صحيفة الفيغارو 2 كانون الأول 2014
بقلم إيزابيل لاسير Isabelle
Lasserre
لم
تشهد الصداقة الروسية ـ التركية فترة أفضل مما هو عليه الأمر حالياً، وذلك إذا
صدقنا الاستقبال الباذخ الذي حظي به فلاديمير بوتين أثناء زيارته إلى تركيا يوم
الاثنين 1 كانون الأول. لا تكف العلاقة في مجال الطاقة والتجارة لتفسير مثل هذا
الاستقبال والتكريم الذي حظي به الرئيس الروسي من قبل نظيره التركي. يُقال أن بروز
جهاديي داعش ربما ساهم في التقريب بين الدولتين المتنافستين على البحر الأسود،
ولاسيما أن علاقتهما تتسم عادة بالحذر والتحفظ.
يبدو
أن تدهور علاقات هاتين الدولتين مع الدول الغربية ساهمت في التقريب بين الرئيسين
الروسي والتركي. أصبحت العلاقات الأمريكية ـ التركية باردة بسبب غموض السياسة
التركية تجاه جهاديي داعش ورفضها التدخل ضدهم في سورية. كما تنتقد تركيا
الأوروبيين بأنهم السبب في تخفيف حماسها للاقتراب من الاتحاد الأوروبي. لقد انتقد
رجب طيب أردوغان عدة مرات الحدود التي فرضتها فرنسا وبريطانيا على المنطقة بعد
الحرب العالمية الثانية، وذلك منذ الإعلان عن "الدولة الإسلامية"
في المشرق في بداية الصيف. تتعرض روسيا إلى العقوبات الغربية منذ ضم شبه جزيرة
القرم وزعزعة استقرار أوكرانيا. وعد فلاديمير بوتين بأن يبحث مجدداً "الإملاءات"
الأمريكية والنظام الغربي المنبثق بعد نهاية الحرب الباردة، مُعتبراً أن هذا
النظام أهان المصالح الاستراتيجية الروسية. يهدف الرئيسان الروسي والتركي إلى نشر
نفوذهما في المنطقة واستعادة نفوذهما الغابر.
ولكن
على الرغم من التشابه الظاهري في سياستهما الخارجية وفي مواقفهما السياسية
المعادية للغرب، فإن رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين ما زالا خصمان، وتتنافس
استراتيجيتهما في المنطقة ولاسيما في سورية. تكمن المصالح الموضوعية للبلدين في
مكافحة جهاديي داعش، على الأقل لأن هذه المجموعة الأصولية تقوم بتجنيد المقاتلين
في القوقاز من أجل إرسالهم إلى الجبهتين السورية والعراقية. ولكن خيارهما التكتيكي
مختلفان. تتابع تركيا سياستها المزدوجة تجاه الدولة الإسلامية، بينما تريد روسيا
التي استقبلت وزير الخارجية السوري يوم الجمعة 28 تشرين الثاني أن تجعل من مكافحة
الإرهاب في الشرق الأوسط "أولوية" لها. كما تريد روسيا أن تبرهن
على أنها قوة عالمية عبر إظهار إرادتها بمكافحة الإرهاب في المنطقة.
تسعى
روسيا سواء في دمشق أو أنقرة إلى استعادة نفوذها في المنطقة ومواجهة الولايات
المتحدة. هذا ما سعت إليه أيضاً فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني الهام جداً،
عندما أظهرت مؤخراً "تعاونها" نقلاً عن مصدر مقرب من المفاوضين.
إن التحالف مع أنقرة ليس إلا تحالفاً تفرضه الظروف الحالية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق