صحيفة اللوموند 27 كانون الأول 2013 بقلم
مراسلها في استانبول غيوم بيرييه Guillaume Perrier
يتصاعد التمرد في حي Okmeydani وجميع الأحياء ذات الأغلبية
العلوية في استانبول منذ المظاهرات ضد الحكومة التركية في الربيع الماضي. ساهم
العلويون الأتراك ـ أقلية متحدرة من الإسلام الشيعي ويبلغ عدد عناصرها في تركيا
حوالي 15 مليون نسمة ويؤيدون الأحزاب اليسارية سياسياً ـ بشكل كبير في الاحتجاج ضد
سلطة رجب طيب أردوغان التي يعتبرونها تعسفية. كشفت صحيفة Miliyet مؤخراً عن تقرير لإدارة الشرطة
التركية التي اعتبرت فيه أن 78 % من المتظاهرين هم من العلويين الأتراك معتمدة على
5500 ملف اعتقال تحت ذمة التحقيق. أثار هذا التقرير الاستنكار في البرلمان، قال
أحد نواب المعارضة المحامي Sezgin Tanrikulu متسائلاً: "كيف استطاعت الشرطة التوصل إلى مثل هذا الرقم؟
هل عمل حكومتهم هو تسجيل أسماء المواطنين العلويين في تركيا؟".
كانت
الطائفة العلوية الغائب الأكبر عن "حزمة الإصلاحات الديموقراطية"
التي أعلن عنها أردوغان في نهاية شهر أيلول. ترفض الحكومة منح بيوت الصلاة التي
تجري فيها الطقوس الدينية العلوية (Cemevi) صفة مكان للعبادة، كما شبهها النائب Mehmet
Metiner عن الحزب الحاكم
بأنها "بؤر إرهابية". ويجب على الأطفال اتباع دروس الديانة في المدرسة،
وهي دروس تتمحور على الإسلام السني، على الرغم من الحكم الذي أصدرته المحكمة
الأوروبية لحقوق الإنسان بمطالبة تركيا بالتوقف عن ذلك. اعتبر الزعيم الروحي لبيت
الصلاة العلوية (Cemevi) في حي غزي Veli Gülsoy أن هذا الموقف يمثل اعتداء على حرية الاعتقاد، وقال: "إنهم
يتظاهرون دوماً بأنهم لا يسمعوننا، ولكننا سنقاوم كما فعلنا دوماً". اتهم Zeynel Odabasi، مسؤول المركز الثقافي Pir
Sultan Abdal، قائلاً: "إن
أولئك الذين يحكوموننا يرفضون وجودنا. مضت عدة قرون ونحن نُقتل ونُذبح ونتعرض
للإنكار في هذا البلد. نحن نعاني ونعيش حالة حصار دون أن يُقال ذلك صراحة".
عاش
حي غزي عدة أيام من التمرد في بداية شهر
تشرين الأول بعد اغتيال Hasan Ferit Gedik (20 عاماً) الناشط في جبهة الشعب من اليسار المتطرف (Halk
Cephesi). إنه تجمع
ماركسي علوي، وأدرجه الاتحاد الأوروبي على لائحة الحركات الإرهابية، وتبنى مسؤولية
بعض عمليات التفجير الانتحارية الأخيرة ضد مركز الشرطة في حي غزي وضد سفارة
الولايات المتحدة في أنقرة في شهر شباط. يعتبر أقرباء Hasan Ferit
Gedik أنه قُتِل من
قبل أحد تجار المخدرات في عصابة مافيا معارضة للناشطين من أجل السيطرة على شوارع
غزي. تساءل Zeynel Odabasi قائلاً: "هناك بائع للمخدرات في كل شارع منذ بعض الوقت،
إنهم يحاولون فرض قانونهم. من الذي جلبهم إلى هنا؟". إن الحي بأكمله
مُقتنع بأنها مناورة جديدة من الدولة لكي تدفع السكان للهروب من الحي، قال الناشط Ali
Askar Durgun (24 عاماً) الذي
تظاهر إلى جانب الضحية يوم اغتياله: "إنهم يريدون طردنا، والاستفادة من
ذلك من أجل تفكيك التجمعات الشعبية العلوية".
إن
هذا الصراع على الأرض دفع بناشطي جبهة الشعب إلى إعادة تفعيل اللجان الشعبية
للأحياء و"دوريات المواطنين" المعارضة لعصابات المافيا. لقد تم
استخدام هذه الطريقة سابقاً خلال سنوات التسعينيات التي كانت دامية بالنسبة
للعلويين الأتراك الذين وقعوا ضحية عنف المتطرفين السنة والميلشيات القومية
التركية المتطرفة (Loups Gris). قام أحد المسلحين عام 1995 بقتل 18 شخصاً بسلاح أوتوماتيكي أمام
بيت الصلاة العلوي في غزي، ولم يتم تحديد هوية هذا الشخص حتى الآن.
ما
زالت نار التمرد كامنة منذ مظاهرات ساحة تقسيم في الربيع الماضي، وبدأ بعض
المتظاهرين يتجهون نحو الراديكالية. حذر الصحفي Kadri Gürsel قائلاً: "هناك كره متزايد
أكثر فأكثر، ويتحول إلى تهديد للنظام العام". كما يُحذر العديد من
المحللين أن مسألة العلويين الأتراك في طريقها إلى أن تصبح المشكلة الطائفية
الأساسية في تركيا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق