صحيفة اللوموند 13 تموز 2014 بقلم
بنجامان بارت Benjamin
Barthe
يبدو
أن المجتمع الدولي غير قادر في الوقت الحالي على الضغط على رئيس وزراء الدولة
اليهودية على الرغم من مقتل أكثر من مئة فلسطيني أغلبهم من المدنيين. إن الدليل
على ذلك هو البيانات الملتوية الصادرة عن قصر الإليزيه حول هذا الموضوع. اعتبر
فرانسوا هولاند يوم الأربعاء 9 تموز أنه "يحق للحكومة الإسرائيلية اتخاذ
جميع الإجراءات لحماية شعبها"، وذلك بعد محادثة هاتفية مع بنيامين
نتنياهو. نشر قصر الإليزيه بيانه قبل عدة ساعات من الغارة الإسرائيلية التي قتلت
تسعة فلسطينيين كانوا يشاهدون مباراة كرة القدم بين الأرجنتين وهولاندة في إحدى
مقاهي غزة. انتقد اليسار هذا البيان بشده، واعتبره بمثابة إعطاء شيك على بياض
لإسرائيل.
تشير
المعلومات التي حصلت عليها صحيفة اللوموند إلى أن نص هذا البيان تم إعداده بعد
المساعي الملحة من قبل مكتب بنيامين نتنياهو الذي يبدو أنه انزعج كثيراً من تصريح
الناطق الرسمي باسم الحكومة الفرنسية ستيفان لوفول Stéphane Le
Foll الذي أدان إطلاق
القذائف من قبل حماس والقصف الإسرائيلي في الوقت نفسه. قامت الرئاسة الفرنسية
بتعديل موقفها على مرحلتين من أجل تهدئة هذا الجدل. أولاً، دعا فرانسوا هولاند
أثناء زيارته إلى مدينة رانس Reims الفرنسية يوم الخميس 10 تموز إلى "الحوار". ثم
أصدر بياناً مساء اليوم نفسه، إثر المحادثة الهاتفية مع رئيس السلطة الفلسطينية
محمود عباس، أشار فيه إلى "العدد الكبير من الضحايا الفلسطينيين"
مؤكداً أنه "يجب إيقاف التصعيد".
اعتبر الأستاذ الجامعي جوليان سالانغ Julien
Salingue المختص بالمسألة
الفلسطينية أن هذا الخطأ يكشف عن وجود "استقلالية في تصريحات قصر الإليزيه
بالنسبة لتصريحات وزارة الخارجية الفرنسية" فيما يتعلق بهذا الملف. أضاف
جوليان سالانغ قائلاً: "يشعر الرئيس بتعاطف شخصي مع إسرائيل، وشاهدنا ذلك
خلال زيارته إلى القدس في شهر تشرين الثاني 2013، ولاسيما من حيث مراسيم الاستقبال
الظاهرية". نفى مستشارو فرانسوا هولاند أي تراجع بالمقارنة مع المواقف
الفرنسية التقليدية حول النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني، وأكدوا أن باريس كانت
العاصمة الغربية الوحيدة التي أدانت اغتيال الشاب الفلسطيني محمد أبو خضير في
القدس الشرقية وحرقه حياً بتاريخ 2 تموز، وذكرت اسمه. أكد مصدر في قصر الإليزيه
قائلاً: "جوهرياً، إن ذلك لا يُغير شيئاً. ما زال الموقف الفرنسي مبنياً
على التوازن".
على
أي حال، يدل هذا الخلل على ارتباك الحكومات الأوروبية والأمريكية تجاه الوضع في
غزة. إن التأكيد على "حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها" وعلى ضرورة "ضبط
النفس"، كما تفعل جميع الحكومات الغربية تقريباً بدرجات متفاوتة، لا يكفي
للتأثير على الأرض. لم يهتم أي طرف بعرض الوساطة الذي قدمه باراك أوباما بدون
قناعة. يدل هذا الحذر ليس فقط على قرب الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي من
إسرائيل، بل يدل أيضاً على الملل المتزايد تجاه نزاع لا يتوقف. بالإضافة إلى نوع
من الحيرة تجاه هذه المنطقة المضطربة من بغداد إلى بنغازي.
تراهن باريس على انخراط قطر التي يقيم فيها رئيس
المكتب السياسي لحماس خالد مشعل وعلى تركيا التي تحمي الحركات الإسلامية في الشرق
الأوسط. من الممكن أن تجري مكالمة هاتفية بين فرانسوا هولاند ونظيره التركي رجب
طيب أردوغان خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق