صحيفة اللوموند 1 أيار 2015 بقلم كريستوف
عياد Christophe
Ayad
إنها
المرة الأولى التي يكون فيها رئيس الجمهورية الفرنسية ضيف الشرف في قمة استثنائية
لمجلس التعاون الخليجي يومي 4 و5 أيار في الرياض، ولم يسبق أن خصص مجلس التعاون
الخليجي مثل هذا الاستقبال لرئيس دولة صديقة. هل فرانسوا هولاند أمير عربي؟ من كان
يتصور في بداية ولايته الرئاسية أن الرئيس "العادي" والاشتراكي سيتحول
إلى رجل الثقة لدى المملكة السنية الأكثر محافظة. لا بد أن يأتي اليوم لتفسير هذا
اللغز: هل تحول الرئيس حسب الظروف، أم كان يحمل معه سرّاً هذه الإرادة بالتأثير
على قضايا العالم ولاسيما في العالم العربي؟
فرانسوا هولاند هو أحد الرؤساء النادرين الذين
حافظوا على توجههم بدون أي تردد ظاهر في هذا الشرق الأوسط الأكثر فأكثر تعقيداً
والذي يشهد انقساماً سياسياً ـ دينياً بين السنة والشيعة. لقد اختار بوضوح معسكر
الأنظمة العربية السنية التي تدعى "معتدلة" (أي المقربة من
الدولة الغربية) وعلى رأسها السعودية. بدأ شهر العسل الفرنسي ـ السعودي في نهاية
شهر آب 2013 عندما نشطت فرنسا من أجل القيام بعملية عسكرية ضد النظام السوري
المتهم باستخدام الأسلحة الكيميائية ضد شعبه. انزعج السعوديون كثيراً من حليفهم
الأمريكي بسبب تراجعه في اللحظة الأخيرة عن التدخل العسكري في سورية، وتوجيه ضربة
حاسمة إلى الحليف العربي الرئيسي لإيران الشيعية. ساد الشعور بالمرارة نفسه في
باريس التي ظنت أنها الفرصة المتاحة لتغيير المعطيات في سورية أو حتى تغيير النظام
في هذه المحمية الفرنسية سابقاً، الأمر الذي كان سيُضعف إيران كثيراً. إن فرنسا
والسعودية تعتبران، لأسباب مختلفة، أن إيران هي التهديد الرئيسي على الشرق الأوسط
حالياً.
لا
يخلو الرهان الفرنسي على المعسكر السعودي ـ السني من الأفكار التجارية. يأمل
فرانسوا هولاند ترجمة علاقاته المميزة مع السعودية إلى عقود تجارية كبيرة، ونجح
ببيع أربع وعشرين طائرة رافال إلى مصر في البداية، ثم أربعة وعشرين طائرة أخرى إلى
قطر يوم الخميس 30 نيسان. ولكن السوق السعودي مع مئات المليارات من احتياطي
الدولار، والتزايد الكبير في عدد سكانه (ثماني وعشرين مليون نسمة عام 2015، منهم
47 % تقل أعمارهم عن 25 عاماً)، واحتياجاته الكبيرة في البنى التحتية والتأهيل،
ومغامرته العسكرية الأخيرة في اليمن، تفسح المجال أمام احتمالات أكثر أهمية
بالنسبة للشركات الفرنسية.
لكن
الرهان على السعودية لا يخلو من المخاطر: الغموض السياسي فيها مرتفع، ويدل على ذلك
التغييرات الأخيرة التي أجراها الملك سلمان هذا الأسبوع في ترتيب وراثة السلطة؛
كما يمثل انهيار أسعار النفط عاملاً غامضاً أساسياً. أخيراً، هناك بعض السخرية
تجاه السياسة التي تجعل المملكة السعودية شريكاً مميزاً في العالم العربي على
الرغم من أنها تمنع الأحزاب السياسية
وترفض إعطاء المرأة حق قيادة السيارة. بالتأكيد، تكافح السعودية ضد تنظيم القاعدة
والدولة الإسلامية، ولكن إيديولوجيتها الرسمية تبقى الوهابية التي تمثل النسخة
الأكثر تشدداً في الإسلام السني. ما زالت عقوبة الإعدام بالسيف في الساحات العامة
سائدة بكثرة، وتصل عقوبة التجديف إلى ألف جلدة كما حصل مع المدون الليبرالي رئيف
البدوي. إن كل ذلك لا ينسجم كثيراً مع "عقلية شارلي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق