الصفحات

الأربعاء، ٥ تشرين الثاني ٢٠١٤

(فيدريكا موغريني: "سأكون سعيدة إذا كانت الدولة الفلسطينية موجودة")

صحيفة اللوموند 5 تشرين الثاني 2014  ـ مقابلة مع المفوضة الأوروبية العليا للسياسة الخارجية فيدريكا موغريني Federica Mogherini ـ أجرى المقابلة مراسلها في بروكسل جان بيير ستروبانتس Jean-Pierre Stroobants مع بعض المراسلين الأوروبيين الآخرين

سؤال: اعترفت السويد مؤخراً بالدولة الفلسطينية. هل يمكن أن يتحدث الاتحاد الأوروبي بصوت واحد بهذا الصدد؟
فيدريكا موغريني: أريد بناء استراتيجية ورؤية وسياسة مشتركة، ولكن مسألة الاعتراف بدولة هي من صلاحيات الدول. أنا أنوي بالتأكيد استخدام القدرة الكامنة لدى الاتحاد الأوروبي في هذه المنطقة، ولهذا السبب سأقوم بزيارتي الأولى إلى إسرائيل وفلسطين في نهاية هذا الأسبوع. يمكن أن يكون العمل الأوروبي حاسماً في هذه المسألة، وذلك في الوقت الأكثر صعوبة الذي عرفته المنطقة. إن استراتيجيتنا حول المنطقة يجب أن تشمل أيضاً لبنان والأردن والعراق وليبيا والخ. نحن نستطيع إقناع مختلف الأطراف بفكرة التهديد المشترك والمصلحة المشتركة والوضع الطارئ، وتشجيع مقاربة تشاورية تشمل المسألة الفلسطينية والعلاقات بين العالم العربي وإسرائيل. في الحقيقة، سيكون من الصعب ضمان أمن إسرائيل بدون إطار أوسع يشمل الدول العربية. إن اتفاقاً شاملاً من هذا النوع سيُسهّل حل الملف الإسرائيلي ـ الفلسطيني. سأكون سعيدة إذا كانت الدولة الفلسطينية موجودة في نهاية ولايتي. هناك حاجة إلى أوروبا في هذه المنطقة، وهذه هي الرسالة التي يوجهها الإسرائيليون والفلسطينيون والدول العربية الأساسية في الوقت الحالي.
سؤال: لماذا يفكر هؤلاء القادة بهذه الطريقة اليوم؟
فيدريكا موغريني: هناك العديد من العوامل المتشابكة مثل: عملية السلام وداعش والنزاعين في العراق وسورية والوضع في لبنان والأردن ومصر وحتى تركيا. يتمتع الاتحاد الأوروبي بقدرة أفضل على فهم هذه الملفات وفي إمكانية التأثير عليها حتى لو كانت الولايات المتحدة تلعب دوراً فيها بشكل طبيعي. أضيف أن أوروبا لا يمكن أن تبقى إلى الأبد الطرف الذي يدفع دون أن يلعب دوراً سياسياً.
سؤال: ما هو تأثير الدولة الإسلامية على المنطقة؟
فيدريكا موغريني: إنها تزعزع استقرار مصر ودول الخليج والعراق وتركيا وحتى إيران. إن الوضع الذي خلقته داعش سيؤدي إلى امتحان الإرادة السياسية للسلطات الحاكمة وحتى في فلسطين وإسرائيل. في هذا الخصوص، إذا لم تتحرك الأمور، سنواجه حلقة مأساوية جديدة في غزة بعد عام واحد، وربما ستكون أسوأ من الحلقات السابقة.



(السويد تعترف بفلسطين، هل هو نذير شؤم على إسرائيل؟)

صحيفة الفيغارو 31 تشرين الأول 2014 بقلم مراسلها في إسرائيل سيريل لوي Cyrille Louis

     اعترفت السويد يوم الخميس 30 تشرين الأول بدولة فلسطين، وأصبحت الدولة الأولى في الاتحاد الأوروبي التي تقوم بذلك. إنها مبادرة رمزية، وتعامل معها وزير الخارجية الإسرائيلي أفيدور ليبرمان باستخفاف على أمل التخفيف من أهميتها. يبدو أن التشدد الذي أظهرته بعض الدول الأوروبية ليس له أية أهمية لدى الوزير الإسرائيلي، وذلك ما دامت الدولة  العبرية قادرة على الاعتماد على دعم حليفها  الأمريكي.
     واجهت الدبلوماسية الإسرائيلية عدة إشارات تحذيرية في الأسابيع الماضية. اعتبر لوران فابيوس في نهاية شهر آب الماضي أنه لا مفر من أن تعترف فرنسا في النهاية بالدولة الفلسطينية، وأكد فابيوس أنه تطور "منطقي"، ولكنه يجب أن يحصل بالتنسيق  مع بقية الدول الأوروبية لكي لا يبق "رمزياً". قال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين: "يبدو أنه من المستبعد انضمام بلد مثل ألمانيا المعروفة بأنها مقربة جداً من إسرائيل، يمكن الأمل باعتراف تمنحه مجموعة مهمة من الدول الأوروبية بشكل يسمح بزيادة الضغوط من أجل استئناف المفاوضات". من جهة أخرى، أعلن البرلمان البريطاني بتاريخ 13 تشرين الأول عن تأييده لمثل هذه المبادرة الدبلوماسية، ولكن حكومة دافيد كاميرون سارعت للتأكيد بأنها ليست ملتزمة بهذا التصويت. ولكن الدعم الواسع الذي حصلت عليه هذه المبادرة، وحتى من قبل بعض النواب المؤيدين لإسرائيل، يبدو أنه يشير إلى أن الرياح تهب بشكل معاكس للدولة العبرية.
     بشكل موازي لهذا التفكير، شن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس هجوماً دبلوماسياً في الأمم المتحدة في بداية شهر تشرين الأول. من المفترض أن يطرح الأردن قريباً مشروع قرار على مجلس الأمن يفرض إنهاء الاحتلال وتحديد تاريخ نهائي ضمن هذا الأفق. يبدو أنه من المحتمل أن تستخدم الولايات المتحدة حق النقض ضد هذا النص، ولكن الفلسطينيين يأملون بالحصول على دعم أغلبية الدول من أجل اللجوء إلى عدد الأصوات.
     من المحتمل ألا تكفي جميع المبادرات لوحدها للتشكيك بالاحتلال المفروض منذ عام 1967 على القدس الشرقية والضفة الغربية. حتى لو أمر مجلس الأمن مستقبلاً بإخلاء الأراضي الفلسطينية، لا نعرف من سيُجبر الدولة العبرية على الخضوع. ولكن السلطة الفلسطينية تعتبر أنه لم يعد هناك خيار آخر غير "الخطوات الصغيرة" الدبلوماسية من أجل زيادة الضغوط على الدولة العبرية. ربما تكون هذه الاستراتيجية مجدية.



(إسرائيل تسعى إلى "أفق جديد" مع جيرانها السنة)

صحيفة اللوموند 28 تشرين الأول 2014 بقلم مراسلها في الكيان الصهيوني بيوتر سمولار Pieotr Smolar


     لم تعد إسرائيل تستطيع الاعتماد على الدعم غير المشروط من حلفائها الغربيين بعد التصويت الرمزي للنواب البريطانيين بتاريخ 13 تشرين الأول حول الاعتراف بفلسطين. في هذا السياق، اختار بنيامين نتنياهو التركيز على النتيجة غير المتوقعة للحريق الجهادي في الشرق الأوسط: أي التقارب مع الدول العربية. هل هم أعداء الماضي، وشركاء المستقبل؟ أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بتاريخ 20 آب عن "أفق دبلوماسي جديد" يشمل بناء علاقات غير مسبوقة مع الدول السنية بالإضافة إلى العلاقات الحالية مع مصر والأردن، أي مع السعودية ودول الخليج. قال مصدر حكومي إسرائيلي: "هناك دبلوماسية الفطريات. تنمو الفطريات في الظلام بشكل أفضل. لدينا اتصال هام جداً وسري مع هذه الدول. إن مصالحهم تتلاقى مع مصالح إسرائيل، وربما للمرة الأولى في التاريخ. إن قطر هي الدولة العربية الوحيدة في الجامعة العربية التي دعمت حماس".
     تتعلق هذه المصالح المشتركة بالاهتمامات الأمنية أولاً. إن منظمة الدولة الإسلامية تحشد دول المنطقة، في حين أن الدولتين السورية والعراقية في حالة انهيار. ولكن هؤلاء المقاتلين الجهاديين لا يتحدثوا عن النزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني باعتباره حجر الزاوية في إيديولوجيتهم، بل يتحدثون عن الانتقام من الشيعة. قال خبير الدبلوماسية الإقليمية في معهد دراسات الأمن القومي إفريم كام Ephraim Kam: "إن الدولة الإسلامية بالنسبة لنا هي تهديد بعيد. يتركز اهتمامنا بالترتيب على إيران وحزب الله وحماس".
     تشعر إسرائيل بالقلق من الرغبة الغربية بالتوصل إلى اتفاق تاريخي مع طهران، وتريد استباق التعليق المحتمل للعقوبات ضد إيران. ما زال حزب الله يمثل قلقاً هاماً بالنسبة لإسرائيل. تتحدث الصحافة الإسرائيلية منذ بداية شهر أيلول عن التحليلات التحذيرية من قبل الضباط الإسرائيليين، وذلك في الوقت الذي تتزايد فيه الحوادث على الحدود مع لبنان. تطرق هؤلاء الضباط إلى القدرات العسكرية المتزايدة للحركة الشيعية (حوالي مئة ألف قذيفة صاروخية، أي أكثر بعشرة مرات من حماس) وإلى أخطار مواجهة جديدة أكثر مأساوية من حرب عام 2006.
     يضع نتنياهو كل من حزب الله وحماس والدولة الإسلامية على قدم المساواة. إن استخدام موضوع "الحرب ضد الرعب" يسمح له بتجنب المواضيع التي تزعج الولايات المتحدة والدول الأوروبية أكثر فأكثر: أي مواصلة الاستيطان المنهجي في الضفة الغربية والتنازلات البسيطة من أجل فك الحصار عن قطاع غزة بعد الحرب في الصيف الماضي.
     ولكن إذا نظرنا إلى  ما هو  أبعد من الاهتمامات الأمنية المشتركة بين إسرائيل والدول العربية، هل  تستطيع إسرائيل بناء تحالف أكثر صلابة مع أعداء الماضي؟ أعرب بعض المحللين عن شكوكهم حيال هذا الأمر مثل السفير الإسرائيلي السابق في واشنطن إيتمار رابينوفيتش الذي قال: "أنا متشكك إزاء موضوع هذا الأفق الجديد الذي يتحدث عنه نتنياهو. من الواضح أنه حصلت تغيرات إقليمية عميقة، ولكن الاستفادة من هذه المعطيات تعتمد على التقدم الملموس في علاقاتنا مع الفلسطينيين قبل أي شيء آخر. في حال عدم تحقيق مثل هذا التقدم، هناك خطر بمواجهة تصاعد الضغوط على إسرائيل".








الثلاثاء، ٤ تشرين الثاني ٢٠١٤

(بعد كوباني، يجب إنقاذ حلب!)

صحيفة الفيغارو 4 تشرين الثاني 2014 بقلم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس (ملاحظة: نُشر هذا المقال في الواشنطن بوست والحياة في الوقت نفسه)

     تم إيقاف المجموعة الإرهابية داعش في كوباني في اللحظة الأخيرة، وأصبحت ترسل مجرميها باتجاه نقاط أخرى على الحدود السورية ـ التركية. في نهاية الطريق، هناك حلب معقل المعارضة المعتدلة. حلب هي المدينة الثانية في سورية، وتراث للإنسانية. حلب هي مدينة المقاومة المعذبة التي لم يتوقف بشار الأسد عن قصفها منذ عام 2012. تواجه حلب اليوم خطر الوقوع بين براميل المتفجرات للنظام وسفاحي داعش. أصبح الحصار شبه كامل، ولم يعد يربط المدينة بالخارج إلا طريق واحد يصلها بتركيا. يواصل النظام سياسة التجويع، ويسعى إلى قتل المقاومة بواسطة الجوع والبرد. هناك ثلاثمائة ألف حلبي يقاومون، بينما ترك مليون حلبي المدينة للانضمام إلى جحافل اللاجئين. إنهم مهددون بالموت نفسه الذي فرضه النظام على حمص العام الماضي ويفرضه اليوم على ضواحي دمشق. يُفضل الدكتاتور تسليم المدينة إلى فظاعات الإرهابيين عبر السماح بتوسع داعش على الجانب الشرقي لحلب. سيدفع الحلبيون الثمن عن كوباني بعد صد هجوم داعش عليها في الوقت الحالي.
     في الواقع، إن بشار الأسد وداعش هما وجهان للبربرية نفسها. ساهم بشار بشكل كبير في خلق هذا الوحش عبر الإفراج عن الجهاديين الذين سيدعمونه فيما بعد. إن طموحه الماكر هو الظهور كحصن وحيد ضد التطرف في عيون العالم، ولكن الأحداث لا تترك أي مجال أمام هذا التضليل: كم يبلغ عدد المرات التي قام فيها النظام بقصف داعش، في الوقت الذي يستمر فيه بتعذيب شعبه؟ هل سعى النظام إلى إنقاذ كوباني من الكارثة على الرغم من أن حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي قاتل إلى جانبه؟ لا، كان خياره عدم القيام بأي شيء. لأن هاتين البربريتين تتلاقيان في الرغبة المشتركة بسحق المعارضة المعتدلة. هذا هو السبب في خيارهما باستهداف معقل المعارضة المعتدلة في حلب التي تمثل البديل السياسي الوحيد والقادر على ضمان إمكانية بقاء سورية منفتحة وتعددية وديموقراطية، وهذا ما يرفضه النظام وداعش.
     إن التخلي عن حلب سيكون حكماً على سورية بسنوات أخرى من العنف، وسيكون موتاً لأي أفق سياسي، وسيكون تفتيتاً لبلد يسوده "أسياد" الحرب الذين تزداد راديكاليتهم أكثر فأكثر. كما سيكون تصديراً للفوضى الداخلية في سورية إلى جيرانها العراقيين واللبنانيين والأردنيين الذين يعيشون وضعاً هشاً. يجب ألا يجهل أي شخص أن: بشار الأسد  هو أحد "أسياد الحرب"، وأنه لن ينتصر عليهم باعتبار أنه غير قادر على هزيمة داعش اليوم. إن التخلي عن حلب سيكون حكماً على ثلاثمائة ألف رجل وإمرأة وطفل ببديل مرعب: أي الحصار الدامي تحت قنابل النظام أو بربرية إرهابيي داعش.
     لا يمكن أن تقبل فرنسا بتفتيت سورية ولا بالتخلي عن الحلبيين في مصير شنيع. لهذا السبب، يجب علينا مع شركائنا في التحالف أن نحول جهودنا باتجاه حلب. هناك هدفان واضحان لهذا التحول هما: تعزيز دعمنا إلى المعارضة المعتدلة السورية وحماية السكان المدنيين من الجرائم المزدوجة للنظام وداعش. يجب إنقاذ حلب بعد إنقاذ كوباني.
         







الاثنين، ٣ تشرين الثاني ٢٠١٤

(رجب طيب أردوغان: "الحديث ينحصر حول قوباني")

صحيفة الليبراسيون 1 تشرين الثاني 2014 بقلم مارك سيمو Marc Semo
                                       
     يتعرض رجب طيب أردوغان لانتقادات واشنطن بسبب انخراطه الخجول في التحالف ضد الدولة الإسلامية ورفضه لفتح قاعدة الحلف الأطلسي في أنسيرليك Incirlik التركية أمام المهمات الحربية للطائرات الأمريكية، كما أثار غضب العواصم الأوروبية بسبب موافقته المتأخرة على دخول التعزيزات الكردية لمساعدة المحاصرين في مدينة قوباني السورية.
     قام رجب طيب أردوغان بزيارة عمل إلى باريس استمرت عدة ساعات يوم الجمعة 31 تشرين الأول، ووجد في فرانسوا هولاند مُحاوراً يسمع حججه حتى لو لم يوافق عليها بالكامل. أكد أردوغان قائلاً: "ينحصر الحديث حول قوباني التي لم يبق فيها أحد باستثناء ألفي مقاتل"، وتطرق إلى الأخطار التي تخيم على المدن السورية الأخرى مثل حلب المهددة إما من قبل الدولة الإسلامية أو بعودة قوات النظام.
     تعتبر باريس وأنقرة أن الضربات الجوية لوحدها لن تحل مسألة الدولة الإسلامية والدعم التي تحظى به من قبل جزء كبير من السكان السنة في العراق وسورية. كما أيد قصر الإليزيه الفكرة التي أطلقها أردوغان حول إقامة "مناطق عازلة"، التي أصبح اسمها الآن "مناطق آمنة"، في شمال سورية بالقرب من الحدود التركية من أجل استقبال اللاجئين. ولكن الولايات المتحدة لم تنخرط في هذا الأمر.
     تخشى باريس وأنقرة أيضاً من أن تؤدي ضرورة تدمير داعش إلى تعزيز نظام بشار الأسد. تطالب العاصمتان برحيل بشار الأسد حتى لو أن مثل هذه الفرضية أصبحت أكثر إشكالية مع تعزيز قوة النظام.


(فرنسا تلتقي مع الأكراد السوريين)

صحيفة الفيغارو 31 تشرين الأول 2014

     اجتمع  أحد المقربين من فرانسوا هولاند مع صالح مسلم رئيس حزب الاتحاد الديموقراطي، الحزب الأساسي للأكراد السوريين، للمرة الأولى خلال الأسبوع الماضي. يقاوم هذا الحزب في مواجهة داعش منذ أكثر من شهر في قوباني. كانت باريس تعتبر أن الأكراد السوريين "لم ينخرطوا بما فيه الكفاية" في المعركة لإسقاط بشار الأسد، وذلك حتى تقدم الجهاديون إلى هذه المدينة السورية المحاذية لتركيا ومعقل حزب الاتحاد الديموقراطي. قال هذا الدبلوماسي رفيع المستوى الذي اجتمع مع صالح مسلم: "اجتمع الأمريكيون مؤخراً مع ممثلي حزب الاتحاد الديمقراطي. لم يعد بالإمكان رفض رؤية الأكراد السوريين".


(العراق: حرس وطني سني ضد داعش)

صحيفة الفيغارو 25 تشرين الأول 2014 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     تبدو الفكرة مغرية على الورق من أجل القضاء على الجهاديين الذين يسيطرون على جزء كبير من المناطق السنية في العراق. اقترح المحللون الاستراتيجيون الأمريكيون تشكيل حرس وطني سني بالاعتماد على العشائر والضباط البعثيين السابقين الذين لم ينضموا إلى الدولة الإسلامية. ربما وافق رئيس الحكومة الشيعي حيدر العبادي وحلفاؤه الإيرانيون على هذا الاقتراح. يتوافق هذا الاقتراح مع رغبات العديد من قادة الأقلية السنية الذين يرغبون بتحمل مسؤولية الأمن في أراضيهم من أجل التخلص من استفزاز الميليشيات الشيعية المتواجدة بكثرة داخل الجيش وقوات الأمن. قال أحد الضباط الغربيين في بغداد في اتصال هاتفي: "المشكلة هي العثور على عدد كافي من السنة المستعدين للدخول في هذا الرهان. لقد نجح الأمريكيون في تجنيد بعض العشائر المعادية لداعش بفضل الأموال التي أغدقتها على هذه العشائر، ولكن تدريبها لن يكون سهلاً نظراً للوضع الحالي على الأرض". لقد هرب أغلب قادة الجيش العراقي من العراق بعد قيام الأمريكيين بتسريح الجيش إثر سقوط صدام حسين. كما مات جزء منهم أثناء التمرد ضد القوات الأمريكية. فيما يتعلق ببقية عناصر الجيش العراقي، لقد انضموا إلى المجموعات المتمردة التي يقاتل جزء منها إلى جانب داعش.
     أبدت الكثير من العشائر تحفظها على هذا الاقتراح. أولاً، بسبب التجربة السابقة عندما قدمت العشائر السنية "أبناءها" إلى الأمريكيين عامي 2006 و2007 للقتال ضد تنظيم القاعدة، ولكن لم تتم مكافأتهم عبر دمجهم داخل قوات الأمن أو المؤسسات الحكومية. السبب الثاني هو أن الوضع تغير تماماً عما سبق. كان الجنود  الأمريكيون يشرفون على الميليشيات السنية بعد عام 2007 في حربهم ضد الإرهاب، وقال الضابط الغربي المذكور أعلاه: "يقول بعض مسؤولي العشائر اليوم بوضوح أنهم يتحسرون على الوقت الذي كان فيه الجنود الأمريكيون يقومون بتوجيه الطائرات لقصف الأهداف المطلوبة على الأرض، ويؤكد لنا هؤلاء المسؤولين أنفسهم بوضوح بأنهم لا يرغبوا بالقيام بهذا العمل مرة أخرى مع الميليشيات الشيعية الموجودة داخل الجيش العراقي".
 يعتبر الأمريكيون أن هذا الحرس الوطني السني سيُكلف بمهمة أمن المناطق السنية في العراق بعد إعادة تشكيله، وستحظى هذه المناطق باستقلالية واسعة. تطالب الأقلية السنية التي اضطهدها رئيس الحكومة السابق نوري المالكي خلال السنوات الأخيرة بالحصول على وضع لا يقل عن الوضع الذي انتزعه جيرانهم الأكراد من أجل البشمرغة. أصبح الوضع عاجلاً لأن داعش تتقدم على الرغم من قصف مواقعها، ويطغى التشاؤم على التقارير الأخيرة لأجهزة الاستخبارات الفرنسية والأمريكية. اعتبرت هذه التقارير أن الجيش العراقي غير قادر على مواجهة الجهاديين إلا بفضل التعزيزات الأمريكية.