الصفحات

الثلاثاء، ٢٠ تشرين الأول ٢٠١٥

أوروبا والشراكة الأمريكية مع اليابان وعشرة دول آسيوية أخرى في المحيط الهادي

المدونة: تستمر الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين. بدأت الصين مشروع طريق الحرير الجديد وأسست المصرف الآسيوي للاستثمار في البنى التحتية، وردت الولايات المتحدة بالتوقيع على اتفاقية الشراكة مع اليابان وعشرة دول آسيوية أخرى عبر المحيط الهادي، بالإضافة إلى المفاوضات المستمرة بين الولايات المتحدة وأوروبا للتوقيع على اتفاقية شراكة مماثلة.

افتتاحية اللوموند 9 تشرين الأول 2015
     تم التوقيع يوم الاثنين 5 تشرين  الأول 2015 على اتفاقية الشراكة الأمريكية مع اليابان وعشرة دول أخرى على المحيط الهادي (شراكة المحيط الهادي ـ Partenariat Transpacifique). ستكون هذه الشراكة أكبر اتفاقية تجارية تم التوصل إليها حتى اليوم في حال مصادقة برلمانات الدول الموقعة عليها.. تمثل الدول الموقعة عليها 40 % من التجارة العالمية. إن أوروبا معنية بهذه الاتفاقية سواء رضيت أم لم ترض. لم يكن التوقيع على هذه الشراكة سهلاً، واستغرقت مفاوضاتها عدة سنوات بين الولايات المتحدة الأمريكية واليابان وكندا وتشيلي والمكسيك والبيرو وبروناي وماليزيا وفييتنام وسنغافورة واستراليا ونيوزنلندة.
     أطلق الرئيس الأمريكي باراك أوباما فكرة إقامة شراكة مزدوجة في بداية ولايته الأولى: الأولى، تربط الولايات المتحدة مع منطقة المحيط الهادي؛ والثانية، تربط الولايات المتحدة مع أوروبا. إن هذه الشراكة المزدوجة هي إحدى أهم محاور دبلوماسية الرئيس الأمريكي. تشكل شراكة المحيط الهادي ما يسميه باراك أوباما بـ "الانعطاف" الأمريكي باتجاه آسيا. تؤكد شراكة المحيط الهادي على الإرادة الأمريكية بالبقاء قوة عظمى في المحيط الهادي من أجل مواجهة الصين التي أظهرت إرادتها في الهيمنة على هذه المنطقة الأكثر نمواً في العالم. لم يتم توجيه الدعوة إلى الصين للانضمام إلى هذه الشراكة، على الرغم من أنها الشريك التجاري الأول للدول الأعضاء في شراكة المحيط الهادي.
    ما زال نص شراكة المحيط الهادي غير معروف بشكل كامل، لكن خطوطه العريضة معروفة. هناك تخفيض عام في التعرفة الجمركية لآلاف المنتجات والخدمات في جميع القطاعات (وحتى الزراعية منها). هناك اتفاق حول طريقة تسوية النزاعات بين المستثمرين الخاصين والحكومات. يعتقد أغلب الاقتصاديين أن المكاسب المنتظرة المتعلقة بالنمو والعمالة ستكون ضيئلة.
     تعتمد شراكة المحيط الهادي بشكل أساسي على المعايير التي تُلزم الموقعين عليها في مجالات البيئة وقانون العمل وحماية الملكية الفكرية والقواعد الصحية. إن مستوى هذه المعايير أعلى من مستواها في الصين. تعتبر واشنطن أنه إذا توصلت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى التوقيع على اتفاقية من النوع نفسه ـ يجري حالياً التفاوض بينهما حول الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار ـ ، فإن الصين ستكون مجبرة على الالتزام بهذه المعايير. إذا لم تلتزم الصين بهذه المعايير، فإنها هي التي ستفرض معاييرها الأقل تشدداً بكثير على التجارة العالمية، سواء فيما يتعلق بقانون العمل أو الملكية الفكرية أو الحفاظ على الطبيعة.
     ستحتدم النقاشات في الكونغرس الأمريكي والبرلمان الياباني بشكل خاص. يرتاب قسم كبير من الحزب الديموقراطي الأمريكي بالمزايا الحالية لمثل هذه المرحلة الجديدة من تحرير التجارة، ويبرزون مخاطر حصول موجة أخرى من إغلاق المعامل الأمريكية وانتقالها إلى دول أخرى. يطرح المعارضون لهذه الشراكة المسألة المتعلقة بقدرة الولايات المتحدة على فرض احترام المعايير الجديدة على دول مثل فييتنام وماليزيا في مجال قانون العمل والبيئة، ويخشون من توجيه ضربة جديدة إلى الطبقة المتوسطة الأمريكية التي تعاني سلفاً من العولمة الاقتصادية.