صحيفة اللوموند 19 كانون الأول 2013 بقلم كريستوف عياد Christophe Ayad
عمليات خطف ومجازر وهجمات ضد الأماكن المقدسة
وإكراه على تغيير الدين: تتداخل المعلومات والإشاعات والتضليل منذ بداية الثورة
السورية. محاولة للدراسة.
تعرض
الأسقف بولص يازجي (الروم الأورثوذوكس) والأسقف يوحنا إبراهيم (السرياك
الأورثوذوكس) للاختطاف في كفر داعل بشمال حلب بتاريخ 22 نيسان، وذلك أثناء قيامها
بمهمة وساطة للإفراج عن راهبين اثنين اختطفتهما المجموعات الإسلامية. نسبت كنيسة
الروم الأورثوذوكس والنظام السوري مسؤولية الخطف إلى "الإرهابيين
الشيشان". إنها مجموعة شيشانية مسلحة انفصلت عن الدولة الإسلامية في
العراق وبلاد الشام التي تعيث في شمال سورية. ولكن لم يتم التأكد من هوية الخاطفين
حتى هذا اليوم. من جهة أخرى، تعرض الأب اليسوعي الإيطالي باولو دالوغليو للاختطاف
في بداية شهر آب عندما كان يحاول الحصول على الإفراج عن بعض الرهائن السوريين
والغربيين في الرقة الموجودين لدى الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام.
أخيراً، هناك معلومات متناقضة حول اختطاف حوالي 12 راهبة في منطقة معلولا.
إن
الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام هي المجموعة الجهادية الأكثر عنفاً
وتحزباً داخل التمرد، وتقوم منذ بروزها على المسرح السوري بمضاعفة أعمال الترهيب
ضد الأماكن المقدسة للمسيحيين، كما فعلت في العراق الذي ازدهرت فيه. بالمقابل،
فيما يتعلق بجبهة النصرة، الجناح السوري لتنظيم القاعدة، فإنها تحذر من عدم الوقوع
في مواجهة مباشرة مع السكان، باعتبار أن أعمال الترهيب التي تقوم بها استثنائية.
لم يعقب السيطرة على الرقة في شهر آذار أعمال ترهيب فورية ضد المسيحيين. لم تقع
أعمال الترهيب إلا بعد سيطرة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التي اقتلعت
الصليب الموجود في الكنيستين الرئيسيتين في المدينة من أجل استبدالهما بعلم أسود
عليه الشهادة الإسلامية، الأمر الذي أثار بعض الاحتجاجات حتى خارج نطاق المسيحيين.
إن الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام لا تستهدف المسيحيين فقط، بل تهاجم جميع الناشطين.
ظهر
للعيان أن النظام يستخدم الأديرة كقواعد عسكرية ومواقع للمدفعية من أجل قصف القرى
والسكان دون أن تتجرأ السلطات الدينية المسيحية على إدانة هذه الممارسات خوفاً من
الانتقام. حصل ذلك في منطقة صيدنايا في دير الشيروبيم ودير ماما. إن ذلك لم يمنع
النظام من تحميل التمرد مسؤولية تدمير "أكثر من ستين كنيسة ودير مسيحي في
جميع أنحاء سورية، وإجبار أكثر من سبعين ألف أورثوذوكسي على مغادرة مدينة حمص،
وتخلي نصف مسيحيي حلب عن منازلهم" كما قال السفير السوري في موسكو أمام
البرلمان الروسي على الرغم من أن القصف الحكومي هو السبب الأول لنزوحهم.
مجزرة 4 أيلول عندما استولت بعض المجموعات
الإسلامية المتمردة على مدينة معلولا المشهورة لفترة قصيرة باعتبارها الرمز الأهم
للوجود المسيحي في سورية (ما زال سكانها يتكلمون الآرامية). اغتنم النظام المعزول
بسبب تداعيات الهجوم الكيميائي في الغوطة بتاريخ 21 آب هذه الفرصة، واتهم التمرد
بالقيام بأعمال ترهيب مخيفة، ونشرت وكالة أنباء الفاتيكان Fides هذه
المعلومات. تحدثت بعض وسائل الإعلام الغربية عن قطع رؤوس في حال رفض اعتناق
الإسلام ونهب الأماكن المقدسة... الخ. كل ذلك غير صحيح. لم يؤثر النفي الصادر عن
الراهبة المسؤولة عن دير تقلا بيلاجيا سياف Pelagia Sayyaf وعن بطريرك الروم الأورثوذوكس في أنطاكيا جان العاشر يازجي بخصوص
هذه المعلومات. لقد تضرر دير القديس سيرجيوس فقط بسبب قصف الجيش السوري الذي
استهدف المتمردين.
هناك
إشاعة أخرى غير صحيحة: تعرض المتمردون في بداية شهر تشرين الثاني للاتهام بقتل
سبعين مسيحي منهم ثلاثة رهبان في منطقة القامشلي. قام مطران الحسكة المونسينيور
جاك بهنان هيندو بنفي ذلك، ولكن بعد فوات الأوان. إن المجزرة الوحيدة الواضحة التي
قام بها الجهاديون حتى الآن هو مجزرة وادي النصارى بالقرب من حمص عندما مات حوالي عشرة مسيحيين نصفهم من المدنيين في
هجوم استهدف حاجزاً لإحدى اللجان الشعبية التابعة للميليشيات المسيحية.
فيما
يتعلق بقصف الأحياء المسيحية في دمشق في بداية شهر كانون الأول، لقد أدانها النظام
باعتبارها هجوم طائفي. يتساءل بعض المسيحيين في أحاديثهم الخاصة حول مكان إطلاق
القذائف: إنهم يؤكدون عدم وجود أهمية إستراتيجية لأحيائهم، ويرون أن النظام هو
الذي يقف وراء هذه الهجمات التي لم تصب الأحياء
العلوية. يسعى النظام إلى حض المسيحيين على حمل السلاح في إطار ميليشيات
الدفاع الوطني التابعة للسلطة.
هناك
صورة متداولة على الشبكات الاجتماعية منذ عدة أشهر، يظهر فيها فتاة شابة ترتدي
لباساً أسود ومكشوفة الرأس، ومربوطة بحبل ثخين على عمود حجري. تم تقديمها
باعتبارها مسيحية من حلب، وأنها تعرضت للإزعاج من قبل المجموعات الجهادية في
التمرد بسبب رفضها التخلي عن دينها. هذا غير صحيح. إنها فعلاً إحدى سكان حلب، ولكن
الصورة يعود تاريخها إلى عام 2011، وقد عاقب الشبيحة هذه الفتاة لأنها شاركت في
مظاهرة معارضة للنظام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق