الصفحات

الجمعة، ٩ أيار ٢٠١٤

(عبد الباسط ساروت أيقونة الثورة)

صحيفة اللوموند 9 أيار 2014 بقلم بنجامان بارت Benjamin Barthe

     ما زال عبد الباسط ساروت على قيد الحياة، إنه أيقونة التمرد في حمص، وجُرِحَ عدة مرات. لم نحصل على معلومات عنه منذ عدة أشهر، ولكنه ظهر أثناء إخلاء آخر المقاتلين في المدينة القديمة في حمص يوم الأربعاء 7 أيار. نشر النجم السابق لكرة القدم السورية صورة رفاقه المسلحين وهم يبكون، ثم ظهر وهو يصعد في إحدى الحافلات التي يُفترض أن تنقله إلى مدينة الدار الكبيرة المتمردة الواقعة على مسافة عشرين كيلومتراً شمال حمص. كان من المفترض أن يغادر المدينة في وقت متأخر بعد ثلاثة سنوات من ملاحقته من قبل القوات الحكومية.
     إذا كانت حمص "عاصمة الثورة" كما يقول المثل في أوساط المتمردين، فإن عبد الباسط ساروت كان أحد قادتها. انضم سريعاً إلى المظاهرات الأولى التي خرجت في ربيع عام 2011، كان عمره تسعة عشر عاماً آنذاك. إنه من حي البياضة أحد الأحياء السنية في حمص، وكان معروفاً منذ ذلك الوقت بصفته حارس مرمى نادي الكرامة بالإضافة إلى انجازاته مع المنتخب السوري للشباب وحصوله على لقب "ثاني أفضل حارس مرمى في آسيا".
     يمكن التعرف عليه بسهولة من خلال شعره الأسود الكث وابتسامته العريضة. وضع ساروت كاريزميته في خدمة التمرد، وهو الذي أطلق الشعارات والأغاني التي رددها المتظاهرون مثل: "اسمع يا قناص، هذه رقبتي ورأسي! لماذا نقتل بعضنا البعض، الجيش والشعب إخوة". كان يتشارك المنصة أحياناً مع الممثلة العلوية فدوى سليمان التي انضمت إلى التمرد. كانا يرغبان بمواجهة الدعاية الإعلامية للنظام الذي يقدم الاحتجاج كمؤامرة طائفية سنية، ودعا هذان المعارضان إلى حركة سلمية وشعبية.
     سرعان ما بدأ النظام بملاحقة ساروت، وطالب برأسه، وطرده الاتحاد الوطني الرياضي إلى الأبد. اتهمت وسائل الإعلام الرسمية هذا الشاب المثالي المتعطش "للحرية والكرامة" بأنه يريد إقامة "إمارة سلفية". قُتِل أخوه في هجوم على منزل عائلته في البياضة. نجا ساروت من عدة محاولات لاغتياله. انضم عبد الباسط ساروت إلى المقاومة المسلحة مثل آلاف الحماصنة دون أسف. نشر تلفزيون Arte (الفرنسي ـ الألماني) مؤخراً فيلماً وثائقياً جميلاً بعنوان: (حمص، يوميات تمرد)، وظهر فيه عبد الباسط ساروت كقائد حربي ينتقل من مخبأ لآخر ضمن أنقاض المدينة المدمرة. كان منهكاً ومتقززاً، ولكنه لم يكن مستعداً للاستسلام.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق