افتتاحية صحيفة اللوموند 7 ـ 8 كانون
الأول 2014
لم
يشهد تاريخ الأمم المتحدة مثل هذا الوضع في الماضي. أطلق برنامج الغذاء العالمي
التابع للأمم المتحدة يوم الأربعاء 3 كانون الأول نداء للتبرع على الشبكات
الاجتماعية لكي يتمكن من مواصلة إطعام اللاجئين السوريين. تخلت الدول المانحة
التقليدية عن برنامج الغذاء العالمي على الرغم من نداءات الإنذار المتكررة منذ عدة
أشهر، الأمر الذي اضطره إلى التسول من الناس.
انهالت المساعدات بفضل الأنترنت، وأرسل أشخاص
مجهولون وبعض الشركات والحكومات 21.5 مليون دولار خلال أربع وعشرين ساعة. يأمل
برنامج الغذاء العالمي أن ينجح بالحصول على أربعة وستين مليون دولار خلال ثلاثة
أيام، وهو المبلغ الذي يحتاجه لمواصلة برنامجه في تقديم المساعدة خلال شهر كانون الأول. يتوزع اللاجئون السوريون
في لبنان وتركيا ومصر والأردن، ويبلغ عددهم 1.7 مليون لاجئ، أي حوالي نصف السوريين
الذين هربوا من بلدهم، ينتظرون الحصول على ثلاثين دولار شهرياً لكي لا يعانوا من
الجوع بالإضافة إلى البرد والتهجير.
ماذا
بعد ذلك؟ كيف سيتم العثور على 353 مليون دولار التي يحتاجها برنامج الغذاء العالمي
لتمويل نشاطاته داخل وخارج سورية حتى نهاية شهر شباط؟ إن حسابات الأزمة الإنسانية
السورية تُصيب بالدوار، ويزداد عدد الدول التي تتخلى عنها أكثر فأكثر. إنه الملل
من نزاع يبدو أنه بلا نهاية، والمنافسة مع مناطق النزاع الأخرى: تمكنت الأمم
المتحدة من تغطية 72 % من احتياجاتها لعام 2013، ولم تستطع تغطية إلا نصف
احتياجاتها المالية التي تبلغ خمسة مليارات دولار عام 2014.
الولايات المتحدة هي المساهم الأول في تمويل
مختلف برامج الأمم المتحدة، وتأتي بعدها المفوضية الأوروبية وبريطانيا واليابان
وألمانيا. ساهمت هذه الدول الخمس في تمويل 70 % من المساعدة المخصصة إلى سورية هذا
العام. من الضروري توزيع كلفة هذه المساعدة لتجنب انقطاع هذا الكرم. يجتمع قادة
شبه الجزيرة العربية يومي 9 و10 كانون الأول في الدوحة بمناسبة القمة السنوية
لمجلس التعاون الخليجي. هل سيقرر هؤلاء القادة على هامش مؤامراتهم على عدويهم
اللدودين إيران والدولة الإسلامية أن يستخدموا احتياطياتهم المالية الهائلة من أجل
مساعدة المعذبين في حلب وحمص ودمشق؟
إنه
أمر غير مؤكد. في الحقيقة، بنفس الطريقة التي تحب بها الدول العربية فلسطين بولع،
ولكنهم يحذرون من الفلسطينيين. فإن دول الخليج يهتمون بسورية، ولكنهم يهتمون
بالسوريين بشكل أقل بكثير. تطغى الحسابات الجغراسياسية على التفكير بالتضامن،
ويطغى تسليم الأسلحة على إرسال المساعدة الإنسانية. على سبيل المثال، دفعت
الولايات المتحدة 60 % من أصل 458 مليون دولار جمعها برنامج الغذاء العالمي من أجل
اللاجئين عام 2014، ودفعت الكويت 5 %، والسعودية 1.7 %. فيما يتعلق بقطر، أغنى
دولة عربية على مستوى الفرد، لم يظهر اسمها على لائحة تضم ثلاث وعشرين دولة مانحة!
عندما نعرف أن حجم المبالغ الموجودة في صناديق التمويل السيادية لهذا الممالك
النفطية يبلغ حوالي ألف مليار دولار، فإنه من المسموح التفكير بأن برنامج الغذاء
العالمي يستحق بعض الانتباه من قبل هذه الدول. ولكن إذا بقي هناك معنى لتعبير "المجتمع
الدولي".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق