صحيفة الفيغارو 20 تشرين الثاني 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbruont
تم الإعداد بعناية لعملية التفجير المزدوجة التي
استهدفت السفارة الإيرانية في بيروت يوم الثلاثاء 19 تشرين الثاني. تمثل هذه العملية
تصعيداً جديداً في الحرب السرية الدامية بين السعودية السنية وإيران الشيعية على
خلفية النزاع السوري. إن المساعدة اللوجستية
التي تقدمها طهران وحليفها حزب الله اللبناني إلى بشار الأسد لا تُحتمل في
الرياض، ولاسيما منذ شهر حزيران الماضي عندما استعاد نظام دمشق بدعم قوي من مقاتلي
حزب الله السيطرة على مدينة القصير الإستراتيجية من أيدي المتمردين. كانت مدينة
القصير نقطة لعبور الأسلحة والمقاتلين القادمين من لبنان. أقسمت السعودية على
العمل من أجل الانتقام لتجاوز هذا "الخط الأحمر".
قامت الحركة الجهادية بتوسيع النزاع نظراً لعدم
قدرتها على ضرب سورية بشكل مستمر، وردت ضد الحليف الشيعي اللبناني لدمشق، وأصبح
حزب الله العدو اللدود للحكم الملكي السعودي. وقعت عملية الانتقام الأولى بتاريخ
15 آب عندما انفجرت سيارة مفخخة ـ وفق أسلوب تنظيم القاعدة ـ في معقل حزب الله
بالضاحية الجنوبية لبيروت، وأدت إلى مقتل 27 شخصاً. تم تشديد الرقابة على مناطق
العبور إلى منطقة حزب الله منذ ذلك الوقت، ولكن السفارة الإيرانية تقع خارج هذه
المنطقة المؤمنة.
لم تكن عملية التفجير يوم الثلاثاء 19 تشرين
الثاني مفاجأة في سياق الحرب الإقليمية في سورية، وتفاقمت هذه الحرب بسبب التوترات
بين الشيعة والسنة. كانت هناك معلومات متداولة منذ عدة أسابيع عن وجود سيارات
مفخخة في لبنان. ربما تم تجهيز هذه السيارات، التي تنشر الموت، في مدينة عرسال
اللبنانية معقل الجهاديين ونقطة عبورهم إلى سورية وعودتهم إليها حين يتعرضون
للنيران. هذا هو الوضع حالياً.
شن الجيش السوري بدعم من حزب الله مرة أخرى
هجوماً واسعاً في منطقة القلمون القريبة من عرسال. استعادت القوات النظامية
السيطرة على مدينة قارة يوم الثلاثاء 19 تشرين الثاني، وربما أصبحت على وشك قطع
طريق عرسال بشكل نهائي باعتباره الطريق الأخير لتزويد المقاتلين بالسلاح انطلاقاً
من لبنان. إذاً، كان لا بد من الإسراع بالرد بالنسبة للحركة الجهادية. بالإضافة
إلى ذلك، قام عدوها اللدود رئيس حزب الله الشيخ حسن نصر الله بتحدي الحركة
الجهادية مرتين: أولاً، عندما ظهر علناً مرتين في بيروت، وهي بادرة استثنائية لم
ينجم عنها أي رد من قبل إسرائيل التي تلاحقه منذ حرب عام 2006. ثانياً، عندما أكد
بقوة أن حزبه سيستمر في الكفاح إلى جانب الأسد في سورية.
يقول الجهاديون بوضوح أن عمليات التفجير ستستمر
في لبنان ما دامت الميليشيا المقربة من إيران تقاتل في سورية. باختصار، إن
الموزاييك اللبناني الهش الذي تأثر كثيراً بتدفق اللاجئين السوريين، أصبح أكثر من
أي وقت مضى رهينة الحرب التي تمزق جاره. ماذا تستطيع أن تفعل السلطات اللبنانية؟
إرسال الجيش للرد في عرسال؟ سيهدد ذلك بمفاقمة التوترات الطائفية بشكل أكبر. هناك
إمكانية للتهدئة تكمن في التوصل إلى اتفاق بين الإيرانيين والأمريكيين حول الملف
النووي بشكل يسمح على المدى الطويل بترجمته عبر تقاسم النفوذ على الشرق الأوسط بين
الإيرانيين والسعوديين. ولكننا ما زلنا بعيدين جداً عن هذا الاتفاق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق