صحيفة اللوموند 1 تشرين الأول 2014 بقلم ناتالي
غيبير Nathalie Guibert
هل
انجرت فرنسا إلى حرب لا مخرج منها في العراق حالياً وفي سورية غداً؟ لم يحدد
الرئيس الأمريكي جدولاً زمنياً لـ "تدمير" "الدولة الإسلامية"،
واعترف مسؤول في الحكومة الفرنسية بقوله: "نحن نعمل على المدى
الطويل". يتزايد القلق من صدى الضربات الفرنسية في العراق أكثر من أي وقت
مضى بسبب تزايد تدفق الأجانب للانضمام إلى صفوف الجهاديين، ووجود حوالي ألف فرنسي
في صفوفهم، وهناك بعض الفرنسيين في قيادة "الدولة الإسلامية".
بدأت بعض التساؤلات تظهر حول العملية الجوية الفرنسية في العراق، قال الباحث في
مؤسسة البحث الاستراتيجي فرانسوا هيزبورغ François Heisbourt: "تتصف
هذه العملية الجوية بجميع السيئات: وضوحها الكبير وضعف فعاليتها".
إن
الوسائل العسكرية الفرنسية المتوفرة في العراق محدودة جداً، وتشمل ست طائرات
مقاتلة وطائرة تجسس وطائرة تموين. يضاف إلى ذلك ستة طائرات بلجيكية وسبعة طائرات
دانماركية وثمانية طائرات هولندية وثمانية طائرات من استراليا التي تشعر بقلق كبير
لأن خمسمائة مواطن استرالي انضموا إلى صفوف "الدولة الإسلامية"،
ولكن الرقم الرسمي هو ستين استرالياً فقط. اقتصرت العمليات الجوية الفرنسية على
غارتين حتى الآن. من الصعب القيام بأكثر من ذلك بسبب نقص نقاط التجسس في أرض تهيمن
عليها الاستخبارات الأمريكية. تقول فرنسا أنها تريد الحفاظ على استقلاليتها
واختيار أهدافها. ولكن تحديدها لم يبدأ إلا في منتصف شهر أيلول، وما زالت القوات
الفرنسية في مرحلة المراقبة والتجسس.
أكد
ضابط فرنسي رفيع المستوى قائلاً: "بإمكاننا توفير المزيد من الإمكانيات
غداً مثل حاملة الطائرات، ولكن ليست هناك حاجة لذلك حالياً". لا يشير
الموقف الفرنسي الرسمي إلى إمكانية ذلك، ولكن الموقف الفرنسي يندرج في إطار
الاستراتيجية الأمريكية التي تتألف من ثلاث مراحل: بدأت المرحلة الأولى بتاريخ 8
آب مع عمليات القصف الأولى لإيقاف تقدم "الدولة الإسلامية".
تقدمت هذه المرحلة في العراق عبر تجميد مواقع "الدولة الإسلامية"،
ولكنها بدأت لتوها في سورية. يعتبر المحللون أن المرحلة الثانية لن تبدأ قبل بداية
عام 2015، وهي مرحلة الهجوم المضاد. تقول باريس: "التحليل حالياً هو أن
السوريين والعراقيين غير قادرين على استعادة السيطرة على المدن". ثم
ستأتي المرحلة الثالثة في لحظة استعادة الأراضي.
قال
رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس أمام البرلمان الفرنسي أثناء النقاش حول العراق
بتاريخ 22 أيلول: "لا يمكن أن يكون هناك أي شك حول حقيقة أننا سنكون هناك
في الموعد المطلوب"، ولكن باريس لديها أولوية أمنية أخرى في الصحراء
الإفريقية (الساحل). يتركز اهتمام هيئة أركان الجيش الفرنسي على عملية بارخان Barkhane في
الصحراء الإفريقية، وتقوم بحساب إمكانياتها. لقد انخرط الجيش الفرنسي في عمليات
تتجاوز إمكانياته المحددة مع وجود ثمانية ألاف وخمسمائة جندي فرنسي في الخارج، في
حين حدد الكتاب الأبيض للسياسة العسكرية الفرنسية سبعة ألاف وخمسمائة جندي فقط.
يُضاف إلى ذلك أن الجيش الفرنسي يعيش في وضع مالي متوتر.
إذا،
يكمن الرهان في إنجاح هاتين العمليتين العسكريتين. دعا وزير الدفاع الفرنسي جان
إيف لودريان نظراءه للاستعداد من أجل التحرك في جنوب ليبيا، وتعتبر هيئة الأركان
الفرنسية أن التهديد الجهادي يشمل أربعة مناطق جغرافية هي: نيجيريا وليبيا والشرق
الأوسط والقرن الإفريقي. قال مصدر عسكري فرنسي: "يجب فصل المجموعات عن
بعضها البعض، ووضع حواجز بينها. ولكن يجب أيضاً الحفاظ على هذه الحواجز بشكل يسمح
للقوى المحلية بإدارة الوضع، والتركيز على الحلقات الضعيفة في جهود
"الاحتواء": أي في الكاميرون وليبيا وتونس ولبنان والأردن".
إنه تحدي واسع.
يتلخص التوجه الرسمي الفرنسي بالعبارة التالية: "توزيع
المهمات" مع الولايات المتحدة. قالت وزارة الدفاع الفرنسية: "نحن
نتولى الزعامة في الصحراء الإفريقية (الساحل) بدعم أمريكي، وتتولى الولايات
المتحدة الزعامة في العراق"، ولكنها تُذكّر أن القوات الأمريكية في
الخليج قادرة على إطلاق ستمائة صاروخ توماهوك دفعة واحدة في حال إعطاء الأمر، كما
أنها تملك مئة وعشرين طائرة مقاتلة.
يؤكد
الضباط الفرنسيون أن توقف العمليات العسكرية عند الحدود العراقية سيكون أمراً لا
معنى له من الناحية التكتيكية. ولكن كيف يمكن التحرك بدون إظهار أن هذا التحرك
يدعم الأسد، ومع من يجب التحرك على الأرض؟ سيذهب وزير الدفاع الفرنسي إلى واشنطن
يوم الخميس 2 تشرين الأول لكي يحاول إيضاح هذه النقاط. في الوقت الحالي، يشير
المقربون من وزير الدفاع الفرنسي أن الحكومة تحافظ على موقف غامض: "ليست
هناك عقبة قانونية، ولكنه ليس على جدول الأعمال".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق