صحيفة الفيغارو 27 تشرين
الثاني 2014 بقلم مراسلتها الخاصة في هاليفاكس (كندا) إيزابيل لاسير Isabelle Lasserre
إن
الاستراتيجية الأمريكية في العراق وسورية مسؤولة بشكل غير مباشر عن إقالة وزير
الدفاع الأمريكي تشاك هاغل، وستكون التحدي الأساسي لوزير الدفاع الأمريكي القادم.
كانت هذه الاستراتيجية أيضاً محور النقاشات في
المنتدى السادس حول الأمن الذي جرى في هاليفاكس (كندا) يومي 22 و23 تشرين
الثاني. اعتبر المحللون في واشنطن أن رحيل وزير الدفاع الأمريكي ضروري لتغيير
التعامل العسكري والاستراتيجية المطبقة حيال داعش. تم اختيار تشاك هاغل لإخراج
الولايات المتحدة من نزاعات الشرق الأوسط، وكان يشارك باراك أوباما في شكوكه حيال
التدخل في العراق، وبدأ عمله في اللحظة التي استأنفت بها الولايات المتحدة الحرب.
إن تفكك سورية والصعود المفاجئ لقوة جهاديي الدولة الإسلامية جعله شخصاً غير ملائم
للوضع الحالي، وذلك في الوقت الذي تلاشت فيه المكاسب الأمريكية في المنطقة.
تواجه الإدارة الأمريكية صعوبة في تحديد
استراتيجية منسجمة لمكافحة داعش في سورية والعراق منذ بداية الأزمة. تُركّز
الولايات المتحدة جهودها حول العراق منذ بداية الأزمة لأن الانتصار فيه يبدو
ممكناً. قال مسؤول أمريكي رفيع المستوى مكلف بهذا الملف: "نحن متفائلون
نسبياً لأن شركاءنا في الحكومة والقوات الأمنية العراقية محددون بشكل واضع
ويتعاونون معنا. ولكن ذلك لا يحل أي شيء في المشكلة السورية". لا تستطيع
الولايات المتحدة الاعتماد على أحد في سورية، نظراً لأن المعارضة المعتدلة اختفت
تقريباً على الأرض. أضاف هذا المسؤول الأمريكي قائلاً: "لكي يكون هناك
حلفاء في سورية، يجب إما التعاون مع النظام، أو القتال ضد بشار الأسد والدولة
الإسلامية في الوقت نفسه. ولكنها ليست خيارات في الوقت الحالي. إن مواجهة الحضور
الإيراني في العراق ومواجهة النظام السوري في الوقت نفسه هو رهان يصعب تحقيق
التوازن فيه".
إن
حصيلة التدخل العسكري الأمريكي في المشرق غير حاسمة. لقد تم إيقاف تقدم الجهاديين
في العراق، ولكن لم تتم تصفية جيوب المقاومة على الرغم من تكثيف الضربات الجوية.
يتزايد عدد الجنود الأمريكيين على الأرض تدريجياً، وسيصل عددهم قريباً إلى ثلاثة
ألاف تقريباً، ولكن هذه الزيادة ما زالت بطيئة ومحدودة جداً. قال الجنرال الأمريكي
دافيد بيركينز David Berkins المسؤول عن
التوجه العقائدي وتدريب القوات المسلحة: "يسمح القصف بكسب المعركة، ولكن
السلطات الوطنية لوحدها هي القادرة على تحقيق انتصار استراتيجي".
إن
الوضع أسوأ في سورية: أدى القصف الجوي للأمريكيين وحلفائهم إلى تعزيز نظام بشار
الأسد. إن حلب هي المدينة الكبيرة الوحيدة التي تسيطر عليها المعارضة المعتدلة،
ولكنها أصبحت مهددة بالسقوط بأيدي جنود الجيش السوري الذي يحاصرها. يدفع باراك
أوباما نتائج تراجعه في سورية في نهاية شهر آب 2013، عندما تخلى عن فرض احترام "الخط
الأحمر" بعد الهجمات الكيميائية التي شنها النظام في ضواحي دمشق، كما
يتهم البعض باراك أوباما بالتردد تجاه داعش.
تحتاج الإدارة الديموقراطية إلى انتصار عسكري
بعد فشلها في الانتخابات الأخيرة، وهي تبحث عن استراتيجية تسمح لها بمكافحة جهاديي
الدولة الإسلامية في سورية والعراق بشكل أكثر فعالية، ولكن دون الوقوع مجدداً
بالأخطاء السياسية لجورج بوش. أكد السيناتور الديموقراطي تيم كين Tim Kaine قائلاً: "إن تغيير النظام لا يجب أن
يكون السياسة الخارجية للولايات المتحدة مرة أخرى". لقد استخلص البيت
الأبيض دروس الحروب السابقة في العراق وأفغانستان، وأكد مسؤول أمريكي رفيع المستوى
قائلاً: "بالنظر إلى خبرتنا، يجب علينا الانتباه. لا يجب إطلاقاً بعد
اليوم التسبب بانهيار دولة كما فعلنا في العراق. من الأفضل التحرك عبر المفاوضات
السياسية".
لا
شك أن القيام بتعديل طفيف على هامش الاستراتيجية الأمريكية لن يكون كافياً بالنسبة
للمعارضين الجمهوريين، ولاسيما بالنسبة لجون ماكين، أكثرهم نشاطاً والمرشح لرئاسة
لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ. انتقد جان ماكين أثناء المنتدى السادس حول الأمن
في هاليفاكس إخفاقات البيت الأبيض في سورية، وقال: "بدون منطقة حظر جوي،
وبدون مساعدة حقيقية إلى المعتدلين، وبدون القصف ضد بشار الأسد، ستكون الولايات
المتحدة شريكة بجريمة ضد الإنسانية. نحن نقصف الإسلاميين، في الوقت الذي يقصف فيه
النظام المعارضين المعتدلين. إن الخيار بين داعش وبشار الأسد هو أمر مرعب".
أعرب جون مالين عن قلقه تجاه تراجع الزعامة الأمريكية في العالم منذ انتخاب باراك
أوباما، ودعا إلى أن تعود الولايات المتحدة "أمة ضرورية" للأمن
في العالم، ولاسيما في الشرق الأوسط.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق