الصفحات

الجمعة، ٢٢ تشرين الثاني ٢٠١٣

(احتمال تدمير الترسانة السورية في البحر)

صحيفة الفيغارو 22 تشرين الثاني 2013 بقلم مراسلها في بروكسل جان جاك ميفيل Jean-Jacques Mével

     كان الكثيرون يخشون من تباطؤ بشار الأسد، ولكن الدول الغربية هي التي ربما ستتحايل في النهاية على الجدول الزمني بسبب عدم وجود دولة مرشحة في أوروبا لتدمير الترسانة الكيميائية السورية. تنوي الولايات المتحدة القيام بهذا العمل بنفسها في البحر في حال الحاجة، وربما تقوم به على قاعدة بحرية مؤمنة في عرض البحر المتوسط.
     من الناحية الرسمية، تم احترام الجدول الزمني الذي اتفق عليه الأمريكيون والروس والأمم المتحدة. إلتزمت سورية بالمهلة المحددة على الرغم من الشكوك، وأنجزت القضاء على منشآتها  في الأول من تشرين الثاني حسب الاتفاق. الخطوة التالية هي إنهاء خطة تدمير الغازات القاتلة والمواد الأولية المخزنة في بعض الحاويات المحمية بتاريخ 17 كانون الأول. ثم يجب "تصديرها" خارج سورية بحلول نهاية العام، ثم تدميرها بشكل نهائي بتاريخ أقصاه 30 حزيران 2014. وهنا تكمن المشكلة. إن حرق أو إزالة ألف طن من العناصر الكيميائية، ثم المعالجة السليمة للنفايات، تُشكل مخاطرة بحد ذاتها. إن القيام بذلك في بلد دمرته الحرب الأهلية يمثل مهمة شبه مستحيلة.
     اعتبرت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية منذ البداية أنه يجب إخراج هذه المواد من سورية بشكل جزئي على الأقل، وتكليف دول أخرى قريبة وآمنة بتدميرها. استكشفت الدبلوماسية الأمريكية آراء حلفاء الحلف الأطلسي، ورفضوا جميعهم. اعتذرت النرويج في البداية معتبرة أن المهلة قصيرة جداً وأن قدراتها التكنولوجية غير كافية، ثم اعتذرت بلجيكا التي تبقى أرضاً للخبراء بعد مرور قرن على تعرضها لأول هجوم كيميائي في التاريخ. وأخيراً ألبانيا التي وافقت في البداية ثم تراجعت في النهاية بعد المظاهرات المعارضة في العاصمة تيرانا. أشارت بعض المصادر الأمريكية إلى أنه تم الاتصال بفرنسا أيضاً، ولكنها لم تؤكد ولم تعلق على ذلك.
     يفكر الخبراء الأمريكيون بالاتجاه نحو مكان بدون قيود وفي حالة سلام: أي في عرض البحر بسبب عدم وجود حل بديل. تحدثت النيويورك تايمز بالتفصيل عن هذه الفكرة، وتتضمن تحميل خمس محارق تقليدية عالية الحرارة على منصة كبيرة. سيسمح ذلك بتحويل المواد الكيميائية الأولية الأكثر خطورة إلى مخزون جاف غير ضار خلال فترة قدرها ستين يوماً. يتضمن السيناريو البديل استخدام تكنولوجيات خاصة بالبنتاغون ومعدات متحركة للتحليل بالماء.
     أشارت عدة دول أوروبية مثل فرنسا إلى أنها مستعدة لتقديم خبراتها ووسائلها لإزالة الترسانة السورية بشكل نهائي، ولكن خارج أراضيها. وعدت النرويج والدانمراك وإيطاليا بتقديم سفن لنقل الترسانة السورية قبل أن ترتسم ملامح سيناريو التدمير "خارج الأراضي". أكدت منظمة حظر الأسلحة الكيميائية أن المشروع يناقش من قبل مجموعة من الدول بقيادة الولايات المتحدة "حتى ولو لم يكن المشروع الوحيد على الطاولة". في جميع الأحوال، يجب على المنظمة القيام بمهمتها على الأرض والتأكد من عملية التدمير. ما زال هناك مجهولان يجب إيضاحهما: الأمن العسكري لعملية في عرض البحر ومصير البقايا الكيميائية التي يمكن تسليمها إلى بعض الشركات التجارية المتخصصة لمعالجتها.

     يجب أيضاً الاستعداد لتمويل ذلك بحلول تاريخ 17 كانون الأول. إن "التأكد" من الترسانة السورية ـ أي جردها ووضعها تحت المراقبة ـ  هو الجزء الأقل كلفة، وتمت تغطية نفقات منظمة حظر الأسلحة الكيميائية حتى 15 مليون يورو تقريباً. إن تدمير الأسلحة بحد ذاتها بحاجة إلى كلفة عالية جداً، ويعتبر الخبراء أن تدمير كل طن من العناصر الكيميائية يُكلف مليون دولار على الأقل. أي أن الفاتورة السورية ستبلغ حوالي مليار دولار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق