صحيفة اللوموند 29 آب 2015 بقلم لوي أمبير
Louis Imbert
تشتري إسرائيل كميات كبيرة من النفط من إقليم
كردستان العراقي منذ عدة أشهر، وذلك عبر بعض الشركات التجارية الدولية وبدون
موافقة السلطات في بغداد. إن هذه المبيعات التي ربما حصلت بأسعار مخفضة تهدد
بإفساد العلاقات بين المنطقة الكردية والحكومة المركزية، نظراً لأن الشركة
الحكومية SOMO هي الوحيدة المخولة ببيع النفط العراقي. حصلت هذه المبيعات في
الوقت الذي يغرق فيه إقليم كردستان العراقي في أزمة سياسية ومالية خطيرة، كما
تواجه بغداد صعوبات كبيرة في مكافحة منظمة الدولة الإسلامية.
أشارت الفايننشال تايمز نقلاً عن مصادر مجهولة
داخل الشركات التجارية وشركات النقل إلى أن هذه المبيعات بلغت حوالي تسعة
عشرة مليون برميل نفط بين بداية شهر أيار
و11 آب. تبلغ قيمة هذه المبيعات حوالي تسعمائة مليون يورو بأسعار السوق خلال
الفترة المذكورة، أي ما يعادل 77 % من متوسط الطلب الإسرائيلي. تبقى هذه الأرقام
موضع شك، ولكن هذه النزعة مؤكدة. بدأت عمليات التسليم في بداية العام بعد فترة
قصيرة من التوقيع على اتفاق النفط والموازنة بين بغداد وأربيل التي تمثل مقر حكومة
إقليم كردستان، ولكن الطرفين سرعان ما جمدا هذا الاتفاق. تسارع تصدير النفط الكردي
ـ العراقي خلال الأشهر الأخيرة.
يمر
هذا النفط عبر خط الأنابيب الذي يصل حتى ميناء سيحان التركي على البحر المتوسط.
تقوم تركيا بتسهيل عمل هذا الخط منذ فترة طويلة، وفتحت حساباً مصرفياً لأربيل في
المصرف الحكومي التركي HALK، وتقوم بتخزين النفط الكردي بانتظار المشترين. تشير المعلومات إلى
أن بعض الشركات التجارية المسجلة في سويسرا
مثل شركتي Vitol وTrafigura تقوم بدور الوسيط، وهي تُعتبر من الشركات القليلة القادرة لوحدها
على توفير الخدمات اللوجستية الضرورية لمثل هذه المبيعات السرية.
حاولت أربيل القيام بمثل هذه المبيعات عام 2014،
ولكنها تعرقلت بسبب الدعاوى القضائية التي رفعتها بغداد داخل ولاية تكساس
الأمريكية وفي العديد من الدول الأوروبية. قال مدير شركة الاستشارات النفطية
بيتروستراتيجي Pétrostratégie بيير تيرزيان Pierre Terzian: "يسعى الأكراد إلى تجنب
الملاحقات القضائية التي تمثل مشكلة تطرح نفسها على أغلب المشترين. إن البلد
الوحيد القادر على تجنب الملاحقات القضائية هو إسرائيل. من الصعب رؤية أن يقوم
العراق بملاحقة المشترين قضائياً داخل إسرائيل". تقوم إسرائيل بمساعدة
حليف إقليمي، وتؤمن لنفسها مصدراً ثميناً للنفط. قال الباحث في المركز الوطني
الفرنسي للأبحاث العلمية CNRS هوشام داود Hosham Dawod: "لا تخف إسرائيل أهدافها الساعية إلى تشجيع استقلال
كردستان، إنه استثمار سياسي مباشر".
أشارت الفايننشال تايمز إلى أن العديد من الشركات الأوروبية تشتري النفط الخام الكردي ـ
العراقي: في إيطاليا واليونان وقبرص وبدرجة أقل في فرنسا. لم ترد وزارة الخارجية
الفرنسية على سؤال لتأكيد هذه المعلومات. اعتبر مدير مجلة النفط والغاز العربي Pétrole
et Gaz arabes فرانسيس
بيران Francis Perrin أنه إذا تأكدت صحة هذه المعلومات "فإن فرنسا تعرف
بالتأكيد من أي يأتي هذا النفط. ولكن يمكنها القول أن ذلك ليس مشكلتها نظراً لأن
النفط يمر عبر شركة سمسرة وسيطة".
استدانت أربيل الكثير من الأموال من الشركات
النفطية الأجنبية التي استثمرت في البنى التحتية داخل المنطقة الكردية. يسعى مسعود
بارزاني حالياً إلى أن يفرض تمديد ولايته الرئاسية التي حصل عليها عام 2013 لمدة
عامين تحت ذريعة أنه لا يمكن تنظيم الانتخابات في الوقت الحالي. قال الباحث هوشام
داود: "هناك أزمة حادة حول الرئاسة وصلاحياتها التي تعتبرها الأحزاب
الأخرى بأنه مُفرطة جداً. تتمثل إحدى هذه الصلاحيات بتحديد السياسة النفطية بدون
مشاورات داخلية، الأمر الذي تسبب بخلق أزمات متكررة مع بغداد وبقية دول
المنطقة". ربما تتفاقم هذه التوترات، وتتحول إلى مواجهات مسلحة بين
الأحزاب الكردية على الرغم من قرب التهديد الجهادي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق