صحيفة اللوموند 17 تشرين الأول 2013 بقلم
كريستوف عياد Christohpe
Ayad
لم
تتسرب إلا معلومات قليلة جداً حول مصير الصحفيين الفرنسيين الأربعة المخطوفين في
الرقة. من المعروف فقط أن المجموعات المتمردة هي التي اختطفتهم، ويبدو أن الدولة
الإسلامية في العراق وبلاد الشام أو جبهة النصرة هما اللتان خطفتا نيكولا هينان
وبيير توريز. ولكن الخاطفين لم يتبنوا مسؤولية الخطف ولم يطالبوا بمطالب سياسية أو
مالية بشكل علني على الأقل. تظهر بين فترة وأخرى بعض البراهين حول وجودهم على قيد
الحياة، الأمر الذي يدل على وجود بعض الاتصالات.
لم
يشهد أي نزاع في الماضي مثل هذه "الصناعة" للخطف، ربما باستثناء
الحرب الأهلية اللبنانية بين عامي 1975 و1990. يتميز النزاع في سورية أيضاً بالصمت
المحيط بجميع عمليات اختفاء الصحفيين، وتعزز هذا الصمت بصمت العائلات ووسائل
الإعلام والحكومات. يبدو أن الخاطفين لا يريدوا ولا يطلبوا شيئاً، كما لو أنهم
يقومون بـ "تخزين" الرهائن بانتظار الاستفادة منهم يوماً ما.
تعاني
العائلات والحكومات المعنية من صعوبات كبيرة للوصول إلى الخاطفين بسبب الشائعات
الكثيرة المحيطة بعمليات خطف الرهائن، ولا يبذل الخاطفون جهدهم للتعريف بأنفسهم.
هذا ما أظهرته الوساطة الشاقة لأجهزة الاستخبارات الإيطالية لمعرفة المكان والجهة
التي كانت تعتقل الصحفي الإيطالي دومينكو كويريكو Domenico
Quirico ورفيقه البلجيكي
بيير بيشنان Pierre Piccinini. يبدو أنه تم الإفراج عنهما مقابل فدية، وذلك بعد أن عبرا نصف
سورية، وتغيرت الجهة الخاطفة عدة مرات أثناء اعتقالهما الذي بدأ في شهر نيسان.
بدأت هذه الظاهرة صيف عام 2012 مع الصحفي
الأمريكي المستقل أوستن تايس Austin Tice، ولا أحد يعرف الجهة التي اختطفته. ظهر فيديو غريب على الأنترنت،
وشوهد فيه محاطاً بجهاديين يلبسون ألبسة جديدة جداً لدرجة دفعت ببعض المراقبين إلى
القول بأنها تمثيلية يقف وراءها النظام السوري بهدف إثارة الصدمة داخل الرأي العام
الغربي. في الفترة نفسها تقريباً، قام أحد الوسطاء المحليين بـ "بيع"
الصحفي البريطاني وزميله الهولندي إلى مجموعة جهادية دولية صغيرة تتواجد في أحد
المخيمات بالقرب من الحدود التركية. تم الإفراج عنهما بعد محاولة هرب فاشلة وعدة
عمليات إعدام وهمية بواسطة تدخل مفاجىء لبعض المتمردين "النظاميين"
التابعين للجيش السوري الحر.
تسارعت وتيرة عمليات الاختطاف والاختفاء في خريف
عام 2012. تعرض الأمريكي جيمس فولي James Foley، الذي أمضى ستة أسابيع في سجون
القذافي أثناء الثورة الليبية، وزميله البريطاني إلى الخطف بين إدلب وتفتناز، هذه
المنطقة التي تحولت إلى المكان المفضل للجهاديين والعصابات في شمال سورية. تزايدت
الحوادث في حلب، وليس بالضرورة أن تكون المجموعات الأكثر خطورة هي المجموعات
الدينية (باستثناء المجموعات التي تغلب
عليها العناصر الأجنبية على ما يبدو). إن التهديد بالخطف أجبر الصحفيين على العمل
مع بعض الوسطاء أو الصحفيين المحليين أو بعض الأشخاص المجهولين الذين يتدبرون
أمورهم بالعمل كمرشدين أو مترجمين مقابل مبلغ مالي يتغير حسب العرض والطلب وحسب
الخطر وغلاء البنزين.
بدأت
المرافقة المسلحة التي تقدمها المجموعات المتمردة مقابل المال بالظهور مع تزايد
عمليات الخطف. ولكن الحماية التي يقدمها شيخ قبيلة يحظى بالاحترام أو زعيم حرب
يخشاه الآخرون في منطقته، لم تعد كافية. أصبح الوجهاء السوريون وزعماء المتمردين
هدفاً للخطف. لم يعد أحد يعرف من يقوم بالخطف، وعلى ماذا يسيطر، وانتشرت الشكوك
بتسلل النظام. إنه هوس ليس غريباً بعد أربعة عقود من الدكتاتورية البعثية.
كما
هو الحال في العصور الوسطى في شمال سورية، كان المرتزقة المحليون يقومون بعمليات
الخطف في الأمارات المجاورة عندما كانت بلاد الشام تشبه مجموعة من الأراضي
المتلاصقة ببعضها البعض. أدت عمليات الخطف الأخيرة التي استهدفت ثلاثة صحفيين
إسبان في شهر أيلول إلى إقناع وسائل الإعلام الغربية بعدم الذهاب إلى شمال سورية.
تم تجاوز مرحلة أخرى هذا الأسبوع مع اختطاف ستة موظفين لدى اللجنة الدولية للصليب
الأحمر وموظف لدى الهلال الأحمر يوم الاثنين 14 تشرين الأول، تم الإفراج عن هذا
الأخير بالإضافة إلى ثلاثة عناصر من اللجنة الدولية للصليب الأحمر في اليوم نفسه.
لم تُعرف جنسية الأشخاص الثلاثة الذين بقوا بأيدي الدولة الإسلامية في العراق
وبلاد الشام التي يبدو أنها تقف وراء معظم عمليات الخطف. إنهم ليسوا أول الرهائن
العاملين في المجال الإنساني. هنا أيضاً، ساهم الصمت الذي إلتزمت به المنظمات غير
الحكومية الحريصة على التفاوض بسرية في تقليل الخطر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق