صحيفة الفيغارو 25 تشرين الأول 2014 بقلم
جورج مالبرونو Georges Malbrunot
تبدو الفكرة مغرية على الورق من أجل القضاء على
الجهاديين الذين يسيطرون على جزء كبير من المناطق السنية في العراق. اقترح
المحللون الاستراتيجيون الأمريكيون تشكيل حرس وطني سني بالاعتماد على العشائر
والضباط البعثيين السابقين الذين لم ينضموا إلى الدولة الإسلامية. ربما وافق رئيس
الحكومة الشيعي حيدر العبادي وحلفاؤه الإيرانيون على هذا الاقتراح. يتوافق هذا
الاقتراح مع رغبات العديد من قادة الأقلية السنية الذين يرغبون بتحمل مسؤولية
الأمن في أراضيهم من أجل التخلص من استفزاز الميليشيات الشيعية المتواجدة بكثرة
داخل الجيش وقوات الأمن. قال أحد الضباط الغربيين في بغداد في اتصال هاتفي: "المشكلة
هي العثور على عدد كافي من السنة المستعدين للدخول في هذا الرهان. لقد نجح
الأمريكيون في تجنيد بعض العشائر المعادية لداعش بفضل الأموال التي أغدقتها على
هذه العشائر، ولكن تدريبها لن يكون سهلاً نظراً للوضع الحالي على الأرض".
لقد هرب أغلب قادة الجيش العراقي من العراق بعد قيام الأمريكيين بتسريح الجيش إثر
سقوط صدام حسين. كما مات جزء منهم أثناء التمرد ضد القوات الأمريكية. فيما يتعلق
ببقية عناصر الجيش العراقي، لقد انضموا إلى المجموعات المتمردة التي يقاتل جزء
منها إلى جانب داعش.
أبدت الكثير من العشائر تحفظها على هذا
الاقتراح. أولاً، بسبب التجربة السابقة عندما قدمت العشائر السنية "أبناءها"
إلى الأمريكيين عامي 2006 و2007 للقتال ضد تنظيم القاعدة، ولكن لم تتم مكافأتهم
عبر دمجهم داخل قوات الأمن أو المؤسسات الحكومية. السبب الثاني هو أن الوضع تغير
تماماً عما سبق. كان الجنود الأمريكيون
يشرفون على الميليشيات السنية بعد عام 2007 في حربهم ضد الإرهاب، وقال الضابط
الغربي المذكور أعلاه: "يقول بعض مسؤولي العشائر اليوم بوضوح أنهم يتحسرون
على الوقت الذي كان فيه الجنود الأمريكيون يقومون بتوجيه الطائرات لقصف الأهداف
المطلوبة على الأرض، ويؤكد لنا هؤلاء المسؤولين أنفسهم بوضوح بأنهم لا يرغبوا
بالقيام بهذا العمل مرة أخرى مع الميليشيات الشيعية الموجودة داخل الجيش
العراقي".
يعتبر الأمريكيون أن هذا الحرس الوطني السني سيُكلف
بمهمة أمن المناطق السنية في العراق بعد إعادة تشكيله، وستحظى هذه المناطق
باستقلالية واسعة. تطالب الأقلية السنية التي اضطهدها رئيس الحكومة السابق نوري
المالكي خلال السنوات الأخيرة بالحصول على وضع لا يقل عن الوضع الذي انتزعه
جيرانهم الأكراد من أجل البشمرغة. أصبح الوضع عاجلاً لأن داعش تتقدم على الرغم من
قصف مواقعها، ويطغى التشاؤم على التقارير الأخيرة لأجهزة الاستخبارات الفرنسية
والأمريكية. اعتبرت هذه التقارير أن الجيش العراقي غير قادر على مواجهة الجهاديين
إلا بفضل التعزيزات الأمريكية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق