الصفحات

الجمعة، ١٠ كانون الثاني ٢٠١٤

(هجوم المتطرفين السنة في العراق يُقرّب بين واشنطن وطهران)

صحيفة اللوموند 10 كانون الثاني 2014 بقلم فيليب برنار Philippe Bernard

     قامت الإدارة الأمريكية في نهاية شهر كانون الأول بتسليم الحكومة العراقية صواريخ Hellfire وبعض طائرات المراقبة بدون طيار من أجل مكافحة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام. ولكن مجلس الشيوخ الأمريكي ذو الأغلبية الديموقراطية ما زال يعرقل تسليم طائرات F16 والطائرات المروحية أباتش التي تطالب بها بغداد بإلحاح. يعتبر السيناتور الأمريكي روبرت مينيديز Robert Menendez وزملاؤه أن رفض نوري المالكي لتقاسم السلطة والعوائد النفطية مع الأقليات السنية والكردية يؤجج النزاع، وأنه ربما يستخدم هذه الأسلحة ضد معارضيه في الداخل. ولكن الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض جاي كارني Jay Carney انتقد هذا التحليل على الموقع الإلكتروني لمجلة فورين بوليسي يوم الأربعاء 8 كانون الثاني قائلاً: "من الصعب تصور لماذا يعتقد النواب أنه الوقت المناسب لرفض إرسال الأسلحة إلى الحكومة العراقية التي تحتاج هذه الأسلحة لمكافحة تنظيم القاعدة".
     يشجع التهديد الجهادي على التقارب غير المنتظر بين واشنطن من جهة وإيران وروسيا من جهة أخرى. أصبح الجميع يواجه الآن تهديداً مشتركاً هو حركة الجهاديين الراديكاليين السنة وطموحاتهم الإقليمية المعلنة. قال نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن بول سالم Paul Salem: "تتزايد المصالح المشتركة بين الانفتاح حول الملف النووي الإيراني، والتغير في سورية التي يعتبر الأمريكيون أن تنظيم القاعدة فيها أكثر تهديداً من بشار الأسد، والعراق الذي يحظى بدعم الأمريكيين والروس والإيرانيين. إن تصور واشنطن للتهديد والعداء يتغير في الوقت الحالي".
     تستعد موسكو لتسليم النظام العراقي عشرات الطائرات المروحية من طراز Mi-35. كما اقترحت طهران على بغداد تزويدها بقوات أرضية لمكافحة تنظيم القاعدة. قال المستشار السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني عزيز شاه محمدي Aziz Shahmohammadi في نيويورك تايمز بتاريخ 6 كانون الثاني: "لدينا قواسم مشتركة أكثر فأكثر مع الأمريكيين. من الممكن أن يسمح هذا الانفراج الأمريكي ـ الإيراني بإعلاء إيران إلى مستوى أحد الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط بأسره".


(الولايات المتحدة والفوضى الشرق أوسطية)

صحيفة اللوموند 10 كانون الثاني 2014 بقلم آلان فراشون Alain Frachon

     تقوم الدول العربية وإسرائيل باتهام الولايات المتحدة بجريمة مزدوجة: الانسحاب والخيانة. ولكن هذا غير صحيح، ومن المفترض أن يؤكد عام 2014 على المعطيات شبه الدائمة في الشرق الأوسط عام 2014، أي أن الولايات المتحدة هي القوة العظمى الوحيدة في المنطقة وستبقى كذلك. في الحقيقة، تود الولايات المتحدة الانسحاب من هذه السفينة المترنحة، والاهتمام بآسيا التي تنتج نصف انتاج العالم، وبالرهان الاستراتيجي الهام بين الصين من جهة وحلفاء الولايات المتحدة في آسيا وفي مقدمتهم اليابان من جهة أخرى.
     يعاني الشرق الأوسط من انهيار الدول القوية فيه مثل مصر والعراق وسورية. الأمر الذي خلق فراغاً مناسباً للحركات الإسلامية الراديكالية مثل تنظيم القاعدة وشركاءه، ولعودة المرض القديم المتمثل بالمعركة القديمة التي تقسم الإسلام بين السنة والشيعة. بدأت المنطقة بـ "إعادة تنظيم نفسها" حول أكبر دولتين دينيتين فيها هما السعودية وإيران، بسبب عدم وجود سلطة قوية في مصر وبغداد أو دمشق. هذا هو السبب في انفجار أعمال العنف الطائفية التي تجتاح العالم العربي وأصبحت سورية ولبنان والعراق مسرحاً لها.
     كيف يمكن "الخروج" من هذا الوضع؟ من أجل كسر دوامة العنف الطائفية، كانت الولايات المتحدة على صواب عندما استأنفت الحوار مع طهران والتوصل إلى هذا الاتفاق الأول حول البرنامج النووي الإيراني. تعتبر السعودية أن مصداقية الولايات المتحدة قد تزعزعت بسبب رفضها لقصف سورية، ولا تنظر بعين الرضى إلى الدعم الأمريكي للحكومة الشيعية في العراق من أجل سحق الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بمساعدة إيران وروسيا اللتين تمثلان "أعداء" التحالف السني! إن السعودية لا تفهم جيداً أن واشنطن تتحدث عن مشاركة إيران في مؤتمر للسلام حول سورية.
     تتظاهر السعودية بأنها تبحث عن حلفاء آخرين بدلاً من الولايات المتحدة مثل فرنسا. ولكنها نزوات ظاهرية، ولا مستقبل لها. ليس هناك خيار آخر أمام السعودية وإسرائيل. إن الولايات المتحدة هي الضمان لأمن دول الخليج أكثر من أي وقت مضى، وليست هناك أية دولة أخرى لكي تحل مكانها. لقد تميز عام 2013 بتعزيز العلاقات العسكرية الإسرائيلية ـ الأمريكية بشكل لم يسبق له مثيل. إن الولايات المتحدة أكثر قوة عندما تتحدث مع الجميع، ولاسيما مع الدولتين الدينيتين في المنطقة: إيران والسعودية. إذا تطور الحوار بين طهران وواشنطن، فإنه سيكون الضوء الصغير الوحيد في الأفق الشرق الأوسطي مع بداية عام 2014.



الخميس، ٩ كانون الثاني ٢٠١٤

(العراق ـ سورية: جهاديون بلا حدود)

مجلة النوفيل أوبسرفاتور الأسبوعية 9 كانون الثاني 2014 بقلم رونيه باكمان René Backmann

     هل قامت السلطات العراقية بإبلاغ نظام دمشق؟ لم يُعلن نظام دمشق عن أي احتجاج سياسي عندما اخترقت بعض وحدات الجيش العراقي الأراضي السورية في بداية شهر كانون الأول خلال عملية في شمال ـ شرق سورية ضد مجموعة إسلامية مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة. قامت بغداد منذ عدة أشهر بتعزيز وجودها العسكري في محافظتي نينيف والأنبار المعروفتين بسهولة اختراق حدودهما مع سورية.  كان المقاتلون وأسلحتهم وذخيرتهم يتسللون عبر هذه الحدود خلال الاحتلال الأمريكي للعراق، الأمر الذي سمح للمجموعات الجهادية السنية مثل الدولة الإسلامية في العراق، الفرع المحلي لتنظيم القاعدة، بمواجهة السلطة الشيعية في بغداد وحلفائها.

     تغير اسم الدولة الإسلامية في العراق وأصبح الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بعد الانسحاب الأمريكي واندلاع الحرب الأهلية في سورية، وقامت بتوسيع نشاطها في سورية ومواصلة حربها ضد الشيعة ومعركتها من أجل إقامة إمارة إسلامية إقليمية. تشن الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام، وأميرها العراقي الجنسية، معركتها من الآن فصاعداً على جانبي الحدود، ويشجعها على ذلك انتصاراتها الأولى في سورية ودعم العديد من المتطوعين الأجانب: لقد استولت على الفلوجة والعديد من أحياء الرمدي في الأسبوع الماضي، أي في المدينتين العراقيتين اللتين كانتا معاقل التمرد ضد الأمريكيين.

(سورية: مؤتمر من أجل لا شيء؟)

مجلة النوفيل أوبسرفاتور الأسبوعية 9 كانون الثاني 2014 بقلم رونيه باكمان René Backmann

     بناء على دعوة من الأمم المتحدة، من المفترض أن يشارك ممثلون عن 26 دولة ووفدي نظام دمشق والمعارضة السورية في افتتاح مؤتمر جنيف 2 بعد أسبوعين، وذلك بهدف السعي إلى مخرج سياسي للحرب الأهلية السورية. تم نقل مكان المؤتمر إلى مدينة مونترو السويسرية لأسباب لوجستية فندقية، من المفترض أن يبني المؤتمر أعماله بشكل أساسي على النتائج المستخلصة من مؤتمر جنيف 1 في حزيران 2012. رفضت دمشق هذه النتائج، وتعترض على لائحة الدولة المدعوة.
     ماذا يمكن الانتظار من هذا المؤتمر؟ لاشيء. كما أن موازين القوى السياسية والعسكرية لا تشجع على المفاوضات بعد ألف يوم من الوحشية التي أدت إلى مقتل مئة وثلاثين ألف شخص. استعاد بشار الأسد المبادرة على الأرض بفضل دعم موسكو والاتفاق الأمريكي ـ الروسي حول تفكيك أسلحته الكيميائية، هذا الاتفاق الذي أخفى استمرار الحرب التقليدية وأظهر محدودية الدعم الغربي للمتمردين. كثف بشار الأسد بدعم من حلفائه الإيرانيين وحزب الله اللبناني القصف المدفعي والضربات الجوية ضد المناطق الخاضعة لسيطرة التمرد بشكل يقتل فيه المدنيين والمقاتلين بدون تمييز.
     انقسمت المعارضة أكثر من أي وقت مضى بين المنظمات في الخارج والكتائب في الداخل، بين الإسلاميين وغير الإسلاميين، وداخل الإسلاميين بين المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة أو المعارضة له. وتحولت هذه الخصومات إلى مواجهة مسلحة من الآن فصاعداً. إن تحالف الجبهة الإسلامية الذي يضم المجموعات المسلحة الإسلامية هو الأكثر قوة، ويؤيد إقامة نظام ديني سني. استولى هذا التحالف في بداية شهر كانون الأول على قاعدة للجيش السوري الحر ـ الجناح المسلح للائتلاف الوطني ـ وعلى مستودعاته للأسلحة وعلى أرشيفه. كما هو الحال بالنسبة للجبهة الإسلامية، هناك أيضاً تحالفان آخران للمجموعات المسلحة هما: جيش المجاهدين وجبهة الثوار في سورية، وتُقاتل جميع هذه المجموعات في الوقت نفسه ضد نظام دمشق وضد مجموعتين جهاديتين مرتبطتين بتنظيم القاعدة هما: جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام اللتان تنشران الرعب من الشريعة في شمال سورية.

     أكد المجلس الوطني السوري، المكون الأساسي للمعارضة، يوم الجمعة 3 كانون الأول أن المؤتمر "غير مناسب". على الصعيد الميداني، يرفض قادة المتمردين أيضاً بل ويدينون عملية جنيف، ويعتبرونها "مفخخة". وما زال الائتلاف الوطني للمعارضة يتردد في المشاركة في المفاوضات بعد اجتماعه في استانبول يوم الثلاثاء 7 كانون الثاني. إذاً، ما هي الفائدة من الذهاب إلى مونترو؟

(سورية: الإفراج عن صحفيين سويديين اثنين)

صحيفة الليبراسيون 9 كانون الثاني 2014

     "نعم، إنهم أحرار": هذه هي الكلمات التي تنتظرها جميع عائلات الرهائن في العالم. إنها كلمات السفير السويدي في لبنان عندما أعلن البارحة 8 كانون الثاني عن نهاية محنة الصحفيين السويديين اللذين كانا معتقلين في سورية. إنهما المصور المستقل نيكلاس هامارسترويم Niclas Hammarström  الذي يعمل مع صحيفة Aftonbladet، والصحفي ماغنوس فولكهيد Magnus Falkehed  الذي يعمل انطلاقاً من باريس.
     دخل الصحفيان إلى سورية في شهر تشرين الثاني الماضي من أجل إعداد تحقيق مصور في جنوب ـ غرب سورية، ثم اختفيا في طريق عودتهما. تم الإفراج عنهما في لبنان على التوالي يوم السبت 4 كانون الثاني والبارحة 8 كانون الثاني. قال أحد أصدقائهما إلى وكالة الأنباء TT: "إنهما في صحة جيدة".
     أكد الصحفي نيكلاس هامارسترويم في مكالمة مع الصحيفة التي يعمل بها أنه تعرض للضرب والعنف، وقال: "كنا مسجونين في غرفة تحت الأرض طوال الوقت. لم نكن نحصل على قدر كاف من الطعام، ولم يكن يحق لنا الذهاب إلى المرحاض إلا مرة واحدة في اليوم".

     ما زالت ظروف الإفراج عنهما مجهولة. ما زال هناك أربعة عشر صحفياً أجنبياً معتقلين كرهائن في سورية، منهم أربعة فرنسيين.   

الأربعاء، ٨ كانون الثاني ٢٠١٤

(الحرب بين المتمردين تهدد التمرد ضد الأسد)

صحيفة الفيغارو 8 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلها الخاص في دمشق جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     ما زالت الحرب التي يشنها المتمردون السوريون على الجهاديين الأجانب بمعظمهم مستمرة لليوم الرابع على التوالي في المناطق المتمردة في شمال وشرق سورية. تقود الكتائب السلفية المتمردين السوريين، وما زالت تحقق بعض التقدم، ولكن الوقت ما زال مبكراً للحديث عن هزيمة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التابعة لتنظيم القاعدة والتي تعتقل الرهائن الفرنسيين.
     يتواجه في هذه الحرب الجديدة داخل الحرب معسكران كانا متحالفين حتى وقت قريب في المعركة ضد نظام بشار الأسد. إن الحدث الأساسي في هذا الصراع بين الإخوة هو تعرض الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام إلى الحصار منذ 48 ساعة في معقلها بالرقة التي سيطر عليها الجهاديون في الربيع الماضي. هناك ملاحظة هامة هي أن جبهة النصرة هي التي بدأت الهجوم، وهي مجموعة مرتبطة بتنظيم القاعدة وغالبيتها من السوريين الذين يريدون التخلص من الرعب وعمليات الترهيب التي ترتكبها الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام ضد السكان. اتسمت هذه المواجهات بالوحشية، وامتلأت شوارع الرقة بالجثث المغطاة بالأسود ـ لون الجهاديين ـ ، وتم الإفراج عن حوالي خمسين معتقلاً، ولكن ما زال هناك المئات من المعتقلين الآخرين في سجون الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام.
     بدأ الجهاديون الذين يتحدثون عن "خيانة" بالقيام بعمليات انتحارية ضد بقية المعارضين لبشار الأسد من أجل الدفاع عن أنفسهم، وهذا ما حصل في مدينة دركوش بالقرب من إدلب وفي حلب التي تعرضت فيها حواجز المتمردين لهجمات "مجانين الله". إن حصيلة أعمال العنف في الأيام الأربعة كبيرة: قُتِل 129 متمرداً و46 مدنياً من جهة، و99 جهادياً من الجهة الأخرى.
     دعا رئيس جبهة النصرة إلى وقف إطلاق النار من أجل "إنقاذ الوضع"، قال أبو محمد الجولاني على تويتر: "دفعنا هذا الظرف السيء إلى المبادرة بهدف إنقاذ الوضع. تتضمن هذه المبادرة تشكيل لجنة مبنية على القانون الإسلامي، وتضم جميع الكتائب الهامة... ، ووقف إطلاق النار... ، وتبادل الأسرى، وإعطاء الأولوية للمعركة ضد النظام".
     خسر مجرمو تنظيم القاعدة العديد من القرى ونقاط المراقبة، ولكنهم لم يُهزموا حتى الآن. هل سيوافقون على وقف إطلاق النار من قبل حليفهم السابق جبهة النصرة؟ ربما قامت الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام بإرسال التعزيزات إلى حلب. تساءل ممثل الأمم المتحدة في دمشق مختار لماني قائلاً: "هل يستطيعون شن الحرب على جبهتين في وقت واحد، في سورية والعراق الذي يسيطرون فيه على الفلوجة وبعض أحياء الرمدي؟".
     إذا كان بعض عناصر الميليشيات الجهادية قد يختارون الانسحاب إلى الجانب الآخر من الحدود، فإن البعض الآخر منهم اتخذ قراره بالتفاوض حول الانضمام إلى جبهة النصرة، ولاسيما في حلب. من الممكن التنقل بين الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام وجبهة النصرة التي تمثل تنظيم القاعدة في سورية، وذلك بعد قيام رئيس الحركة الإرهابية العالمية أيمن الظواهري بدعم جبهة النصرة. إن العامل المحلي هام جداً كما هو الحال غالباً في النزاع السوري. قال أحد المراقبين: "قامت جبهة النصرة والدولة الإسلامية بتنسيق هجومهما قبل شهر ضد عدرا بالقرب من دمشق". ماذا ستفعل هاتان المنظمتان اليوم في عدرا أو في المناطق السورية الأخرى التي يتعاونان فيها؟ أضاف أحد المحللين قائلاً: "هناك توجهات عامة تفرض نفسها على القيادات المحلية، وهذه التوجهات محددة من قبل عرابي المتمردين ولاسيما السعودية بصفتها الممول الأول لهم ومصدر الأسلحة المرسلة إلى التحالف الجديد ضد تنظيم القاعدة".
     هناك أمر مؤكد في الغموض السائد بهذه المعارك: من المفترض أن تكون جبهة النصرة الفائز من إعادة توزيع الأوراق داخل التمرد بفضل دور الحكم الذي تقوم به. ولكن المشكلة تكمن في أن هذه المنظمة مدرجة على اللائحة الأمريكية للمنظمات الإرهابية. إذاً، لن يكون بإمكانها القيام بدور في العملية الانتقالية التفاوضية خلال مؤتمر جنيف بتاريخ 22 كانون الثاني، إلا إذا استطاعت قيادتها التي تعارض أي تفاوض أن تتفاهم مع بعض قادتها المحليين الذين يسألون الأطراف الغربية التي تتحاور معهم: "ما العمل للخروج من اللائحة السوداء؟".

ـ بعد تفكك المتمردين المعتدلين في الجيش السوري الحر، ما زال هناك عمل أمام بقية المتمردين للابتعاد عن الفصائل الإسلامية الراديكالية وإرضاء عرابيهم الغربيين. ولا شك أن النظام لن يساعدهم في ذلك. إن طائراته تكتفي بقصف مواقع الجهاديين بالقرب من الحسكة التي لجأ إليها العديد من عناصر الميليشيات التابعة لتنظيم القاعدة. بهذه الطريقة، تساعد دمشق حلفائها المقاتلين الأكراد في هذه الحرب ذات الجبهات المتعددة.

(عقبات أخرى أمام مؤتمر جنيف)

صحيفة الفيغارو 8 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلها الخاص في دمشق جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     كيف يمكن عقد مؤتمر جنيف اعتباراً من 22 كانون الثاني، في الوقت الذي تم فيه استبعاد إيران ولم يتم تشكيل وفد المعارضة حتى الآن؟ من المفترض أن يحسم وزيرا الخارجية الأمريكي والروسي هذه المسائل يوم الاثنين القادم 13 كانون الثاني. ولكن لا أحد يعرف بشكل مؤكد فيما إذا كان مؤتمر جنيف سينعقد في الموعد المحدد.
     إن طهران "لا تريد دوراً ثانوياً". يرفض المجلس الوطني السوري، أحد الفصائل الأساسية في المعارضة، المشاركة في المؤتمر إذا لم يكن رحيل بشار الأسد ضمن جدول أعمال المؤتمر. فيما يتعلق بالائتلاف الوطني السوري المدعوم من الدول الغربية، فسوف يتخذ قراره في الأسبوع القادم، ولكن بعض أعضائه استقالوا أثناء اجتماع الائتلاف في استانبول خلال عطلة نهاية الأسبوع. أخيراً، العقبة الأخيرة برأي أحد دبلوماسيي الأمم المتحدة الذي يتابعون المفاوضات عن كثب هي: أن السعودية لا تريد مؤتمر جنيف، وتفضل الرياض الانتظار حتى يحقق المتمردين تقدماً على الأرض تجاه الجيش السوري من أجل التفاوض ضمن ظروف أفضل.

     يمكن أن يؤدي مؤتمر جنيف في أفضل الاحتمالات إلى اتفاقات محلية لوقف إطلاق النار، وإفراج السلطة عن المعتقلين، والسماح بمنفذ إنساني إلى مئات آلاف الأشخاص المحتاجين للمساعدة.