صحيفة الفيغارو 26 آذار 2014 بقلم
جورج مالبرونو Georges
Malbrunot
كان
من المنتظر أن يأتي هجوم المتمردين انطلاقاً من الجنوب عبر الأردن بفضل المساعدة
اللوجستية السعودية. ولكن رد معارضي الأسد جاء أخيراً من شمال سورية عبر تركيا
بفضل الأسلحة الجديدة التي أرسلتها قطر، وذلك بعد هزائم الأسبوع الماضي في يبرود
وقلعة الحصن. شمل الهجوم المضاد ثلاث مناطق: الهجوم الأول على حلب التي خسر فيها
النظام أحياء الليرمونة وجبل الشوينة المطلة على غربي حلب، وتكبد فيها بعض
الخسائر. أدى هذا التقدم إلى إضعاف الحي الحكومي في الزهرة الواقع شمال ـ غرب حلب،
يتواجد في هذا الحي مركز أجهزة المخابرات الجوية الذي يسعى المتمردون إلى السيطرة
عليه منذ عدة أشهر. وقع الهجوم الثاني في
محافظة إدلب التي تخلى فيها النظام عن بعض المواقع القريبة من خان شيخون، ولم يعد
النظام يملك في هذه المنطقة إلا القواعد العسكرية في وادي ضيف والحميدية المحاصرة
التي يصلها التموين عبر الجو. أخيراً، بدأ الهجوم الثالث على منطقة اللاذقية منذ
أسبوع من قبل ثلاث مجموعات إسلامية (جبهة النصرة وشام الإسلام وأنصار الإسلام)،
كانت هذه المنطقة بعيدة نسبياً عن المعارك حتى الآن، وتسكنها أغلبية علوية، وهي
أحد المعاقل الرئيسية للنظام.
استولى المتمردون يوم الاثنين 24 آذار على مركز
كسب الحدودي، أحد آخر نقاط العبور الرسمية التي بقيت بأيدي النظام على الحدود مع
تركيا. كما سيطروا على مدينة كسب الأرمنية الواقعة على مسافة ستة كيلومترات من
الحدود مع تركيا، وما زالت المعارك محتدمة في القرى الصغيرة المجاورة. أشار المرصد
السوري لحقوق الإنسان إلى أن سلاح الطيران رد بإطلاق براميل المتفجرات على المنطقة
القريبة من جبل التركمان، وأحصى 170 قتيلاً على الأقل من الجانبين. اتهمت دمشق
تركيا بتقديم مساعدة قوية إلى الجهاديين. أسقط الطيران التركي طائرة سورية يوم
الأحد 23 آذار بعد انتهاكها للمجال الجوي التركي نقلاً عن السلطات التركية، ولكن
سورية نفت انتهاكها له.
قال
الباحث فابريس بالانش Fabrice Balanche: "يريد
المتمردون قطع الطريق الواصل بين قرية كسب الأرمنية واللاذقية التي يسودها هدوء
نسبي منذ بداية النزاع قبل ثلاث سنوات". ربما استولى المتمردون أيضاً يوم
الثلاثاء 25 آذار على ميناء سمرة بالقرب من الحدود مع تركيا، الأمر الذي قد يسمح
لهم بالحصول على نقطة تموين بحرية خاصة بهم. إن هذا الهجوم الذي لا يُهدد النظام،
لم يأت بمحض الصدفة. أعرب أحد مسؤولي المعارضة عن سروره قائلاً: "حصلنا
على الأسلحة التي وعدتنا بها قطر، ولاسيما صواريخ أرض ـ جو". تسعى قطر
عبر إرسال هذه الأسلحة إلى تعزيز قدرة التحرك لدى المجموعات المقربة منها على حساب
بقية المجموعات المدعومة من خصمها السعودي.
إن
المقصود بهذا الهجوم هو إظهار أن التمرد لم يقل كلمته الأخيرة في الوقت الذي تنعقد
فيه القمة العربية في الكويت حول المأساة السورية. ويأتي ذلك بعد عدة أيام من كلام
روبرت فورد، المسؤول المستقيل عن الملف السوري في وزارة الخارجية الأمريكية، عندما
قال متأسفاً بعد عودة إلى الولايات المتحدة: "سيبقى الأسد في السلطة على
المدى المتوسط الأجل، ولم تنجح المعارضة في طمأنة الأقلية العلوية من أجل التخلي
عن الأسد".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق