صحيفة الفيغارو 27 كانون الأول 2013 ـ مقابلة
مع الأستاذ في معهد العلوم السياسية في مدينة غرونوبل الفرنسية جان ماركو Jean-Marcou المتخصص
بالشؤون التركية ـ أجرت المقابلة أرييل تيدريل Arielle Thédrel
سؤال:
هل يجب تصديق أردوغان عندما يدين مؤامرة؟
جان ماركو:
تكشف نظرية المؤامرة عن نزعة شعبوية. ولكن وراء إدانة قضايا الفساد الحالية، هناك
الجمعية الدينية التابعة لفتح الله غولن Fethullah Güllen الذي كان يدعم رجب طيب أردوغان في
البداية. لقد تحدث رئيس الحكومة بنفسه عن دولة موازية تحاول التشكيك بشرعيته. ظهرت
خلافات صامتة منذ سنتين بين رئيس الحكومة وجمعية فتح الله غولن. قرر رئيس الحكومة
مؤخراً إغلاق المؤسسات التعليمية (Dershane) التي تمثل أحد أهم مصادر تمويل جمعية فتح الله غولن الدينية التي اعتبرت هذا القرار بمثابة إعلان
حرب. يقوم فتح الله غولن منذ ذلك الوقت بحملة ضد الحكومة عبر صحيفة Zaman التي تمثل إحدى أهم أجهزة الصحافة
في تركيا، وتحولت إلى وسيلة إعلامية معارضة بعد أن كانت تدعم أردوغان سابقاً. هناك
صراع داخلي على السلطة وراء قضايا الفساد الأخيرة التي من المحتمل أن تكون حقيقية.
إن هذا الصراع ليس فقط بين أردوغان وجمعية غولن، بل يشمل أيضاً عدة قوى مختلفة
داخل حزب العدالة والتنمية الذي يمثل حركة غير متجانسة وبالتالي هشة.
سؤال:
من هو فتح الله غولن؟
جان ماركو:
إنه إمام جامع ذهب إلى الولايات المتحدة وأقام فيها عندما كان الجيش يملك السلطة
في أنقرة. لقد بقي في الولايات المتحدة، وساهم في الترويج لصورة إسلام إصلاحي
يُجسده حزب العدالة والتنمية. لا شك أن جمعية فتح الله غول ساعدت في تطوير
العلاقات بين حزب العدالة والتنمية والسلطات الأمريكية. إنها جمعية انتشرت في جميع
أنحاء العالم، وأنشأت شبكة تعليمية في آسيا الوسطى وأفريقيا وتركيا، ثم تفرعت في
عالم التجارة ووسائل الإعلام. هناك بعض كبار المسؤولين الذين يُنظر إليهم كمقربين
من الجمعية الدينية مثل الرئيس عبد الله غول الذي اتخذ موقفاُ مختلفاً عن موقف
رئيس الحكومة خلال حركة الاحتجاج في شهر حزيران، ونائب رئيس الحكومة بولنت أرينج Bülent
Arinç الذي وقعت
خلافات عميقة بينه وبين أردوغان. تتمتع الجمعية الدينية أيضاً بنفوذ كبير داخل
القضاء والشرطة. إن بعض القضاة الذين قاموا بفتح التحقيق في القضية الحالية معرفون
بقربهم من الجمعية الدينية. على سبيل المثال، أظهر زكريا أوز Zekerya
Öz قدراته في قضية Ergenekon التي ساهمت في القضاء على سلطة
الجيش. كان أردوغان يحذر دوماً من هذه المنظمة بسبب قوتها. بالإضافة إلى ذلك، هناك
بعض الخلافات في المقاربة السياسية. تنتقد الجمعية الدينية النزعة القومية لدى
أردوغان، كما انتقدت ابتعاده أحياناً عن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. كان
أردوغان قد ألمح سابقاً إلى أن الجمعية الدينية كانت وسيلة بيد الأمريكيين أثناء
حملة مافي مرمرة، هذه السفينة الإنسانية التركية التي فتشها الإسرائيليون عام
2010. بالتأكيد، هناك بعض التوتر بين واشنطن وأنقرة حول سورية ومصر أو حول ملف الصواريخ الصينية التي اشترتها تركيا، ولكن
العلاقات التركية ـ الأمريكية لم تكن علاقات هادئة بشكل دائم.
سؤال:
هل أردوغان مهدد؟
جان ماركو:
إنها قضية دولة جدية جداً. إنها تهدد بالقضاء على حملته الانتخابية للانتخابات
المحلية في شهر آذار ثم الانتخابات الرئاسية في شهر آب التي سيتم فيها للمرة
الأولى انتخاب رئيس الجمهورية في تصويت مباشر. ما زال الوقت مبكراً جداً لقياس
تأثير هذه الفضيحة على الرأي العام وعلى ناخبي حزب العدالة والتنمية. كما أننا ما
زلنا نجهل مدى اتساع هذه القضايا وخباياها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق