صحيفة اللوموند 2 شباط 2014 بقلم مراسلها الخاص في جنيف بنجامان
بارت Benjamin Barthe
مات
مؤتمر جنيف 2، عاش مؤتمر جنيف 3! تتوجه الأنظار نحو الجولة القادمة التي يُفترض أن
تبدأ بتاريخ 10 شباط، وذلك بعد نهاية الجولة الأولى من المفاوضات حول سورية يوم
الجمعة 31 شباط بنتيجة شبه معدومة، وتمسك وفدي النظام والمعارضة بمواقفهما. سيأتي
وفد المعارضة إلى هذا الموعد على أمل تعزيز تفوقه، وحافظ أعضاؤه على وحدة موقفهم
وهدوئهم خلال الأسبوع الماضي على الرغم من صعوبة المواجهة مع جلاديهم. قال الناطق
الرسمي باسم المعارضة منذر آقبيق مسروراً: "إنها المرة الأولى التي تم
فيها إجبار النظام السوري على سماع مطالب شعبه". يعرف المعارضون أنهم
يحطمون ما كان أمراً محرماً لوقت طويل، وقد عرفوا كيف يجدون الكلمات لتهدئة قلق
قاعدتهم، في الوقت الحالي على الأقل.
أظهر
الوفد الحكومي من جهته اضطراباً غير متوقع، وكان مرتبكاً بين موقفه المتشدد
وضرورات الدبلوماسية الأممية، وازدادت التصريحات الإعلامية غير الموفقة لأعضائه.
لقد صرّح وزير الإعلام عمران الزعبي يوم الجمعة 31 كانون الثاني أن "السلطة
لن تقدم أي تنازل"، وذلك بعد عدة ساعات من تصريح وزير الخارجية وليد
المعلم الذي تأسف "لعدم جدية ونضج" المعارضة. من المفترض أن
يستأنف مبعوثو دمشق المفاوضات بتاريخ 10 شباط على الرغم من أن وزير الخارجية لم
يؤكد ذلك. كرر مبعوثو دمشق في جنيف قائلين: "نحن لن ننسحب"، وهم
يدركون جيداً أن من ينسحب أولاً سيكون هو الخاسر في هذه المعركة الإعلامية.
ماذا
بعد هذا المؤتمر؟ قام المبعوث الخاص للأمم المتحدة حول سورية الأخضر الإبراهيمي
بتعداد عشر نقاط تبرر برأيه عدم فقدان الأمل من العملية الجارية، وقال: "يعرف
الطرفان أنه يجب عليهما التوصل إلى اتفاق حول تشكيل هيئة حكومية انتقالية تتمتع
بكامل السلطات" بموجب إعلان جنيف 1 الذي يمثل ثمرة التسوية الروسية ـ
الأمريكية في شهر حزيران 2012. اضطر فريق وليد المعلم في النهاية إلى القبول
بمرجعية هذا الاتفاق تحت ضغط الحدث، وقد أشارت رسالة الدعوة التي وجهها الأمين
العام للأمم المتحدة بان كي مون إلى هذه المرجعية. ولكن المعلومات التي تسربت من
جلسات المفاوضات تُظهر أن المعارضين والموالين ما زالوا يقدمون تفسيراً متعارضاً
تماماً لهذا الاتفاق.
تعتبر المعارضة المدعومة من قبل القوى الغربية
العظمى أن الهيئة الحكومية الانتقالية تمثل كياناً مستقلاً يشمل السلطات التي
تتمتع بها الحكومة والرئاسة، وهذا يستوجب إبعاد بشار الأسد. قال أحد الدبلوماسيين
الأوروبيين: "تم تفضيل مصطلح الهيئة Instance على مصطلح الحكومة ضمن هذا
المنظور". فيما يتعلق بوفد دمشق المدعوم من الكريملين، فإنه
يتجاهل كلياً هذه الاختلافات اللغوية الدقيقة، ويعتبر أن هذه الهيئة الحكومية
الانتقالية لن تكون في أفضل الأحوال إلا حكومة وحدة موسعة تضم بعض عناصر المعارضة
تحت سلطة الرئيس الحالي الذي سيرشح نفسه إلى الانتخابات الرئاسية في الصيف القادم.
من أجل التوصل إلى حل لهذا الموضوع، يسعى الأوروبيون إلى الاعتماد على الأداء
الجيد للمعارضة. تتضمن إحدى الاحتمالات المعتمدة القيام بتعزيز وفد المعارضة ببعض
الشخصيات التي بقيت بمعزل عن الجولة الأولى من المفاوضات.
من
المفترض أن يتم امتحان مدى الاستعداد الروسي للضغط على حليفه السوري مرة أخرى يوم
الثلاثاء 4 شباط بمناسبة زيارة رئيس وفد المعارضة أحمد الجربا إلى موسكو. ظهر
الانزعاج بشكل واضح على وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف خلال الكلمة الطويلة
للسيد وليد المعلم في مونترو أثناء افتتاح مؤتمر السلام، وهذا ما لاحظته جميع
الحكومات الغربية. حذر أحد الصحفيين اللبنانيين المقربين من دمشق قائلاً: "لا
يهتم النظام بأدائه في المفاوضات. لقد قدم هدية إلى روسيا عبر قبوله بالذهاب إلى
جنيف. ولكن اهتمامه الوحيد هو ساحة المعركة. إنه يريد حل الأزمة بالقوة".
يعرف المعارضون ذلك، وقد استعدوا له. أعرب أحمد الجربا بصراحة يوم الجمعة 31 كانون
الثاني عن سروره من تزايد الدعم العسكري إلى التمرد. حذر أحد قادة المعارضة برهان
غليون قائلاً: "سوف تتزايد حدة النزاع. سيحاول النظام أن يتقدم على الأرض
من أجل فرض وجهة نظره في الجولة القادمة للمفاوضات. ونحن أيضاً".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق