الصفحات

الثلاثاء، ٢ نيسان ٢٠١٣

(تخريب المدرسة الفرنسية في حلب)


صحيفة الفيغارو 2 نيسان 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     أشار مصدر سوري إلى أن المدرسة الفرنسية في حلب التي تقع في منطقة خاضعة لسيطرة المتمردين، قد تعرضت للتخريب. أكد والد أحد الطلاب قائلاً: "حصل هذا التخريب قبل عدة أشهر، ولكننا لم نعلم به إلا قبل ثلاثة أسابيع. تمت سرقة الحواسب وفك البلاط من أجل بيعه". اضطر محاسب المدرسة إلى الهرب مؤخراً بسبب التهديد.
     تقوم البعثة العلمانية الفرنسية بإدارة هذه المدرسة التي تم إنشاؤها عام 1997، ولم تفتح أبوابها في شهر أيلول 2012 بسبب المعارك بين جيش بشار الأسد والمتمردين. كان من الممكن أن تكون هذه المدرسة أولى المؤسسات المدرسية التي ستفتح أبوابها في حال انتصار المتمردين في شمال سورية. أما في دمشق، ما زالت المدرسة الفرنسية تستقبل حوالي 230 طفلاً، وتقوم بإدارة نفسها بشكل ذاتي بعد أن قررت الحكومة الفرنسية عدم إرسال المُعلمين إليها.

(بيروت: السفير الفرنسي يبحث عن سكن أكثر أماناً)


صحيفة الفيغارو 2 نيسان 2013

     تلقت السفارة الفرنسية في لبنان عدة عروض من أجل سكن السفير الفرنسي بعد الكشف عن المعلومات القائلة بأن السفير باتريس باولي كان يبحث عن سكن أكثر أماناً من السكن الحالي الموجود في المنطقة المُسلِمة بالعاصمة اللبنانية. يخشى الدبلوماسيون الفرنسيون من أن تهاجم سورية أو حلفاؤها المصالح الفرنسية في لبنان بسبب المساعدة المقدمة إلى المتمردين السوريين.

(رائحة حرب باردة في مجلس الأمن)


صحيفة الفيغارو 1 نيسان 2013 بقلم مراسلتها في نيويورك آديل سميث Adèle Smith

     قام السفير الروسي في الأمم المتحدة فيتالي تشوركين يوم الخميس 28 آذار بافتتاح قاعة المشاورات في مجلس الأمن بعد أن قامت موسكو بتمويل تجديدها بشكل كامل. قال السفير الروسي مُتنهداً: "لنصلي للسماء لكي تكون المفاوضات أقل توتراً في المستقبل"، وذلك في إشارة إلى المشاجرات الأخيرة مع السفيرة الأمريكية العنيدة سوزان رايس، لدرجة أن البعض يتحدث عن أجواء جديرة بالحرب الباردة. تحدث المُحلل الإستراتيجي الروسي سيرغي ماركوف Sergueï Markov المُقرب من فلاديمير بوتين عن "سلام بارد" بين البلدين. ويتحدث بعض الدبلوماسيين في الاجتماعات الخاصة عن مناخ مؤذي منذ غرق سورية في الفوضى.
     فيما يتعلق بالأزمة الحالية حول سورية، وقعت المواجهة الأخيرة بين الدول الغربية وروسيا بسبب استخدام الأسلحة الكيميائية والاتهامات المتبادلة بين الحكومة والمعارضة باستخدامها. كانت روسيا أول من شجع دمشق على المطالبة بإجراء تحقيق في الأمم المتحدة، ثم تبعتها فرنسا وبريطانيا اللتان طالبتا بإجراء تحقيق بدعم من واشنطن. قال السفير الروسي غاضباً: "الولايات المتحدة وفرنسا والآخرون يُنفذون تكتيك تحويل الأنظار"، وأشار إلى فرضية قيام المعارضة المدعومة من الدول الغربية بافتعال هجمات كيميائية من أجل التحريض على تدخل عسكري في سورية.
     هناك توقعات في الأمم المتحدة بحصول خلافات جدّية حول نتائج التحقيق، في الوقت الذي ترتسم فيها ملامح معركة أخرى. تستعد المعارضة السورية بدعم من الولايات المتحدة للمطالبة بمقعد سورية في الأمم المتحدة الذي يشغله حالياً بشار الجعفري. ينوي السفير الروسي معارضة هذا المسعى بكل قوته.
     قام ريتشارد غوان Richard Gowan، الباحث المختص بالأمم المتحدة في جامعة نيويورك، بالتمييز بين الموقفين الروسي والصيني قائلاً: "تهتم بكين أكثر بصورتها وتُظهر نفسها بشكل عام أكثر تعاوناً حول الملفات اليومية مثل السودان، أما الموقف الروسي فهو يتصف بشكل عام بالعدائية وإعاقة العمل السياسي".

(الولايات المتحدة تتأمل بدروس المغامرة العراقية الباهظة التكاليف)


صحيفة الفيغارو 1 نيسان 2013 بقلم مراسلتها في واشنطن لور ماندفيل Laure Mandeville

     بدأت الولايات المتحدة بصعوبة في استخلاص العبر من الحرب على العراق بعد عشر سنوات من دخولها إلى بغداد. يعتبر الرأي العام الأمريكي سواء على الصعيد العسكري أو  السياسي أن هذه الحرب كانت فشلاً ذريعاً وبلا فائدة. قال أستاذ الأكاديمية البحرية في أنابوليس الجنرال جون نيغل John Nagl الذي حارب في العراق بين عامي 2003 و2005 إلى صحيفة الفيغارو: "نعم إنها فشل، هذه هي الكلمة الدقيقة". يعتبر هذا الجنرال المُقرّب من الجنرال بيتراوس أن قبول كلمة الفشل مؤلم للغاية نظراً لعدد الرجال التي ماتوا إلى جانبه أثناء المعارك، فقد مات 25 جندياً أمريكياً في وحدته فقط.
     قال الجنرال جون نيغل إلى صحيفة الفيغارو أن "قرار التدخل في العراق يمكن أن يكون أكبر الأخطاء الإستراتيجية في تاريخ الولايات المتحدة". لقد قُتِل 4500 جندي أمريكي وجُرِح ثلاثون ألف آخرون، من بينهم الآلاف الذين عادوا بدون ساق أو ذراع، وتعرض ربع الجنود إلى أمراض نفسية تدفعهم إلى الإكتئاب والانتحار، الأمر الذي أدى إلى زعزعة استقرار الكثير من العائلات في الولايات المتحدة. كما قُتِل عشرات الآلاف من العراقيين الأبرياء.
     بالإضافة إلى هذا الثمن البشري، هناك أيضاً الثمن الاقتصادي لهذه الحرب الذي يُقدّر بألفي مليار دولار كنفقات مباشرة فقط. فيما يتعلق بالمواقف الجيوسياسية للولايات المتحدة في المنطقة، يبدو أنها ضعيفة. لقد أصبح خصمه الإيراني وصياً على العراق، وفرضت طهران نفسها كطرف محوري على الساحة الشرق أوسطية. كما تتقدم طهران بقوة نحو صنع السلاح النووي.
     لم تصبح العراق قاعدة قوية للديموقراطية في الشرق الأوسط لكي ترتكز عليها الولايات المتحدة. قالت الصحفية الأمريكية حنا ألن Hanna Allen من وكالة McClatchy التي تابعت الحرب بأكملها: "من النادر أن يتأسف الناس على الدكتاتور صدام حسين. ولكن على الأقل كان هناك في ذلك الوقت مصدر واحد للعنف. أما اليوم، فلا يمكن التوقع بأي شيء". وأشارت إلى أن العراقيين ما زالوا حاقدين جداً على الأمريكيين الذين لم يستطيعوا حتى القيام بمحاكمة جديرة بهذا الإسم لصدام حسين.
     لم يعد هناك أي نفوذ أمريكي على بغداد على الرغم من التضحيات الكبيرة بالرجال والمال. هذا ما أظهرته الزيارة الأخيرة لجون كيري إلى العراق، فقد أصغى بأدب لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الذي لم يُلبي طلبه بإغلاق المجال الجوي العراقي أمام المساعدات الإيرانية إلى دمشق.
     يؤكد المراقبون أن هناك نتيجة إيجابية على الرغم من هذه الحصيلة المشؤومة للحرب على العراق وهي: الحذر الذي يُسيطر على السلطة والمجتمع الأمريكي بخصوص التدخل الخارجي. يتبنى الرئيس باراك أوباما اليوم موقف الانطواء الإستراتيجي من أجل التركيز على إعادة البناء الداخلي في الولايات المتحدة المُنهكة. فيما يتعلق بالعمل العسكري، يُفضّل باراك أوباما اللجوء إلى العمليات الخاصة والطائرات بدون طيار، على الرغم من الانتقادات التي تتعرض لها الوسيلة الأخيرة. قال جون نيغل: "أصبحنا أكثر حكمة. يجب الانتظار عشر سنوات على الأقل قبل أن تدفع الولايات المتحدة بجنودها إلى أحد النزاعات". ويأمل جون نيغل أن يستمر هذا الحذر أيضاً بخصوص احتمال التدخل العسكري ضد إيران.
     يتساءل المحللون اليوم حول مُعضلة ما يجب القيام به في سورية. أشار جون نيغل "بنوع من السخرية" إلى فرنسا التي كانت تُدرك جيداً أخطار التدخل في العراق، ولكنها كانت في طليعة العمليات الخارجية في ليبيا ومالي. لقد عبّر عن سروره بهذا التدخل الفرنسي، ولكنه تساءل قائلاً: "هل استخلصتم الدروس من أخطائنا في العراق؟".

(ماذا كانت الفائدة من الحرب على العراق؟)


صحيفة الفيغارو 1 نيسان 2013 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     لا شك بأن حرية التعبير وإنشاء الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام يُشكلون مكاسب أكيدة في العراق، ولكنها كانت على حساب عنف مخيف (120.000 قتيل و16000 مفقود). ما زالت حصيلة القتلى مرتفعة (400 قتيل في شهر شباط مقابل 200 قتيل في شهر تشرين الثاني). إن رحيل الجنود الأمريكيين عام 2011 والتنافس بين مختلف أجهزة الأمن سمح لتنظيم القاعدة الإرهابي باستعادة قوته على الرغم من قيام الجناح العراقي لتنظيم القاعدة بإرسال قادته للقتال ضد نظام بشار الأسد في سورية.
     تخرج مظاهرات ضخمة في المناطق السنية كل يوم جمعة منذ نهاية شهر كانون الأول. ما زالت الأقلية السنية تُدين سياسة نوري المالكي المعادية للسنة، وانتشرت هذه الفتنة إلى الأكراد وسياستهم المستقلة التي لم يعد يتحملها رئيس الوزراء العراقي. ولكن السنة ليسوا معزولين اليوم كما كان الحال عام 2003، ويتمتعون الآن بدعم السعودية وقطر. بالمقابل، يحظى الشيعة بدعم إيران. ما زالت طهران مخلصة لسياستها الثابتة في العراق منذ عام 2003: الحفاظ على الشيعة أقوياء في عراق ضعيف لم يعد يُمثل تهديداً لإيران. فيما يتعلق بالسعودية وقطر، فإنهما تبذلان كل ما بوسعهما لإفشال أول سلطة عربية شيعية.
     نجحت الولايات المتحدة في رهانها، وقضت على التهديد العراقي ضد حلفائها الإسرائيليين والعرب في الخليج. ولكن النظام البرلماني المُطبّق في العراق منذ عام 2003 الذي يرتكز على الطابع الطائفي في دولة فيدرالية، جعل العراق دولة غير قابلة للحكم. على سبيل المثال، لا يوجد في العراق قانون نفطي حتى الآن. كما غادرت الولايات المتحدة العراق تاركة وراءها المسائل الأساسية المعقدة حول تعديل الدستور وتوزيع المصادر النفطية بين المناطق وصلاحيات رئيس الحكومة وبشكل عام العلاقات بين بغداد والمناطق الأخرى. يجب إعادة التفاوض على كل شيء بين مختلف الأطراف، وحتى داخل الطائفة الشيعية. أدى كل ذلك أن إعادة الإعمار لم تبدأ في العراق، وما زال العراقيون في بغداد يكتفون بأربع أو ست ساعات من التيار الكهربائي يومياً، وأصبحت أحياء العاصمة موزعة بين الطوائف كما هو الحال في بيروت.
     لم ينجح الأمريكيون أيضاً في تغيير هيمنة الموازييك القبلي الذي ما زال ينظم أساليب الحياة القائمة على التضامن القبلي والعشائري. إن الحفاظ على هذه الخصائص القبلية يساهم في تجنب تفتت البلد.

(رهان تعزيز الموقع الإقليمي لأنقرة)


صحيفة الليبراسيون 22 آذار 2013 بقلم مارك سيمو Marc Semo

     بدأت عملية صعبة للتوصل إلى حل سياسي للمسألة الكردية في تركيا. يبدو اليوم أن هناك فرصة حقيقية للتوصل إلى السلام بين حزب العمال الكردستاني والحكومة التركية.
     أصبح رجب طيب أردوغان أكثر إدراكاً للمعطيات الإقليمية الجديدة: هناك نزاع مفتوح بين حكومة إقليم كردستان بزعامة مسعود بارزاني الذي أصبح مستقلاً بحكم الواقع، وبين الحكومة العراقية. يحافظ إقليم كردستان على علاقات اقتصادية قوية مع تركيا، وينوي نقل نفطه عبر الأراضي التركية. في ظل الفوضى التي تعيشها سورية، أصبح الأكراد السوريون في طور الحصول على الحكم الذاتي في المناطق ذات الأغلبية الكردية عبر حزب العمال الكردستاني. يعني ذلك بالنسبة لتركيا مئات الكيلومترات من الحدود مع كيانات كردية مجاورة في المناطق الجنوبية ـ الشرقية التي يعيش فيها حوالي 15 مليون كردي (20 % من سكان تركيا).
     من هنا يأتي التغير في التعامل مع المسألة الكردية وتحويلها من "مشكلة" إلى ورقة إقليمية رابحة، وذلك بشكل يندرج ضمن الحدس الإستراتيجي للرئيس التركي الراحل تورغوت أوزال في بداية التسعينيات خلال حرب الخليج الأولى، ولم يتردد حينها في الحديث عن "فيدرالية تركية ـ كردية". قال الأستاذ الجامعي ومدير مجلة Birikim أحمد إنسل Ahmet Encel: "إذا نجحت أنقرة في إعادة السلام إلى علاقاتها مع الشعب الكردي، سيكون هناك تغير كبير في العالم الكردي باتجاه تركيا التي تتفاوض للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، والتي تشعر بقوتها الاقتصادية والثقافية".

الاثنين، ١ نيسان ٢٠١٣

(سورية، أفق الشباب الجهاديين التونسيين)


صحيفة اللوموند 31 آذار 2013 بقلم مراسلتها الخاصة في تونس إيزابيل ماندرو Isabelle Mandraud

     أكد حمزة بن رجب (24 عاماً) أنه جمع 500 يورو وذهب بمساعدة "أحد الأصدقاء" للانضمام إلى جبهة النصرة المجموعة الجهادية الأساسية في سورية، وقال أنها "استقبلته بشكل جيد"، ولكنه لن يقول أكثر من ذلك. قام برنامج "ما وراء  الحدث" في تلفزيون الوطنية التونسي يوم الخميس 28 آذار باستضافة هذا الشاب التونسي الذي أنكر تعرضه لـ "غسيل دماغ". كان حمزة بن رجب جالساً على كرسي للمُقعدين، إنه مُعاق، وكانت أخته غير المُحجبة تراقبه.
     شعرت عائلته بالفزع بسبب رحيله المُرتجل إلى سورية، وبذلت كل ما بوسعها لإعادته. بكى شقيقه أمام عدسة الكاميرات، وقال والده غاضباً: "ما هذا الإسلام الذي يُرسل ابني المُعاق للقتال؟". أمضى حمزة بن رجب أسبوعاً في إدلب التي وصلها عبر ليبيا ثم تركيا، ولكن جبهة النصرة طردته في النهاية، وقال حمزة بن رجب: "لم يوافقوا على بقائي".
     هناك عشرات الشباب التوانسة الذين تخلّوا عن كل شيء من أجل القتال ضد نظام بشار الأسد وإكمال "واجب الجهاد". لقد اتسعت هذه الظاهرة في تونس لدرجة أن المحكمة أعلنت بتاريخ 25 آذار عن فتح تحقيق حول "الشبكات" التي تُساعد هؤلاء الشباب على الانضمام إلى المجموعات المسلحة، لأنه لا أحد يعتقد برحيلهم العفوي والفردي. أكد وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو أمام البرلمان بتاريخ 27 آذار على إنشاء "خلايا أزمة لمراقبة نشاطات الإرهابيين على الحدود وفي الأدغال لمواجهة تصاعد التيار السلفي المتطرف". وأضاف أن "هذه الخلايا ستقوم بالتحقيق أيضاً حول الشبكات التي تقوم بتجنيد الشباب للقتال في سورية". وفي يوم الجمعة 29 آذار، قال وزير الشؤون الدينية التونسي نور الدين الخادمي: "إن الدعم الذي نُقدّمه للثورة السورية هو دعم إعلامي وسياسي وإنساني. إن أي تدخل خارجي قد يُلحق  الضرر بالثورة التي نرفض تدويلها".
     تزايدت الضغوط على الحكومة التونسية التي يقودها حزب النهضة الإسلامي الذي يُشتبه بأنه يُشجع الشباب السلفيين على مغادرة تونس والتخلص منهم. بدأت العائلات بخرق الصمت، وقدّم البعض ملفات إلى الاتحاد التونسي لحقوق الإنسان بعد مشاهدتهم للمناظر المُرعبة في عشرات أفلام الفيديو على المواقع الإلكترونية السلفية التي تُمجّد بالشباب التونسيين الذين ماتوا "شهداء" في سورية. في بعض الأحيان، تعرف هذه العائلات بموت أحد أقربائها عبر مكالمة هاتفية أو شريط مدمج CD يكشف وجه أطفالها أو إخوتها أو أقربائها بأسمائهم الحربية.
     تشمل هذه الظاهرة جميع الأوساط، وليس فقط سكان المدن والأحياء الفقيرة. عبّر ضابط كبير في الجيش التونسي إلى صحيفة اللوموند دون أن يذكر اسمه عن حيرته بعد اختفاء ابن أخيه بين ليلة وضحاها، وهو طالب عمره 23 عاماً، وقال: "يعمل أخي وزوجته في الجيش. لم ينتبها إلى أي شيء. لقد غادر ابن اختي بشكل مفاجىء في شهر كانون الثاني، ثم اتصل بوالديه بعد عدة أيام ليخبرهما بأنه في سورية وأنه على ما يرام. منذ ذلك الوقت، ربما اتصل بهما مرتين أو ثلاث مرات، ولكننا نجهل فيما إذا كان على قيد الحياة أو جريحاً أو ميتاً. إنه أمر مخيف لأن تصرفاته لا تعط أي إشارة لذلك". قام (عبد الرحمن)، نقابي وناشط سابق من أجل القضية الفلسطينية، بتدريب الشباب التونسيين في المخيمات اللبنانية سابقاً. هل خبرته هي التي جعلته يشعر بالخطر على ابنه؟ قال (عبد الرحمن) بهدوء: "قام بعض السلفيين بزيارته عدة مرات.. وبدأت أنا وزوجتي بالحديث معه".
     عندما لا تتجه الشكوك إلى شبكات التجنيد لحزب النهضة أو أئمة الجوامع، فإنها تتجه إلى شبكات التجنيد القطرية. أجرى الصحفي المُستقل نور الدين بن حديد بتاريخ 30 كانون الأول مقابلة مع رئيس المجموعة السلفية أنصار الشريعة (أبو إياد) الذي تبحث عنه الشرطة منذ الهجوم على السفارة الأمريكية بتاريخ 14 أيلول 2012. دعا (أبو إياد) في هذه المقابلة التي منعتها السلطات إلى عرقلة موجة رحيل الشباب التونسيين، لأنه كان يخشى من "مؤامرة لإفراغ الساحة الجهادية التونسية من نخبها". قام موقع الأندلس الإلكتروني التابع لتنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي بنشر هذه الدعوة من أجل "عدم ترك تونس بأيدي العلمانيين". أكد نور الدين بن حديد أن (أبو إياد) يعرف أمير تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي عبد المالك درودكال، وقال: "يبدو أنه لم يتم احترام هذه التعليمات. الأسوأ من ذلك، هو انتشار الإشاعة في تونس حول رحيل النساء الشابات من أجل الجهاد الجنسي لدعم المقاتلين". ولكن حمزة بن رجب ردّ غاضباً: "إنها معلومات غير صحيحة، على الأقل بالنسبة لجبهة النصرة!".
     ما زال مجهولاً عدد الشباب التونسيين الذين ذهب معظمهم للانضمام إلى جبهة النصرة. أكد رئيس الوزراء التونسي علي العريض أنه عاجز عن ذكر رقم محدد، وقال إلى صحيفة اللوموند: "إنها مشكلة كبيرة. يترك هؤلاء الشباب البلد من أجل الدراسة والسفر، ولكننا قمنا بمنع أولئك الذين كنا متأكدين من هدفهم"، وأضاف: "قلّة نادرة منهم عادت إلى تونس، ولكنهم سيعودون شيئاً فشيئاً، ويجب أن نكون حذرين". هناك خوف في تونس أيضاً من عودة هؤلاء المقاتلين الذين تنتظرهم عائلاتهم.