صحيفة اللوموند 25 آذار 2014 بقلم
مراسلها الخاص في الكويت بنجامان بارت Benjamin Barthe
يحمل
أمير الكويت صباح الأحمد الصباح الذي يبلغ عمره ثمانين عاماً على عاتقه الأمل بحل
الأزمة المستمرة منذ ثلاثة أسابيع بين السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر.
يأمل أمير الكويت بالتفاوض على تهدئة التصعيد في هذه "الحرب الباردة"
أثناء القمة العربية المرتقبة في الكويت يومي 25 و26 آذار. قالت الوزيرة السابقة
رولا داشتي، المقربة جداً من القصر الأميري: "لن يكون ذلك سهلاً لأن
الدوحة والرياض تتمسكان بمواقفهما حتى الآن. ولكن الأمير حقق عدة نجاحات في مجال
الوساطة سابقاً".
سحبت
السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين سفراءهم من قطر في بداية الشهر،
وهددت السعودية والإمارات العربية المتحدة باتخاذ عقوبات إضافية إذا استمرت الدوحة
بدعم الإخوان المسلمين الذي تعتبرهم "منظمة إرهابية" من الآن
فصاعداً. أشارت الصحافة الكويتية إلى أن المرحلة الثانية من العقوبات الانتقامية
ستكون "المقاطعة" الاقتصادية والدبلوماسية ضد قطر، مع اتخاذ
إجراءات أخرى مثل إغلاق المجال الجوي السعودي والإماراتي أمام طائرات شركة الطيران
القطرية. أسرّ أحد الدبلوماسيين المقربين من هذا الملف قائلاً: "إن
الكويتيين قلقون جداً، ويُذكرهم السلوك القطري تجاه السعودية بالموقف الكويتي تجاه
العراق قبل هجوم قوات صدام حسين عام 1990. إنهم يعتقدون بأن هذه الأزمة ستنتهي
بشكل سيء حتماً. كان غزو عام 1990 صدمة
كبيرة لهم، واستخلصوا منه العبرة: إن بلداً غنياً وصغيراً مثل بلدهم، ومحاطاً بدول
كبيرة مثل العراق وإيران والسعودية، لا يجب أن يُخاطر بنفسه على الساحة الدولية".
تتمسك
الكويت منذ ذلك الوقت بموقف وسطي بين السعودية وحليفها الإماراتي وتابعها البحريني
من جهة، وقطر وعُمان اللتين تعارضان بقوة التقيّد بمواقف الرياض من جهة أخرى. سمحت
هذه الاستراتيجية للشيخ الصباح باقتراح مساعيه الحميدة في جميع الخلافات بالمنطقة
مثل النزاع الحدودي بين البحرين وقطر في نهاية التسعينيات أو قضية التجسس بين
الإمارات العربية المتحدة وعُمان عام 2011، بالإضافة إلى انجازه الكبير في التقريب
بين ملك السعودية عبد الله والرئيس السوري بشار الأسد عام 2009.
يبدو
أن الأزمة بين الرياض والدوحة هي الأكثر استفحالاً بين الأزمات التي تدخل فيها
الأمير الكويتي. تعتبر السعودية والإمارات العربية المتحدة أن خطابات الشيخ يوسف
القرضاوي على تلفزيون الجزيرة بمثابة تهديد غير مقبول لاستقرارهما. يُلاحق القادة
السعوديون والإماراتيون جميع الجمعيات التي تدور في فلك الإخوان المسلمين بدون
هوادة، وذلك خوفاً من إصابتهم بعدوى حركات التمرد التي أسقطت العديد من نظرائهم.
يُضاف إلى هذه الحسابات بعض الاعتبارات المتعلقة
بالسياسة الخارجية. إن النشاط الدبلوماسي للدوحة، ورفضها للانقلاب العسكري في مصر،
وتدخلها في شؤون المعارضة السورية، وتمسكها بالمحافظة على علاقات ودية مع إيران،
تعتبره الرياض تهديداً لزعامتها الإقليمية. كما ترفض قطر وعُمان المشروع الهادف
إلى تحويل مجلس التعاون الخليجي إلى اتحاد سياسي، خوفاً من يؤدي إلى هيمنة
السعودية، وينتهي بمواجهة مع طهران. قال الباحث السياسي عبد الله الشايجي: "إن
خطر التصعيد حقيقي، كما أن السعودية خائفة جداً من تقارب الولايات المتحدة مع
إيران".
كان
الكويتيون والكثير من المراقبين في الخليج ينتظرون أن يتبنى الأمير القطري الجديد
موقفاً أقل تشدداً من والده حمد، ولكنهم أخطأوا بالتقدير. قال أستاذ العلوم
السياسية في جامعة الكويت غانم النجار: "يخاف القطريون دوماً من
السعوديين، وتتمثل طريقتهم في حماية أنفسهم بإفتعال الكثير من الضجيج".
يعتبر مستشارو الأمير الكويتي أن ثبات موقف السياسة القطرية يمثل مؤشراً على أن
حمد آل ثاني ورئيس وزرائه السابق حمد بن جاسم ما زالا يتحكمان بالسياسة القطرية في
الكواليس، أكدت رولا داشتي قائلة: "إن تميم لا يُقرر، الأمر الذي يجعل هذه
القضية صعبة الحل".
في
هذا السياق، لا أحد ينتظر أن يتوصل الأمير الصباح إلى نتيجة في قمة الكويت. من
المنتظر أن يصل الرئيس الأمريكي إلى الرياض يومي 28 و29 آذار، ولا شك أن هذه
الأزمة ستكون امتحانا له نظراً لأنها تتعلق باثنين من حلفائه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق