صحيفة الفيغارو 4 تشرين الثاني
2014 بقلم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس (ملاحظة: نُشر هذا المقال في
الواشنطن بوست والحياة في الوقت نفسه)
تم
إيقاف المجموعة الإرهابية داعش في كوباني في اللحظة الأخيرة، وأصبحت ترسل مجرميها
باتجاه نقاط أخرى على الحدود السورية ـ التركية. في نهاية الطريق، هناك حلب معقل
المعارضة المعتدلة. حلب هي المدينة الثانية في سورية، وتراث للإنسانية. حلب هي
مدينة المقاومة المعذبة التي لم يتوقف بشار الأسد عن قصفها منذ عام 2012. تواجه
حلب اليوم خطر الوقوع بين براميل المتفجرات للنظام وسفاحي داعش. أصبح الحصار شبه
كامل، ولم يعد يربط المدينة بالخارج إلا طريق واحد يصلها بتركيا. يواصل النظام
سياسة التجويع، ويسعى إلى قتل المقاومة بواسطة الجوع والبرد. هناك ثلاثمائة ألف
حلبي يقاومون، بينما ترك مليون حلبي المدينة للانضمام إلى جحافل اللاجئين. إنهم
مهددون بالموت نفسه الذي فرضه النظام على حمص العام الماضي ويفرضه اليوم على ضواحي
دمشق. يُفضل الدكتاتور تسليم المدينة إلى فظاعات الإرهابيين عبر السماح بتوسع داعش
على الجانب الشرقي لحلب. سيدفع الحلبيون الثمن عن كوباني بعد صد هجوم داعش عليها
في الوقت الحالي.
في
الواقع، إن بشار الأسد وداعش هما وجهان للبربرية نفسها. ساهم بشار بشكل كبير في
خلق هذا الوحش عبر الإفراج عن الجهاديين الذين سيدعمونه فيما بعد. إن طموحه الماكر
هو الظهور كحصن وحيد ضد التطرف في عيون العالم، ولكن الأحداث لا تترك أي مجال أمام
هذا التضليل: كم يبلغ عدد المرات التي قام فيها النظام بقصف داعش، في الوقت الذي
يستمر فيه بتعذيب شعبه؟ هل سعى النظام إلى إنقاذ كوباني من الكارثة على الرغم من
أن حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي قاتل إلى جانبه؟ لا، كان خياره عدم القيام بأي
شيء. لأن هاتين البربريتين تتلاقيان في الرغبة المشتركة بسحق المعارضة المعتدلة.
هذا هو السبب في خيارهما باستهداف معقل المعارضة المعتدلة في حلب التي تمثل البديل
السياسي الوحيد والقادر على ضمان إمكانية بقاء سورية منفتحة وتعددية وديموقراطية،
وهذا ما يرفضه النظام وداعش.
إن
التخلي عن حلب سيكون حكماً على سورية بسنوات أخرى من العنف، وسيكون موتاً لأي أفق
سياسي، وسيكون تفتيتاً لبلد يسوده "أسياد" الحرب الذين تزداد
راديكاليتهم أكثر فأكثر. كما سيكون تصديراً للفوضى الداخلية في سورية إلى جيرانها
العراقيين واللبنانيين والأردنيين الذين يعيشون وضعاً هشاً. يجب ألا يجهل أي شخص
أن: بشار الأسد هو أحد "أسياد
الحرب"، وأنه لن ينتصر عليهم باعتبار أنه غير قادر على هزيمة داعش اليوم.
إن التخلي عن حلب سيكون حكماً على ثلاثمائة ألف رجل وإمرأة وطفل ببديل مرعب: أي
الحصار الدامي تحت قنابل النظام أو بربرية إرهابيي داعش.
لا
يمكن أن تقبل فرنسا بتفتيت سورية ولا بالتخلي عن الحلبيين في مصير شنيع. لهذا
السبب، يجب علينا مع شركائنا في التحالف أن نحول جهودنا باتجاه حلب. هناك هدفان
واضحان لهذا التحول هما: تعزيز دعمنا إلى المعارضة المعتدلة السورية وحماية السكان
المدنيين من الجرائم المزدوجة للنظام وداعش. يجب إنقاذ حلب بعد إنقاذ كوباني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق