الصفحات

الخميس، ١٥ أيار ٢٠١٤

(سورية: الخطأ الكبير للغرب)

مجلة النوفيل أوبسرفاتور الأسبوعية 15 أيار 2014 بقلم فريدريك ريشون Frédéric Richon، الباحث في جامعة فرانسوا رابليه François Rabelais في مدينة تور Tours الفرنسية ضمن فريق العمل المختص بالعالم العربي والمتوسطي. حاز الباحث على دبلوم اللغة العربية، وقدم أطروحته حول سورية، ويقيم في الشرق الأوسط بشكل منتظم، وأصدر مؤخراً كتاباً بعنوان: (سورية: لماذا أخطأ الغرب) في دار نشر Rocher

     أدى القمع الوحشي في منتصف شهر آذار 2011 إلى نزول جزء من سكان درعا إلى الشارع. اتسعت الاحتجاجات ضد السلطة السورية منذ ذلك التاريخ، ووصلت إلى بقية المدن السورية مثل اللاذقية وبانياس. قال بشار الأسد  منذ 27 آذار 2011 أنه مستعد لتقديم بعض التنازلات، وألغى قانون الطوارىء المُطبق منذ عام 1963، وأفرج عن حوالي مئتين وخمسين سجيناً سياسياً أغلبهم  من الإسلاميين. ولكن الحركة انتشرت في أنحاء سورية. يبدو أن سياق الربيع العربي كان مواتياً، ولا يمكن للسلطة السورية إلا أن تسقط بدورها خلال عام 2011. مع دخول النزاع في عامه الرابع، يبدو أنه ليس فقط ما زال النظام في مكانه، بل أيضاً أن الولايات المتحدة استسلمت لبقائه.
     ارتُكبت ثلاثة أخطاء في سورية: التقليل من قدرة مقاومة الجيش والنظام، والاعتقاد بإمكانية حصول تدخل دولي على الرغم من روسيا، والاعتقاد بأن العواطف ستكفي لكسب الرأي العام. ارتكبت فرنسا جميع هذه الأخطاء. اتصف الموقف الفرنسي بالارتجالية والمغالاة، واتبعت فرنسا دبلوماسية الكاوبوي (cow-boys) تجاه النزاع السوري إلى درجة تدفع للتساؤل فيما إذا كان المحافظون الجدد في معهد هودسون Hudson Institute يتنافسون على ضفاف نهر السين. قال آلان جوبيه في شهر شباط 2012: "سيسقط بشار الأسد"، وقال لوران فابيوس في شهر تموز 2012: "يجب أن يرحل بشار الأسد، إنه قاتل ويجب أن يرحل". ثم اعتبر لوران فابيوس بعد شهر أن بشار الأسد "لا يستحق أن يكون على وجه الأرض". إنها نتائج متواضعة جداً بالمقارنة مع هذه التصريحات...

     لم يفعل الغرب أي شيء. من الناحية التكتيكية، اضطر المسؤولون الغربيون إلى إنكار الطابع الأصولي لـ "الثورة" في سورية. كان يجب ترك النظام وحده يستخدم كلمة "الإرهابي" الكريهة. دعمت فرنسا "المعارضين"، وسمحت لدول الخليج بتمويلهم. إنه تحالف مخالف للطبيعة وقصير النظر، وهذا التحالف هو السبب بأحد أكبر الأخطاء الإستراتيجية في السنوات الأخيرة. ستبقى سورية مخزناً للجهاديين خلال سنوات عديدة على بعد عدة ساعات من قلب أوروبا. سمحنا بإقامة منطقة رمادية على أبوابنا، وسيأتي العنف منها في المستقبل: عنف أعمى سيجرف مجتمعاتنا الهشة. لم يكن محمد المراح إلى تحذيراً. لا بد من ملعقة طويلة من أجل تناول العشاء مع الشيطان. ولكن ملعقتنا قصيرة جداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق