الصفحات

الثلاثاء، ٦ أيار ٢٠١٤

(النظام يتمركز على الحدود اللبنانية)

صحيفة الليبراسيون 6 أيار 2014 بقلم مراسلها على الحدود  اللبنانية ـ السورية توما أبغرال Thomas Abgrall

     غادر طارق مركز مدينة عرسال بسيارته المرسيدس القديمة، وسلك طريقاً مغبراً باتجاه منطقة وادي حميد Wadi Hmayed الوعرة بالقرب من جبال لبنان الشرقية التي تمثل الحدود الطبيعية مع سورية. توقفت السيارة القديمة بعد عدة دقائق أمام منزل حجري لم يكتمل بناءه. يقول طارق أنه ينتمي إلى جبهة النصرة، وأنه عاد منذ عدة أيام إلى مدينة عرسال التي تمثل القاعدة الخلفية للمتمردين في لبنان هرباً من المعارك في منطقة القلمون. قال طارق: "لم يعد هناك الكثير من المقاتلين في القلمون، وانسحب الباقون إلى المناطق التي يصعب وصول الجيش إليها. كنا غير منظمين بعد فقدان القلمون، وتفرقنا في عدة قرى قريبة من الحدود، وخسرناها بسرعة".
     ما زال النزاع مستمراً حول مدينة الزبداني بعد سقوط يبرورد ورنكوس ومعلولا وجميع القرى المحاذية للبنان. قام التلفزيون السوري الرسمي بتصوير انسحاب عشرات المقاتلين "الإرهابيين" خلال الأسبوع الماضي، ولكن الزبداني ما زالت تحت سيطرة المتمردين نقلاً عن رواد الشامي، أحد الناشطين في شبكة أخبار المعارضة Smart News في القلمون، الذي قال: "يُسيطر الجيش على ضواحي الزبداني، وأقام ستين حاجزاً للتفتيش فيها، ولكنه لم يدخل المدينة. تتعرض المدينة لقصف جوي مكثف".
     أشار طارق إلى أن سبب هزيمة المتمردين في القلمون هو عدم توازن القوى على الأرض، وقال: "لا نملك إلا أسلحة دفاعية، وليس لدينا صواريخ مضادة للدبابات أو للطائرات كما هو الحال بالنسبة للبعض في شمال سورية. قررت المجموعات المقاتلة الرئيسية جبهة النصرة وأحرار الشام والجيش السوري الحر الانسحاب بالإجماع". تمكن المتمردون من الاستيلاء على بعض الأسلحة الثقيلة بين شهري آب وتشرين الثاني عبر السيطرة على عدة قواعد عسكرية في المنطقة ولاسيما قاعدة مهين التي تمثل إحدى أهم مستودعات الأسلحة في سورية، ولكن ذلك لم يكن كافياً لمواجهة قوة نيران الجيش السوري وحليفه اللبناني والمجموعات الشيعية العراقية. أضاف طارق قائلاً: "يدعم جزء من سكان القلمون النظام بشكل دائم، ولا يريدون نشوب المعارك عندهم. جاءت أغلب كتائبنا من منطقة حمص، وكانوا ينظرون إلينا كأجانب. وتعرضنا للخيانة في بعض الأحيان".
     إن استعادة النظام السوري لبعض المدن الرئيسية في القلمون ستسمح له بتأمين طريق حمص ـ دمشق وزيادة عزلة المتمردين في الضواحي الشمالية للعاصمة والغوطة الشرقية، كما أن سيطرته على الحدود اللبنانية ستقطع خطوط التموين عن بعض مقاتلي المعارضة انطلاقاً من لبنان. أعطى حزب الله الأولوية لاستعادة المدن  الحدودية، متهماً المتمردين بصناعة السيارات المفخخة في يبرود وإرسالها إلى المناطق الشيعية اللبنانية عبر مدينة عرسال. لم تقع أية عملية تفجير انتحارية في لبنان منذ شهر ونصف، ولكن القذائف الصاروخية القادمة من سورية ما زالت تمطر على المناطق الحدودية الواقعة تحت سيطرة حزب الله في سهل البقاع.
     تمركز مئات المقاتلين بمنطقة جبلية يصعب الوصول إليها في القلمون بين لبنان وسورية اسمها وادي ميرا، وما زالوا ينشطون فيها. يذهب مهند، أحد أعضاء كتيبة صقور الشام التابعة للجيش السوري الحر، إلى هذه المنطقة دائماً، وقال: "لا ننوي حالياً شن هجمات واسعة لاستعادة مدن القلمون، ولكننا نقوم بإعداد عمليات محددة لاستنزاف الجيش. قُتِل مئة وخمسون مقاتلاً في المعارضة منذ سقوط يبرود".
     أحرز النظام السوري بعض النقاط بعد استيلائه على مدن القلمون مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية بتاريخ 3 حزيران، ولا يتردد عن تأكيد ذلك بصوت عالي عبر خطاباته الدعائية المعتادة. ولكن لا شيء يدل على أنه سيتمكن من الحفاظ على تقدمه على المدى الطويل نظراً لاتساع مساحة هذه المنطقة. كما توصل النظام إلى اتفاق مع المتمردين في المدينة القديمة بحمص، وذلك ضمن استعداداته للانتخابات الرئاسية.



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق