افتتاحية صحيفة الفيغارو 13 آب 2014 بقلم
فيليب جيلي Philippe Gélie
من
النادر أن يكون تسليح أحد الأطراف هو السياسة الأفضل في بلد يعيش حرباً أهلية.
شاهدنا كثيراً بعض عمليات تسليم الأسلحة إلى حلفاء فرضتهم الظروف، وانتقال هذه
الأسلحة إلى طرف آخر لتعزيز المعسكر المعادي كما حصل مع الطالبان. ولكن هناك أوضاع
لا تسمح بخيار آخر، وهذا هو الحال اليوم في العراق الذي انهارت فيه الدولة
المركزية، وتُهدده الدولة الإسلامية، ويظهر فيه أن الأكراد هم نقطة الارتكاز
الأخيرة المؤتمنة نسبياً للدول الغربية. يعتمد الغرب على الأكراد لاحتواء أو صد
الجهاديين، وحماية المسيحيين وبقية الأقليات المضطهدة، بدون زعزعة استقرار العراق
بشكل أكبر بسبب قوتهم الجديدة الناجمة عن الأسلحة الحديثة والثروة النفطية.
يجب
ألا نعيش في الأوهام: إن هذا الرهان على المستقبل خاطئ جزئياً. هناك رهان على
الأكراد لكي ينقذوا العراق في حدوده الحالية، مع العلم أن هدفهم التاريخي هو إقامة
دولة تجمع هذا الشعب المشتت بين تركيا وسورية والعراق وإيران. ولكن تقسيم سورية
والعراق أصبح أمراً واقعاً من الناحية العملية. أخذ الأمريكيون والأوروبيون علماً بهذا
التقسيم دون أن يقولونه عبر قيامهم بتسليح الأكراد، وبدؤوا بإقامة حزام أمني حول
الجرح الإسلامي المُتقيّح بسبب عدم قيامهم بحرب مباشرة ضد "الخلافة"
العراقية ـ السورية لأنها تستوجب غزو العراق من جديد.
لاشك
أن هذا المنطق ستنجم عنه بعض العواقب. ستكون هناك حاجة قريباً لمساعدة الأردن
المهدد من الدولة الإسلامية، ومساعدة لبنان الذي بدأ بقتال الجهاديين على حدوده مع
سورية. لا يجب نسيان تركيا بصفتها قوة إقليمية على الخط الأول حول المسألة
الكردية، وإسرائيل بصفتها المحور المركزي للأمن في المشرق. لابد من عقد أو عقدين
لظهور الآثار الناجمة عن هذه المعطيات الجديدة التي فرضتها الظروف ولم تخضع لتفكير
عميق، ولكنها تُنبؤ بتغيير وجه الشرق الأوسط عبر ولادة تحالفات جديدة وحدود جديدة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق