صحيفة اللوموند 28 تشرين الأول 2014 بقلم مراسلها في الكيان الصهيوني
بيوتر سمولار Pieotr Smolar
لم تعد
إسرائيل تستطيع الاعتماد على الدعم غير المشروط من حلفائها الغربيين بعد التصويت
الرمزي للنواب البريطانيين بتاريخ 13 تشرين الأول حول الاعتراف بفلسطين. في هذا
السياق، اختار بنيامين نتنياهو التركيز على النتيجة غير المتوقعة للحريق الجهادي
في الشرق الأوسط: أي التقارب مع الدول العربية. هل هم أعداء الماضي، وشركاء
المستقبل؟ أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بتاريخ 20 آب عن "أفق دبلوماسي
جديد" يشمل بناء علاقات غير مسبوقة مع الدول السنية بالإضافة إلى
العلاقات الحالية مع مصر والأردن، أي مع السعودية ودول الخليج. قال مصدر حكومي
إسرائيلي: "هناك دبلوماسية الفطريات. تنمو الفطريات في الظلام بشكل أفضل.
لدينا اتصال هام جداً وسري مع هذه الدول. إن مصالحهم تتلاقى مع مصالح إسرائيل،
وربما للمرة الأولى في التاريخ. إن قطر هي الدولة العربية الوحيدة في الجامعة
العربية التي دعمت حماس".
تتعلق
هذه المصالح المشتركة بالاهتمامات الأمنية أولاً. إن منظمة الدولة الإسلامية تحشد
دول المنطقة، في حين أن الدولتين السورية والعراقية في حالة انهيار. ولكن هؤلاء
المقاتلين الجهاديين لا يتحدثوا عن النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني باعتباره حجر
الزاوية في إيديولوجيتهم، بل يتحدثون عن الانتقام من الشيعة. قال خبير الدبلوماسية
الإقليمية في معهد دراسات الأمن القومي إفريم كام Ephraim Kam: "إن
الدولة الإسلامية بالنسبة لنا هي تهديد بعيد. يتركز اهتمامنا بالترتيب على إيران
وحزب الله وحماس".
تشعر
إسرائيل بالقلق من الرغبة الغربية بالتوصل إلى اتفاق تاريخي مع طهران، وتريد
استباق التعليق المحتمل للعقوبات ضد إيران. ما زال حزب الله يمثل قلقاً هاماً
بالنسبة لإسرائيل. تتحدث الصحافة الإسرائيلية منذ بداية شهر أيلول عن التحليلات
التحذيرية من قبل الضباط الإسرائيليين، وذلك في الوقت الذي تتزايد فيه الحوادث على
الحدود مع لبنان. تطرق هؤلاء الضباط إلى القدرات العسكرية المتزايدة للحركة
الشيعية (حوالي مئة ألف قذيفة صاروخية، أي أكثر بعشرة مرات من حماس) وإلى أخطار
مواجهة جديدة أكثر مأساوية من حرب عام 2006.
يضع
نتنياهو كل من حزب الله وحماس والدولة الإسلامية على قدم المساواة. إن استخدام
موضوع "الحرب ضد الرعب" يسمح له بتجنب المواضيع التي تزعج
الولايات المتحدة والدول الأوروبية أكثر فأكثر: أي مواصلة الاستيطان المنهجي في
الضفة الغربية والتنازلات البسيطة من أجل فك الحصار عن قطاع غزة بعد الحرب في
الصيف الماضي.
ولكن
إذا نظرنا إلى ما هو أبعد من الاهتمامات الأمنية المشتركة بين
إسرائيل والدول العربية، هل تستطيع
إسرائيل بناء تحالف أكثر صلابة مع أعداء الماضي؟ أعرب بعض المحللين عن شكوكهم حيال
هذا الأمر مثل السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن إيتمار رابينوفيتش الذي قال:
"أنا متشكك إزاء موضوع هذا الأفق الجديد الذي يتحدث عنه نتنياهو.
من الواضح أنه حصلت تغيرات إقليمية عميقة، ولكن الاستفادة من هذه المعطيات تعتمد
على التقدم الملموس في علاقاتنا مع الفلسطينيين قبل أي شيء آخر. في حال عدم تحقيق
مثل هذا التقدم، هناك خطر بمواجهة تصاعد الضغوط على إسرائيل".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق