صحيفة الفيغارو 18 تشرين
الثاني 2014 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbruont
لم
يسيطر الجيش العراقي على مصفاة بيجي الاستراتيجية حتى الآن، ولكنه تمكن يوم السبت
15 تشرين الثاني من فك الحصار الذي كان الجهاديون يفرضونه عليها منذ بداية هجومهم
في شهر حزيران الماضي. لقد حرصت داعش طوال فترة النزاع على عدم تدمير هذه المصفاة
الهامة التي تنتج ثلاثمائة ألف برميل نفط يومياً. يأتي هذا النجاح بعد نجاحين
آخرين خلال الأسبوع الماضي. نجح الجيش العراقي يوم الأربعاء 12 تشرين الثاني في
طرد الجهاديين من سد العظيم في شمال بغداد، واستعاد السيطرة يوم الجمعة 14 تشرين
الثاني على مدينة بيجي الواقعة على بعد تسعة كيلومترات من المصفاة.
أشاد
رئيس الأركان الأمريكي الجنرال مارتين
ديمبسي Martin Dempsy بهذه
النجاحات خلال زيارته إلى بغداد في عطلة نهاية الأسبوع 15 ـ 16 تشرين الثاني، كما
أشاد بها وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس. يمثل هذا المديح عزاء لرئيس الوزراء
العراقي حيدر العبادي الغاضب جداً من التصريحات الأخيرة لفرنسوا هولاند حول عدم
فعالية الجيش العراقي تجاه الدولة الإسلامية. لم يكن فرانسوا هولاند مخطئاً
بالضرورة. أسرّ أحد الضباط الفرنسيين الذين يشكون بقدرات الجيش العراقي على إخضاع
الجهاديين قائلاً: "يُقال لنا أن الرياح تهب لصالح قوات الأمن
العراقية".
يعود
الفضل في انتصارات الجيش العراقي إلى الميليشيات الشيعية التي تدعمه وبعض العشائر
السنية التي انخرطت في المعركة ضد داعش بالإضافة إلى الدعم الجوي الهام من قبل
الطائرات الأمريكية. قال ريشار تيرزان Richard
Terzan الذي كان ضابطاً فرنسياً وتحول نحو العمل في
مجال الأمن الخاص في العراق منذ عشرة سنوات: "يستخدم الأمريكيون منذ بعض
الوقت الطائرات المروحية أباتش Apache.
عندما يتم استخدام هذه الطائرات المروحية، فهذا يعني أن الجنود الأمريكيين يقدمون
دعماً برياً من أجل توجيه الطائرات وتحديد الأهداف".
إذا
كانت واشنطن ما زالت ترفض إرسال قواتها إلى الأرض، فإن انخراطها أصبح أكثر وضوحاً.
لقد بدأت مرحلة جديدة في مكافحة داعش منذ الأسبوع الماضي عندما انتشر حوالي خمسون
جندياً أمريكياً في قاعدة عين الأسد في شمال العراق، وذلك بالإضافة إلى ثلاثة ألاف
مستشار عسكري أمريكي يعملون مع الجيش العراقي، وبعض القوات الخاصة السرية جداً
المكلفة بملاحقة زعماء داعش ابتداء بأبو بكر البغدادي.
تمت
السيطرة على سد العظيم خلال عدة ساعات فقط من القتال. قال ريشار تيرزان: "يجد
الجهاديون صعوبة متزايدة في نقل قوافلهم. إن الضربات الأمريكية دمرت قدراتهم
اللوجستية". يمثل عناصر ميليشيات قوات بدر حليفاً مزعجاً بالنسبة
للأمريكيين، لأنه يجب على هذه الميليشيات الانسحاب من بيجي وسد العظيم لكي تستمر
العشائر السنية في تحالفها مع الجيش ضد داعش. ولكن المشكلة هي أنه من الصعب
الاستغناء عن الميليشيات الشيعية التي تعمل في إطار قوة القدس الإيرانية، ولاسيما
بعد طرد الضباط العراقيين المؤيدين لصدام حسين خلال السنوات العشرة الماضية، كما
أنه لا يمكن الاستغناء عنها للدفاع عن بغداد. تساءل أحد الدبلوماسيين في بغداد
قائلاً: "ماذا يستطيع أن يفعل رئيس الوزراء، في حين أن وزير الداخلية هو
الذي يسيطر على هذه الميليشيات؟".
يدرك حيدر العيادي أنه لن يهزم داعش بدون
مساعدة السنة. لهذا السبب، قام بعزل ستة وعشرين ضابطاً، وأحال عشرة آخرين إلى
التقاعد بسبب استمرار ولائهم إلى رئيس الوزراء السابق نوري المالكي. قال ريشار
تيرزان: "تمثل هذه التعديلات أيضاً محاولة لكسب الرأي العام السني الذي
فقد ثقته بالجيش العراقي، ويستنكر عدم كفاءة قادته والفساد المنتشر". كما
قرر حيدر العبادي إعطاء هامش أكبر للمناورة إلى المستشارين الأمريكيين على الرغم
من معارضة العديد من القادة الشيعة.
لاحظ
المستشارون الأمريكيون أنه لا يمكن الاعتماد إلا على حوالي نصف الجنود العراقيين
البالغ عددهم مئتين وخمسين ألف جندي من أجل القتال ضد الدولة الإسلامية، وأن الجيش
العراقي ما زال غير قادر على استعادة الموصل. يبلغ عدد مقاتلي العشائر السنية
عشرين ألف رجل تقريباً، ومن المفترض أن يتم تدريبهم. إن هؤلاء المقاتلين هم الذين
سيساعدون الأمريكيين على الأرض، ثم سيشكلون مستقبلاً العمود الفقري لـ "الحرس
الوطني" في "البلد السني" بعد التخلص من داعش. ما زال هذا الاحتمال بعيد
الأجل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق