صحيفة اللوموند 14 آب 2014 بقلم ثلاثة رؤساء
سابقين للحكومة الفرنسية هم: فرانسوا فيون وآلان جوبيه وجان بيير رافاران، وهم
يترأسون حالياً بشكل جماعي الحزب المعارض حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية
الشرق الأوسط يحترق، وأوروبا تنظر باتجاه آخر.
إن جميع التوازنات الهشة في هذه المنطقة مهددة. فقدت الولايات المتحدة وروسيا
جزءاً كبيراً من نفوذهما في هذه المنطقة. تبرز قوى جديدة هي إيران وتركيا. الدول
العربية ضعيفة بسبب الفوضى الحاصلة في مجتمعاتها. نجم عن ذلك بروز نزاع ديني بين
الشيعة والسنة، وتسبب بنتائج مأساوية على الأقلية المسيحية في المشرق. وصل النزاع
الإسرائيلي ـ الفلسطيني إلى مأزق دامي في غزة.
إن
التدخل ليس فقط واجباً على أوروبا بل هو في مصلحتها أيضاً: لدينا بعثة لحماية
مسيحيي الشرق منذ خمسة قرون، ويجب علينا تحمل مسؤوليتها. إن الفوهة البركانية
المفتوحة في سورية والعراق تُغذي التهديد الإرهابي الفرنسي ـ الأوروبي الذي يمكن
أن ينجم عنه غداً نتائج مخيفة على أمن بلدنا وأمن أوروبا. أخيراً، إنها منطقة هامة
بالنسبة لأمننا على صعيد الطاقة.
تتأرجح السياسة الخارجية الفرنسية في الشرق
الأوسط منذ سنتين بين السلبية والانقياد، والسياسة الأوروبية في هذه المنطقة غير
مقروءة. لا يمكننا الاكتفاء بكوننا متفرجين منخرطين أمام المأساة الحاصلة أمام
أعيننا: يجب علينا الاستجابة بدون تأخير للأوضاع الإنسانية العاجلة في غزة
والعراق. في الواقع، هناك مئتا ألف شخص من الطائفة المسيحية بشكل أساسي يجب
إغاثتهم بسرعة في كردستان العراق.
تذهب
المبادرات الفرنسية والبريطانية في الاتجاه الصحيح، ولكنها غير كافية. من الضروري
أن يكون هناك انخراط شامل للاتحاد الأوروبي، ويجب أن يحصل الآن! إن مسألة استقبال
اللاجئين في بلادنا بسبب هذا النزاع يجب حلها بشكل جماعي. إن دعمنا للأعمال
العسكرية بهدف إيقاف تقدم الجهاديين يجب أن يكون بدون غموض. أخيراً، يجب علينا
الأخذ بعين الاعتبار التوازنات الجغراسياسية الجديدة وإشراك تركيا وإيران ودول
الخليج في حل هذه الأزمة.
إن رؤساء الدول والحكومات هم وحدهم القادرون
على إعطاء الدبلوماسية الأوروبية الشرعية والقوة الضروريتين من أجل التحرك. إن
انخراط رؤساء الدول والحكومات هو وحده القادر على السماح ببداية الحوار الإقليمي،
ولا يمكن بروز أي حل بدون هذا الحوار.
لا
يجب أن تكون العطلة الصيفية عقبة أمام التعبئة العامة للأوروبيين، وبدون هذه
التعبئة العامة سيكون هناك خطر بأن تصبح المآسي التي يعيشها المسيحيون في العراق
وسورية والسكان المدنيون في غزة بمثابة الصواعق المتفجرة لأزمة عالمية خطيرة ستؤثر
على مستقبلنا المشترك لفترة طويلة. تولد الرغبة بالعنف والحرب من ضعف الدبلوماسية.
إن العودة إلى دبلوماسية مُتميّزة وغير منحازة ولكن قادرة على الإقناع، ولاسيما
بالنسبة لأوروبا، ما زالت الوسيلة لكي تتحمل فرنسا مسؤولية مهمتها.
السيد الرئيس، لكي تتمكن فرنسا من إسماع صوتها
اليوم في مواجهة الأوضاع الطارئة على الساحة الدولية، يجب عليها التحلي بالشجاعة
في المبادرة وأن تطلب انعقاد مجلس أوروبي استثنائي دون تأخير، وأن تقترح على جدول
الأعمال تأكيد المطالبة بوقف إطلاق النار وبرنامج إنساني من أجل الفلسطينيين في
غزة، والبدء فوراً ببرنامج واسع للمساعدة الإنسانية إلى السكان النازحين في
العراق، ودعم الضربات الجوية الأمريكية ضد الجهاديين العراقيين، وسياسة جماعية
لإرسال الأسلحة إلى المقاتلين الأكراد الذين يشكلون الحصن الوحيد ضد المجازر بحق المسيحيين في
العراق، واجتماع طارئ لمؤتمر إقليمي يضم تركيا وإيران وقطر بشكل خاص باعتبارها
الدول الوحيدة التي ما زالت قادرة على إيقاف الدولة الإسلامية في العراق وبلاد
الشام.
يقع
على المعارضة واجب التواضع أكثر من أي وقت مضى، ولاشك أن موقعنا يتطلب الكثير من
الحذر، ويمنعنا من البقاء صامتين. لأنه يقع على عاتق فرنسا واجب إسماع صوتها تجاه
هذه المآسي التي تدور تحت أعيننا أو حتى على أبوابنا. تحت خطر الخزي والعار.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق