صحيفة الفيغارو
22 تشرين الثاني 2014 بقلم جورج مالبرونو Georges
Malbrunot
تعرقل
تقدم داعش في العراق وسورية بعد مئات الضربات الجوية من قبل التحالف الدولي ضد
مواقعه ومقتل المئات من عناصره. قال محلل غربي في بغداد على الهاتف: "أصبحت
تحركات القوافل اللوجستية لداعش أكثر فأكثر صعوبة. فيما يتعلق بمدافعه، إنها تتعرض
للقصف حالما تتحرك". لم يستخدم الأمريكيون طائراتهم المروحية أباتش إلا
مرة واحدة عندما هاجموا مواقع داعش التي تهدد مطار بغداد، واضطر الجهاديون إلى
التراجع بعد ذلك.
في
سورية، تتركز قوات الدولة الإسلامية حول كوباني منذ أكثر من شهرين، وحقق الأكراد
فيها تقدماً خلال اليومين الماضيين بفضل الدعم الجوي الأمريكي. قال خبير آخر بعد
عودته من سورية: "جعل الأمريكيون من كوباني مصيدة، عندما سمحوا للجهاديين
بالتجمع حولها من أجل استهدافهم بشكل أفضل". لقد مات أكثر من خمسمائة
إرهابي في كوباني خلال شهرين من القصف.
اضطرت داعش إلى إفراغ أغلب الجبهات الأخرى
سواء في دير الزور أو في ريف حلب باعتبارهما المعقلين الرئيسيين لها بالإضافة إلى "عاصمتها"
الرقة. هاجم الجهاديون مؤخراً بئرين نفطيين في محافظة دير الزور، ولكنهم اضطروا
للتخلي عنهما سريعاً أمام الجيش النظامي. تمثل محافظة دير الزور منطقة إستراتيجية
بالنسبة للدولة الإسلامية التي جعلتها قاعدتها الخلفية ليس فقط بسبب آبار النفط
الموجودة فيها بشكل يسمح لها بتمويل نفسها عبر تهريب النفط، بل أيضاً لأن
الجهاديين يخفون فيها أهم مستودعاتهم للأسلحة التي سرقوها من الجيش العراقي خلال
استيلائهم على الموصل في شهر حزيران. لم ينجح الجهاديون حتى الآن بالسيطرة على
مدينة دير الزور على الرغم من المحاولات العديدة، ويجب عليهم تقاسمها مع نظام بشار
الأسد.
اضطربت خطط داعش في منطقة شمال حلب أيضاً بسبب
معركة كوباني. قال أحد الصحفيين في بيروت: "اضطرت الدولة الإسلامية منذ
معركة كوباني إلى التخلي عن مهاجمة بقية المجموعات المتمردة المنافسة في منطقة
شمال حلب مثل لواء التوحيد المقرب من الإخوان المسلمين". من جهة أخرى،
اضطرت داعش إلى السماح لجبهة النصرة ـ الجناح السوري لتنظيم القاعدة بفرض سلطتها
على منطقة إدلب التي تطمح جبهة النصرة بإنشاء إمارة صغيرة فيها بدعم من مجموعة جند
الأقصى بزعامة القطري عبد العزيز القطري.
إذا
كانت الضربات ضد داعش قد استطاعت التقريب بين الدولة الإسلامية وجبهة النصرة لفترة
محددة، فإن الوساطة الأخيرة للإعلان عن هدنة بينهما قد فشلت. ما زال السكان
المحليون ينظرون بشكل سيء إلى داعش التي تضم في صفوفها بعض العراقيين والكثير من
الأجانب، وذلك بعكس جبهة النصرة التي يشكل السوريون أغلب عناصرها. باختصار، تنحني
داعش أمام العاصفة في سورية والعراق، ولكنها هزيمتها ما زالت أمراً بعيداً. قال
أحد الدبلوماسيين: "تعرض الجهاديون لضربة قوية، ولكن قدرتهم العسكرية ما
زالت هامة، والأموال التي يملكونها ما زالت تسمح لهم بشراء ولاءات العشائر
الضرورية لبقائهم على قيد الحياة".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق