الصفحات

الاثنين، ٧ تشرين الأول ٢٠١٣

(المجاعة تقتل سكان معضمية الشام)

صحيفة اللوموند 6 ـ 7 تشرين الأول 2013 بقلم بنجامات بارت Benjamin Barthe

     لم ينته عذاب معضمية الشام معقل التمرد السوري في جنوب ـ غرب دمشق. تعرضت هذه المدينة للقصف الكيميائي بتاريخ 21 آب، وتخضع لحصار قاسي لدرجة أن سكانها بدؤوا يموتون من الجوع. أشارت بعض المصادر المحلية مؤخراً إلى مقتل سبعة أطفال وإمرأتين بسبب نقص الطعام، بالإضافة إلى تسعين طفلاً آخراً في حالة فقدان للوعي تحت المراقبة في أحد المستشفيات الميدانية بقبو أحد الأبنية.
     اتهم الإئتلاف الوطني السوري نظام بشار الأسد بـ "تجويع" 12000 شخصاً بشكل متعمد ما زالوا مختبئين في المدينة، كما دعا المجتمع الدولي إلى منع "كارثة إنسانية". قال الناطق الرسمي باسم المجلس الثوري المحلي قصي زكريا (اسم مستعار) الذي تم الاتصال به عبر السكايب: "لم يعد لدينا أي شيء تقريباً للأكل. نفذت مؤننا منذ حوالي الشهرين. نحن نعيش على الزيتون وبعض الخضار التي نتمكن من زرعها. إن الأطفال على وشك الموت جوعاً أمام أبائهم". قال أحد قادة الإئتلاف الوطني السوري في تركيا عماد الدين رشيد، وهو من معضمية الشام: "لم يحصل الناس على الخبز منذ خمسة أشهر. يضطر بعض السكان الذين يعيشون في الأحياء الواقعة تحت سيطرة الجيش إلى أكل الأعشاب وأغصان الأشجار. قتل القناصون أغلب الذين حاولوا الهرب".
     بدأت قوات النظام بمحاصرة هذه المدينة في شهر كانون الأول 2012، لأنها من المناطق الهامة مع داريا في إستراتيجية المتمردين الهادفة إلى استنزاف العاصمة. تعلمت السلطات السورية من دروس عدم قدرتها على طرد المتمردين عبر الغارات وعمليات التمشيط، واختارت أسلوب المحاصرة والإنهاك بهدف منع المجموعات المسلحة المتمردة من الإقتراب من دمشق ولاسيما من مطار المزة العسكري الذي يمثل الحلقة الرئيسية في الدفاع عن العاصمة.
     إن النظام غير مستعد لتخفيف ضغطه عن هذه المدينة لأنه يعرف بأن المقاتلين المحليين يملكون ترسانة متطورة جداً استطاعوا الإستيلاء عليها خلال صيف عام 2012 من إحدى القواعد العسكرية المحيطة. أكد عماد الدين رشيد قائلاً: "إن المدافعين عن المدينة مسلحون بشكل جيد جداً. يبلغ عددهم بالمئات، ويملكون بعض الراجمات. إن الكتيبتين الرئيسيتين في المدينة هما: كتيبة الفجر بقيادة طبيب أسنان من التوجه الناصري عمره 55 عاماً، وكتيبة الفتح التي يقودها أحد المهندسين"، واعتبر أن المقاومة أعلنت انتماءها إلى الجيش السوري الحر، الجناح العسكري للإئتلاف الوطني السوري، الذي يتبنى توجهاً قومياً وإسلامياً معتدلاً.
     شدد الجيش السوري حصاره شيئاً فشيئاً، وقصف أولاً مستشفيات المدينة التي كان يبلغ عدد سكانها ستين ألف نسمة قبل الثورة، ثم قصف الأفران والبقاليات والجوامع. كما قطع التيار الكهربائي والهاتف والمياه. أصبح وصول المؤن أكثر فأكثر صعوبة حتى أصبح مستحيلاً. قال قصي زكريا الذي لم يخرج من المدينة منذ سنتين: "نستخدم الأغطية في المستشفى كضمادات. نجحنا في شحن حواسيبنا وهواتفنا الجوالة بفضل مولدات بدائية تعمل على الزيت. إنها وسائلنا الأخيرة للاتصال بالعالم الخارجي".

     حاول الجيش التوغل في المدينة بعد الهجوم الكيميائي في شهر آب فوراً، ولكن مقاتلي الجيش السوي الحر منعوه من الدخول. لا يعرف سكان المدينة كيف يمكن أن تقبل السلطة السورية برفع حصارها في ظل عدم وجود ضغوط دولية حقيقية، قال عماد الدين رشيد: "كما حصل في حمص في شتاء 2012، يريد النظام الضغط على السكان حتى الوصول إلى درجة القطيعة. ولكن الاختلاف هو أن حمص مدينة كبيرة، واستطاع المتمردون فيها الهروب عبر الأنفاق. أما المعضمية فهي صغيرة جداً بالمقارنة مع حمص، ولا أحد يستطيع الهرب. إنه إعداد للمجزرة"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق