الصفحات

الخميس، ١١ أيلول ٢٠١٤

(فرنسا مُستعدة لتوجيه الضربات ضد الجهاديين)

صحيفة الفيغارو 11 أيلول 2014 بقلم إيزابيل لاسير Isabelle Lasserre

     تنوي فرنسا قصف الدولة الإسلامية، وتعتبر أن التطورات الجديدة في الشرق الأوسط يمكن أن تكون وسيلة لإزالة آثار فشلها قبل عام واحد عندما تراجع باراك أوباما عن قصف سورية، وتعتبر باريس أن "عدم القصف الأمريكي" آنذاك يتحمل بعض المسؤولية في تدهور الوضع. تنوي فرنسا المشاركة في وضع خطط العمليات ومهمات التجسس، وأن تعطي رأيها، وألا تغلق الباب أمام "أي خيار عسكري" حتى لو احتاج الأمر إلى إرسال وحدات خاصة على الأرض.
     من الممكن أن يبقى دور القوات الفرنسية محدوداً بالمقارنة مع قوة الجيش الأمريكي. انخرطت فرنسا عسكرياً في مالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، وربما تتدخل قريباً في ليبيا، وهي لا تملك الوسائل العسكرية اللازمة لشن حرب شاملة ضد الدولة الإسلامية. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر باراك أوباما أن مكافحة الدولة الإسلامية يجب أن يقود إلى "تدميرها"، وأن ذلك يمكن أن يستمر سنتين أو ثلاث سنوات.
     تؤكد باريس على ضرورة فرض "مقاربة شاملة" للأزمة، وأن تعتمد هذه المقاربة على الحكومة العراقية وعلى ضرورة قطع وسائل تمويل الجهاديين. إن مثل هذه المقاربة هي وحدها القادرة على مكافحة الإرهاب في الصحراء الإفريقية (الساحل) وبعض الدول الإفريقية على المدى الطويل. يجب أن تترافق مشاركة دول المنطقة في هذا التحالف بمقاربة تسمح بحماية الدول الهشة مثل الأردن ولبنان.
     يتعلق السؤال الأكثر صعوبة بسورية. أعلنت باريس وواشنطن منذ وقت طويل عن ترددهما تجاه التعاون مع نظام بشار الأسد الذي يُقدم نفسه كحليف موضوعي للأمريكيين والأوروبيين منذ التقدم الصاعق للجهاديين. ولكن العواصم الغربية، التي تعلمت من دروس النزاع الأفغاني والتدخل الباكستاني فيه، تعرف أيضاً أن قصف الجهاديين في العراق لن يكون مجدياً بدون قصفهم في سورية.

     يبدو أن قطع رأس الصحفيين الأمريكيين أقنع باراك أوباما بتوسيع القصف الأمريكي إلى سورية. تشير بعض الأوساط المطلعة إلى أن التنسيق المُحتمل مع نظام دمشق لمكافحة الجهاديين يمكن أن يأخذ أشكال مختلفة وحتى سرّية. من الصعب تصور مشاركة فرنسا في هذا التنسيق بالوقت الحالي على الأقل.

(باريس تريد أن تتمكن من اختيار ضرباتها في العملية ضد الدولة الإسلامية)

صحيفة اللوموند 11 أيلول 2014 بقلم ناتالي غيبير Nathalie Guibert

     هل ستتمكن فرنسا من الانضمام بالشروط التي ترغبها إلى العملية العسكرية الدولية التي ستنظمها الولايات المتحدة ضد المتطرفين السنة في الدولة الإسلامية بالعراق؟ أكدت وكالة بلومبيرغ Bloomberg يوم الثلاثاء 9 أيلول أن الرئيس باراك أوباما يستعد لأن يطلب من الكونغرس موازنة تبلغ عدة مليارات من الدولارات لتمويل هذه الحملة العسكرية الجديدة. تستمر النقاشات السياسية والدبلوماسية منذ انتهاء قمة الحلف  الأطلسي في نيوبورت يوم الجمعة 5 أيلول بهدف التوصل إلى "رد شامل" يصل حتى تجفيف الشبكات المالية للدولة الإسلامية.
     تعتبر باريس أن الرهان هو ألا يقتصر دورها على "المساهمة المحدودة" داخل تحالف بقيادة واشنطن، وسيكون من الصعب الدفاع عن هذا الانخراط الجديد أمام الرأي العام. أعلن الرئيس فرانسوا هولاند يوم الثلاثاء 9 أيلول أنه سيزور العراق يوم الجمعة 12 أيلول، وأكد أن مؤتمراً دولياً حول السلام والأمن في العراق سينعقد في باريس يوم الاثنين 15 أيلول قبل الاجتماعات التي يُنتظر أن يقوم بها باراك أوباما على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 22 أيلول.
     أحرزت النقاشات العملياتية بعض التقدم حتى لو لم يتم الإعلان عن أية خطة، لأن نطاق التحالف لم يتحدد حتى الآن. يقوم رئيس الأركان الفرنسي الجنرال بيير دوفيلييه Pierre de Villiers بإعداد أساليب العمل مع محاوريه الأمريكيين. تتطرق هذه النقاشات بشكل خاص إلى نقطتين: على المدى القصير، مشاركة الجيش الفرنسي في الضربات الجوية ضد الدولة الإسلامية بالعراق؛ على المدى المتوسط، مكافحة الدولة الإسلامية على الأرض السورية. قامت فرنسا وحليفتها بريطانيا بإلقاء الأسلحة إلى الميليشيات الكردية التي تقاتل الدولة الإسلامية، وتستعد باريس ولندن لقصف الحركة في العراق.
     أشار وزير الدفاع الفرنسي جان إيف لودريان يوم الثلاثاء 9 أيلول في بوردو أثناء الاجتماع الصيفي السنوي للشؤون العسكرية إلى أن "رئيس الجمهورية أعرب عن نية فرنسا بإرسال بعض قواتنا مباشرة لقتال داعش". إنه تصريح غامض بشكل متعمد فيما يتعلق بوجود الجنود على الأرض. لقد انتشرت فعلاً بعض الوحدات الخاصة على الأرض. أكدت العديد من المصادر العسكرية والدبلوماسية في بوردو أن المشاركة في الضربات الجوية هي "بطاقة الدخول" الضرورية. ستكون الضربات الفرنسية محدودة بسبب ضعف الوسائل المتوفرة. إن الشرط المحدد هو أن تحتفظ باريس بحرية العمل: أي أن تختار هيئة الأركان أهدافها، باعتبار أن الوسائل العسكرية موضوعة تحت القيادة الأمريكية.
     سيلتقي وزير الدفاع الفرنسي بالرئيس المصري يوم الثلاثاء 16 أيلول، وسيتطرق معه أيضاً إلى موضوع الجبهة الليبية. وقبل ذلك، سيزور الوزير الفرنسي الإمارات العربية المتحدة التي توجد فيها قاعدة عسكرية فرنسية دائمة. يجب الحصول على موافقة الإمارات العربية المتحدة للسماح بإقلاع طائرات رافال الفرنسية بصواريخها بعيدة المدى من طراز Scalp باتجاه العراق. من الممكن أن تشارك هيئة الأركان الفرنسية بحوالي عشرة طائرات في هذه العملية.
     إن القيام ببعض الضربات المحدودة يُثير الجدل داخل الأوساط العسكرية. انتقد مصدر دبلوماسي قائلاً: "لن ينفع ذلك بشيء، ولن يؤدي إلا إلى زيادة مخاطر التصعيد". بالمقابل، يعتبر الجميع أنه من الضروري مشاركة الجيش الفرنسي في مراكز القيادة وفي عمليات الاستخبارات للتحالف. أسرّ مصدر استخباراتي في بوردو قائلاً: "نواجه صعوبة كبيرة في تحديد هيكل القيادة في الدولة الإسلامية حالياً، لأن هذا الخصم ليس دولة، وبرز سريعاً، ولم يكن لدينا تصورات عنها".
     من الناحية الرسمية، لن يتم توجيه ضربات إلى الدولة الإسلامية في سورية بالوقت الحالي، ولكن سيتم تعزيز الدعم إلى "التمرد المعتدل" في سورية. ما العمل إذا هددت الدولة الإسلامية دمشق مستقبلاً، وطلبت دمشق ـ بدعم روسي ـ من الدول الغربية تشكيل تحالف موضوعي؟ إن هذا التحالف مُستبعد بشكل قاطع في الأحاديث الرئاسية في واشنطن وباريس، ولكن أحد المسؤولين الرسميين اعترف قائلاً: " يجب الحصول على موافقة بشار من أجل ضرب الدولة الإسلامية في سورية، سيكون ذلك مسألة تتعلق بالفعالية. ربما يجب على فرنسا إعادة النظر بموقفها إذا قررت الولايات المتحدة القيام بتنسيق غير رسمي وسري مع الأسد".

     تراهن باريس أيضاً على رهان صعب من خلال الظهور في الخط الأول ضد تنظيم القاعدة في الصحراء الإفريقية (الساحل). تريد فرنسا إقناع شركائها بأن الأزمات المرتبطة بالتطرف الإسلامي متعلقة ببعضها البعض، ويجب معالجتها بشكل متزامن في الكاميرون ونيجيريا وتونس ولبنان وحتى في جنوب ليبيا الذي يبدو أنه لا أحد يريد التدخل فيه. قال وزير الدفاع الفرنسي يوم الثلاثاء 9 أيلول: "اصطدمت إرادة العمل الفرنسية في سورية قبل عام واحد ببعض العراقيل، ولكن هذه المرحلة أظهرت بشكل مأساوي الكلفة الأمنية والإنسانية للجمود".

(أوباما يقود الجبهة ضد الدولة الإسلامية)

صحيفة الفيغارو 11 أيلول 2014  بقلم مراسلتها في واشنطن لور ماندفيل Laure Mandeville

     إذا كان الجميع في واشنطن مرتاحاً لقرار باراك أوباما بمواجهة الدولة الإسلامية، فإن عيوب الخطة الأمريكية لا تخفى على المحللين. إن السؤال الأول المطروح هو مدى إمكانية عمل الشركاء العرب في التحالف، نظراً لأن بعض دول الخليج قدمت دعماً فعالاً للمجموعات الجهادية السنية في سورية حتى الآن. كما أن علاقاتهم متوترة بين بعضهم البعض، ولا يثق الأتراك والقطريون بالسعودية، وتوقع الباحث بريان كاتوليس Brian Katulis أن هذه العلاقات المتوترة "تسمح بالتنبؤ بارتباط صعب ومجزء".

     يتعلق السؤال الثاني بالقوات المتمردة السورية، فما زالت الشكوك مستمرة حول قدرة المجموعات المتمردة على الوجود بين القوات الموالية للأسد والدولة الإسلامية. يتعلق السؤال الثالث المثير للقلق بالعراق والتحالف الحكومي الهش فيه، وأشار بريان كاتوليس إلى أن هذا التحالف الحكومي يمكن أن ينفجر في أية لحظة.

(هلاك المجموعة الإسلامية السورية أحرار الشام)

صحيفة الفيغارو 11 أيلول 2014 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbrunot

     عينت مجموعة أحرار الشام، إحدى أهم مجموعات التمرد ضد بشار الأسد، إدارة جديدة لها يوم الأربعاء 10 أيلول غداة سحق هذه المجموعة في انفجار غامض أدى إلى مقتل حوالي خمسين شخصاً من قادتها السياسيين والعسكريين أثناء اجتماعهم في غرفة تحت الأرض في محافظة إدلب. إن مجموعة أحرار الشام مُقربة من قطر منذ وقت طويل، وتضم ما بين عشرة آلاف وخمسة عشر ألف رجل أغلبهم من السلفيين، وهي جزء من تحالف الجبهة الإسلامية الذي يقاتل أيضاً ضد الدولة الإسلامية.
     ماذا كان يفعل خمسون رجلاً من قادة التمرد في اجتماع بمكان واحد بشكل ينافي أبسط القواعد الأمنية؟ تشير معلوماتنا إلى أن قيادة مجموعة أحرار الشام كانت تريد حسم المسألة المتعلقة بمعرفة فيما إذا كان يجب الاستمرار في قتال الدولة الإسلامية أو عدم الاستمرار به. ربما عارض بعض مسؤوليها مؤخراً فكرة الانضمام إلى التحالف الذي تقوم السعودية بإعداده في شمال سورية ـ بدعم من الولايات المتحدة ـ لمواجهة جهاديي الدولة الإسلامية.
     أشار البعض إلى أن هذا التفجير هو تصفية حسابات، ولكنه ليس الاحتمال الوحيد. من مصلحة الدولة الإسلامية أيضاً القضاء على منافس قوي. كانت مجموعة أحرار الشام قد خسرت أحد أهم مقاتليها المشهورين أبو خالد السوري في حلب خلال شهر كانون الثاني، وكان أحد القادة السابقين لتنظيم القاعدة في أفغانستان. يتعلق الاحتمال الأخير بالنظام، أشارت بعض المصادر إلى أن هذه الهجوم مُعقد جداً، ومن المحتمل ارتكابه بمساعدة الغاز.

     تأتي هذه العملية في لحظة حاسمة بالنسبة للتمرد ضد بشار الأسد الذي لا يمكن إلا أن يكون مسروراً من رؤية الولايات المتحدة تقصف الدولة الإسلامية في العراق، ولكنه يخشى من أن تؤدي الهجمات الجديدة إلى تدفق الجهاديين داخل سورية. فيما يتعلق بالتمرد، يقوم عرابوه في الخليج ولاسيما السعودية بالإعداد للمستقبل عبر إعادة هيكلة الجبهة الإسلامية من أجل قتال الجهاديين. ولكن من المحتمل أنه ليس هناك إجماع داخل الحركة السلفية على ذلك.

(جبران باسيل: "لا بد من جبهة مشتركة ضد الدولة الإسلامية")

صحيفة الفيغارو 11 أيلول 2014 ـ مقابلة مع وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل ـ أجرت المقابلة مراسلتها في لبنان سيبيل رزق Sibylle Rizk

سؤال: ستجتمعون مع جون كيري الذي يزور المنطقة حالياً لحشد الحلفاء من أجل "تدمير" الدولة الإسلامية. هل توافقون على هذا الهدف، وما هي شروط نجاحه؟ هل سيكون مقبولاً أن يكون بشار الأسد جزءاً منه؟
جبران باسيل: بدون الذهاب حتى الحديث عن تحالف، لا بد من جبهة مشتركة. إذا لم يحصل ذلك، سيغتنم الجهاديون أقل شرخ. إنها معركة مبدأ، أي معركة الإنسانية ضد الوحوش. لا يمكن استبعاد أي شخص يرغب أو يملك الوسائل بأن يكون جزءاً في هذه المعركة. ليس هناك خيار. ثم سيأتي الوقت لاحقاً للعودة إلى الخلافات وصراعات النفوذ الإقليمية. ما زال الكثيرون يعيشون في حالة إنكار للواقع بشكل سيُكلفنا ثمناً باهظاً جداً، ولكن الذين اعتقدوا ببراءة بالربيع العربي ـ أو الذين أرادوا استغلاله ـ أخطأوا جميعاً. استفاد الجهاديون من هذه الحسابات الخاطئة. يعني ذلك أنني لا أريد الانغلاق داخل بديل وحيد بين الدكتاتورية أو الإسلامويين. يبقى ممكناً العمل من أجل عمليات انتقالية ديموقراطية.
سؤال: بدأ لبنان مسعى جديداً لدى المحكمة الجنائية الدولية، ما هو هدفكم؟
جبران باسيل: أردنا إطلاق عملية ملاحقة جنائية ضد الجهاديين عبر اقتراح تزويد النائب العام للمحكمة ببعض المعلومات التي تسمح بملاحقة بعض مواطني الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية. على سبيل المثال، يبلع عدد الجهاديين الفرنسيين أكثر من سبعمائة. رد النائب العام بشكل إيجابي. إن اللجوء إلى العدالة الدولية يشكل جزءاً لا يتجزأ من استراتيجية إيقاف الدولة الإسلامية.


(إسرائيل: هل يجب قتل خالد مشعل؟)

مجلة النوفيل أوبسرفاتور الأسبوعية 11 أيلول 2014


     احتدم الجدل بين المسؤولين الإسرائيليين طوال عملية الجرف الصامد: هل يجب أو لا يجب محاولة اغتيال المسؤول السياسي لحماس خالد مشعل؟ إذا كان هناك توافق حول مصير القادة العسكريين للمنظمة الإسلامية ـ تمت تصفية الكثير منهم في غزة ـ فإن حالة خالد مشعل أكثر إشكالية. إنه منفي في قطر، ويتمتع بنوع من الحصانة غير الرسمية. ولكن الإسرائيليين ما زالوا يتذكرون الفشل الذريع لعملية اغتيال خالد مشعل في الأردن عام 1997، واكتشاف أمر الجاسوسين الإسرائيليين.

الأربعاء، ١٠ أيلول ٢٠١٤

(تحقيق حول دور إحدى الشركات الفرنسية للتقنيات المتطورة في سورية)

صحيفة اللوموند 10 أيلول 2014  بقلم فرانك جوهانيس Franck Johannès وسيمون بيل Simon Piel

     لاشك أنه من المزعج المثول أمام قاضي قسم مجازر الإبادة بتهمة "التواطؤ بأعمال تعذيب" في سورية، وسيكون ذلك دعاية سلبية بالنسبة لأية شركة فرنسية. قامت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان FIDH ورابطة حقوق الإنسان باتهام شركة كوزموس Qosmos الفرنسية بأنها زودت نظام بشار الأسد بمعدات تجسس إلكترونية عام 2011، وتقدمتا بشكوى أمام القاضي المختص حول "القيام عمداً بمساعدة النظام السوري على ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والتعذيب" بتاريخ 25 تموز 2012. بدأت محكمة باريس تحقيقاً قضائياً بعد تحريات معمقة خلال ثمانية عشر شهراً، وتمكنت صحيفة اللوموند من الاطلاع على هذه التحريات. تعامل القاضي دافيد دوباس David De Pas بجدية مع هذه القضية، وبدأ بجلسات الاستماع في شهر تموز. يتصف هذا التحقيق بالصعوبة. تعمل شركة كوزموس مع الاستخبارات الفرنسية، وتحصل على دعم مالي من الدولة.
     تعمل الشركة على تطوير أجهزة استشعار Sonde مدموجة في البرامج المعلوماتية Logiciel بشكل يسمح بـ "التقاط المكالمات الهاتفية، والسيطرة على أجهزة الكمبيوتر، وتحديد الموقع الجغرافي عبر الهواتف الجوالة، وتحليل الأنترنت والصوت، والقيام بهجمات إلكترونية". هذه هي تقنية التفتيش المعمق لجميع المعطيات التي تنتقل عبر الاتصالات Deep Packet Inspection (DPI). تأسست هذه الشركة عام 2000 بواسطة ستة أصدقاء، وأصبحت إحدى أهم الشركات العالمية في هذا المجال الواعد: حققت الشركة نمواً قدره 1000 % عام 2010. وقعت الشركة عقد ـ إطار عام 2009  مع الشركة الألمانية Utimaco، التي تعمل  كمتعهد بالباطن لشركة إيطالية اسمها Area، من أجل تركيب نظام مراقبة في سورية: يطلق على هذا المشروع اسم Asfador. كان من المفترض أن تقوم شركة كوزموس بتقديم 12 جهاز استشعار للبرامج المعلوماتية لشركة Utimaco، وأن يتم دمج أجهزة الاستشعار ضمن معدات المراقبة المصنوعة من قبل شركة Area لصالح شركة الاتصالات السورية.
     لا تتعامل شركة كوزموس إلا مع شركة Utimaco، ولكنها تعرف أنها تعمل لصالح سورية. اعترف المدير العام لشركة كوزموس تيبو بيشتوال Thibaut Bechetoille بتاريخ 18 تموز 2013 بقوله: "عرفنا منذ البداية من هو الزبون النهائي". قام المحققون بتحذير أحد مؤسسي الشركة جيروم توليه Jérôme Tollet بأن شركة الاتصالات السورية يديرها أحد أعضاء عائلة الأسد. أجاب المهندس جيروم توليه بهدوء: "لم نسع إطلاقاً إلى معرفة المزيد". سأل المحققون تيبو بيشتوال فيما إذا كان يدرك خلال شهر تشرين الثاني 2012 بأن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة يتهم النظام السوري بجرائم ضد الإنسانية، فأجابهم بهدوء: "نعم، نحن لسنا ساذجين. كنا ندرك أن مشاركتنا في هذا المشروع يمكن أن تساعد النظام السوري في عمله، ولهذا السبب قررنا وقف هذه المشاركة منذ شهر تشرين الأول 2011، ولم يكن هذا المشروع جاهزاً للعمل في هذا التاريخ".
     ولكن هذا الكلام مختزل جداً. لم تكن أجهزة استشعار كوزموس جاهزة في ذلك الوقت، وبدأت شركة Utimaco بإظهار انزعاجها. كشفت وكالة بلومبيرغ Agence Bloomberg بتاريخ 4 تشرين الثاني، عندما كان عدد ضحايا القمع يبلغ ثلاثة ألاف قتيل، عن أسماء الشركات العاملة في التجسس السوري، ومنها شركة كوزموس، وبدأ عمال الشركة يشعرون بالقلق أيضاً. أكد المكلف بالتوثيق التقني في الشركة جيمس دون James Dunne منذ شهر تشرين الأول 2007 قائلاً: "إن استخدام تكنولوجيا شركة كوزموس لغايات جمع المعلومات عن الأشخاص واعتراضهم تطرح مسائل أخلاقية". ولكن تيبو بيشتوال طمأنه، وأجاب أن شركة كوزموس لديها "سلوك أخلاقي". ولكن وول ستريت جورنال نشرت مقالاً مدوياً في شهر آب 2011 كشفت فيه أن شركة كوزموس عملت لمدة ثمانية عشر شهراً في مشروع Eagle للتجسس على نطاق واسع في ليبيا، الأمر الذي أثار انزعاجاً كبيراً داخل الشركة. وماذا عن سورية التي يتفاقم فيها الوضع دون توقف. أكد تيبو بيشتوال الذي أحس بقدوم المشاكل أنه قرر إيقاف كل شيء بتاريخ 14 تشرين الأول 2011، وأنه أعلم مجلس الإدارة بتاريخ 17 تشرين الأول. كتب جيمس دون في موقع ميديابارت Mekiapart الإلكتروني كل ما كان يفكر به حول انحرافات الشركة، وتم فصله من عمله في شهر كانون الأول 2012.
     إذا كانت أجهزة استشعار شركة كوزموس لم تدخل حيز العمل إطلاقاً، فإن الملف القضائي سينهار. ولكن هناك شكوك. أرسلت شركة كوزموس أحد عمالها المهندس سيباستيان س. Sébastien S إلى سورية بين 8 و14 كانون الثاني 2011 للتأكد فيما إذا كانت أجهزة الاستشعار تتلاءم مع شبكة الأنترنت المحلية. رافق هذا المهندس رجلان سوريان ذو وضع غامض، وتمكن من الحصول على المعلومات الشخصية لمتصفحي الأنترنت بتاريخ 10 كانون الثاني بين الساعة العاشرة وأربع وخمسين دقيقة صباحاً والساعة السادسة وعشرين دقيقة مساءاً، واطمأنت الشركة على برنامجها، وأنها قادرة على عزل المحتويات الرقمية في دمشق.
     أعلن سيباستيان س. أمام المحققين بتاريخ 17 كانون الأول 2013 أن مشروع Asfador لم يتوقف في شهر تشرين الأول 2011، وقال: "بدأ المشروع بالعمل، وتم تحديثه في نسخته 4.15.1  في شهر كانون الأول 2012. لقد بدأ العمل فيه بشكل جزئي منذ بداية صيف 2011". أضافت شركة كوزموس بعض التصليحات حتى تاريخ 7 تشرين الأول 2011، ولكن لم تحصل تحديثات لاحقة. إن سيباستيان س. ليس غاضباً من انقطاع مهمته، وقال: "بالنظر لما يسمح به ما ننتجه، كنا نشك بالهدف من استخدامه. بالنسبة لي، كنت سعيداً بإيقاف هذا المشروع". لا تتوافق أقوال سيباستيان س. مع أقوال مديري الشركة. أكد المدير التقني جيروم توليه قائلاً: "من المستحيل أن يكون الزبون النهائي قد تمكن في هذه اللحظة بتاريخ 10 تشرين الأول 2011 من استخدام هذه التكنولوجيا، وكنا سنلاحظ ذلك. من جهة أخرى، لم يكن جهاز الاستشعار مستقراً، وكان يتعطل بشكل مستمر". كان مدير التطوير باتريك بول Patrick Paul أقل جزماً، وقال: "إذا كانت المعطيات المتوفرة بواسطة أجهزة الاستشعار يمكن استخدامها فردياً، فإن السؤال المطروح هو معرفة فيما إذا كانت المعلومات قد تم استخدامها فعلاً". كما تذكر قائلاً: "عشية عملية التسليم بتاريخ 27 نيسان 2012، انتهيت من تذكرة الطلب المعلوماتي على تجربة الأداء واستقرار عمل أجهزة الاستشعار من طراز ixMACHINE LI بنسخته 4-13-1"، ولكنه اعتبر أن مشروع كوزموس "لم يكن جاهزاً للعمل، لأننا لم نقم بتحديثه، وبدون هذا التحديث سيصبح بالياً بسرعة كبيرة".
     أكد الموظف المسؤول عن تطوير هذا البرنامج بعد عودته من سورية ـ ترك العمل في الشركة في شهر أيلول 2011 ـ أن النظام قد تم تركيبه فعلاً في عام 2011، وقال: "كان البرنامج يعمل، ولكنه لم يكن ناضجاً بما فيه الكفاية. لم يكن جاهزاً للعمل 100 %، وكانت هناك بعض مشاكل الاستقرار، ويمكن أن يتعطل أو أن يشغل حجما كبيراً من ذاكرة المخدم".
     عندما تم تكليف القاضي دافيد دوباس بالملف، استدركت إدارة شركة كوزموس أخطاءها، وقدمت أقوالاً أكثر انسجاماً. ماذا عن العقد مع النظام الدكتاتوري السوري؟ قال المدير التجاري جان فيليب ليون Jean-Philippe Lion: "كنا في شهر تموز 2010، وفي الحقبة نفسها، قام الرئيس ساركوزي بدعوة بشار الأسد لحضور العرض العسكري للعيد الوطني بتاريخ 14 تموز . كان السياق مختلفاً جداً". لاحظ القاضي أن العقد مع شركة Utimaco استمر حتى تاريخ 16 تشرين الثاني 2012.  أجاب المدير بأنه تم إغلاق مشروع Asfador في شهر تشرين الأول 2010، وأن شركة كوزموس استمرت بالاستجابة للطلبات الأخرى من قبل شركة Utimaco، ولكنها "طلبات تتعلق بأجهزة استشعار بسيطة، وتختلف كلياً عن أجهزة الاستشعار المتعددة الخدمات في مشروع Asfador. إن المشروع السوري لم يكن جاهزاً للعمل إطلاقاً". كما أن سيباستيان س. لم يعد يقول فعلاً أن المشروع كان يعمل "جزئياً" منذ شهر حزيران 2011. كانت أجهزة الاستشعار تعمل، ولكن "كان ينقص دمجها بالمعدات الوسيطة القادمة من شركة Utimaco ومركز الرقابة من شركة Area". كان سيباستيان س. "جازماً" عندما قال: "لم تُسلّم شركة كوزموس أية معدات بعد تخليها عن مشروع Asfador. من المستحيل إنهاء المشروع بدوننا". هذا هو ما وصل إليه القاضي، والتحقيق وصل إلى حدود "قضية دولة".
     انتهت هذه القضية بواسطة بروتوكول تصالحي بتاريخ 17 تموز 2013، واضطرت شركة كوزموس لتعويض شركة Area بمبلغ 125.000 يورو "تعويضاً عن الأضرار الناجمة عن عدم انجاز البرامج المعلوماتية". كما ألغت شركة كوزموس العقد ـ إطار مع شركة Utimaco بتاريخ 2 أيار 2012 بعد مهلة قدرها ستة أشهر. تبلغ قيمة صفقة Asfador مبلغ 749.000 يورو بالنسبة لشركة كوزموس، وكانت هذه الصفقة كارثة مالية لها بسبب بقاء مبلغ غير مدفوع قدره 451.845 يورو، بالإضافة إلى تحقيق بتهمة "التواطؤ في أعمال تعذيب". بالمحصلة، يقول محامي شركة كوزموس بينوا شابير Benoît Chabert أن "الوثائق المقدمة تسمح بالتوصل إلى أنه ليس هناك أي دليل ضد شركة كوزموس بأنها ارتكبت مخالفة قانونية من أي نوع كان في إطار نشاطها التجاري".