صحيفة الفيغارو 4 آب 2014 بقلم
صامويل فوري Samuel
Forey
تراجع الأكراد على الأرض للمرة الأولى منذ
استيلاء جهاديي الدولة الإسلامية على الموصل بتاريخ 10 حزيران. تجمع المقاتلون
الإسلاميون أولاً في بلدة زومار في شمال ـ شرق الموصل بمحاذاة الأراضي الكردية.
تمثل هذه البلدة موقعاً إستراتيجياً لعدة أسباب: أولاً، بسبب حقولها النفطية. يمثل
النفط مصدراً ضرورياً للدولة الإسلامية التي تمول نفسها بفضل تهريب النفط الخام.
ثانياً، تقع بلدة زومار بالقرب من أكبر سد في العراق. إذا كان الجهاديون لا ينقصهم
النفط، فإنهم بحاجة إلى الكهرباء: تعاني عاصمتهم الموصل من انقطاع الكهرباء لفترات
طويلة. إن السيطرة على زومار ضرورية من أجل السيطرة على السد. سقطت هذه البلدة
بأيدي الجهاديين في اليوم الأول للهجوم، ولكن دون معرفة الجهة التي تُسيطر على المولدات
الكهرمائية حتى الآن.
توجه
الجهاديون بعد ذلك نحو سنجار الواقعة غرب الموصل. قال الباحث السياسي عبد الله
حويز Abdulla Hawez المقيم في
كردستان العراق: "إن سنجار مدينة كردية ـ يزيدية بشكل أساسي. إنها مدينة
هامة جداً بالنسبة للأكراد، وتمثل تقدماً حاسماً بالنسبة للدولة الإسلامية".
استولى الجهاديون على هذه المدينة بعد المعارك التي نشبت مساء السبت 2 آب وحتى
صباح اليوم التالي، الأمر الذي أدى إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان. لأن اليزيديين
يمثلون أقلية دينية لا تُعتبر جزءاً من أديان الكتاب المقدس ـ اليهودية والمسيحية
والإسلام ـ حسب القرآن. يعني ذلك أنهم عبدة الشيطان بالنسبة لجهاديي الدولة
الإسلامية الذين لا يترددون عن قتل الذين يعتبرونهم ملحدين. أشارت الأمم المتحدة
إلى هروب مئتي ألف شخص من سنجار، وصرح مبعوث الأمم المتحدة في العراق نيكولاي
ملادينوف Nickolay Mladenov قائلاً: "إنها
مأساة إنسانية".
كان
الأكراد العراقيون بمنأى عن تقدم الدولة الإسلامية نسبياً حتى الآن. كان الجهاديون
يختبرون القدرات الدفاعية للمقاتلين الأكراد في البشمركة دون مهاجمتها فعلاً، وذلك
إلى درجة ظهور شكوك بوجود اتفاق بين الطرفين. ولكن الاستيلاء على زومار وسنجار
يشكل منعطفاً هاماً، وأصبحت الحرب مفتوحة هذه المرة. وجهت الدولة الإسلامية
إنذاراً إلى الأكراد لإخلاء معبر الرابية الحدودي مع سورية، إنه طريق واسع
بالإضافة إلى سكة حديدية، وتوسع ضروري من أجل الاستمرارية البرية للخلافة الجديدة
التي تتوسع أكثر فأكثر في العراق وسورية.
ولكن
المعركة ربما لم تنته حتى الآن. بدأ الأعداء التاريخيون بالتقارب: أي الأكراد
السوريين (وحدات حماية الشعب الكردي) والأكراد العراقيين (الحزب الديموقراطي
الكردستاني). تمثل وحدات حماية الشعب الكردي الميليشيا الكردية الأساسية في سورية،
وهي تابعة لحزب العمال الكردستاني الماركسي، وهم أعداء تركيا، ويواجهون الجهاديين
في سورية لوحدهم. أما الأكراد العراقيين فهم حلفاء لتركيا، ومنفتحون على اقتصاد
السوق مثل الحزب الديموقراطي الكردستاني على الأٌقل، ويتمتعون بحماية الولايات
المتحدة. لم يهب الأكراد العراقيون لنجدة إخوانهم الأكراد في سورية بشكل فعلي،
ولكن ذلك لم يمنع الناطق الرسمي باسم وحدات حماية الشعب الكردي من الإعلان عن إرسال
قواته إلى مدينة سنجار بعد استيلاء الجهاديين عليها.
إنها
المرة الأولى التي يُوحد فيها الأكراد قواتهم رسمياً على الأرض، واعتبرها المحلل
السياسي عبد الله حويز "تحولاً كبيراً" لمصلحة الأكراد
العراقيين، وقال: "إن الأكراد السوريين أفضل تدريباً على القتال وأكثر
خبرة في مواجهة الجهاديين الذين يواجهونهم منذ فترة طويلة". لا شك أن
معركة سنجار لم تنته.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق