الصفحات

الأربعاء، ٥ شباط ٢٠١٤

(الجيش السوري يستأنف الهجوم على حلب بعد المفاوضات في جنيف)

صحيفة اللوموند 5 شباط 2014 بقلم بنجامان بارت Benjamin Barthe

     لم يتأخر النظام السوري عن الرد بعد أن هزته المعارضة خلال مفاوضات السلام في الأسبوع الماضي. منذ تعليق المفاوضات يوم الجمعة 31 كانون الثاني، تزايدت غارات طائراته المروحية ضد أحياء حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة، مما أدى إلى مقتل حوالي 150 شخصاً أغلبهم من المدنيين. أدى القصف ببراميل المتفجرات إلى مقتل 26 شخصاً على الأقل منهم 11 طفلاً يوم الاثنين 3 شباط. هذه الأرقام منقولة عن المرصد  السوري لحقوق الإنسان الذي يملك شبكة واسعة من المراسلين على الأرض. أشار هذا المصدر نفسه إلى مقتل 85 شخصاً أثناء القصف يوم السبت 1 شباط، و 36 آخرين يوم الأحد 2 شباط. قال مروان أبو عمر، أحد الناشطين الثوار عبر السكايب: "مررت بحي الياسر، وهو أحد الأحياء المستهدفة من قبل النظام، بعد عدة ساعات من الانفجارات. إن مستوى التدمير مرعب. إنه يشبه المدن الأوروبية التي قصفتها الطائرات الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية". أدت هذه المجزرة إلى رحيل أعداد كبيرة من سكان الجزء الشرقي من حلب الذي يُسيطر عليه المتمردون. لجأ جزء منهم إلى تركيا، وهرب الجزء الآخر إلى المناطق الغربية للمدينة التي ما زالت بأيدي النظام السوري. اصطفت طوابير طويلة يوم الاثنين 3 شباط أمام نقاط التفتيش التي تفصل بين جزئي المدينة.
     بشكل موازي، يتقدم الجيش السوري بخطوات صغيرة في شرق وشمال حلب، وذلك بدعم من حلفائه الشيعة اللبنانيين والعراقيين. أشارت صحيفة الوطن المقربة من السلطة إلى أن القوات النظامية تطمح إلى محاصرة أعدائها بين فكي كماشة. قال مروان أبو عمر: "ما زال بشار يعتقد بأنه قادر على الانتصار عسكرياً، ولكنه يتوهم. إذا لم يكن قادراً على استعادة مدينة صغيرة مثل داريا الواقعة بالقرب من مناطق نفوذه، فكيف سيتمكن من استعادة مدينة كبيرة مثل حلب؟".
     على أي حال، استفاد المعسكر المؤيد للأسد من الفوضى السائدة بين المتمردين منذ اندلاع الحرب داخل الحرب في بداية شهر كانون الثاني، أي إلحرب بين جهاديي الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التابعة لتنظيم القاعدة وبين بعض الكتائب الأكثر اعتدالاً، ذات التوجه القومي أو الإسلامي، التابعة للجيش السوري الحر والجبهة الإسلامية. تلوم هذه الكتائب الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام (داعش) بأنها تريد الهيمنة وأنها ارتكبت الكثير من أعمال الترهيب. في البداية، استطاعت هذه الكتائب طرد خصومها من مستشفى حلب الذي كان يمثل مركز العمليات لداعش. ولكن الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التي تتألف بمعظمها من المتطوعين الأجانب، لم تخسر المعركة حتى الآن سواء في حلب أو بقية أنحاء البلد. نفذ أعضاؤها ضربة هامة يوم الأحد 2 شباط عندما قتلوا عدنان بكور قائد لواء التوحيد التابع للجبهة الإسلامية في عملية تفجير بسيارة مفخخة أمام الأكاديمية العسكرية بحلب. ثم استولى الجهاديون على جزء من هذه الأكاديمية التي كانت كتيبة لواء التوحيد قد استولت عليها في شهر كانون الأول 2012.
     يظهر أن داعش واثقة من قوتها، ورفضت في نهاية شهر كانون الثاني اقتراح الهدنة الذي طلبه الشيخ السعودي عبد الله بن محمد المحيسني، وهو داعية سلفي يقيم في شمال سورية منذ عام 2013. يتواجد هذا الداعية على الشبكات الاجتماعية بكثرة، واكتسب شهرة كبيرة بالعمل كممول ومرشد روحي للكتائب الإسلامية. ولكن داعش أفشلت محاولته للمصالحة، وطالبت بأن يقطع معارضيها علاقتهم مع حلفائهم الغربيين والعرب بشكل مسبق.

     يأتي هذا الهروب إلى الأمام في الوقت الذي انتقد فيه تنظيم القاعدة مرة أخرى الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام. أكد هذا التنظيم الذي أسسه أسامة بن لادن في بيان نشره على الأنترنت يوم الأحد 2 شباط رغبته بالتنصل من الأعمال التي تضر بـ "المجاهدين والمسلمين وغير المسلمين"، وأكد أن الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "ليست فرعاً لتنظيم القاعدة". إن جبهة النصرة هي وحدها، من بين جميع الكتائب الجهادية الناشطة في سورية، التي تحظى بالاعتراف الرسمي لرئيس تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق