعقوب خارج لبنان، ويحمل جواز سفر سويدي يسمح له بالسفر بحرية في أوروبا. توصّل المحققون إلى أنه ذهب إلى تركيا وهولندة وفرنسا، ولاسيما إلى مدينة ليون الفرنسية التي ذهب إليها لتسليم جهاز هاتف جوال إلى إحدى نقاط الاتصال. إن صفاته شبيهة بالشخص الذي ارتكب عملية التفجير في صوفيا، ومات مع المتفجرات التي كانت بحوزته، ويبدو أنه تم تفجيرها عن بعد.
     وصل المحققون البلغار في تحقيقهم حتى شبكات حزب الله في لبنان، ولكن لم يتسن لهم الوقت للقبض على الشريكين المفترضين للفاعل وهما: لبناني ـ كندي ولبناني ـ إسترالي استطاعا الهرب إلى رومانيا وبولونيا.
     يسعى حزب الله إلى الانتقام لمقتل زعيمه العسكري عماد مغنية الذي اغتيل بدمشق في شهر شباط 2008. وشارك الحزب أيضاً في حملة الانتقام التي شنّها عرابه الإيراني رداً على عمليات الاغتيال الغامضة للعلماء المنخرطين في البرنامج النووي الإيراني. لقد سلّطت القضية البلغارية والقبرصية الضوء بشكل واضح على النشاطات الإرهابية لحزب الله في الخارج. أشار الباحث الأمريكي في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ماتيو ليفيت Matthew Levitt الذي استلم عدة مناصب في إدارة بوش لمكافحة تمويل الإرهاب قائلاً: "إنه أمر مزعج جداً لحزب الله أن يتم الإمساك به وهو يشارك في عمليات على الأرض الأوروبية".
     يعتبر الأوروبيون بعكس الولايات المتحدة أن حزب الله طرف سياسي أساسي في لبنان، ولم يُدرجوا اسمه على قائمة المنظمات الإرهابية. لا تريد فرنسا تضييق الخناق على حزب الله نظراً لأن وجود 900 جندي فرنسي في جنوب لبنان في إطار قوات اليونيفيل يجعلهم هدفاً سهلاً.
     قال  الباحث الأمريكي ماتيو ليفيت المُقرّب من اليمين الأمريكي والإسرائيلي: "ألمانيا في طور تغيير موقفها حول موضوع حزب الله". وقد دعا مؤخراً في باريس أمام المسؤولين الفرنسيين المُترددين إلى اعتبار الجناح الأمني والعسكري لحزب الله إرهابياً بدون استهداف الحزب السياسي. إن هذا الفصل غير فعلي في الحقيقة، ولكنه يعتبره "وسيلة لتوجيه رسالة إلى منظمة عقلانية جداً وقادرة على تغيير إستراتيجيتها عندما تكون الكلفة أكبر من الفائدة".

(الفاتيكان: تحية إلى مسيحيي الشرق)


صحيفة الفيغارو 30 آذار 2013 بقلم مراسلها الخاص في روما جان ماري غينوا Jean-Marie Guénois

     إنها فكرة البابا بينيدكتس السادس عشر بتكليف بعض الشباب اللبنانيين بكتابة تأملات طريق الصليب في الكوليزيه مساء يوم الجمعة المقدسة في روما. كانت النتيجة مؤثرة جداً. إن كلمات هؤلاء الشباب القلقين كثيراً من الوضع في سورية أعطت هذه التأملات الليلية البطيئة برئاسة البابا فرانسوا بعداً نوعيّاً نادراً. سمحت هذه الكلمات بالإشارة إلى الوضع المسدود للمسيحيين في الأرض المقدسة. هذا هو الهدف الذي أراده البابا، وقد تم تحقيقه.    
     استطاع البابا بينيدكتس السادس عشر ملاحظة ذلك أثناء مشاهدة هذه المراسيم على التلفزيون من مكان إقامته في قلعة غاندولفو (Castel Gandolfo). كان البابا بينيدكتس السادس عشر قد كلّف البطريرك الماروني بشارة الراعي بهذه المهمة في فصل الشتاء الماضي  أثناء زيارته الأخيرة إلى لبنان. قال البطريرك بشارة الراعي في Osservatore Romano: " إن شباننا متأثرون بالعنف والحرب، ويشاهدون أفقاً محدوداً. لاحظوا نقص الأمن والمشاكل التي لم يجد المجتمع الدولي لها حلاً. نحن نعيش المأساة الكبيرة للفلسطينيين التي تُمثل أصل كل ما يحدث في الشرق الأوسط مثل المأساة السورية والظاهرة الراديكالية والأصولية". لقد كان الإسلام الراديكالي محوراً لجميع ابتهالات هؤلاء المسيحيين المضطهدين، ولكن بدون ذكر اسمه إطلاقاً.


(تزايد عدد الجهاديين الأوروبيين الذين يغادرون للقتال في سورية)


صحيفة اللوموند 29 آذار 2013 بقلم مراسلها في بروكسل جان بيير ستروبانتس Jean-Pierre Stroobants

     يُحذّر المسؤولون الأوروبيون لمكافحة الإرهاب من العدد المتزايد للشباب الذين ينضمون إلى صفوف المجموعات الإسلامية المقاتلة في سورية. ويؤكدون من جهة على الأخطار التي يتعرض لها هؤلاء الشباب، عديمي الخبرة أحياناً، في مناطق النزاع العنيفة جداً، ومن جهة أخرى، يؤكدون على التهديد الذي قد يمثله هؤلاء المقاتلين على الأمن الداخلي على المدى الطويل عندما يعودون إلى أوروبا بعد تدريبهم وتعليمهم من قبل المجموعات المُقرّبة من تنظيم القاعدة.
     أشارت التايمز البريطانية يوم الأربعاء 27 آذار إلى أن تقريراً صادراً عن وزارة الداخلية البريطانية يُقدّر عدد البريطانيين الذين ربما انضموا إلى جبهة النصرة بسبعين أو حتى مئة شخص، وهي إحدى المجموعات المقاتلة الأكثر تنظيماً وراديكالية وتسليحاً. ربما قاتل بعض هؤلاء الشباب في أماكن أخرى سابقاً، ويقاتل البعض الآخر في سورية للمرة الأولى في حياته.
     تعتقد هولندة أن ثلاثة من مواطنيها، تم تجنيدهم بلا شك في إحدى الجوامع، ربما قُتلوا في المعارك. وتُقدّر بلجيكا عدد المقاتلين الذين ذهبوا إلى سورية ما بين خمسين وثمانين مقاتل منهم اثنين من الفلاماند اللذين اعتنقا الإسلام، ومن المحتمل أنه تم تجنيدهما من قبل المجموعة  المُنحلة Sharia4Belgium التي يترأسلها فؤاد بلقاسم الخاضع للإقامة الجبرية. أشار والدا جيرون بونتينك Geroen Bontinck (18 عاماً) وبريان دو مولدر Brian de Mulder (19 عاماً) إلى أنهما كانا يجهلان أمر اعتناق أطفالهما للسلفية وذهابهما إلى سورية. وأشارت شهادات أخرى إلى تجنيد القاصرين في بروكسل.
     أشار إيرفن بيكر Erwin Bakker، المُختص بمكافحة الإرهاب في جامعة Leyde الهولندية، إلى أن "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الشباب يُصبحون راديكاليين خلال عدة أسابيع". وتحدث تقرير وزارة الداخلية البريطانية عن عمليات التجنيد باعتبارها "مشكلة أوروبية".
     يُقدّر آرون زيلين Aaron Zelin، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، أن حوالي ألفي إلى خمسة آلاف أجنبي ذهبوا إلى سورية. وأشار مُنسّق الاتحاد الأوروبي لشؤون مكافحة الإرهاب جيل دو كيرشوف Gilles de Kerchove إلى أنه من بينهم مئات الأوروبيين الذين جاؤوا من دول البلقان وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا. إنهم لا يتمتعون بالصفات نفسها، وأكد جيل دو كيرشوف قائلاً: "هناك المؤدلجين والحالمين بالمثل بالإضافة إلى بعض الذين يريدون مجرد إعلان تضامنهم مع التمرد الذي ندعمه رسمياً". يبدو أحياناً أن شبكات التجنيد الأكثر نشاطاً مرتبطة بالتيار الأكثر تطرفاً، وأضاف دو كيرشوف: "ليس جميع الشباب الذين يذهبون إلى سورية كانوا مقاتلين في البداية، ولكنهم يُخاطرون بمعاشرة العناصر الأكثر خطورة على الأرض في نزاع استمر طويلاً".
     ما زالت التحقيقات حول قنوات التجنيد في بداياتها في هذه المرحلة، ولاحظ دو كيرشوف قائلاً: "من غير المؤكد أن جميع عمليات التجنيد تمر عبر الشبكات". في بعض الحالات، يقوم هؤلاء الشباب ببساطة بشراء بطاقة طائرة إلى تركيا على الأنترنت، ثم يذهبون بعدها إلى سورية. يُسافر البعض الآخر في رحلات الطيران الرخيصة عبر مجموعات من ثلاثة أو أربعة أشخاص من ألمانيا إلى أنطاليا. إنهم يملكون عنواناً للاتصال به في المنطقة الحدودية، ويتصلون به عند وصولهم.
     يشعر وزير الداخلية البلجيكي بقلق كبير تجاه هذه الظاهرة، وقام بإنشاء مجموعة عمل (task force) تضم عدة مؤسسات رسمية بهدف إيقاف الراديكالية ونتائجها. يعتبر الخبراء أنها مهمة صعبة جداً من حيث المبدأ، لأن الشعور بالانتماء إلى مجموعة والغضب من عدم توازن القوى في سورية أو مجرد الاهتمام بمعركة ما زالت حقيقتها مجهولة تقريباً، يمكن أن تجذب الشباب بقوة. يعتبر إيرفين بيكر أنه إذا كان من الصعب على مجموعة العمل البلجيكية منع رحيل هؤلاء الشباب، فإنها ستكون ذات فائدة كبيرة عندما يعودون إلى أوروبا. إنهم يعودون خائبين في أغلب الأحيان. إن الذين يقومون باستقبالهم يحتقرونهم في أغلب الأحيان ويعتبرونهم هواة وأن الفائدة منهم تقتصر على الترويج لأفكارهم الكاذبة. كما أن المجموعات الجهادية تشعر بالحذر من أولئك الذين يمكن أن تنظر إليهم كجواسيس. ولا يقوم أغلب هؤلاء الشباب إلا بمهمات ثانوية مثل إخلاء الجثث. قال أحد المحللين الأوروبيين: "إن شعورهم بالكبت والحرمان يمكن أن يعزز راديكاليتهم وإرادتهم في التخلص من هذا الشعور بعد عودتهم. إذا كان يجب إحالة بعضهم إلى القضاء، فإن البعض الآخر يمكن أن يحصل على المساعدة. كما أن بإمكانهم القيام بتقديم المعلومات إلى أولئك الذين يفكرون بالاقتداء بهم".

(سورية: هولاند يتراجع حول تسليح المتمردين)


موقع الأنترنت لصحيفة الفيغارو 29 آذار 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     كانت هناك شكوك بوجود مشكلة. تراجع فرانسوا هولاند عن موقفه في تسليح المتمردين السوريين أثناء المقابلة التلفزيونية التي أجراها مع القناة الثانية للتلفزيون الفرنسي يوم الخميس 28 آذار، وذلك بسبب الصعوبات التي سيواجهها في السيطرة على توزيع السلاح الذي اقترحت فرنسا تسليمه إلى المتمردين. أكد رئيس الدولة في هذه المقابلة قائلاً: "لا يمكن أن يكون هناك تسليم أسلحة في نهاية الحظر الأوروبي بشهر أيار، إذا لم يكن هناك يقين بأن هذه الأسلحة سيتم استخدامها من قبل المعارضين الشرعيين وغير الخاضعين لأية سلطة إرهابية. في الوقت الحالي، لا نملك هذا اليقين، لن نقوم بإرسال الأسلحة إذا لم يكن هناك يقين بوجود رقابة كاملة على الوضع من قبل المعارضة".
     إذا عرفنا أن هذه "الرقابة الكاملة" على التمرد من قبل المعارضة غير الجهادية أو غير السلفية لا يمكن تنفيذها في المدى القصير، فإن إرسال الأسلحة الفرنسية إلى المتمردين لن يكون قريباً. وذلك من الناحية الرسمية على الأقل...
     يبدو أن فرانسوا هولاند اكتشف القارة الأمريكية. منذ قيامه بإطلاق هذه الفكرة بتسليح المتمردين لإعادة التوازن إلى موازين القوى بين المتمردين والقوات النظامية، حذّر الكثيرون من أخطار مثل هذه الإستراتيجية لأسباب عديدة. ويبدو أن أجهزة الاستخبارات الفرنسية لم تكن متفقة جميعها على وجهة نظر واحدة. هذا هو السبب في اتخاذ قرار مقارنة خطط الإدارة العامة للأمن الخارجي DGSE والإدارة العامة للاستخبارات الداخلية DCRI وإدارة الاستخبارات العسكرية DRM حول مختلف المجموعات المسلحة التي تكافح من أجل إسقاط نظام بشار الأسد.
     على الرغم من ذلك، يؤكد المدافعون عن تسليح المتمردين بأنهم يملكون "خريطة جغرافية للمتمردين". وأضافوا بشكل قاطع: "نحن نعرف ماذا يفعل كل طرف على الأرض". يرد عليهم الآخرين الأكثر تشككاً قائلين: "ربما"، وقال أحد العسكريين الفرنسيين العارفين بالشرق الأوسط مُحذراً: "ربما نعرف جيداً من هم قادة الجيش السوري الحر للجنرال إدريس، ولكن المشكلة هي أن هؤلاء القادة لا يُشكلون إلا جزءاً من التمرد على الأرض، وهناك قنوات اتصال بينهم وبين مجموعات أخرى لا يمكن التعامل معها، الأمر الذي يجعل من السيطرة على هذه الأسلحة التي سنُسلّمها لهم أمراً غير مؤكد".
     هذه هي أيضاً نظرية فريق الأخضر الإبراهيمي الموجود في دمشق، والذي يُمضي وقته بالإلتقاء مع قادة العديد من المجموعات المسلحة الموجودة منذ عام. أكد لنا أحد أعضاء فريق الإبراهيمي قبل شهر في دمشق: "من المستحيل الحصول على خارطة جغرافية دقيقة لجميع حركات التمرد". ولكن أحد الدبلوماسيين الفرنسيين أجابنا الأسبوع الماضي قائلاً: "ولكننا نحن الفرنسيين لدينا اتصالات قبل وقت طويل من اتصالات خبراء الأمم المتحدة. إننا نعرف ما يحصل هناك بشكل أفضل من الموجودين على الأرض". كنت أود إجابته قائلاً: "إذاً، لماذا أخطأنا بشكل كبير". كم هي عدد المرات التي سمعنا فيها العديد من المسؤولين الكبار وهم يؤكدون: "أن أيام بشار الأسد معدودة". أو أن "التاريخ يتسارع في سورية".
     على الرغم من ذلك، كانت هناك بعض الأصوات داخل العسكريين ورجال الاستخبارات تؤكد على مصاعب تسليح المتمردين، بالإضافة إلى التحفظات الكبيرة من قبل بعض الدول الأوروبية. باختصار، كما كان عليه الحال غالباً في إدارة الأزمة السورية، تنتهي باريس بالتراجع بحكم الواقع بعد التصريحات الرنانة. ربما أدركنا أيضاً الخطر الإرهابي لمثل هذا الخيار على المصالح الفرنسية في لبنان والعراق. المشكلة هي أن هذا الإعلان يُغذي آمال الذين نريد مساعدتهم ثم يُحبطها بعد فترة قصيرة. ليس هناك وسيلة أفضل لدفع جميع هؤلاء الخائبين إلى أحضان الأكثر راديكالية...

(حزب الله ينشر ميليشياته في سورية)


صحيفة الليبراسيون 29 آذار 2013 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin

     أعلن حزب الله سابقاً عن مقتل العديد من عناصره وهم "يقومون بواجب الجهاد" مثل مهدي عبد الله صالح (بعلبك) وحيدر محمود زين الدين (النبطية). ولكن هذه المرة أعلن تلفزيون المنار عن اختفائهم. بالمقابل، لم يتم الإعلان أبداً عن مكان وظروف مقتل "الجهاديين" الشيعة المذكورين أعلاه، وتم منع الصحفيين من إلتقاط الصور أثناء مراسم التشييع. ولكن لا داع لأن نكون عرّافين لكي نعرف بأن "الشهداء المقدسين" حسب تعبير حزب الله، قد قُتِلوا في سورية.
     أرسل حزب الله في البداية بعض المقاتلين لحماية القرى الشيعية ولاسيما في منطقة القصير الحدودية بالقرب من حمص. ثم توسعت مهمتهم شيئاً فشيئاً مع اتساع التمرد، وشملت حماية الحدود نفسها. إنها منطقة حيوية بالنسبة لحزب الله، فهي الممر الأساسي لإيصال الأسلحة التي تصله من إيران. ولكن في الوقت الحالي، تُقاتل الميليشيات الشيعية أيضاً إلى جانب القوات النظامية.
     أشار موقع الأنترنت Middle East Transparent إلى أنه قُتِل في شهر شباط 2012 مقاتل كنيته "الحرب" من منطقة الشيخ اللبنانية برصاصة في رأسه أثناء المعارك لاستعادة حي باب عمرو. ادعى حزب الله أن إصابته كانت أثناء تدريب عسكري بالرصاص الحي. ولكن الحزب الشيعي اللبناني لم يتوقف عند إرسال المقاتلين، وقام بإنشاء فروع لميليشيته في القرى الشيعية السورية. في الوقت الحالي، يرفرف علم يشبه تقريباً علم حزب الله فوق هذه القرى. وما زالت ميلشيات حزب الله في منطقة القصير تواجه المتمردين مباشرة. إنهم يتمتعون بحرية كاملة في المناورة على الحدود، نظراً لأن جزء من الجيش اللبناني يخضع لسيطرة الضباط الشيعة المقربين من حزب الله.
     ذكرت الواشنطن بوست نقلاً عن بعض المسؤولين الأمريكيين العاملين في الشرق الأوسط أن حزب الله بدأ مع إيران بإنشاء شبكة من الميلشيات داخل سورية بهدف الدفاع عن مصالحهما في حال سقوط بشار الأسد أو إجباره على مغادرة دمشق. وأضاف هؤلاء المسؤولين أنه إذا كانت هذه الميلشيات تقاتل اليوم من أجل بقاء بشار الأسد في السلطة، فإن طهران لا تستبعد تفتت سورية إلى كيانات طائفية ودينية أو قبلية. ومن هنا تأتي ضرورة أن يمتلك النظام الإيراني وحدات عملياتية في سورية من أجل الدفاع عن مصالحه. أشارت الواشنطن بوست نقلاً عن مسؤول أمريكي رفيع المستوى إلى أن طهران ربما تدعم حالياً خمسين ألف عنصر على الأقل في الميلشيات داخل سورية.
     إن العنصر الأساسي في هذه القوة المدعومة من إيران هو الجيش الشعبي، وهو ميلشيا تقوم بتجنيد الشيعة والعلويين السوريين. أشارت الواشنطن بوست نقلاً عن مساعد وزير الخزانة الأمريكي لشؤون الإرهاب والاستخبارات المالية إلى أن الجيش الشعبي "هو بشكل أساسي صلة الوصل بين حرس الثورة الإيراني وحزب الله. يقوم الأول بتقديم التمويل والسلاح، ويهتم الثاني بتدريب المقاتلين بمساعدة من قبل بعض الضباط الإيرانيين. هناك تحويلات مالية روتينية بملايين الدولارات تُرسلها طهران إلى هذه الميلشيات". تم إنشاء هذه الميليشيات على نمط قوات الجيش الشعبي الإيراني (الباسيدجي) المرتبطة بحرس الثورة (الباسدران)، وقد برزت قوات الباسيدجي بشكل خاص أثناء قمع المتظاهرين بعد الانتصار المُزوّر لمحمود أحمدي نجاد في الانتخابات الرئاسية عام 2009.
     إن الجيش الشعبي هو قوة طائفية بخلاف الشبيحة التي كانت في البداية عصابات قام النظام بتحويلها إلى ميليشيات. يُذكّر هذا الجيش الشعبي بولادة حزب الله عام 1982 عندما قام حرس الثورة الإيراني بدعم نظام حافظ الأسد عام 1982، وأسس حينها ميلشيا مُسلّحة في سهل البقاع اللبناني ذو الأغلبية الشيعية. في ذلك الوقت، استفادت طهران ودمشق من تفتت لبنان وغياب الدولة بسبب الحرب الأهلية. أصبح حزب الله منذ ذلك الوقت القوة السياسية والعسكرية الأولى في لبنان، وقام بإنشاء دولة شيعية داخل الدولة اللبنانية، دون أن يمنعه ذلك من المشاركة في الحكومة الحالية.
     حصل السيناريو نفسه في العراق عندما استفادت طهران من الفوضى الناجمة عن الغزو الأمريكي وتفتت الدولة، ثم فرضت ميليشياتها وأحزابها الشيعية. في سورية، الوضع مختلف لأن العلويين والشيعة لا يُمثلون إلا 10 % تقريباً من السكان. ولكن إذا خسر نظام الأسد دمشق، ولجأ إلى المنطقة العلوية في شمال غرب سورية، وتفتت سورية، وغرقت في حرب أهلية، فإن الميليشيات المؤيدة لإيران بمساعدة حزب الله ستدعم حينها القوات النظامية بهدف منع إقامة دولة معادية لهم يُهيمن عليها السنة.
     إن هذا الحل ليس الوضع المثالي بالنسبة لطهران، ولكنه يسمح لها بالاستمرار في متابعة هدفها الأولي المُتمثل بتسليح حزب الله عبر ميناء أو مطار. تعتمد واشنطن هذه الفرضية أكثر فأكثر، صرّح وزير الخارجية الأمريكي جون كيري: "إن أحد السيناريوهات التي يتحدث عنها الجميع هو انسحاب الناس إلى مناطقهم... وسنواجه عندها عملية تفتيت للبلد، ولا أحد يعلم إلى أين سيؤدي ذلك".

(الأسلحة الكيميائية: الأمم المتحدة تنتظر)


صحيفة الليبراسيون 29 آذار 2013 بقلم لوك ماتيو Luc Mathieu

     هل سيكون باستطاعة الأمم المتحدة التحقيق حول احتمال استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية؟ لم يلتزم نظام بشار الأسد حتى يوم الأربعاء 27 آذار بالسماح للمحققين بالتنقل "دون عراقيل" في الأراضي السورية. ربما سيضطر الفريق برئاسة أكي سيلستروم إلى إلغاء مهمته بسبب عدم التوصل إلى اتفاق. أما إذا توصلت النقاشات إلى نتيجة، فمن المفترض أن تقوم الأمم المتحدة بتركيز تحقيقها في الفترة الأولى على الاتهامات التي وجهتها الحكومة السورية إلى متمردي الجيش السوري الحر بإطلاق صاروخ برأس كيميائي على خان العسل في شمال ـ غرب حلب بتاريخ 19 آذار، ولكن المتمردين نفوا هذه الاتهامات، وقاموا بتحميل دمشق مسؤولية الهجوم على خان العسل.
     هل تم استخدام أسلحة كيميائية في سورية بتاريخ 19 آذار؟ لا يعتقد الباحث جان باسكال زاندرز Jean Pascal Zanders في معهد الدراسات الأمنية بالاتحاد الأوروبي بذلك، وقال بعد مشاهدته لتحقيق مصور أعدّه التلفزيون السوري في أحد المستشفيات التي يُعالج بها الجرحى: "إن الأعراض الظاهرة على الضحايا غير مُطابقة. لم تتعرض بشرتهم إلى الحرق أو زوال اللون، كما هو الحال عند تعرضهم إلى غاز الساران أو بقية الغازات السامة الأخرى مثل VX". كما استبعد فرضية الهجوم بالكلور الذي يجب أن يكون واسعاً لكي يتسبب بهذا العدد من القتلى، وقال: "السيناريو الأكثر احتمالاً هو تدمير أحد مستودعات الكلور بصاروخ أو قذيفة".
     هناك اتهامات متكررة حول استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية. قامت صحيفة الليبراسيون في شهر تموز بجمع العديد من الشهادات المتطابقة حول بعض الانفجارات التي نجم عنها دوخة وتوعك، دون أن يكون بالإمكان الاستنتاح باستخدامها. قال أحد الدبلوماسيين الفرنسيين: "من المحتمل أن النظام استخدم الأسلحة الكيميائية، حتى ولو لم تكن مُعدّة بشكل كامل. ولكن ليس لدينا إلا مؤشرات وليس براهين. لا شيء يسمح اليوم بالاعتقاد أن النظام انتقل من إستراتيجية التوتر، مع استخدام هذه الأسلحة بشكل قليل، إلى استراتيجية الرعب مع استخدامها بشكل ممنهج".
     تخشى الدول الغربية وإسرائيل من إستيلاء المجموعات الجهادية أو حزب الله اللبناني على هذه الأسلحة. تتركز مستودعات هذه الأسلحة ومعامل إنتاجها في غرب سورية من دمشق إلى اللاذقية، وهي خاضعة لرقابة مكثفة. قال الدبلوماسي الفرنسي: "قام النظام مؤخراً بتخفيض عدد مواقع التخزين والإنتاج". وأشار قادة التمرد خلال الصيف الماضي إلى أنه ربما تم نقل الأسلحة الكيميائية إلى القرداحة.

الخميس، ٢٨ آذار ٢٠١٣

(سورية: أجهزة الاستخبارات الفرنسية ستُقارن خططها)


صحيفة الفيغارو 28 آذار 2013

     ستقوم مختلف أجهزة الاستخبارات الفرنسية قريباً بمقارنة خرائطهم لتوزع المجموعات العسكرية المتمردة في سورية. بفضل مصادرها الخاصة، لدى كل جهاز استخبارات فرنسي (الإدارة العامة للأمن الخارجي DGSE والإدارة المركزية للاستخبارات الداخلية DCRI وإدارة الاستخبارات العسكرية DRM) نظرته الخاصة إلى التمرد المسلح. ولكن إعلان فرانسوا هولاند مؤخراً عن رغبته بتسليح المتمردين ضد الأسد، يدفع الآن نحو التقارب بين مختلف هذه الأجهزة ونظرتهم إلى الوضع. إنها ليست وجهات نظر متطابقة حتماً، وأكد أحد عناصر الاستخبارات قائلاً: "لست مُقتنعاً بوجود صورة صحيحة لهذا التمرد. آمل بأننا لن نقوم باختيار سيء". إن خيار تسليح المتمردين هو أحد المصاعب الأساسية لرهان فرانسوا هولاند ضد بشار الأسد.

(الجامعة العربية تدعم المعارضة السورية)


صحيفة الفيغارو 28 آذار 2013 بقلم مراسلتها في القاهرة دولفين مينوي Delphine Minoui

     أشارت دمشق إلى أن قرار الجامعة العربية بإعطاء معقد سورية إلى المعارضة "سيمنع نهائياً أي دور للجامعة العربية في تسوية النزاع في سورية". يُمثل هذا القرار مرحلة إضافية في الضغوط الدولية على نظام بشار الأسد، كما سمح بالتغلب على الخلافات التي ظهرت داخل المعارضة يوم الأحد 24 آذار بعد الاستقالة المرفوضة لأحمد معاذ الخطيب.   
     استقبلت المعارضة السورية بحماس قرار الجامعة العربية الذي يؤكد على "حق" الدول الأعضاء بتقديم المساعدة العسكرية إلى المتمردين. لم تتأخر ردة فعل الجمهورية الإسلامية الإيرانية على هذا القرار، وصرح نائب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان قائلاً: "إن إعطاء معقد سورية في الجامعة العربية إلى أولئك الذين لا يحظون بدعم الشعب، يُشكل طريقة خطيرة للعمل في العالم العربي، ويمكن أن يُشكل سابقة لبقية أعضاء الجامعة العربية". من الممكن أن يؤدي هذا القرار أيضاً إلى إزعاج بعض العواصم الغربية القلقة من تصاعد قوة الجهاديين في سورية، وتخشى هذه العواصم من وصول الأسلحة المُرسلة لمعارضي الأسد إلى أيدي سيئة.

(وكالة الاستخبارات الأمريكية تفقد طائراتها بدون طيار)


مجلة النوفيل أوبسرفاتور الأسبوعية 28 آذار 2013 بقلم سارا هاليفا ـ لوغراند Sarah Halifa-Legrand

     انتهت اللعبة بالنسبة لوكالة الاستخبارات الأمريكية CIA التي ستخسر لعبتها المفضلة. أصبحت وكالة الاستخبارات الأمريكية منذ بداية الحرب على الإرهاب عام 2001 مُغرمة جداً بهذه الطائرات الصغيرة بدون طيار. لقد استخدمتها في الباكستان واليمن والصومال، وإذا صدّقنا المعلومات الأخيرة في الصحف الأمريكية، في سورية قريباً. إنها تقوم بتنفيذ برنامج سري لاغتيال بعض الإرهابيين المفترضين عبر طائرات مُسلّحة بدون طيار يجري التحكم بها من الولايات المتحدة.
     لجأ جورج بوش الابن وباراك أوباما إلى استخدام هذه الطائرات ـ وأفرطا في استخدام ـ هذه الطريقة. وذلك إلى درجة أن هذه العمليات السرية أثارت الجدل مرة أخرى مع تعيين جون برينان، المعروف بأنه وراء برنامج الطائرات بدون طيار، على رأس وكالة الاستخبارات الأمريكية. ولكن الرئيس الأمريكي ينوي نقل قيادة عمليات الطائرات بدون طيار إلى وزارة الدفاع الأمريكية. وأشار موقع الأنترنت The Daily Beast إلى أن الرئيس الأمريكي على وشك التوقيع على وثيقة ستؤكد على نقل قيادة هذه العمليات على الرغم من النتائج الخطيرة التي ستنجم عنها. لأن منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان تأمل أن تخضع هذه الطائرات القاتلة إلى القانون الأمريكي والدولي الخاص بالحرب، وذلك بعد أن تصبح تحت سيطرة الجيش الأمريكي. وربما سنعرف أخيراً عدد عمليات الاغتيال التي تم القيام بها وعدد الضحايا المدنيين، الأمر الذي ما زال سراً من أسرار الدولة حتى الآن.

(الأسلحة الكيميائية في سورية: تكليف خبير سويدي بالتحقيق)


موقع الأنترنت لصحيفة الفيغارو 27 آذار 2013 بقلم مراسلتها في نيويورك آديل سميث Adèle Smith

     قامت الأمم المتحدة يوم الثلاثاء 26 آذار بتكليف الخبير السويدي أكي سيلستروم Ake Sellström بإدارة التحقيق حول احتمال استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية. قام هذا الخبير السويدي خلال التسعينيات بالتحقيق حول البرنامج العراقي للأسلحة الكيميائية والبكتريولوجية.
     قرر الأمين العام للأمم المتحدة عدم ضم أي خبير من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن لضمان حيادية اللجنة ومواجهة الانقسامات العميقة بين روسيا والدول الغربية حول سورية. من المفترض أن يضم فريق العمل من ثمانية إلى عشرة أشخاص من أمريكا اللاتينية وآسيا وشمال أوروبا، ولكن لن يكون هناك عرب أو أتراك. سيكون مقر اللجنة في بيروت، ومن المنتظر أن تبدأ عملها بالتحقيق اعتباراً من الأسبوع القادم. قال الناطق الرسمي باسم الأمم المتحدة مارتن نيسيرسكي Martin Nesirsky: "إنها لجنة فنية، وليست تحقيقاً جنائياً. تهدف اللجنة إلى تحديد فيما إذا تم استخدام الأسلحة الكيميائية أم لا، وليس من استخدمها".
     كانت روسيا تحرص على المشاركة في هذه اللجنة، ولم تُخف غضبها. قال المندوب الروسي الدائم في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين: "سنرى نوع فريق العمل، وما هي نتائج التحقيق". تدعم روسيا فقط طلب التحقيق الذي تقدمت به الحكومة السورية التي تتهم المعارضة باستخدام الأسلحة الكيميائية في خان العسل بالقرب من حلب. وهناك شكوك روسية بأن الدول الغربية تريد تأخير هذا التحقيق.
     طلبت فرنسا وبريطانيا إجراء تحقيق بجميع الاتهامات وليس فقط في خان العسل، بل أيضاً في حمص وعتيبة بالقرب من دمشق. ستقوم الأمم المتحدة بتحرياتها في خان العسل أولاً، ولكنها طلبت من باريس ولندن معلومات إضافية حول الموقعين الآخرين.
     يتمتع الأستاذ أكي سيلستروم بسمعة وخبرة طويلة. يعمل حالياً كمسؤول عن أحد المراكز الأوروبية المتخصصة بالحوادث الكيميائية والبيولوجية والإشعاعية والنووية، وكان مديراً لمعهد البحث السويدي حول الدفاع والأمن. شارك بين عامي 1991 و1999 في اللجنة الخاصة للأمم المتحدة المكلفة بمراقبة وتفكيك البرنامج العراقي لإنتاج الأسلحة الكيميائية والبكتريولوجية (Uniscom). كما شارك أيضاً في مجموعة التحقيق التابعة للأمم المتحدة التي توصلت عام 2002 إلى أنه ليس هناك براهين قوية على وجود برنامج لأسلحة الدمار الشامل في العراق بعكس ما أكدته واشنطن ولندن آنذاك لتبرير التدخل العسكري الأمريكي عام 2003.
     تؤكد الدول الغربية أنها لا تملك براهين على  استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، على الرغم من أنها تشك بأن بشار الأسد استخدمها بجرعات صغيرة لكي يمتحن تصميمهم على عدم السماح للدكتاتور السوري بتجاوز "الخط الأحمر". إن إمكانية تأكيد اتهامات هذا الطرف أو ذاك ستُغير المعطيات بشكل جذري في هذا النزاع الذي أدى إلى مقتل أكثر من سبعين ألف شخص منذ سنتين. أكدت واشنطن وحلفاؤها أن استخدام هذه الأسلحة سيؤدي إلى إجراءات انتقامية فورية. ولكن إذا تم اتهام المعارضة السورية، فإن الدول الغربية ربما ستكون مُجبرة على إعادة النظر بدعمها. لقد وعد الطرفان بعدم وضع العراقيل أمام التحقيق.

(قطر: مليار دولار من أجل القدس ولا شيء من أجل السلطة الفلسلطينية)


موقع الأنترنت لصحيفة الفيغارو 26 آذار 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     اقترح أمير قطر الشيخ حمد في افتتاح القمة العربية في الدوحة يوم الثلاثاء 26 آذار إنشاء صندوق من أجل القدس بمبلغ مليار دولار، وستساهم فيه قطر بمبلغ 250 مليون دولار. أشار الأمير إلى أن الهدف من هذا الصندوق هو "الدفاع عن القدس" ثالث الأماكن المقدسة بعد مكة والمدينة. من سيُعارض ذلك في العالم الإسلامي؟ سيقوم بإدارة هذا الصندوق المصرف الإسلامي للتنمية التابع لمنظمة التعاون الإسلامي (OCI)، والموجود في مدينة جدّة السعودية.
     أقام الأمير علاقات سرية بين بلده والدولة العبرية في بداية التسعينيات عبر الشركة الأمريكية المتعددة الجنسيات إنرون (Enron) المُقرّبة من اللوبي الإسرائيلي في واشنطن. اغتنم الأمير القمة العربية لانتقاد "إسرائيل وتصرفاتها السيئة" تجاه الفلسطينيين. من سينتقد ذلك في العالم العربي ـ الإسلامي؟.
     إن هذه الفكرة الممتازة لإنقاذ القدس ستكون أفضل، إذا قامت قطر بتحويل الأموال التي وعدت بها السلطة الفلسطينية عام 2007 خلال مؤتمر الدول المانحة من أجل فلسطين، والذي انعقد حينها في باريس. ولكن الدوحة لم تعط أي شيء إلى محمود عباس الذي تعاني موازنته من عجز كبير.
     قال أحد الدبلوماسيين العاملين في هذا الملف متذمراً: "إن سماع مثل هذه التصريحات يدفعنا إلى الابتسام". بالتأكيد، لقد تم تجاوز إطار الدول المانحة في باريس منذ عام 2010. ولكن قطر لم تساعد السلطة الفلسطينية بعد هذا التاريخ، ولم تتردد في تمويل الحركة الإسلامية حماس التي تُمثل المنافس الأكبر لمحمود عباس. لقد قام الأمير بزيارة غزة في نهاية العام الماضي ووعد بتمويل مشاريع تنموية بقيمة 400 مليون دولار. يبدو أن قطر سعيدة بتهميش السلطة الفلسطينية على الرغم من اعتراف المجتمع الدولي بها محاوراً لإسرائيل من أجل السلام، وذلك لمصلحة أصدقائها الإسلاميين المرتبطين بالإخوان المسلمين.
     باختصار، هناك تناقض صارخ في سياسة الدوحة تجاه الفلسطينيين. بالتأكيد، إن قطر ليست الوحيدة التي لم تف بوعودها. لقد تعهدت بقية دول الخليج الخمس في نهاية عام 2012 بتوفير "شبكة أمان" للموازنة الفلسطينية التي ترفض إسرائيل تمويلها عبر تحويل الموارد الضريبية. ولكن هنا أيضاً، ما زالت الوعود حبراً على ورق. قال الدبلوماسي المذكور أعلاه متأسفاً: "لم يتم تحويل أي مبلغ منذ ذلك الوقت من قبل السعودية والإمارات والكويت وعمان". كما لو أن أن الحلفاء العرب للفلسطينيين "يتلاعبون" بالقضية...

(تجميد سرّي للاستيطان الإسرائيلي في فلسطين)


مجلة النوفيل أبسرفاتور الأسبوعية 28 آذار 2013

     أكد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس أثناء زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى رام الله الأسبوع الماضي، أن تجميد الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية كان شرطاً ضرورياً لاستئناف المفاوضات مع إسرائيل. وأشار إلى أنه بإمكانه قبول عدم الإعلان عن هذا التجميد، إذا كان كاملاً ومضموناً من قبل طرف ثالث جدير بالثقة. ستسمح هذه الحيلة لرئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالإلتفاف على انتقادات المستوطنين وممثليهم الذين يمثلون عدداً كبيراً داخل الإئتلاف والحكومة.     

الأربعاء، ٢٧ آذار ٢٠١٣

(دعم المعارضة السورية في الدوحة)


صحيفة الليبراسيون 27 آذار 2013 بقلم جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin

     حصلت المعارضة السورية البارحة 26 آذار على مقعد سورية في الجامعة العربية، وتم استبدال علم الجمهورية العربية السورية بعلم الثورة السورية. إن هذا النجاح الدبلوماسي سيزيد من عزلة بشار الأسد، ويأتي هذا النجاح في الوقت المناسب من أجل نسيان الانشقاقات الخطيرة داخل المعارضة بعد الإعلان عن استقالة رئيس الإئتلاف الوطني السوري أحمد معاذ الخطيب.
     من المعروف عن معاذ الخطيب استقلاليته وصراحته وانتقاداته القاسية، وقد سمح لنفسه بانتقاد القادة العرب بشكل يتعارض مع الخطابات الهادئة المعتادة والخالية من المضمون في هذا النادي للدكتاتوريين والقادة المُستبدين الذي يُطلق عليه الجامعة العربية.، ودعاهم إلى "خشية الله عندما يتعاملون مع شعوبهم" والإفراج عن السجناء السياسيين. كما انتقد أيضاً عجز الدول الغربية عن إنهاء النزاع في سورية. كما أعلن في كلمته أنه طلب من وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أن تقوم الولايات المتحدة بتوسيع منطقة الدرع الصاروخي الموجودة في تركيا لتشمل شمال سورية. ولكن الحلف الأطلسي سارع بالرد مشيراً إلى أن ذلك غير ممكن لأنه سيتسبب بنزاع مع دمشق.
     تبدو قمة الجامعة العربية كانتصار جديد لقطر التي نجحت الأسبوع الماضي في فرض غسان هيتو "رئيساً للوزراء" بالنيابة لإدارة المناطق "المحررة". من جهة أخرى، يبدو أن الإرادة القطرية بالسيطرة على المعارضة السورية والجمود الغربي هما السبب في استقالة معاذ الخطيب التي لم يقبلها الإئتلاف الوطني السوري.
     في الحقيقة، إن حصول المعارضة على معقد سورية في الجامعة العربية ربما لن يُغير كثيراً في الوضع الحالي، ما دامت الولايات المتحدة تعارض تسليح التمرد، وما دامت موسكو وإيران تقفان إلى جانب بشار الأسد. أكدت الجامعة العربية البارحة 26 آذار "حق" الدول الأعضاء فيها بتقديم الدعم العسكري إلى التمرد. من المعروف أن المجموعات الجهادية هي التي ستستفيد من هذا الدعم الذي تقدمه الدوائر الوهابية والسعودية وغيرها، بالإضافة إلى الإخوان المسلمين المدعومين من قطر.

(في سورية كما في بقية العالم، حماية المدنيين تمر عبر الدبلوماسية)


صحيفة اللوموند 27 آذار 2013 بقلم وزير الخارجية البرازيلي أنطونيو دو أغويار باتريوتا Antonio de Aguiar Patriota

     تُمثل حماية المدنيين غير المسلحين في فترة النزاعات  تحدياً أخلاقياً ودبلوماسياً. لا يمكن معالجة قتل وجرح وتهجير المدنيين كمجرد أضرار الجانبية.  يجب علينا ألا ننسى أن الوقاية من النزاعات هي أفضل وسيلة لضمان حماية المدنيين. هناك كلام كثير حول الطبيعة غير المقبولة للأوضاع التي لا تحمي فيها الحكومات شعوبها. يوجد اليوم توافق دولي فيما يتعلق بضرورة تنسيق الجهود لمواجهة مثل هذه الظروف. على الرغم من ذلك، يجب الاعتراف بأن المجتمع الدولي لم يتخذ موقفاً بخصوص المسائل الأساسية المتعلقة بحماية السكان المدنيين مثل:
·       تشجيع التنمية المستدامة عبر التركيز على الأمن الغذائي وعلى القضاء على الفقر، الأمر الذي يُساهم في تشجيع السلام. إن غياب الآفاق هو أصل النزاع، ويُشجع على الراديكالية، ويُضعف مصداقية المؤسسات.
·       التقليل من توفر أدوات العنف ولاسيما أسلحة الدمار الشامل. من الضروري تحقيق تقدم في مجال نزع أسلحة الدمار الشامل وعدم انتشارها. إن سهولة الحصول على أسلحة تقليدية يزيد من الأضرار الناجمة عن النزاعات. من جهة أخرى، من الضروري دراسة الاستخدام الطائش للابتكارات التكنولوجية في مكافحة الإرهاب وحركات التمرد، وآثارها على المدنيين.
·       عدم نسيان مسؤولية المجتمع الدولي في توقف عملية السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية وفشل اللجنة الرباعية في مهمتها بالمساهمة في التوصل إلى اتفاق. لا تؤدي الإجراءات الأحادية إلا إلى تأجيج التوتر في المنطقة. يجب على مجلس الأمن أن يتحرك بشكل حاسم في هذه المسألة. إن الوضع الهش للسكان المدنيين في الأراضي المحتلة يُمثل وضعاً على درجة عالية من الخطورة.
·       اعتبار المأزق الذي وصلت إليه مسائل الأمن والسلام العالمي بمثابة المثال الأكثر مدعاة للقلق في ركود نظام الحكومة العالمية. إن مجلس الأمن هو المنبر الذي يناقش ويمكن أن يسمح باستخدام  القوة لضمان حماية المدنيين، ولكنه مُتجمد في صيغة سلطوية خاطئة. إن وجود مجلس أمن أكثر شرعية وتمثيلية سيُوفر له أفضل الظروف لتطبيق إجراءات الحماية والإستراتيجيات الدبلوماسية من أجل تجنب الراديكالية وتسوية النزاعات.
     نحن نعترف أن المجتمع الدولي في بعض الحالات لن يكون قادراً على الوقاية، بالوسائل الدبلوماسية، من النزاعات المسلحة التي تتسبب بانتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان. ولكن يجب استنفاذ جميع وسائل التسوية السلمية للخلافات، إذا كنا نرغب بالتقليل من أثرها على السكان المدنيين. إن استخدام القوة يتضمن دوماً خطر وقوع الخسائر وتزايد العنف. لقد أدت التدخلات العسكرية في أفغانستان والعراق على سبيل المثال إلى مقتل الكثير من المدنيين (تُشير بعض التقديرات المعتدلة إلى مقتل 120 ألف شخص من شهر أيلول 2001 إلى أيلول 2012) وهروب أو نزوح الأشخاص داخلياً.  تعاني دول شمال أفريقيا من عدم الاستقرار بسبب الأعمال العسكرية في ليبيا.
     بالنسبة للأوضاع الاستثنائية والحالات القصوى التي يمكن لمجلس الأمن أن يسمح فيها باستخدام القوة لحماية المدنيين، من الضروري الحرص على أن يكون التدخل العسكرية حكيماً ومتوازناً، وأن يقتصر على الأهداف التي حددتها الأمم المتحدة. في هذا السياق، يجب علينا الحرص على أن يندرج التدخل العسكري ضمن إستراتيجية دبلوماسية لتسوية النزاعات ـ لا يمكن أن يكون التدخل غاية بحد ذاته ـ ، والحرص على التسبب بأقل قدر ممكن من العنف وعدم الاستقرار من أجل تقليل الأضرار التي يعاني منها السكان المدنيون إلى أقصى حد ممكن، والحرص على أن يتبنى مجلس الأمن ويراقب إجراءات واضحة لمتابعة وتقويم وتفسير وتطبيق قراراته.
     نسمع اليوم الجملة التالية: "ليس  هناك حل سياسي لـ ...". قالت رئيسة البرازيل ديلما روسيف في كلمتها بمناسبة النقاش العام في الاجتماع الـ 67 للجمعية العامة للأمم المتحدة: "ليس هناك حل عسكري للأزمة السورية". إن هذه الملاحظة تجعل من الضروري والمُلح إنشاء قاعدة دبلوماسية من أجل سورية مثل مجموعة العمل في جنيف عام 2012. أكد الرئيس الأميركي أثناء كلمته لتدشين ولايته في شهر كانون الثاني قائلاً: "لا يحتاج الأمن الدائم والسلام المستمر إلى حرب أبدية".
     مع نهاية القطب الواحد وتشكّل نظام معدد الأقطاب، تتأكد القناعة بأنه ليس  هناك حل عسكري لأغلبية مشاكل الأمن والسلام في العالم المعاصر. يجب أن ننظر إلى هذا التغيّر باعتباره انفتاحاً جديداً على التعددية وإلى دور أكثر ملاءمة للدبلوماسية.

(الدول الصاعدة يجب أن تدعم تقديم مساعدة إنسانية أكبر في سورية)


صحيفة اللوموند 27 آذار 2013 بقلم سلمان الشيخ Salman Shaikh، مدير مركز بروكنغز في الدوحة وعضو مركز Saban لسياسة الشرق الأوسط

     تستمر المأساة الإنسانية في سورية، وربما تكون الأزمة الأكثر جدية في العالم حالياً. على الرغم من ذلك، لم يتوصل المجتمع الدولي إلى إيجاد الحلول. ما زال الجواب الإنساني على الوضع الصعب الذي يعيشه المدنيون غير ملائم إطلاقاً حتى الآن، في الوقت الذي يحتاج فيه أربعة ملايين سوري، منهم ثلاثة ملايين نازح في الداخل، إلى المساعدة الإنسانية. أشار تقرير لليونيسيف مؤخراً إلى نتائج النزاع في سورية على الأطفال: هناك مليونا طفل جريح أو يتيم أو يعاني من سوء التغذية. تعرض جيل بأكمله إلى صدمة نفسية للأبد، ولجأ أكثر من مليون سوري إلى تركيا ولبنان والأردن ودول أخرى. سيصل هذا العدد بالتأكيد إلى ثلاثة ملايين في نهاية عام 2013، إنها قنبلة موقوتة بالنسبة للدول المجاورة والتوازن الاجتماعي والعرقي والطائفي الهش فيها.
     إن دخول المساعدات الإنسانية إلى المناطق التي تُسيطر عليها المعارضة السورية، أي المناطق الأكثر حاجة للمساعدة العاجلة، ما زال محدوداً. أبرزت المعضلة المطروحة أمام العمل الإنساني البلبلة الحالية: بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 46/182، لا تستطيع الأمم المتحدة العمل داخل المناطق التي يُسيطر عليها المتمردون بدون موافقة واضحة من الحكومة السورية. وبما أن الحكومة السورية لم تعد تُسيطر على هذه المناطق، يتساءل الكثيرون فيما إذا كنّا مضطرين إلى الإلتزام بسيادة نظام استبدادي ما زال مستمراً في مفاقمة الأزمة. يدعو البعض الآخر إلى القيام بأعمال إنسانية مباشرة عبر حدود الدول المجاورة بالتنسيق مع الإئتلاف الوطني السوري الذي يحظى باعتراف دولي. إن انتخاب غسان هيتو بتاريخ 18 آذار كرئيس وزراء مؤقت لحكومة انتقالية في المناطق "المحررة"، يُمثل نداء سيُسمع صوته أكثر فأكثر بلا شك.
     حان الوقت لكي يتغلب المجتمع الدولي على هذه العراقيل، ويسمح بتقديم جواب إنساني أكثر فعالية في سورية وفي أي مكان آخر بحاجة لذلك. إن إحدى الوسائل من أجل المضي إلى الأمام هو قيام بعض الدول المحورية مثل البرازيل وجنوب إفريقيا والهند بدعم الجهود المصممة على تسريع عمليات المساعدة الأممية عبر الدول المجاورة  إلى داخل سورية. سيكون بإمكان هذه الدول اغتنام الفرصة خلال قمة الدول الصاعدة "البريكس" (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا) في مدينة دوربان يومي 26 و27 آذار. يجب عليهم استخدام نفوذهم وممارسة الضغوط على روسيا والصين بشكل أساسي من أجل الحصول على موافقة مجلس الأمن على هذه المقاربة. يجب عليهم أيضاً الاستفادة من قنوات الاتصال المباشرة مع الرئيس السوري بشار الأسد للإلحاح على السماح بعمليات عبر حدود الدول المجاورة وضمان دخول المساعدة الإنسانية إلى جميع المناطق في سورية.
     لماذا دول "البريكس"؟ نظراً للمكانة المتقدمة التي احتلتها على الصعيد الدولي، من الواضح أن هذه الأمم تقوم بدور حاسم في توجيه الرد الدولي تجاه الأزمة. قامت بثينة شعبان، المستشارة السياسية والإعلامية لبشار الأسد، بزيارة جنوب إفريقيا مؤخراً حاملة معها رسالة إلى الرئيس جاكوب زوما، لكي تحث دول "البريكس" على التدخل من أجل إنهاء العنف في سورية وتشجيع البدء بالحوار. وقبل ثلاثة أسابيع من هذه الزيارة، قامت بالشيء نفسه في الهند. من الواضح أن هذا النوع من السياسة الوقحة التي يقوم بها النظام، يجب مواجهتها عبر نداءات أكثر قوة من أجل إنهاء العنف ضد المدنيين. إنها فرصة إستراتيجية لكي تستخدم دول "البريكس" نفوذها.
     لا مجال لإضاعة الوقت. لقد فشل المجتمع الدولي حتى الآن في مسؤوليته بحماية الشعب السوري. وحتى على صعيد تمويل العمليات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة، لم يتم تحويل إلا 20 % فقط من أصل 1.5 مليار دولار التي وعدت بها الدول المانحة في مؤتمر الكويت في شهر كانون الثاني. سيترك الجمود الدولي حيال سورية إرثاً دائماً من المعاناة وعدم الأمن. إذا نظرنا إلى ما هو أبعد من الأراضي الوطنية السورية، فإن نتائج هذه الأزمة الإنسانية ستُساهم في زيادة عدم الإستقرار لدى الجيران المباشرين لسورية وفي المنطقة بأسرها. يقع على عاتق دول "البريكس" والمجتمع الدولي مسؤولية التحرك الآن.
     نظراً للوضع العاجل على الأرض، لن يكفي دخول المساعدات الإنسانية عبر الدول المجاورة. يجب تأمين ممر للمنظمات التي تقدم المساعدة وللاجئين الذين يحاولون مغادرة بلدهم من أجل حماية المدنيين. أصبح من الضروري أكثر فأكثر إقامة ممرات إنسانية ومناطق آمنة للمدنيين على طول الحدود السورية المتأثرة. يجب ألا نخطىء، يجب تأمين هذه المناطق وحمايتها عبر جميع الوسائل الممكنة. ما زال هناك الكثير لتعلمه من خبرة الأمم المتحدة في البوسنة خلال التسعينيات من خلال استخلاص الدروس التي نجحت وتلك التي لم تنجح.
     يجب على دول "البريكس" وشركائهم الدوليين الاستعداد لدعم مثل هذه الإجراءات. إن الوضع يتطلب ذلك. يجب على الأقل أن يطلبوا من بشار الأسد السماح للأمم المتحدة بعبور الحدود السورية لتلبية احتياجات المدنيين. تتمتع الأمم المتحدة بالكفاءات المؤسساتية الضرورية لتقديم المساعدة في  الأراضي المُجزّأة، الأمر الذي يجعلها المنظمة الأفضل للقيام بهذه العمليات في سورية. إن السماح للأمم المتحدة بتقديم جواب على مستوى البلد سيساعد على تجنب تسييس المساعدة وضمان جواب مُنسق في بعض القطاعات الحيوية مثل المياه وتنقيتها وإعادة بناء البنى التحتية والمساعدة الغذائية والتعليم.
     ما زال الهدف النهائي أن تكون الأمم المتحدة قادرة على تلبية الاحتياجات الأساسية لجميع المدنيين وأن تفرض احترام المبادىء الإنسانية الأساسية في هذا النزاع الدامي.

(إسرائيل وتركيا تُحددان صيغ تقاربهما)


صحيفة اللوموند 27 آذار 2013 بقلم مراسلها في إسرائيل لوران زوكيني Laurent Zecchini

     سيكون التقارب الإسرائيلي ـ التركي طويلاً بسبب ملف غزة. أراد رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان الاستفادة بشكل أكبر من الاتفاق على تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد قطيعة استمرت ثلاث سنوات بسبب القافلة التركية التي كانت تريد خرق الحظر البحري على غزة. أعلن أردوغان أن اتفاق تطبيع العلاقات يتضمن رفع الحظر عن غزة، ولكن الحقيقة مختلفة جداً عن ذلك كما أشار ياكوف أميدرور، مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وهذا ما أكدته الإجراءات الانتقامية الإسرائيلية للرد على قيام مجموعة إسلامية في غزة بإطلاق قذيفتين صاروخيتين بتاريخ 21 آذار بعد يوم واحد من وصول الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى إسرائيل.
     لا شك بأن الاتفاق بين إسرائيل وتركيا لن يسمح بعودة العلاقات إلى سابق عهدها قبل الخلاف بين البلدين. فيما يتعلق بالتعويضات المالية للضحايا الأتراك، لن تكون مشكلة صعبة الحل. فيما يتعلق بالتمثيل الدبلوماسي، هناك الآن قائم بالأعمال في كلا البلدين، وتعتبر إسرائيل أنه من الممكن تسمية سفير إسرائيلي قبل الصيف القادم.
     نفت السلطات الإسرائيلية أن يكون هذا الاتفاق نتيجة الضغوط التي مارسها الرئيس باراك أوباما أثناء زيارته لإسرائيل بين يومي 20 و22 آذار، وبررت هذا الاتفاق بالوضع الطارىء في سورية. ولكن هذا لا يمنع من القول أن واشنطن شجعت بحرارة على هذا الاتفاق، ولا ترى إلا الإيجابيات في هذا التقارب بين اثنين من حلفائها الرئيسيين في الشرق الأوسط. قال مستشار نتنياهو: "يوجد بين تركيا وإسرائيل بلد يتفتت ويملك أسلحة كيميائية تم استخدامها ويمكن أن تنتشر في المنطقة. كلما كان التنسيق أفضل بيننا وبين تركيا، كلما كان سهلاً مواجهة هذه المشكلة التي تُهدد بالانفجار في وجه الجميع بأية لحظة". وأضاف دبلوماسي إسرائيلي قائلاً: "يجب أن يتحدث البلدان مع بعضهما البعض ويتشاوران ويتبادلان المعلومات حول الوضع في سورية، وإذا احتاج الأمر، يجب الانتقال إلى الفعل فيما يتعلق بانتشار الأسلحة الكيميائية، وتنسيق العمل مع الولايات المتحدة والحلف الأطلسي". وعبّر هذا الدبلوماسي عن أمله بأن يؤدي هذا الاتفاق إلى رفع الفيتو التركي على مشاركة إسرائيل بمناورات الحلف الأطلسي.
     أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي قائلاً: "إن تفاقم الوضع في سورية بين لحظة وأخرى، كان عاملاً حاسماً بالنسبة لي". ولكن إسرائيل وتركيا لن تستعيدان فوراً العلاقات الإستراتيجية الوثيقة التي جمعتهما خلال سنوات عديدة، هذه العلاقات التي سمحت بإجراء مناورات عسكرية مشتركة واستخدام الفضاء الجوي التركي من قبل الطائرات الإسرائيلية. إن حرية عمل الطائرات الإسرائيلية، رغم نفي ذلك رسمياً، ربما تكون ذات فائدة كبيرة في حال قيام إسرائيل بهجوم جوي على المواقع النووية الإيرانية. إن البلدين مهددان اليوم من قبل النظام الإيراني دون أن يعني ذلك وجود جبهة مشتركة بينهما.
     استطاعت إسرائيل خلال السنوات الثلاثة الماضية التعويض عن تدهور علاقاتها مع تركيا، وذلك من خلال التقارب الواضح مع اليونان وقبرص وبلغاريا ورومانيا، هذه الدول التي توفر لإسرائيل بعض التسهيلات لتدريب الطائرات والسفن الإسرائيلية.
     على الصعيد الاقتصادي، ربما تكون هناك نتائج هامة لتطبيع العلاقات الإسرائيلية ـ التركية: لقد اعتاد نصف مليون إسرائيلي على قضاء إجازاتهم السنوية في تركيا، ولكن هذا الإقبال السياحي توقف فجأة. ربما يكون الخاسرون من هذا الاتفاق: اليونان وصناعة السياحة الإسرائيلية.

الثلاثاء، ٢٦ آذار ٢٠١٣

(سورية: المعارضة في حالة اضطراب كامل)


صحيفة الفيغارو 26 آذار 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     ينوي معاذ الخطيب الذهاب إلى الدوحة للمشاركة في القمة العربية يوم الثلاثاء 26 آذار على الرغم من استقالته يوم الأحد 24 آذار من رئاسة الإئتلاف الوطني. سيجلس إلى جانبه رئيس الوزراء الجديد بالوكالة "للمتمردين" غسان هيتو، ولكن لا أحد يعرف من الذي سيترأس وفد المعارضة الذي سيأخذ معقد سورية.
     أشار معاذ الخطيب على الفيسبوك إلى أنه يريد "العمل بحرية" لم يكن يملكها. من الواضح أن هذا الإمام السابق المعتدل لا يريد أن يكون بيدقاً بيد قطر وحلفائها الإخوان المسلمين الذين يتمتعون بنفوذ قوي داخل الإئتلاف الوطني. قام معاذ الخطيب بانتقاد قطر لأنها فرضت غسان هيتو، المهندس المُقرّب من الإخوان المسلمين والمقيم في الولايات المتحدة ولكنه غير معروف في سورية، رئيساً للحكومة المؤقتة التي لا يريدها معاذ الخطيب.
     قال المعارض هيثم المناع من هيئة التنسيق الوطني بعد عودته مؤخراً من زيارة إلى الولايات المتحدة وروسيا: "يبذل الإخوان المسلمون كل ما بوسعهم من أجل الحصول على دولة صغيرة في شمال سورية على نمط حماس في غزة. إنهم يأملون بالسيطرة على جزء من سورية كما يفعل الأكراد في العراق، ويعتقدون أنه انطلاقاً من هذا الجزء يستطيعون الاستيلاء على بقية البلد". ولكن معاذ الخطيب ليس الوحيد الذي يُعارض هذه الفكرة التي ستُكرّس تقسيم سورية. هناك أيضاً قادة آخرون في الإئتلاف مثل رياض سيف وبعض الذين ابتعدوا عن الإئتلاف بعد تعيين هيتو، فقد أبدوا تحفظات شديدة تجاه نوايا الإخوان المسلمين. إذاً، إن رحيل معاذ الخطيب ربما يؤدي إلى تسريع إعادة تركيب المعارضة.
     أصبح الإئتلاف مقتصراً تقريباً على الإخوان المسلمين لوحدهم الذين يحظون بدعم قطر وتركيا وفرنسا. لقد بدأت الاتصالات بين هيئة التنسيق الوطني ومعاذ الخطيب من أجل إقامة بديل يمثل جبهة موسعة تضم جميع الأطراف المعارضة لسيطرة الإسلاميين (المنبر الديموقراطي لميشيل كيلو وتيار بناء الدولة للؤي حسين والآخرين). هل ستقوم فرنسا مثل شريكها القطري بدعوة معاذ الخطيب إلى العودة عن قراره؟ بالنسبة إلى لوران فابيوس، يجب على المعارضة السورية أن "تتوحد من جديد"، وأضاف أن فرنسا "ليست موافقة إطلاقاً على الانحراف المتطرف". في ظل هذه الظروف، لا يستبعد البعض تفتت الإئتلاف غير القادر على توسيع نفسه كما طلبت واشنطن سابقاً عندما اعترفت به على مضض في شهر كانون الأول.
     من حيث المبدأ، إن الرحيل المُتسرّع لمعاذ الخطيب يُمثل خبراً سيئاً للولايات المتحدة التي "كانت تراهن على الإئتلاف باعتبار أنه كان بإدارة رجل معتدل" كما يقول هيثم المناع. إن المبادرة الأخيرة التي أطلقها معاذ الخطيب بالدعوة إلى التفاوض مع النظام لتجنب تفاقم الفوضى، تندرج ضمن المنطق الأمريكي الداعم لعملية انتقالية تفاوضية للسلطة في دمشق بالمشاركة مع روسيا.
     في الكواليس، يستمر الأمريكيون والروس بمناقشة هذه العملية الانتقالية، وتم تحقيق بعض التقدم خلال الأسابيع الأخيرة. أكد  أحد الدبلوماسيين في الأمم المتحدة قائلاً: "وافق الأمريكيون في النهاية على ألا يكون خروج بشار الأسد فعلياً إلا بعد نهاية العملية وليس في بدايتها، كما كانوا يُطالبون في الأشهر الأخيرة. ووافق الروس من جهتهم على أن يحافظ بشار الأسد على دور شكلي خلال العملية الانتقالية. واتفق الأمريكيون والروس على أن النظام القادم لن يكون رئاسياً بل نيابياً".