صحيفة الليبراسيون 20 تشرين الثاني 2013 بقلم
برنار غيتا Bernard
Guetta
الاتحاد الأوروبي هو أمة في طور التشكل، لأن
مصالحه المشتركة تتأكد أكثر فأكثر ويوماً بعد يوم. بدأت الولايات المتحدة بسحب
قواتها من أوروبا أولاً، وتبتعد اليوم عن الشرق الأوسط. لا يعني ذلك أن الولايات
المتحدة تنسحب من الشرق الأوسط، وستبقى موجودة فيه وفي بقية أنحاء العالم، ولكن
بدرجة أقل من الانخراط لأن غاز الأردواز (Gaz de Schistes) جعل الولايات المتحدة أقل اعتماداً على الواردات النفطية،
وبالتالي لم يعد لديها مصلحة إستراتيجية في الدفاع عن هذه المنطقة.
لم
يعد لدى أوروبا والشرق الأوسط شرطي يمكنهما الاعتماد عليه. إن غياب الولايات
المتحدة يطرح مشاكل أكثر من مشاكل وجودها،
وهذا يعني أنه يجب على الاتحاد الأوروبي تحديد مصالحه والاعتماد على نفسه. يجب على
الاتحاد الأوروبي أن يفرض نفسه بسرعة، ولاسيما على الضفة الأخرى للمتوسط قبل
انتشار الفوضى بشكل كامل، وقبل أن تؤدي الحروب والبؤس إلى زيادة تدفق اللاجئين،
وقبل فقدان الفرصة التاريخية بتنظيم منطقة للتعاون الاقتصادي بين أوروبا وأفريقيا
والشرق الأوسط.
إنه
رهان كبير بالنسبة لجميع دول الاتحاد الأوروبي، وبناء على هذا الأفق يجب قراءة
تطور الدبلوماسية الفرنسية منذ ليبيا وإسقاط القذافي والتدخل في مالي واختيار دعم
التمرد السوري والموقف المتشدد في المفاوضات مع إيران وتوثيق العلاقات مع إسرائيل
ودول الخليج. كان يبدو في الماضي أن هذه القرارات آنية وخالية من الانسجام وبدون
نظرة إستراتيجية. ولكن من الملاحظ اليوم أن الدبلوماسية الفرنسية منذ نيكولا
ساركوزي، واستمرت مع فرانسوا هولاند، تسعى إلى تحقيق هدف مزدوج: إنها تراهن على
انتصار الديموقراطية العربية خلال جيل من الزمن، كما تسعى إلى الحفاظ على توازن
إقليمي بين السنة والشيعة عبر التقارب مع إسرائيل والخليج اللتان تتقارب مصالحهما،
وهما القوتان القادرتان على مواجهة إيران. إن فرنسا تستبق ما يمكن أن تكون عليه
السياسة الأوروبية في الشرق الأوسط، كما تقوم بإدراج هذا المسعى ضمن الملاحظة التي
أشار إليها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس عندما تحدث عن الانسحاب الأمريكي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق