صحيفة اللوموند 3 ـ 4 آب 2014 بقلم
الأستاذ في معهد العلوم السياسية في باريس جان بيير فيليو Jean-Pierre Filiu
لا شك
أن أبو بكر البغدادي أصبح أخطر رجل في العالم حالياً. لقد قام بتنصيب نفسه "الخليفة
إبراهيم" ملوثاً اللقب الأكثر نبلاً في الإسلام، أي خليفة الرسول محمد.
يهدف الترهيب الذي تمارسه الدولة الإسلامية إلى التوسع، وهذا ما أظهرته في سورية. نجح
التحالف الثوري في سورية بطرد أنصار البغدادي من حلب في بداية العام، ولكنه تكبد
خسائر جسيمة. لقد برهنت هذه "الثورة الثانية" ضد الجهاديين هذه
المرة على أنه يمكن إلحاق الهزيمة بالدولة الإسلامية وإبعاد رجالها.
أطلق البغدادي إنذاره إلى الطائفة المسيحية في
الموصل لإجبارها على اعتناق الإسلام فوراً أو دفع الجزية تحت طائلة حد السيف. إن هذه
الكارثة هي النتيجة المباشرة للغزو الأمريكي للعراق عام 2013، وعدم اكتفائه بإسقاط
الدكتاتور صدام حسين بل وإسقاط الدولة العراقية أيضاً. هناك قوتان فقط قادرتان
اليوم على مواجهة التحدي الجهادي في المنطقة واحتوائه أو حتى إبعاده هما: الثوار
السوريون وأكراد العراق.
من غير المجدي الاعتماد على "الجيوش"
الحكومية في هاتين الدولتين لأنها لم تعد إلا حرساً للدكتاتور ومكرسة للدفاع عن
سيدها بشار الأسد في دمشق ونوري المالكي في بغداد، أو الاعتماد على الميليشيات
الطائفية التي يخشاها السكان أكثر من الجهاديين. فيما يتعلق بتركيا، إنها تلتزم
الصمت لأنها تخشى على مصير عشرات المواطنين الأتراك الذين يعتقلهم الجهاديون في
القنصلية التركية في الموصل.
إن الثوار السوريين ضعفاء عسكرياً ومنقسمون
سياسياً، ولكنهم يحظون بدعم الأغلبية العربية والسنية من أجل كسر هذه الحلقة
المفرغة المتمثلة بالمواجهات الطائفية التي يتغذى الجهاديون منها. نشرت حكومة
إقليم كردستان سلطتها في شمال العراق، الأمر الذي أثار قلق بقية الأطراف ولاسيما
مع احتمال الإعلان عن الاستقلال الكردي، ولكن حكومة إقليم كردستان تستقبل موجات
اللاجئين الذين يهربون من ترهيب البغدادي. يتابع الثوار السوريون والأكراد
العراقيون أهدافهم الخاصة، ولكن مع مواجهة الوحش الجهادي. إن معركتهم هي معركتنا.
نحن جميعاً مسيحيو العراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق