صحيفة الفيغارو 27 تشرين
الثاني 2014 بقلم بيير روسلان Pierre Rousselin
أعطت
القوى العظمى نفسها مهلة سبعة أشهر جديدة في المفاوضات مع طهران حول البرنامج
النووي الإيراني. إن هذا التمديد هو أقل الشرور، بالنظر إلى العواقب المأساوية
التي يمكن أن تنجم عن انقطاع الحوار. ولكن هذا التمديد يفتح الطريق أمام التساؤل
التالي: هل استمرار المحادثات بدون نهاية سيكون النتيجة الوحيدة التي يمكن أن
يتطلع إليها الطرفان؟
لا
تستطيع الولايات المتحدة، ولا تستطيع إيران المخاطرة بقطع الحوار. لأنه سيحرر
طهران من أية عقبة في طريقها نحو القنبلة النووية، وسيُسرّع التصعيد الذي سيؤدي
إلى نزاع عسكري. إذاً، كان يجب ابقاء الاتصال. ربما تحقق تقدم هام ـ ولكن غير محدد
بدقة ـ خلال الأيام الأخيرة، وهذا يكفي لتبرير المهلة الإضافية. إنه الوسيلة
الوحيدة للحفاظ على أفضل الفرص المتوفرة منذ عدة عقود من أجل فرض بعض القيود على
القدرة النووية الإيرانية، وبالتالي المساهمة في أمن إسرائيل والاستقرار الإقليمي.
هل
نرى النصف المليء من الكأس أم النصف الفارغ منه؟ يتحدث أصحاب الخيار الأول عن
موازين القوى مع روسيا، ولاحظوا أن الملف الإيراني يتميز بأنه ما زال في أيدي
الدبلوماسيين، في حين أن العقوبات المتخذة ضد روسيا بسبب تصرفها في أوكرانيا لم
يترافق مع أية مفاوضات. يقول أصحاب الخيار الثاني أن هذا الوضع يُذكّر بـ "عملية
السلام" التي بدأت في أوسلو عام 1993 بين إسرائيل والفلسطينيين. كان من
المفترض أن يؤدي الجدول الزمني الذي تبنته هذه العملية إلى اتفاق نهائي عام 1999
على أبعد تقدير. لكن المفاوضات راوحت في مكانها، وتجاهلت التواريخ الحاسمة، ثم
فقدت اتصالها بالواقع، وأصبحت عديمة الفائدة.
يعرف
الجميع تماماً ما هي الخطوط العريضة لاتفاق ممكن في الملف الإسرائيلي ـ الفلسطيني.
كما أن سنة من المفاوضات الجدية حول الملف النووي الإيراني كانت كافية لرسم الخطوط
الأولى لمعاير الحل التقنية. لقد توفر الوقت أمام الخبراء لإعداد التفاصيل النهائية
لخططهم وسيناريوهاتهم المتعلقة بعدد أجهزة الطرد المركزية التي تستطيع طهران
الحفاظ عليها، ورفع العقوبات، ومدة الاتفاق، ... الخ. يبقى أن لحظة اتخاذ القرار
يبدو أنه لم يحن وقتها.
متى
سيحين الوقت؟ لا شيء يدل على أنه سيكون من السهل الإعلان عن اختراق في شهر حزيران
القادم، أي التاريخ المُرتقب للتوصل إلى اتفاق ـ إطار. من الممكن أن تحصل أمور
كثيرة بانتظار هذا الموعد بشكل يؤدي إلى بلبلة سياق المفاوضات، وذلك كما حصل في
المفاوضات الإسرائيلية ـ الفلسطينية بعد اغتيال اسحاق رابين عام 1995 وموجة عمليات
التفجير الانتحارية عام 1996 والانتفاضة الثانية.
كلما
طال أمد المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني، كلما ستؤثر العوامل الخارجية على
النتيجة النهائية. في الوقت الحالي، سيبدأ قريباً عمل الكونغرس الأمريكي الجديد
الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وهذا هو الامتحان الأول. هل سيتم تبني عقوبات جديدة
للضغط على طهران بشكل يهدد بإفشال المفاوضات؟ من غير المستبعد أن المفاوضين
الإيرانيين يريدون تحدي الفئات الأكثر عداء في الكونغرس الأمريكي لكي ينفذوا
تهديداتهم، وبالتالي يجبرونهم على طرح أوراقهم. في ظل السياق السياسي الجديد في
الولايات المتحدة، ليس بالضرورة أن تكون مصلحة الجمهوريين في تبني الموقف نفسه
الذي تبنوه قبل عام.
إن
السياق الإقليمي للحرب في العراق وسورية ضد "الدولة الإسلامية"
لم يكن موجوداً قبل عام واحد عندما بدأت المفاوضات حول الملف النووي. سيكون هذا
السياق الإقليمي حاسماً خلال الأشهر القادمة. تحرص الولايات المتحدة وإيران على
تحسين جهودهما المشتركة حول هذه الجبهة، ومن المفضل الإبقاء على سرية هذه الجهود.
إذا أخذنا بعين الاعتبار أن أي اتفاق حول الملف النووي الإيراني ستعتبره إسرائيل
غير مرضي، كما هو الحال بالنسبة للسعودية ودول الخليج، فإنه من الأفضل عدم اختبار
الشيطان وتهديد المعركة المشتركة ضد الجهاديين. هذا هو السبب الحقيقي في تمديد
المفاوضات التي يتجاوز تأثيرها الملف النووي بوضوح.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق