صحيفة الليبراسيون 7 تشرين الأول 2013 بقلم
لوك ماتيو Luc
Mathieu
كيف
يمكن عدم إثارة غضب السكان؟ ما هي العلاقة التي يجب إقامتها مع بقية المجموعات
المسلحة؟ يجب على مختلف المجموعات الجهادية المتواجدة في سورية أن تجد جواباً على
هذه الأسئلة كما فعل تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي (AQMI) في الساحل (الصحراء الإفريقية).
تأسست جبهة النصرة المرتبطة بتنظيم القاعدة في شهر كانون الثاني 2012، واشتهرت
بارتكاب أولى عمليات التفجير بالسيارات المفخخة. تتألف جبهة النصرة بشكل أساسي من
السوريين وبعض الأجانب الذين قاتلوا مع تنظيم القاعدة في العراق، ونجحت بفرض نفسها
بسرعة كأحدى المجموعات الأكثر فعالية في شمال سورية. استطاعت أن تجذب شيئاً فشيئاً
مقاتلي الجيش السوري الحر بفضل نجاحاتها العسكرية والأموال القادمة من الخليج.
بدأت
جبهة النصرة بالتفتت اعتباراً من شهر نيسان 2012، عندما أعلن زعيم الدولة
الإسلامية في العراق ـ الجناح العراقي لتنظيم القاعدة ـ أبو بكر البغدادي عن دمج
جبهة النصرة في تنظيمه، وأطلق عليها اسم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام.
ولكن زعيم جبهة النصرة أبو محمد الجولاني رفض هذا الاندماج، وأعلن ولاءه إلى الرجل
الأول في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري الذي ربما يختبىء في الباكستان. ظهر القلق
داخل التمرد السوري الممزق أصلاً بسبب ظاهرة الانتماء إلى تنظيم القاعدة. فيما
يتعلق بالسلفيين في أحرار الشام، من الصعب اعتبارهم من ضمن المعتدلين، ولكنهم
انتقدوا هذه الظاهرة، واعتبروها خطراً يهدد في إضفاء طابع إقليمي على النزاع.
اختار المقاتلون على الأرض معسكرهم: انضم
الأجانب والأكثر راديكالية إلى الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، وبقي الآخرون
في جبهة النصرة. إن العلاقة بين المجموعتين معقدة: إذا كان بإمكانهما التعاون،
فإنهما يتجنبان التواجد على خطوط الجبهة نفسها.
تتصف
أساليب الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بأنها أكثر تطرفاً ودموية، ولا
تتردد في قطع رؤوس الشبيحة علناً، أو بحرق
الكنائس كما حصل بتاريخ 26 أيلول في الرقة. إنها تحاول فرض إجراءاتها على المدن
والقرى التي تسيطر عليها. قال قائد كتيبة شهداء أرفاد ( أبو حمدان) في شمال سورية
إلى صحيفة الليبراسيون: "المشكلة الأساسية في الدول الإسلامية في العراق
وبلاد الشام هي أنها تعتبر نفسها تجسيداً لدولة جديدة، ولكن دولة بشار الأسد لم
تسقط حتى الآن! عندما يدخلون إلى منطقة ما، يستولون على كل شيء موجود كالمصانع
والأفران، ويُعينون الأجانب في المناصب الأكثر أهمية بدون التنسيق مع أحد. إنه
خطأ، لأن السوريين لن يقبلوا أبداً حاكماً شيشانياً أو عراقياً في مدينتهم أو
منطقتهم".
خرجت
مؤخراً بعض المظاهرات ضد سيطرة الدولة
الإسلامية في العراق وبلاد الشام داخل العديد من المدن مثل إعزاز على الحدود
التركية وفي الرقة. قال أحمد الخاطري الذي يترأس كتيبة تضم 700 رجل في منطقة إدلب:
"إن الخوف الأكبر للدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام هي تشكيل
مجموعات مسلحة لطردها، كما حصل سابقاً في العراق". يبدو أن إدارة الدولة
الإسلامية في العراق وبلاد الشام تخشى فعلاً من تكرار التجربة العراقية عندما قامت
كتائب الصحوة اعتباراً من عام 2006
بالقتال ضد تنظيم القاعدة، وقد نشرت بياناً تتهم فيه وسائل الإعلام بالكذب
والتقليل من نجاحاتها والمبالغة بالمواجهات مع بقية المجموعات المسلحة.
تزايدت المواجهات في الرقة ودير الزور ومنطقة
إدلب بين المجموعات الجهادية والكتائب التابعة للجيش السوري الحر خلال الأسابيع
الأخيرة، وأدت إلى مقتل خمسة عشر شخصاً منهم "أمير" في الدولة
الإسلامية في العراق وبلاد الشام. بدأت المواجهات في إعزاز بتاريخ 18 أيلول عندما
حاول الجهاديون اختطاف طبيب أجنبي يعمل في أحد المستشفيات الميدانية. تم الإعلان
عن هدنة بعد عدة أيام، ولكن لم يتم احترامها بشكل فعلي. أعربت ستة من أقوى
المجموعات المتمردة، ومنها السلفيون في أحرار الشام، عن قلقها من هذه المواجهات
داخل المعارضة التي يُفترض بها مقاتلة العدو نفسه ـ أي قوات بشار الأسد ـ ، وطلبت
يوم الخميس 3 تشرين الأول من الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام مغادرة
المدينة و"العودة إلى قواعدها الأساسية".
وفي
اليوم نفسه، أعطى المتمردون في وسط سورية الجهاديين مهلة 24 ساعة للانسحاب من
منطقة حمص. إن المؤشر الأخير الذي يدل على مخاوف الدولة الإسلامية في العراق وبلاد
الشام هو أنها لم تكن جزءاً من تحالف المعارضة الجديد التي تم تشكيله في حلب
بنهاية شهر أيلول، ويضم أهم الكتائب في المنطقة ومن بينها جبهة النصرة.
هل
يجب انتظار اتساع الاحتجاجات والمعارك بين الجهاديين وبقية المجموعات المسلحة
الإسلامية أو غير الإسلامية؟ لا يمكن ضمان أي شيء في الفوضى السورية، أكد (أبو
حمدان) قائلاً: "أنا أرفض بشكل قاطع القتال ضد الدولة الإسلامية في العراق
وبلاد الشام. سواء كانوا جهاديين أم لا، إنهم الوحيدون الذين جاؤوا لمساعدتنا. إن
هدفنا الأول والوحيد يجب أن يبقى إسقاط بشار الأسد. سنعالج وضعهم لاحقاً".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق