الصفحات

السبت، ١٥ شباط ٢٠١٤

(الروس والدول الغربية يتواجهون حول الملف الإنساني في سورية على الرغم من الوضع العاجل)

صحيفة اللوموند 15 شباط 2014 بقلم مراسلتها في نيويورك ألكسندرا جينيست Alexandra Geneste

     تغرق المفاوضات في جنيف، وتسود الخيبة في نيويورك، وتتم خطوات صغيرة في حمص. يبدو أن الملف السوري لن يخرج من المأزق أبداً بعد مرور ثلاث سنوات على النزاع. يسعى مجلس الأمن للأمم المتحدة بشكل يائس إلى التوصل لتسوية بهدف تبني أول قرار حول توفير منفذ للمساعدة الإنسانية، وذلك في الوقت الذي تصل فيه الجولة الثانية لمفاوضات السلام في مؤتمر جنيف 2 إلى نهايتها بدون التوصل إلى أية نتيجة.
     بادرت استراليا واللوكسمبورغ والأردن بإطلاق هذه المبادرة التي ما زالت في مرحلتها التجريبية الأولى. تتحدث الدول الغربية في مجلس الأمن عن هذا الاحتمال منذ عام. قال السفير الفرنسي في الأمم المتحدة جيرار آرو Gérard Araud أن هذا النص "معتدل، ولا يثير الاستفزاز"، وطلب "إنهاء الحصار على المدن والمدنيين المحاصرين فيها، وإنهاء القصف العشوائي الذي يقوم النظام السوري به، ونزع السلاح من المستشفيات والمدارس وجميع البنى التحتية المدنية، والسماح بمنفذ إنساني عبر الحدود السورية".
     تبنى مجلس الأمن بياناً غير ملزم يدعو إلى تسهيل دخول الوكالات الإنسانية بتاريخ 2 تشرين الأول 2013، ولم يتحقق إلا تقدم بسيط منذ ذلك الوقت مثل حصول فرق العمل الإنساني على تأشيرات الدخول بالقطارة أو السماح بمرور بعض القوافل. أشارت الأمم المتحدة إلى أن 9.3 مليون سوري، أي حوالي نصف السكان، بحاجة إلى مساعدة إنسانية، من بينهم 250.000 مدني محاصرين داخل المدن المحاصرة. قال مسؤول مكتب منظمة العفو الدولية في الأمم المتحدة بنيويورك جوزيه لويس دياز José Luis Diaz: "وقع المدنيون بين نارين، وهم محرومون من المساعدة الإنسانية منذ وقت طويل. تغرق المحادثات في جنيف، ولم يعد هناك وقت لإضاعته أمام مجلس الأمن من أجل ضمان مساعدة إنسانية إلى جميع المدنيين المحتاجين".
     إذا كانت رئيسة العمليات الإنسانية في الأمم المتحدة فاليري أموس قد وصفت إخلاء 1400 مدني من مدينة حمص بأنها "ناجحة نظراً للظروف الصعبة جداً"، فإنها ترفض فكرة أن تجعلها "نموذجاً". أكدت فاليري أموس أمام مجلس الأمن يوم الخميس 13 شباط أن هذه العملية لم تكن ممكنة لولا أربعة عشر شهراً من المفاوضات الصعبة مع الحكومة السورية، وقالت أمام جميع  أعضاء المجلس: "يجب أن نحصل على الوسائل للقيام بعملنا على الجبهة الإنسانية، ويجب استخدام نفوذ الدول الأعضاء على أطراف النزاع لكي يحترموا بعض فترات الراحة ـ الإنسانية ـ وتسهيل وصول المساعدة وتجنب استهداف فرقنا أثناء قيامهم بتسليم هذه المساعدة". يعتمد عرابو القرار الإنساني على دعمها من أجل المصادقة على شرعية مبادرتهم. أعربت منسقة أعمال الإغاثة عن أسفها بأن البيان الذي تم تبنيه في شهر تشرين الأول 2013 "لم ينجح"، وقالت: "أنا أحضكم على التحرك الآن من أجل فرض احترام مبادىء ميثاق الأمم المتحدة".
     هل سيُصغي الروس إلى ندائها بعد أن قدموا مشروعاً مضاداً للنص الغربي الذي وصفته موسكو بأنه "غير مقبول" لأنه "منحاز وسياسي"؟  أكد مصدر دبلوماسي غربي عقب النقاشات مع الروس يوم الخميس 3 شباط بهدف دمج المشروعين في قرار واحد قائلاً: "لم نشعر بمعارضة مباشرة من قبلهم". تتعلق المقاومة الروسية الوحيدة بإمكانية العقوبات اللاحقة التي وردت في المشروع الغربي في حال قيام الأطراف المتنازعة بعرقلة المساعدة الإنسانية. إنه تهديد لا تنوي روسيا سماع الحديث حوله. اعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن "الإرهاب ليس مشكلة أقل حدة من المشكلة الإنسانية" مستعيداً المصطلح الذي تستخدمه دمشق لوصف التمرد. يُركز النص الروسي على تصاعد الإرهاب في سورية، والهدف من ذلك هو أن يضع على قدم المساواة انتهاكات القانون الدولي المرتكبة من قبل المعارضة السورية والانتهاكات التي ترتكبها قوات النظام السوري. حذر مصدر في الأمم المتحدة قائلاً: "نحن لا نستطيع قبول مثل هذا الخلط"، وأكد أن الجيش السوري يحاصر 80 % من المدن المحاصرة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق