صحيفة اللوموند 28 تشرين الثاني 2013 بقلم
مراسلها الخاص في تركيا (استانبول) بنجامان بارت Benjamin Barthe
إنه الخبر الأكثر قسوة في سلسلة الأخبار السيئة
التي تنهال على المعارضة السورية منذ عدة أسابيع: لقد مات قائد لواء التوحيد عبد
القادر صالح في أحد المستشفيات التركية بتاريخ 16 تشرين الثاني، إنه إحدى الشخصيات
الأكثر كاريزماتية في التمرد، وهو الذي قام بتنفيذ عملية الاستيلاء على الأحياء
الشرقية والجنوبية في حلب في شهر تموز 2012. لقد وصل إلى المستشفى قبل يومين من
موته بعد إصابته بالقصف أثناء اجتماع سري مع معاونيه الرئيسيين. ربما كانت هناك
خيانة سهلت هذا الهجوم الذي أدى إلى مقتل رئيس استخبارات لواء التوحيد يوسف العباس
وجرح المسؤول السياسي فيه عبد العزيز سلامة الذي أعلن عن وفاة بطل الثوار في حلب،
وتم دفنه في مدينته المعرة بالقرب من الحدود التركية.
قال
سنان حتاحت، أحد الناشطين الثوريين المقيمين في استانبول: "كان قائداً
للرجال، ومحبوب جداً على الأرض. كان ديموقراطياً أيضاً، إنه إسلامي بالتأكيد،
ولكنه معتدل، وكان يتحدث غالباً عن ضرورة احترام حق الأقليات. أصبحت هذه الميزة
نادرة للأسف"، وذلك في إشارة إلى تصاعد قوة المجموعات الجهادية مثل الجيش
الإسلامي الذي كانت علاقاته متوترة مع عبد القادر صالح. إن إصراره على التواجد في
الجبهة، وهدوءه في المعارك، وابتسامته التي لا تفارقه أبداً، ساهم في شعبيته التي
تعززت أيضاً عبر سلسلة من التحقيقات المصورة لتلفزيون الجزيرة التابع لقطر، أحد
أكثر الممولين للتمرد السوري، وربما يكون ممول لواء التوحيد. أشاد رئيس الإئتلاف
الوطني السوري أحمد الجربا أثناء وجوده في الدوحة وبعد لقائه مع رئيس الوزراء
القطري بذكرى الشهيد الذي كانت مواقفه
بعيدة عن مواقف الإئتلاف.
كان
عبد القادر صالح معروفاً باسم الحجة ماريا، وهو اسم مؤنث اختاره منذ بداية الثورة
للاتصال عبر سكايب دون أن يكتشفه مخبرو النظام. في ذلك الوقت، لم يكن إلا تاجراً
للحبوب في ريف حلب، وممثلاً لهذه الطبقة المتوسطة السنية والمحافظة التي تواجه
احتقار ورقابة النظام. لم يعرف عبد القادر صالح سجون النظام بعكس بعض رفاقه في
السلاح مثل رئيس كتيبة أحرار الشام حسان عبود ورئيس جيش الإسلام زهران علوش. لقد
سافر إلى بنغلاديش التي تعلم فيها لدى التيار الإسلامي (التبليغ) بدلاً من الذهاب
إلى العراق للقتال ضد الاحتلال الأمريكي. ربما قام عبد القادر صالح ببيع جزء كبير
من أملاكه من أجل تمويل إنشاء "لوائه" في شهر تموز 2012. لم
تتشوه سمعته على الرغم من أن بعض المجموعات التابعة له نظرياً متهمة بنهب المعامل
في حلب وبيعها في تركيا. لقد تعززت سمعته في بداية الصيف عندما ذهب لنجدة
المدافعين عن القصير التي كانت على وشك السقوط بأيدي القوات النظامية.
لقد
كرّس جهوده في الأشهر الماضية من أجل احتواء طموحات الجيش الإسلامي الذي يسعى إلى
فرض نفسه باعتباره القوة المسلحة الأساسية في شمال سورية. إن اختفاءه بالنسبة
لمؤيدي الخط الإسلامي المعتدل يمثل خسارة كبيرة، وذلك بعد استقالة رئيس المجلس
العسكري في حلب الجنرال عبد الجبار العقيدي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق