صحيفة اللوموند 6 كانون الأول 2014 بقلم
مراسلها في بيروت بنجامان بارت Benjamin Barthe
العقيد سهيل الحسن هو الرجل الذي يبرز داخل
الجهاز الأمني السوري، ويمكن التعرف عليه من شاربه على الطريقة البعثية وقبعته
العسكرية المائلة على جبهته، ويطلق عليه اسم "النمر". إنه الضابط
الأساسي لتنفيذ الإستراتيجية المضادة للتمرد التي بدأتها دمشق في ربيع عام 2013.
تتضمن قائمة إنجازاته رفع الحصار عن الأحياء المؤيدة في حلب والاستيلاء على
الضواحي الشمالية ـ الشرقية فيها بصفتها المرحلة التمهيدية للحصار المحتمل حول
الأحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة التمرد في حلب. دمّرت قواته مدينة مورك في
محافظة حماة بواسطة براميل المتفجرات، ثم استعادت السيطرة عليها. من الممكن أن
تستخدم القوات الحكومية هذه المدينة كنقطة انطلاق نحو محافظة إدلب. اكتسب سهيل
الحسن هالة واسعة في الأوساط المؤيدة بفضل أعماله الحربية. تم إنشاء عشرات الصفحات
في الفيسبوك للإشادة به، ويتابعها عشرات آلاف الأشخاص. يتم الاحتفاء بهذا الرجل
باعتباره "رجل الموقف" و"رمز الانتصار" أو حتى "بطل
الزمان".
إن
هذا الظاهرة الجامحة غير مسبوقة في نظام أوتوقراطي مثل نظام الأسد، وتدل على وجود
خلل في السلطة السورية. اعتبر المحلل
السوري جهاد يازجي Jihad Yazogi أن هذه
الظاهرة "هذه هي تناذر Syndrome
سمير جعجع، في إشارة إلى القائد السابق لإحدى المليشيات اللبنانية التي تحولت
للسياسة. إن سهيل الحسن أيضاً ستدفعه الرغبة إلى طلب حقه بعد نهاية النزاع. ولكن
سيكون من الأفضل عدم نسيان أن الرئيس هو الشخص الوحيد الذي يمكن تمجيده في النظام
السوري". من المحتمل أن العقيد يبلغ عمره حوالي أربعين
عاماً، ويتمتع بميزتين في رهانه: منصبه في المخابرات الجوية، التي تمثل الجهاز
الأمني الأكثر قوة في سورية، بالإضافة إلى انتمائه إلى الأقلية العلوية التي تنتمي
إليها عائلة الأسد والنخبة الحاكمة في النظام. إن عسكرة التمرد السوري عام 2012
فتح الطريق أمامه. قال الخبير بالمسائل العسكرية في الشرق الأوسط آرام نيرغيزيان Aram Nerguizian: "كانت القوات البرية أمام تحدي التأقلم أو الموت. تم تقسيم الوحدات
العسكرية الكبيرة إلى عدة وحدات أكثر صغراً وسرعة في الرد. تم إبعاد القادة عديمي
الكفاءة أو الكبار في السن، الأمر الذي سمح لبعض الضباط الأقل خبرة أن يتحملوا
المزيد من المسؤولية".
إنه
مولع بالعمل الميداني، وفرض "النمر" نفسه شيئاً فشيئاً بصفته
ذخيرة لدمشق. على الجبهة، إنه يعرف كيف يعتمد على دعم كبار الضباط. قال محمد عبود،
أحد المنشقين الذي أصبح زعيماً متمرداً: "عندما يطلب قصفاً جوياً، فإنه
يحصل على ذلك دوماً". يعمل أسلوب سهيل الحسن على مرحلتين: أولاً، قصف
مكثف بالقنابل والقذائف الصاروخية، ثم عملية التطهير منزل بعد منزل. هذا هو تكتيك
الأرض المحروقة الذي يطبقه بحماس كبير. قال محمد عبود متهماً: "إنه من
أولئك الضباط الذين كانوا يطلقون النار على المتظاهرين العزل عام 2011، حتى عندما
كانت التعليمات الرسمية بتهدئة الوضع". أراد المنطق بأن يجبره النظام على
التهدئة من أجل حمايته من المتمردين وإبعاده عن فضول المنظمات الدولية غير
الحكومية التي تحقق حول جرائم الحرب المرتكبة في سورية. ولكن أول فيلم فيديو لـ
"النمر" ظهر على الأنترنت في الربيع، وقامت بتصويره محطة سما التلفزيونية Samaa TV
المؤيدة للسلطة. أظهره الفيلم في جولة تفقدية للقوات على جبهة حلب. كان يصغي إلى
أحد رجاله وهو يرتجل شعراً لتمجيده، ثم عانقه بشكل رجولي.
فتح
هذا الفيلم المجال أمام التعليقات الناقدة لظاهرة "الإعجاب بالنمر"
Nimrmania. يرغب العلويون أن ينظروا إلى العقيد سهيل
الحسن باعتباره الرجل المناسب، وذلك بعد أن تعبوا من إرسال أطفالهم يموتون في نزاع
لا نهاية له، وشعروا بالرعب من بروز الدولة الإسلامية. قال فارس بيوش Farès Bayouch، الضابط السابق الذي انضم إلى التمرد: "إنه
موقف ذكي من قبل النظام. لا يمكن شن الحرب بدون رمز للأبطال لتأجيج الطاقات. هذا
هو أحد أسباب فشلنا بأننا لم نعرف كيف نُبرز شخصيات قادرة على لم شمل الجميع.
بمجرد بروز مثل هذه الشخصيات، يتم تلويثه بالشائعات حول الفساد". ولكن
العديد من المؤشرات تشير إلى أن هذا الشغف بالعقيد سهيل الحسن لا يلائم النظام
بشكل كامل. اعتقلت الأجهزة الأمنية أحد المحامين المؤيدين للسلطة مضر حسن في نهاية
شهر آب، لأنه طلب من السلطات تسليط الضوء على اختفاء مئات الجنود في المعارك مع
الدولة الإسلامية. كما ينشط هذا المحامي من أجل استبدال وزير الدفاع الحالي بالشخص
الذي يعشقه العلويون. في الوقت نفسه، ظهرت صفحة على الفيسبوك تدعو إلى "تنصيبه
كرئيس للجمهورية السورية". هناك بعض الشائعات التي لا يمكن التأكد من
صحتها، وتروجها الصحافة العربية، وتعتبره كمرشح لروسيا وإيران من أجل خيار العملية
الانتقالية السياسية. إنها الكثير من العوامل الذي قد تُعجّل من زوال حظوته. في
الحقيقة، إن نظام الأسد لا يتسامح مع المزعجين ولا مع الطموحين، ولاسيما عندما
يكونون من الضباط الكبار. لقد تم إجبار الجنرال علي دوبا على التقاعد عام 2000،
وربما انتحر حاكم لبنان غازي كنعان مع أسراره المزعجة عام 2005. تنبأ فارس بيوش
قائلاً: "أنتظر أن يُكرر التاريخ نفسه. سيُنهي سهيل عمله القذر، وستتم
تصفيته بعد ذلك".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق