الصفحات

الأحد، ٧ كانون الأول ٢٠١٤

(بشار الأسد يتهكم على عدم شعبية هولاند)

الموقع الإلكتروني لمجلة اللوبوان الأسبوعية 3 كانون الأول 2014

     لم يتغير بشار الأسد قيد أنملة على الرغم من الحصيلة المرعبة لضحايا الحرب في سورية وتجاوزها لمئتي ألف ضحية، ويواصل استفزازاته ضد الغرب. أدت الضربات الأمريكية ضد جهاديي الدولة الإسلامية وجبهة النصرة إلى تعزيز الرئيس السوري في قصره، واغتنم ذلك من أجل توجيه بعض الانتقادات الحادة ضد الذين راهنوا على سقوطه.
     أكد زعيم دمشق في المقابلة التي أجراها مع مجلة باري ماتش أنه ليس "عدواً شخصياً ولا منافساً لهولاند" ثم قال: "أعتقد أن داعش هو الذي ينافسه، لأن شعبيته قريبة جداً من شعبية داعش". اغتنم بشار الأسد باستخفاف الفشل الداخلي للرئيس الفرنسي، واتهم الحكومة الاشتراكية بالعمل "ضد مصالح الشعب السوري والشعب الفرنسي". ينسى الرئيس السوري أن الرئيس السابق نيكولا ساركوزي عارضه بقوة في نهاية ولايته بعد أن استضافه في قصر الإليزيه. فيما يتعلق بمصالح "الشعب السوري"، أصبح بشار الأسد حراً بقصف مدنه يومياً في المناطق المتمردة عبر رمي براميل المتفجرات من الجو.
     أنكر بشار الأسد فضل الولايات المتحدة على الرغم من المساعدة الحاسمة التي قدمتها الطائرات الأمريكية، وقال: "ليس صحيحاً أن ضربات التحالف قد ساعدتنا. لو كانت هذه الضربات جدية وفاعلة فسأقول لك إننا سنستفيد بكل تأكيد". يقوم الطيران السوري أيضاً بقصف المواقع الجهادية في معقلهم بالرقة منذ الصيف الماضي دون أن يتجنب السكان المدنيين.
     يدرك الرئيس السوري تماماً أن حجة "مكافحة الإرهاب" التي لوح بها باستمرار منذ بداية الثورة عام 2011 قد حققت هدفها لدى الحكومات الغربية، وذهب إلى حد اقتراح تقديم خدماته إلى التحالف الدولي ضد داعش بشكل غير مباشر، وقال: "إن القوات البرية ملمة بتفاصيل جغرافية المناطق وتتحرك معها في الوقت نفسه... نحن الذين نخوض المعارك على الأرض ضد داعش، ولم نلاحظ أي تغير".
     وقع طبيب العيون السابق في تناقضاته مرة أخرى، ونسي أن جيشه تجنب قصف مواقع الدولة  الإسلامية خلال عام كامل في شرق سورية، وفضّل القضاء على التمرد المعتدل الذي أصبح على وشك الاختفاء. إذا نظرنا إلى ما هو أبعد من الانتقادات الحادة الكثيرة التي وجهها الرئيس السوري خلال المقابلة مع باري ماتش، فإنه قدّم أيضأً نظرة جديدة. سأله المراسل الخاص في دمشق ريجيس لوسومييه Régis Le Sommier عما إذا كان خائفاً من أن ينتهي مثل صدام حسين أو معمر القذافي، أجاب بشار الأسد: "القبطان لا يفكر بالموت أو الحياة، يفكر بإنقاذ السفينة. فإذا غرقت السفينة فسيموت الجميع". إن ما قاله صحيح أكثر من كل ما قاله في الماضي.  


(بشار الأسد يتهكم على مستوى شعبية الرئيس الفرنسي)

صحيفة الفيغارو 4 كانون الأول 2014


     اعتبر الرئيس بشار الأسد في مقابلة مع مجلة باري ماتش، أن الضربات الأمريكية ضد داعش غير فعالة، وأشار إلى أن هذه الضربات الجوية "لو كانت جدية وفاعلة فسأقول إننا سنستفيد منها بكل تأكيد. ولكننا نحن من نخوض المعارك على الأرض ضد داعش ولم نشعر بأي تغير وخاصة أن تركيا مازالت تدعم داعش مباشرة في تلك المناطق". كما أكد بشار الأسد قائلاً: "لا يمكن أن تقضي على الإرهاب من الجو.. ولا يمكن أن تحقق نتائج على الأرض إن لم تكن هناك قوات برية ملمة بتفاصيل جغرافية المناطق وتتحرك معها في الوقت نفسه". من جهة أخرى، تهكم الرئيس السوري على عدم شعبية فرانسوا هولاند، وقال: "أنا لا أعرفه. أنا لست العدو الشخصي لفرانسوا هولاند، ولست منافساً له. أعتقد أن من ينافسه في فرنسا الآن هو داعش، لأن شعبيته قريبة من شعبية داعش".

(حوار حول اللقاء الذي أجرته مجلة باري ماتش الفرنسية مع الرئيس السوري)

     بث تلفزيون iTélé الفرنسي يوم الأربعاء 3 كانون الأول 2014 حواراً مع الصحفي ريجيس لوسومييه Régis Le Sommier، ومع الخبير بالشؤون الدولية في تلفزيون iTélé  أوليفييه رافانيلو Olivier Ravanello، ورندة قسيس Randa Kassis. مقتطفات من هذا الحوار.

ريجيس لوسومييه: "بدأت المفاوضات لإجراء هذه المقابلة قبل سبعة أشهر، ودخلت مرحلتها النهائية عندما أحست سورية بأهمية هذه المقابلة، وعندما قدمنا طلباً رسمياً بهذا الصدد. لم يكن إجراء هذه المقابلة أكثر تعقيداً من المقابلات مع بقية الرؤساء في العالم. أجريت مقابلة مع جورج بوش عام 2004، واحتاجت إلى سنة كاملة من المفاوضات. تم تأجيل موعد المقابلة عدة مرات حتى موعد حصولها يوم السبت 29 تشرين الثاني 2014. لم يفرضوا عليّ أسئلة محددة، واخترت بحرية الأسئلة التي أريدها، ولكنهم طلبوا مني معرفة المواضيع التي ستتطرق إليها المقابلة، وهذا أمر طبيعي. جرت المقابلة بشكل طبيعي، واستمرت حوالي الساعة".
"يسيطر النظام على دمشق بشكل حازم. تنتشر الأعلام السورية في كل مكان بالعاصمة لإظهار أنها منطقة حكومية، كما تنتشر صور الرئيس في كل مكان أيضاً. إنه ليس شخصية عسكرية، بل شخصية لطيفة ومرنة، ويستخدم يديه كثيراً عندما يُعبّر عن رأيه. لم أشاهد علائم الضعف عليه إطلاقاً، ولاحظت أنه كان صادقاً في حديثه عن سورية في الماضي، عندما أعرب عن حنينه إلى سورية التي كانت تتعايش فيها جميع الطوائف بتناغم، وأعتقد أنه هذا هو أيضاً شعور بقية السوريين الذين تحدثت معهم في دمشق، وأعتقد أنه هذا هو شعور المتمردين أيضاً. أعتقد أن الشعب السوري يريد إقامة وحدة وطنية ضد داعش، وأعتقد أن السؤال الذي يواجه المتمردين الآن: هل النظام أكثر خطورة من داعش؟. أعتقد أن الرئيس السوري مصمم على البقاء مهما كلف الأمر عندما تحدث عن موضوع بقائه في السلطة. إنه يحيل الموضوع دائماً إلى السوريين. إنه يطرح الأمور بشكل إجمالي وجماعي، عندما أتحدث عن أطفاله، يرد بالحديث عن الأطفال السوريين. وعندما أتحدث عن زوجته، يرد بالحديث عن جميع النساء السوريات. أعتقد أنه يؤمن بذلك حقاً، ولكن من الصعب معرفة درجة الصدقية في كلامه بشكل دقيق."
"أعتقد أن الموافقة على إجراء هذه المقابلة مع وسيلة إعلام فرنسية يعني أن سورية تريد توجيه عدة رسائل إلى فرنسا، لأن الحكومة السورية تعتقد أن فرنسا هي أكثر الدول عداء في سياستها ضد الرئيس السوري شخصياً، وذلك حتى بعد بروز داعش وزيادة تعقيد المعادلة السورية".
أوليفييه روفانيلو: "أعتبر أن الأمر الذي يبعث على الصدمة في هذه المقابلة هو العرض الذي تقدم به الرئيس السوري بخصوص التعاون مع الدول الغربية من أجل القضاء على داعش، لأنه لا يمكنها القضاء على داعش بدونه، وذلك على الرغم من العزلة التي تفرضه الدول الغربية عليه وسقوط مئتي ألف ضحية".
رندة قسيس: "إن ما يهمني أولاً هو عودة السلام. إن بشار الأسد موجود الآن. لا يعني ذلك أنه شخص رائع، فقد ارتكب جرائم مثل الآخرين الذين ارتكبوا الجرائم ايضاً، وكذلك المتمردون. ولكن ماذا يجب أن نفعل اليوم في سورية. إذا استمرينا بالتحديث عن مئتي ألف ضحية، يجب القول أن الضحايا ليسوا فقط من المتمردين، هناك أيضاً ضحايا من العلويين والمدنيين والآخرين. البلد ممزق وهناك خطر بتقسيم البلد. إن المشكلة ليس فقط داعش وجبهة النصرة، هناك أيضاً بقية الراديكاليين. يجب استئناف العملية السياسية. لهذا السبب، أنا أؤيد المبادرة الروسية للسلام. لن يكون هناك حل عسكري".
"أعتقد أن الرئيس كان صادقاً عندما قال بأنه لا يريد البقاء رئيساً، وأن السوريين لن يقبلوا أبداً أن يصبح بلدهم دمية بأيدي الغرب. هناك انشقاقات داخل النظام، أي هناك عدة تيارات، وبشار الأسد لا يسيطر على كل شيء سواء في الجهاز الأمني أو الجهاز العسكري. أعتقد أنه يبحث عن مخرج، ولكن أي مخرج. بالتأكيد، لن يرحل ببساطة كما تريد الدول الغربية. يجب أن يكون هذا المخرج أكثر ذكاء من أجل التوصل إلى حل للمشكلة."


(فرانسو هولاند، الهدف الجديد للرئيس السوري)

الموقع الإلكتروني لمجلة الإكسبريس الأسبوعية 3 كانون الأول 2014 بقلم ماري بيلتييه Marie Peltier

     انتقدت ماري بيلتييه قيام مجلة باري ماتش بإجراء مقابلة مع  الرئيس بشار الأسد، ووصفته بـ "الدكتاتور السوري" و"مجرم حرب". وكتبت رسالة مفتوحة إلى مجلة باري ماتش قالت فيها: "الأسد يقتل بكل حرية وبدون عقاب لأننا نستمر بإعطائه المجال للكلام، ولأننا استقلنا". تضمن المقال جميع الانتقادات الغربية المعروفة ضد سورية خلال السنوات الأربع الماضية، واعتبرت ماري بيلتييه أن الرئيس السوري "هو المسؤول المباشر وغير المباشر عن مقتل مئتي ألف شخص". كما انتقدت مبدأ حرية الصحافة في فرنسا الذي يقول أنه "يجب السماح لجميع الأطراف بالتعبير عن موقفها".


الأربعاء، ٣ كانون الأول ٢٠١٤

(تأكيد وفاة ألويز برونر في سورية)

صحيفة الفيغارو 3 كانون الأول 2014 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     عاش ألويز برونر Aloïs Brunner فترة طويلة في المبنى الواقع شارع جورج حداد ـ رقم البناء 3 ـ  في وسط دمشق. قال  أحد السوريين دون أن يكشف عن اسمه: "كنت جاره خلال عدة سنوات. كنت أسمع مساء كل يوم ضربات الآلة الكاتبة، وكان يكتب رسائل بلغة مورس. لا بد أنه كان مختصا بالتنصت على المكالمات الهاتفية. كان معروفاً باسم: السيد فيشر".
     ألويز برونر، مسؤول عن تهجير 125000 يهودي أوروبي إلى معسكرات الموت النازية، وهو من أصل نمساوي. نجح ألويز برونر في الهروب من ألمانيا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، ولجأ إلى مصر أولاً، ثم وصل إلى سورية عام 1954. أكد رئيس المكتب الإسرائيلي في مركز Wiesenthal إفرايم زوروف Efraïm Zuroff أن ألويز برونر تمتع بحماية نظام دمشق حتى وفاته، وأعلن أنه "ربما" توفي عام 2010 نقلا عن إحدى الشهادات التي حصل عليها هذا المركز من أحد الأعضاء السابقين في أجهزة الاستخبارات الألمانية. أشار إفرايم زوروف إلى أنه كشف عن هذه المعلومات بعد التحقيق الذي نشرته مؤخراً Sunday Exress.
     في الحقيقة، تؤكد بعض المصادر الأخرى أن ألويز برونر، الذي سيبلغ عمره 102 عاماً اليوم، قد توفي خلال النصف الثاني من عقد التسعينيات. ربما تم دفنه في مقبرة الدحداح في شارع بغداد، وتوجد بعض الخربشات على شاهدة القبر بهدف منع تحديد مكان قبره. قال أحد المقربين من الرئاسة السورية عام 1998: "هذا الرجل توفى، وهو تاريخ ميت". استفادت سورية ومصر ودول أخرى خلال سنوات الخمسينيات من الكفاءات العلمية لمجرمي الحرب النازيين. لم تعترف سورية أبداً بأنه  استضافت ألويز برونر، ولم يعط النظام أية معلومات عن اختفاء هذا الضيف المُربك. لقد استضافت الولايات المتحدة أيضاً العديد من مجرمي الحرب النازيين.
     ما هي الفائدة من مثل هذه المعلومات المسربة حالياً؟ أكد أحد الجواسيس الفرنسيين المتخصصين بنظام دمشق إلى صحيفة الفيغارو قائلاً: "ما زالت أجهزة الاستخبارات الألمانية تملك ملفات من هذا النوع. ربما يكون المقصود من إعادة إحياء هذه القضية إرباك النظام السوري في الوقت الذي يظهر فيه كأقل الشرور مع تقدم الدولة الإسلامية".


الثلاثاء، ٢ كانون الأول ٢٠١٤

(موسكو تخشى من عودة الجهاديين الذين ذهبوا إلى سورية)

صحيفة الفيغارو 2 كانون الأول 2014 بقلم مراسلها في موسكو بيير أفريل Pierre Avril

     اكتشفت موسكو عدواً جديداً بعد موت "أمير القوقاز" دوكو أوماروف Dokou Oumarov، هو الشيشاني تارخان باتيراشفيلي Tarkhan Batirachvilli (28 عاماً) الذي ولد في جورجيا، واسمه الحربي هو عمر الشيشاني. وَعَدَ عمر الشيشاني بـ "تحرير القوفاز والشيشان بإذن الله". ولكن الفارق بين الاثنين هو أن الأول كان يقاتل السلطات الروسية في غابات القوقاز، بينما يقاتل الثاني في سورية مع الدولة الإسلامية، وأصبح أحد قادتها العسكريين.
     شارك عمر الشيشاني مع الجيش الجيورجي في الحرب الروسية ـ الجيورجية عام 2008، ثم اعتنق الإسلام الراديكالي أثناء اعتقاله في السجن. ذهب إلى تركيا عام 2012، ثم انضم إلى الحرب المقدسة ضد بشار الأسد، وتزعم جيش المهاجرين والأنصار الذي يتكون من الجهاديين القادمين من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق. ما زال عمر الشيشاني حياً على الرغم من إعلان موته عدة مرات، وهو يجسد الوجه الجديد للإرهاب الإسلامي القادم من الحدود الروسية.
     تشير بعض التقديرات إلى أن حوالي ألفي روسي انضموا إلى الدولة الإسلامية. وصلت الموجة الأولى منهم مع بداية الثورة السورية من أجل إسقاط بشار الأسد الكافر، وتتألف أغلبيتها من الشيشان. جاءت أغلبية الموجة الثانية من داغستان، وهي ذات توجه سلفي، واستجابت لنداء الدولة الإسلامية بعد إعلان قيامها. لقد جذبهم الوعد بإقامة نظام قائم على الشريعة في المشرق، وذلك في الوقت الذي وصلت فيه حربهم في روسيا إلى طريق مسدود. لقد ساهمت الإجراءات الأمنية المشددة التي رافقت الألعاب الأولمبية في سوتشي بتسريع رحيلهم. خرجت المظاهرات العامة في شوارع داغستان، واختلطت فيها الدعوات من أجل الجهاد في سورية مع الاحتجاجات ضد اختفاء الناشطين الإسلاميين الذي يُشتبه بأن الشرطة كانت وراء اختفائهم.
     يتأرجح الموقف الروسي بين الارتياح والتخوف، قال مدير الاستخبارات الروسية FSB ألكسندر بورتنيكوف Alexandre Bortnikov: "الخطر هو عودة هؤلاء الإرهابيين إلى الدول التي غادروها". شددت روسيا قوانينها الجزائية، وتتراوح عقوبة المشاركة في "عصابات غير مشروعة على أرض أجنبية بهدف معارضة المصالح الروسية" بين سنتين  وست سنوات. حكمت إحدى المحاكم الشيشانية بتاريخ 6 تشرين الثاني على أحد مواطنيها الذين قاتلوا في الجيش السوري الحر بالسجن لمدة عامين. ولكن أجهزة الأمن المحلية تنظر بعين الرضى إلى الهروب الطوعي لأعدائها.
     قال أحمد إيارليكابوف Akhmet Iarlikapov، الباحث في مركز الأمن الإقليمي ودراسات القوقاز: "تعمل السلطات في داغستان عن طريق أجهزة الاستخبارات من أجل إقناع الجهاديين بالبقاء في مكانهم وعدم العودة إلى روسيا". تجري مثل هذه العمليات عن طريق عائلاتهم. إن هذا الرهان خطير. يواجه القوقازيون صعوبة في الاندماج بعد وصولهم إلى سورية، لأن السكان العرب ينظرون إليهم باعتبارهم دعماً للسلطات الاستعمارية الموجودة، كما كان عليه الحال أثناء الامبراطورية العثمانية. هذا هو الحال بالنسبة للمغتربين الشركس المقيمين في سورية، والذين أظهروا ولاءهم إلى نظام الأسد.

     هاجر الجهاديون القوقازيون الجدد مع عائلاتهم، ولكنهم ما زالوا يعيشون منعزلين بين بعضهم البعض، كما هو الحال بالنسبة لجناح المهاجرين في حلب بقيادة زعيم شيشاني اسمه أبو عبد الرحمن. يُحذّر المحللون من أن القوقازيين سيعودون إلى روسيا سواء بقيت الدولة الإسلامية أم تفككت، ويخشون من أن يتحول بعضهم إلى إيمان شاميل Iman Chamil جديد، وهو قائد حربي قاتل ثلاثين عاماً باسم الإسلام بين عامي 1830 و1860 ضد الغزو الروسي، وأقام نواة دولة في القوقاز.

(بوتين وأردوغان يبحثان عن الإمبراطورية المفقودة)

صحيفة الفيغارو 2 كانون الأول 2014 بقلم إيزابيل لاسير Isabelle Lasserre

     لم تشهد الصداقة الروسية ـ التركية فترة أفضل مما هو عليه الأمر حالياً، وذلك إذا صدقنا الاستقبال الباذخ الذي حظي به فلاديمير بوتين أثناء زيارته إلى تركيا يوم الاثنين 1 كانون الأول. لا تكف العلاقة في مجال الطاقة والتجارة لتفسير مثل هذا الاستقبال والتكريم الذي حظي به الرئيس الروسي من قبل نظيره التركي. يُقال أن بروز جهاديي داعش ربما ساهم في التقريب بين الدولتين المتنافستين على البحر الأسود، ولاسيما أن علاقتهما تتسم عادة بالحذر والتحفظ.
     يبدو أن تدهور علاقات هاتين الدولتين مع الدول الغربية ساهمت في التقريب بين الرئيسين الروسي والتركي. أصبحت العلاقات الأمريكية ـ التركية باردة بسبب غموض السياسة التركية تجاه جهاديي داعش ورفضها التدخل ضدهم في سورية. كما تنتقد تركيا الأوروبيين بأنهم السبب في تخفيف حماسها للاقتراب من الاتحاد الأوروبي. لقد انتقد رجب طيب أردوغان عدة مرات الحدود التي فرضتها فرنسا وبريطانيا على المنطقة بعد الحرب العالمية الثانية، وذلك منذ الإعلان عن "الدولة الإسلامية" في المشرق في بداية الصيف. تتعرض روسيا إلى العقوبات الغربية منذ ضم شبه جزيرة القرم وزعزعة استقرار أوكرانيا. وعد فلاديمير بوتين بأن يبحث مجدداً "الإملاءات" الأمريكية والنظام الغربي المنبثق بعد نهاية الحرب الباردة، مُعتبراً أن هذا النظام أهان المصالح الاستراتيجية الروسية. يهدف الرئيسان الروسي والتركي إلى نشر نفوذهما في المنطقة واستعادة نفوذهما الغابر.
     ولكن على الرغم من التشابه الظاهري في سياستهما الخارجية وفي مواقفهما السياسية المعادية للغرب، فإن رجب طيب أردوغان وفلاديمير بوتين ما زالا خصمان، وتتنافس استراتيجيتهما في المنطقة ولاسيما في سورية. تكمن المصالح الموضوعية للبلدين في مكافحة جهاديي داعش، على الأقل لأن هذه المجموعة الأصولية تقوم بتجنيد المقاتلين في القوقاز من أجل إرسالهم إلى الجبهتين السورية والعراقية. ولكن خيارهما التكتيكي مختلفان. تتابع تركيا سياستها المزدوجة تجاه الدولة الإسلامية، بينما تريد روسيا التي استقبلت وزير الخارجية السوري يوم الجمعة 28 تشرين الثاني أن تجعل من مكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط "أولوية" لها. كما تريد روسيا أن تبرهن على أنها قوة عالمية عبر إظهار إرادتها بمكافحة الإرهاب في المنطقة.
     تسعى روسيا سواء في دمشق أو أنقرة إلى استعادة نفوذها في المنطقة ومواجهة الولايات المتحدة. هذا ما سعت إليه أيضاً فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني الهام جداً، عندما أظهرت مؤخراً "تعاونها" نقلاً عن مصدر مقرب من المفاوضين. إن التحالف مع أنقرة ليس إلا تحالفاً تفرضه الظروف الحالية.