صحيفة اللوموند 14 تشرين الثاني 2014 بقلم آلان فراشون Alain Frachon
تشير أغلب مؤشرات الاقتصاد الأمريكي
إلى أنه يسير في الطريق الصحيح، ويشعر الأوروبيون بالغيرة. ولكن ما هو سبب الهزيمة
الفادحة التي تعرض لها الحزب الديموقراطي وباراك أوباما في الانتخابات الأخيرة
بتاريخ 4 تشرين الثاني. وما هو السبب في هذا الانفصال بين الوضع الاقتصادي الإيجابي
بالنسبة للحزب الديموقراطي ونتائجه الانتخابية السيئة؟ بالتأكيد، هناك العديد من
الأسباب للرد على هذا السؤال، ولكن أحد هذه الأسباب يهم أوروبا والولايات المتحدة
معاً. إذا نظرنا إلى ما هو أبعد من الخصوصية الأمريكية، يعود السبب في هذا التناقض
إلى الانزعاج العام السائد في الدول الغربية: أي إلى تفاقم اللامساواة.
شهد
الاقتصاد الأمريكي نمواً قدره 1.7 % هذا العام، وسيصل إلى 3 % عام 2015. تراجع
معدل البطالة في الولايات المتحدة من 8.1 % في نهاية عام 2012 إلى 5.9 % حالياً.
كما تحسنت الحسابات العامة والميزان التجاري، وأصبح مستقبل الطاقة مضموناً. إنها
نتائج إيجابية بالنسبة لبلد كان على حافة الهاوية عندما وصل باراك أوباما إلى
البيت الأبيض في شهر كانون الثاني 2008. من المفترض أن تؤدي مثل هذه الحصيلة إلى
فوز الحزب الديموقراطي بالانتخابات الأخيرة، ولكنه أصبح أقلية في مجلس النواب
ومجلس الشيوخ.
يتصف
الانتعاش الأمريكي بانعدام المساواة أكثر من أي وقت مضى، ولم تستفد منه أغلبية
الأمريكيين بما فيه الكفاية. أحس العديد من العاطلين عن العمل بالإحباط، وتوقفوا
عن البحث عن عمل، وبالتالي خرجوا من إحصائيات البطالة. لم يساهم هذا الانتعاش في
تغيير المعطى الأساسي في الاقتصاد الأمريكي، أي التراجع المستمر في الدخول المتوسطة.
قال باراك أوباما قبل عدة أيام من الانتخابات: "لم تشاهد الطبقة الوسطى
الأمريكية دخولها ترتفع، وما زالت تشعر بالقلق على الرغم من تحسن الوضع الاقتصادي.
إنها قلقة ليس فقط على مستقبلها، بل أيضاً على مستقبل أطفالها".
قالت
رئيسة المصرف المركزي الأمريكي FED جانيت يلين Janet Yellen بتاريخ 17 تشرين الأول: "كان 5 % من
الأمريكيين الأكثر غنى يملكون 54 % من ثروات البلد عام 1989، ثم ارتفعت حصتهم إلى
61 % عام 2013، ووصلت حالياً إلى 63 %. أتساءل فيما إذا كان هذا التوجه ينسجم مع
قيم أمتنا، ولاسيما الأهمية التي نوليها إلى تكافؤ الفرص".
هناك
جدل واسع حول أسباب انعدام المساواة وتأثيرها على النمو، ولكن التساؤلات أقل بكثير
حول ثمنها السياسي. يسود الغضب داخل الطبقات المتوسطة في الاقتصاديات المتقدمة في
بداية القرن الواحد والعشرين، ويتجسد ذلك سياسياً في الولايات المتحدة عبر حزب Tea Party، وعبر الأحزاب الاحتجاجية في أوروبا،
بالإضافة إلى التشكيك العام بالنخب الفكرية والسياسيين وتزايد الامتناع عن التصويت
أو التصويت ضد السلطة الحاكمة.
في
ظل هذا الوضع الاقتصادي والتكنولوجي والإعلامي المضطرب حالياً، لن يستمر الناخبون
بتوزيع أصواتهم بين أحزاب يمين الوسط أو أحزاب يسار الوسط، وسوف يتغير التمثيل
السياسي. إن الأمريكيين الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع بتاريخ 4 تشرين الثاني لم
يصوتوا لصالح البرنامج الجمهوري، لأنه لم يكن هناك برنامج لدى الحزب الجمهوري
باستثناء الانتقاد المنهجي ضد باراك أوباما. لقد كان تصويتهم ضد السلطة الحاكمة
التي يمثلها الرئيس الأمريكي، وسينقلب مزاجهم المتعكر ضد الجمهوريين حالما يصلون
إلى السلطة.
لا
شك أنه ليس هناك علاج سريع لتفاقم انعدام المساواة باعتبارها الظاهرة الأساسية
لهذا العصر. إنها الحقيقة التي لا نملك الجرأة على قولها عندما نكون في المعارضة،
والتي تعيشها الحكومة بألم سواء في واشنطن أو باريس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق