صحيفة الفيغارو 23 تشرين الأول 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbruont
إنها
نوبة غضب سعودية جديدة ضد الحامي الأمريكي. أعلن الرجل القوي رئيس الاستخبارات
السعودية الأمير بندر بن سلطان يوم الثلاثاء 22 تشرين الأول أن الرياض "ستبتعد"
عن الولايات المتحدة بسبب سلبيتها في الأزمة السورية والإشارات التي ترسلها إلى
إيران. أشار مصدر سعودي مقرب من السلطة في الرياض أن الأمير بندر الذي كان سفيراً
في واشنطن خلال 22 عاماً أدلى بهذه التصريحات أمام بعض الدبلوماسيين الأوروبيين.
يربط
السعودية بالولايات المتحدة ميثاق قائم من نصف قرن، تضمن الولايات المتحدة بموجبه
أمن الرياض مقابل التزود المنتظم بالنفط. ولكن هذا التحالف الإستراتيجي تعرض في
الفترة الأخيرة إلى عدة ضربات. ما زالت الرياض غاضبة من تراجع باراك أوباما عن قصف
نظام بشار الأسد في نهاية شهر آب بعد الهجوم الكيميائي المنسوب إلى دمشق. أصبح
الأمير بندر مهندس الانخراط السعودي في النزاع السوري بعد انسحاب قطر من واجهة
الأحداث، ويقوم بتمويل مشتريات الأسلحة إلى المتمردين الذي يقاتلون ضد الجيش
النظامي وحزب الله، العدو اللدود الآخر للسعوديين.
لكي
تحتج السعودية على الجمود الأمريكي في سورية، رفضت الأسبوع الماضي أن تشغل مقعد
عضو في مجلس الأمن، وذلك في إشارة إلى غضب بالغ يندر حدوثه في تاريخ الأمم
المتحدة. لا شيء يشير في الوقت الحالي إلى أن السعودية ستعود عن قرارها. كما أن
الرياض غاضبة أيضاً من رؤية الأمريكيين والإيرانيين يبدؤون تقارباً حول الملف
النووي، وستكون السعودية ضحية هذا التقارب. تدعم المملكة الوهابية فكرة قصف جارها
الإيراني، ولكن دون أن تقول ذلك علناً. تخشى السعودية من امتلاك طهران للقنبلة النووية،
الأمر الذي يعزز سيطرة إيران على مضيق هرمز الذي يمر النفط الخليجي عبره. بالإضافة
إلى ذلك، يُدين السعوديون المطامع الإيرانية المتعلقة بالطوائف الشيعية التي تعيش
في المحافظات الشيعية في المملكة ولدى جيرانها في البحرين واليمن، دون أن ننسى دعم
طهران إلى دمشق بالتأكيد.
إن
إيران والسعودية يمثلان قطبي النفوذ داخل الإسلام: تدافع طهران عن الشيعة، وتدافع
السعودية عن السنة. قال المصدر السعودي الذي قام بتسريب تصريحات الأمير بندر: "لا
تريد السعودية بعد اليوم أن تجد نفسها في موقف التبعية" تجاه واشنطن. من
المعروف أن الأمير بندر هو صديق لعائلة بوش وللجمهوريين، وبأنه لا يتردد أبداً.
لقد تدهورت علاقاته مع واشنطن مؤخراً، وانتقده الأمريكيون لأنه يقدم المساعدة إلى
الراديكاليين الإسلاميين في سورية. يبقى تأكيد هذا التصريح الذي يحقق مصالح فرنسا
التي تشارك السعودية بمخاوفها حول الملفين السوري والإيراني. إن المؤشر على
العلاقات الجيدة بين البلدين هو قيام الملك عبد الله باستقبال وزير الدفاع الفرنسي
جان إيف لودريان بشكل استثنائي خلال
زيارته الأخيرة إلى جدة. قال أحد المسؤولين السعوديين: "كان الملك قد رفض
سابقاً رؤية ثلاثة وزراء للدفاع منهم وزير الدفاع الأمريكي تشاك هاغل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق