صحيفة اللوموند 25 كانون الأول 2013 بقلم
هيلين سالون Hélène Sallon
تقوم
الطائرات المقاتلة والمروحية للجيش السوري برقصة دامية في سماء حلب منذ 15 كانون
الأول، وتقصف دون توقف الأحياء والقرى التي وقعت تحت سيطرة المتمردين. تُظهر الصور
المنشورة على الأنترنت مدى اتساع الدمار في العاصمة الاقتصادية القديمة لسورية.
تحولت شوارع بأكملها إلى أنقاض، وانهارت الأبنية ليحل مكانها حفر هائلة مليئة
بالأنقاض التي يتم إخراج جثث الضحايا منها واحدة بعد الأخرى. أشارت الحصيلة
المؤقتة للمرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الاثنين 23 كانون الأول إلى مقتل أكثر من
330 شخصاً منهم حوالي مئة طفل في هذه الغارات. في يوم الاثنين وحده، أدى إلقاء
براميل المتفجرات إلى مقتل ثلاثين شخصاً
منهم 12 طفلاً وإمرأتين في الأحياء المتمردة بالمرجة والسكري جنوب ـ شرق المدينة.
أدى
اللجوء المنهجي إلى البراميل المليئة بالمتفجرات والمسامير وشظايا أخرى إلى وقوع
خسائر بشرية وأضرار مادية كبيرة. أدانت منظمة هيومان رايتس ووتش "الأساليب
الحربية التي لا تُميز بين المدنيين والمقاتلين". ولكن نظام دمشق يواصل
تحميل مسؤولية الحصيلة البشرية الكبيرة إلى اختباء "الإرهابيين"
بين السكان المدنيين.
يضاعف بشار الأسد هجماته من أجل الظهور بمظهر
القوي على طاولة المفاوضات قبل أقل من شهر على مؤتمر السلام الدولي جنيف 2 الذي
يفترض افتتاحه في مدينة مونترو السويسرية بتاريخ 22 كانون الثاني 2014. إنه يأمل
بتوجيه ضربة حاسمة إلى المتمردين الذين يسيطرون على المناطق الشرقية في مدينة حلب
وجزء كبير من المناطق الريفية المحيطة منذ صيف 2012، وذلك بعد النجاحات المتتالية
في منطقة دمشق.
ضيق
النظام حصاره تدريجياً حول المدينة، واستعاد بعض القرى والقواعد المحيطة. لقد عرف
كيف يستفيد من الصراعات الداخلية داخل المجموعات المتمردة، ولاسيما بين جهاديي
جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام الذي يشن حرب خفية ضد الجيش
السوري الحر. ولكن مصدراً أمنياً اعترف أنه يبدو أن الجيش السوري لا يملك الوسائل
الكافية للقيام بهجوم أرضي واسع ضد هذه المجموعات، وذلك كما فعل في دمشق بدعم من
حزب الله الشيعي اللبناني. يبدو أن حرب الاستنزاف الحالية ستكون طويلة، ويتم استخدام
براميل المتفجرات لأنها أقل كلفة من الصواريخ التي يحصل عليها من حليفه الروسي.
إن
هذا التصعيد الجديد في العنف ربما يجعل الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الدول
الغربية منذ عدة أشهر للتوصل إلى مخرج سياسي للنزاع دون جدوى. لم يعد الأمين العام
للأمم المتحدة بان كي مون يسعى إلى إقناع الولايات المتحدة بتوجيه الدعوة إلى
إيران للمشاركة في المؤتمر الدولي من أجل إنهاء قائمة المشاركين، وهددت المعارضة
السورية يوم الاثنين 23 كانون الأول بإلغاء مشاركتها إذا "استمرت محاولات
إبادة الشعب السوري". وكان الائتلاف الوطني السوري قد طالب دون جدوى يوم
الأحد 22 كانون الأول فرض منطقة حظر جوي، وحض القوى الغربية على عدم منح الأسد "رخصة
بالقتل" مقابل تفكيك ترسانته الكيميائية.
إن
عجز الدول الغربية عن إيقاف القمع الذي أدى إلى مقتل أكثر من 126.000 شخص خلال 33
شهراً، أدى إلى زيادة إضعاف موقف الائتلاف الذي تواجه مصداقيته الاحتجاج على
الأرض. أعلن حسن عبود الذي يتزعم عشرين
ألف مقاتل إسلامي في أحرار الشام أنه لن يعترف بأي اتفاق يتم التوصل إليه في
مونترو.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق