صحيفة اللوموند 28 أيلول 2013 بقلم
مراسلتها في لبنان لور ستيفان Laure Stephan
إذا
كانت هناك ميزة لا يمكن إنكارها لرئيس حزب الله حسن نصر الله، فإنها التمسك بالهدف
في المحنة والغموض الذي يرافق معركة حزبه إلى جانب بشار الأسد في سورية، فقد قال
مؤخراً: "نحن نقاتل في سورية من أجل الدفاع عن لبنان. سيأتي اليوم الذي
سيشكرنا فيه الجميع لتدخلنا، وسنشكر الشباب المقاتلين الذين سقطوا شهداء".
ولكن حزب الله والمناطق الشيعية يواجهون هجمات متزايدة (قذائف صاروخية وسيارات
مفخخة)، الأمر الذي يجر لبنان إلى عدم استقرار جديد. لأن هذه الهجمات تبدو شكلاً
من أشكال اتساع النزاع السوري أكثر منها انعكاساً لهذا النزاع وبقية الحوادث منذ
عام 2011. لقد أنهى حزب الله أي نقاش حول الثمن المدفوع لانخراطه في سورية ـ
رسمياً منذ شهر نيسان 2013 ـ ،ويعزو الهجمات والتفجيرات إلى "التكفيريين"
الذي ينفذون رهان إسرائيل.
ولكن
ذلك لا يخدع أحد. تخشى الأجهزة الأمنية اللبنانية أن يستوطن الجهاديون الناشطون في
سورية داخل المناطق الحدودية مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق وبلاد
الشام اللتان يحاربهما حزب الله في معركة القلمون التي تقع بين دمشق ولبنان. تخشى
هذه الأجهزة أيضاً من بعض الأعمال التي يقوم بها الراديكاليون اللبنانيون السنة،
هذه الأعمال التي يُغذيها غضب قديم ضد حزب الله: هناك على الأقل العشرات الذين
ذهبوا إلى سورية للانضمام إلى بعض المقاتلين التابعين لتنظيم القاعدة الذي تزداد
قوته أكثر فأكثر. لقد ارتكب انتحاريان من جنوب لبنان عملية التفجير الانتحارية ضد
السفارة الإيرانية في بيروت في شهر تشرين الثاني بعد مرورهما بالمستنقع السوري
المتفجر.
في كلمة
حسن نصر الله حول النزاع السوري، لم يعد السؤال متعلقاً بالتحالف مع دمشق، "دعم
المقاومة"، أو مع النظام "الشريك
العسكري الحقيقي". بالنسبة لرئيس حزب الله، إن الأمر يعني من الآن
فصاعداً "حرباً وجودية" ضد التكفيريين. أثار هذا الكلام غضب
خصومه ابتداءاً من تحالف رئيس الحكومة السابق سعد الحريري. إن هؤلاء الخصوم الذين
يدعمون المعارضة السورية ينتقدون حزب الله لأنه استورد النزاع المجاور إلى لبنان،
ومارس التطرف الذي يدعي محاربته.
اتهم
حسن نصر الله خصومه مراراً بأنهم انخرطوا أيضاً في سورية. ولكن على الرغم من
التهديدات الأخيرة، يبدو أنه لا يأخذ بعين الاعتبار المجادلات الداخلية. لأن حزبه
المسلح ما زال الأكثر قوة، ويعتبر أن لديه أولويات أخرى، ابتداءاً من الصراع في
سورية: قال الباحث في علم الاجتماع وضاح شرارة المتخصص بشؤون حزب الله: "ما
زال الرهان مفتوحاً جداً. إن استيلاء الجيش السوري وحزب الله على القصير هو نصف
انتصار، وتم الاحتفال به كمنعطف هام. ولكن معركة القلمون تتصف بأنها إستراتيجية
أيضاً، ويُنظر إليها باعتبارها حدثاً غامضاً. كما أن الوضع في بقية أنحاء سورية
غير ثابت إطلاقاً". خسر الحزب عدة مئات من رجاله على الأرض، إنها خسارة
معتدلة بالنظر إلى إجمالي عدد مقاتليه البالغ 27.000 مقاتل، حسب التقديرات التي
يعتبر وضاح شرارة أنها تتسم بالمصداقية.
إن
الجولة الأخيرة في الحرب السرية بين إسرائيل وحزب الله ليست خبراً جيداً بالنسبة لحسن
نصر الله الذي أشاد بتاريخ 20 كانون الأول بأحد قادة الحزب حسن اللقيس الذي قُتِل
في ضاحية بيروت ببداية شهر كانون الأول. اتهم زعيم حزب الله الدولة العبرية مرة
أخرى بارتكاب عملية الاغتيال. إن العديد من الخصوم السياسيين لحزب الله مثل جهاز
الأمن اللبناني مقتنعون بذلك أيضاً. اعتبر وضاح شرارة أن حسن اللقيس هو "صديق
حميم" لحسن نصر الله، وأنه انتسب للحزب منذ بدايته، وأن هذا المهندس كان
الشخص المسؤول عن إنشاء الشبكة الموازية لاتصالات الحزب الشيعي في لبنان. إنها
خسارة هامة لحزب الله.
إذا
كان حزب الله يؤكد قوته العسكرية في سورية، ووعد بمواصلة المعركة فيها، فيبدو أن
الحزب تنقصه الرؤيا على صعيد الإستراتيجية الإقليمية. قال وضاح شرارة: "ليس
لدى حزب الله ما يقوله حول بعض المواضيع مثل مؤتمر جنيف 2 والتقارب الروسي ـ
الأمريكي. إنه ينسب لنفسه الفضل في بقاء بشار الأسد، على الرغم من أنه يعرف جيداً
جداً بأنه مصيره يتجاوز قدرات الحزب". يبدو أن الاتفاق بين إيران ومجموعة
الست قد أثار حيرة الحزب، على الرغم من أنه أشاد بـ "انتصار مثالي"
لطهران. لا يُعبّر حزب الله عن رأيه بوضوح إلا في الموضوع المتعلق بدور السعودية، ويتهم الرياض بزعزعة استقرار لبنان
للانتقام من فشلها في سورية.
إن
وقوع حزب الله في الفخ السوري يسمح باستشفاف بعض نقاط الضعف، حتى لو أنه يحافظ على
إحدى نقاط قوته الأساسية المتمثلة بدعم قاعدته داخل الطائفة الشيعية التي تنظر
إليه كدرع لها. ولكن بالإضافة إلى ما يسميه وضاح شرارة بـ "الكبرياء
الهائلة" التي يزرعها حزب الله في الوقت الحالي، فإن الخوف قد استقر في
النفوس سواء كان خوفاً حقيقياً أو محافظاً عليه. يسعى حسن نصر الله إلى التقليل من
البعد الطائفي لانخراط رجاله في سورية، وإبعاد فكرة "عرقنة"
لبنان، من أجل بث الطمأنينة. ولكن مع اتساع النزاع السوري شيئاً فشيئاً، فإن
الحزب الإسلامي الشيعي مهدد برؤية نفسه في
مواجهة مكلفة أكثر فأكثر مع الجهاديين السنة على أرضه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق