الصفحات

الجمعة، ٢٠ كانون الأول ٢٠١٣

(تعذيبهم شبيه بتعذيب النظام)

 صحيفة الليبراسيون 19 كانون الأول2013 بقلم هالة قضماني

     انتهت فترة اللعب بالثلج في الرقة بعد  الموجة التي غطت الشرق الأوسط بالثلج، وحملت معها فترة راحة غير متوقعة لهذه المدينة التي تعرضت خلال الأيام الثلاث السابقة للموجة الثلجية إلى قصف دامي أدى إلى مقتل حوالي أربعين شخصاً. لم يكن بإمكان طائرات النظام التحليق، ولم يكن بالإمكان إطلاق الصواريخ البالستيكية ضد السكان. تراجع التوتر الذي كان متصاعداً بين المجموعات المسلحة المتنافسة للسيطرة على المدينة. كما أصبح متطرفو الجبهة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التابعة لتنظيم القاعدة الذين يمارسون أعمال الترهيب ضد الناشطين، أقل ظهوراً.
     لم تنته الرقة من دفع ثمن "تحريرها" ووقوعها تحت سيطرة التمرد في شهر آذار. ما زالت قوات النظام تعاقب سكان المدينة بعد أن انسحبت من أول عاصمة لإحدى المحافظات بسبب نقص الإمكانيات أو عدم الرغبة بالسيطرة عليها. تستهدف الغارات شبه اليومية المنازل والمدارس والأسواق مؤدية إلى سقوط الضحايا المدنيين في كل مرة. قال أحد الناشطين في الرقة على الفيسبوك: "إذا أردتم النوم بطمأنينة، احملوا فراشكم وناموا أمام مقر المحافظة"، وذلك في إشارة إلى أن بناء المحافظة لم يتعرض إطلاقاً لقصف الطائرات عن الرغم من تواجد رجال الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام فيه، ويطلق السوريون عليهم اختصاراً اسم: "داعش". يؤكد أغلب السكان المؤيدين للثورة أن هذه المجموعة التي انشقت عن جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة تتمتع بالحصانة. إن مصلحة النظام هي تشجيع المتطرفين من أجل الإساءة لسمعة التمرد بنظر السوريين وبقية العالم. اتضح أن هذه الإستراتيجية حققت النجاح.
      تتطرق جميع الأحاديث في الرقة إلى المقارنة بين ممارسات قوات الأمن التابعة لبشار الأسد وأعمال الترهيب الحالية التي يقوم بها رجال داعش الملثمين. تُذكّر إستراتجية المتطرفين في داعش بممارسات النظام فيما يتعلق بتصفية جميع المعارضين والشهود في المناطق التي يسيطرون عليها. أدى اختطاف العديد من الصحفيين الأجانب والأب اليسوعي باولو دالوغليو إلى ردع أي صحفي من الذهاب إلى سورية منذ عدة أشهر. كما يتعرض الصحفيون ـ المواطنون السوريون للملاحقة أيضاً. قامت المجموعة المتطرفة باعتقال عشرات الشباب في الرقة في مكان سري، ولم تحصل عائلاتهم على أية معلومات عنهم.
     لجأت المقاومة المعروفة في الرقة سعاد نوفل (44  عاماً) إلى تركيا منذ الشهر الماضي. قامت داعش بخطف شقيق هذه المعلمة التي كانت تذهب يومياً إلى مبنى المحافظة للاعتصام مساءا لوحدها. لم تتحمل "دولة الشر" للرجال الملثمين، حسب تسمية سعاد نوفل، رسائل التحدي التي تطالب بالإفراج عن جميع المعتقلين ومن ضمنهم الأب باولو. تعرضت سعاد نوفل للاعتقال والإهانة عدة مرات، ثم للتهديد بما هو أسوأ حتى تخلت في النهاية عن معركتها.
     إن المقاومة السلبية هو الوحيدة التي ما زال يمارسها أغلب سكان الرقة تجاه المتطرفين. أكدت أم نبيل قائلة: "إنهم يتجنبون الاقتراب منا، ولن ينجحوا بتغييرنا إطلاقاً". لم ينجح الجهاديون، بعكس بقية المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، بفرض إغلاق المحلات في ساعات الصلاة، ولا في منع بيع الدخان في الرقة. إن خدمات التعليم والصحة والنقل والكهرباء في المدينة تتحسن أكثر فأكثر بفضل المجلس المحلي ومجموعات المتطوعين المدنيين الذين يقومون بتنظيف الحدائق العامة في أوقات الهدوء ورفع الأنقاض بعد الغارات الجوية أو إزالة الثلوج عن الطرقات. كما أطلقوا مؤخراً نداء لجمع التبرعات لشراء المدافىء وجمع الألبسة للاجئين القادمين من إحدى القرى التي تعرضت للقصف. قال أحد الناشطين في هذه المجموعات: "ما دمنا لا نحتج عليهم، ولا نقدم مطالب ديموقراطية، ولا نتدخل في السياسة، فإنهم يتركوننا وشأننا. تماماً كما كان عليه الحال مع النظام...".





(توجد مصلحة مباشرة لبشار الأسد في "جهادية" الثورة)

صحيفة الليبراسيون 19 كانون الأول 2013 ـ مقابلة مع الأستاذ في معهد العلوم السياسية جان بيير فيليو Jean-Pierre Filiu ـ أجرى المقابلة لوك ماتيو Luc Mathieu

سؤال: لماذا أصبحت سورية الأرض الجديدة للجهاد العالمي؟
جان بيير فيليو: السبب الأول هو أن الثورة لم تكن قادرة بسبب ضعفها أمام ضربات النظام على الحفاظ على القانون والنظام في المناطق الواقعة تحت سيطرتها. تورط طرف إقليمي هو تنظيم القاعدة في العراق تحت اسم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام. رفض أعضاؤه إعلان الولاء لأيمن الظواهري، ولكنهم يتابعون هدفهم الخاص المتمثل بنقل الجهاد إلى الغرب حتى الحدود الفلسطينية. تضم الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام مقاتلين متمرسين قاتلوا أكثر من عشر سنوات في العراق، ثم انضم إليهم الجهاديون من مختلف أنحاء العالم عبر الذهاب إلى تركيا ثم ركوب أية حافلة للوصول حتى الحدود. السبب الثاني هو إستراتيجية بشار الأسد الذي أكد منذ شهر آذار 2011 أنه لا يواجه ثورة بل هجوماً جهادياً عالمياً. كان يقوم باعتقال آلاف المعارضين، ويُفرج عن الجهاديين المعتقلين في سورية. لا يعني ذلك أن هؤلاء الجهاديين هم عملاء للنظام، ولكن من الواضح أن بشار الأسد لديه مصلحة مباشرة في "جهادية" الثورة. أخيراً، إن سلبية الدول الغربية أعطت المصداقية وعززت هذه الفرضية. من الصعب جداً اليوم بالنسبة للسوريين ألا يفكروا بأن المجتمع الدولي والأمم المتحدة يحققون رهان بشار الأسد.
سؤال: أين تقع مسؤولية الدول الغربية؟
جان بيير فيليو: أكدوا منذ البداية أنه لا يجب التدخل في سورية لعدم تشجيع الجهاديين. بعد مرور ثلاث سنوات، لم يتحرك أحد وفرض الجهاديون أنفسهم بعد أن ظهروا عام 2012. إنها نتيجة دامغة تبرهن على أن هذه السياسة بعدم التدخل غير فعالة إطلاقاً. يتم اتهام  الضحايا عبر تحميل الثوار مسؤولية بروز الجهادية. في الواقع، تم تسليمهم إلى الجهاديين بعد التخلي عن الشعب السوري!
سؤال: هل يستطيع الجيش السوري  الحر العودة إلى الواجهة؟
جان بيير فيليو: لم يحظ الجيش السوري الحر إطلاقاً بسلسلة قيادة ولا بهياكل جديرة باسم "جيش". إن مجرد اتخاذ قرار بمساعدته وإعطائه الوسائل للقتال خلال فترة شهر أو شهرين أو ستة أشهر، من الممكن أن تجعله موجوداً بشكل فعلي. الأمر الأكثر أهمية هو أنه لا يمكن القضاء على الجهاديين إلا عسكرياً. رأينا ذلك في العراق عندما استطاعت ميليشيات الصحوة وحدها إجبار تنظيم القاعدة على التراجع. بالمقابل، لا يمكن أن تنتصر الثورة إلا على الصعيد السياسي. ولكن من أجل تحقيق ذلك، إنها بحاجة إلى موازين قوى عسكرية. بوضوح، يجب من الآن فصاعداً مساعدة حرب العصابات ضد الجهاديين أكثر من المساعدة ضد الدكتاتور بشار الذي لن يقوم إلا بتعزيزهم.
سؤال: هل الجيش السوري قادر على استعادة شمال البلد؟
جان بيير فيليو: السؤال هو معرفة لماذا لم ينجح باستعادة شمال سورية حتى الآن! إنه يضم 300.000 جندي تقريباً، ولكن ثلاثين ألف منهم فقط يقاتلون. يقف إلى جانبهم ما بين خمسة وخمسة عشر ألف مقاتل من عناصر حزب الله  اللبناني بالإضافة أعداد متزايدة أكثر فأكثر من  الشيعة العراقيين. إن هذه التعزيزات الخارجية مكلفة بمعارك المدن. وإذا لم ينجحوا باستعادة حلب، فإن السبب هو أنه لا أحد من سكان حلب يريد العيش من جديد تحت حكم نظام بشار الأسد. لا يعني ذلك أن السكان يدعمون المجموعات المسلحة المتمردة بشكل أعمى، إنهم ينتقدونهم حالما يشعرون بأنهم يتصفون بالتعسف نفسه للنظام القديم. لا يجب نسيان أن سكان بعض الأحياء الواقعة تحت سيطرة التمرد في حلب، صوتوا قبل عدة أيام لانتخاب رئيس بلدية ومحافظ. إنهم يواصلون إدارة ثورتهم على الرغم من المعارك العنيفة.


الخميس، ١٩ كانون الأول ٢٠١٣

(الدبلوماسية الفرنسية مجبرة على الغموض)

صحيفة اللوموند 19 كانون الأول 2013 بقلم ستيفاني لوبارس Stéphanie Le Bars

     لا يمر أسبوع بدون أن تتحدث سلطة دينية أو سياسية عبر العالم عن مصير الأقليات المسيحية في المشرق. قامت فرنسا بدورها بالحديث عن ذلك خلال الأسابيع الأخيرة بعد عدة أشهر من التحفظ النسبي. قام رئيس الجمهورية للمرة الأولى باستقبال الرئيس الجديد لمؤتمر أساقفة فرنسا المونسنيور جورج بونتييه Georges Pontier بتاريخ 7 تشرين الأول، وأعرب رئيس الجمهورية عن "قلقه حول مصير المسيحيين في المشرق وإرادة فرنسا في الوقوف إلى جانبهم". أكد رئيس الجمهورية موقفه خلال زيارته إلى إسرائيل والأراضي الفلسطينية في منتصف شهر تشرين الثاني قائلاً: "لا يوجد شيء أسوأ من الاعتقاد بأن الشرق الأوسط يمكن أن يكون أرضاً لا يستطيع المسيحيون العيش فيها بسلام... من الناحية السكانية، من الواضح أنه يمكن اعتبار أن الديانة المسيحية لا مستقبل لها، ولكن وجودها مهم جداً من الناحية الثقافية والروحية والسياسية".
     قبل عدة أسابيع من ذلك، كان وزير الخارجية لوران فابيوس قد تحدث أمام برلمان المسيحيين في المشرق قائلاً: "إن المسيحيين ليسوا فقط مهددين، بل تتم ملاحقتهم وتصفيتهم. لا يمكن أن تقبل فرنسا بذلك. يجب علينا إسماع صوتنا في كل مرة يتم فيها ارتكاب عملية ترهيب". شاهدنا المثال الأخير في هذه السياسة في بداية شهر كانون الأول عندما أعربت فرنسا عن "قلقها" بعد عدة ساعات من اختطاف 12 راهبة وإجبارهن من قبل المتمردين على مغادرة كنيستهم في معلولا. ما زال الغموض سائداً حول مصيرهم حتى الآن.
     قال عضو المجلس المحلي في مدينة باريس وضواحيها عن حزب الاتحاد من أجل الحركة الشعبية باتريك كرم Patrick Karam: "إن هذه الإدانات المستمرة هو ما نريده بالضبط". قام باتريك كرم مؤخراً بتأسيس لجنة تنسيق لمسيحيي المشرق المعرضين للخطر، ويعتبر أن هذه المبادرة "عملية لوبي غير سياسية". كما وجه انتقاداً لاذعاُ بقوله: "لا يتحرك الدبلوماسيون اليوم بشكل كافي، ويقومون أحياناً بالتقليل من أعمال العنف ضد المسيحيين معتبرين أن أهوال الحرب أصابت الجميع. هذا صحيح ولكن المسيحيين بالإضافة لذلك هم هدف الإسلاميين ـ الفاشيين"، وينسجم هذا الموقف مع موقف جزء من رجال الدين في المنطقة.
     بشكل إجمالي، هذه هي أيضاً مقاربة المونسينيور باسكال غولنيش Pascal Gollnisch  مدير مؤسسة المشرق (L'œuvre d'Orient)، وهي جمعية كاثوليكية تأسست في القرن التاسع عشر للدفاع عن المسيحيين في المشرق، الذي أكد قائلاً: "ربما لم يكن المسيحيون مستهدفين بشكل خاص في بداية النزاع في سورية. ولكن المجموعات السلفية اليوم ليست سورية بالضرورة، وهي تحلم بخلافة إسلامية كبيرة عابرة للحدود، وتقوم بمهاجمة القرى المسيحية"، وأكد أن المسيحيين لم يحصلوا على معلومات جديدة حول الأسقفين الاثنين والراهب المختطفين في سورية منذ شهري نيسان آب. هناك تحليل مختلف للناطق الرسمي باسم تجمع الأساقفة الأورثوذوكس في فرنسا كارول سابا Carol Saba الذي قال: "إن النزاع السوري ليس نزاعاً بين المسيحيين والمسلمين. يجب الكفاح من أجل حماية مفهوم المواطنة في دولة القانون بدلاً عن القتال لحماية الأقلية المسيحية".
     نظم معهد العلوم السياسية في باريس ندوة حول العلاقات بين "الأديان والسياسة الخارجية" بتاريخ 6 تشرين الثاني، تحدث لوران فابيوس في هذه الندوة قائلاً: "في سورية، يجري أحياناً استخدام المسيحيين كوسيلة، يعتقد البعض منهم أن النظام الحالي يشكل حماية فعالة لهم. ولكن النظام يستخدمهم لتحقيق مصلحته بدلاً من حمايتهم، ويستغل التهديد الجهادي لإثارة الاعتقاد بأنه يشكل حصناً في وجه الإرهاب، في حين أنه هو الذي أغرق بلده في الفوضى". ولكن المسؤولين المسيحيين معجبون باللهجة الحديثة للسلطات الفرنسية، لأن الاتصالات دائمة بين مسؤولي وزارة الخارجية الفرنسية وجمعيات الدفاع عن المسيحيين في المشرق على الرغم من التحليلات السياسية المختلفة أحياناً. عندما يقوم أحد بطاركة المشرق بزيارة باريس، يتم تنظيم لقاء مع أجهزة الدولة أو مع بعض أعضاء البرلمان "من أجل الاستعلام".
     تحافظ السفارة الفرنسية في الفاتيكان منذ وقت طويل على علاقات مستمرة مع دبلوماسيي وزارة الخارجية في الفاتيكان. أكد مارك فروماجيه Marc Fromager المسؤول في منظمة مساعدة الكنائس المحتاجة (Aide à l'Eglise en Detresse) التي تعمل على إدانة "اضطهاد المسيحيين" في العالم وتتمتع باعتراف الفاتيكان، قائلاً: "نقوم بدور هام على صعيد المعلومات حتى ولو كانت فرنسا تتابع الوضع الميداني جيداً. ولكننا نحن هنا أيضا ًمن أجل مساءلة الإستراتيجيات السياسية التي تبدو لنا مُحيّرة". إنه تلميح لما يحصل في سورية التي كانت خلال الأشهر الأخيرة مصدراً للكثير من الخلافات بين الدبلوماسية الفرنسية المؤيدة لتدخل عسكري بهدف إسقاط نظام بشار الأسد وبين العالم المسيحي. لأنه حتى لو كانت الكنيسة تسعى، تقليدياً، إلى الحفاظ على موقف سياسي "حيادي" من الناحية الرسمية بشكل يهدد بظهورها كأنها تدعم الحكومات القائمة، فإن هذا الموقف يتعرض للانتقاد بشكل منتظم من قبل بعض المسؤولين الدينيين. أكد المونسينيور غولنيش قائلا: "لا يمكننا إلا أن نأسف للمواقف السياسية المتخذة سواء كانت مع أو ضد، لأن المسيحيين يجب عليهم القيام بدور الوسيط". يبدو أن باتريك كرم لم يلتزم بالحيادية، واعتبر أنه كان يجب على فرنسا "وضع شروط لمساعدتها إلى مصر الإخوان المسلمين والحصول على ضمانات حول حقوق المسيحيين والمرأة". وقال مارك فروماجيه: "من جهتنا، قمنا بطرح الأسئلة حول التدخل العسكري في سورية والرهانات الجيوسياسية المخفية بخصوص عقود السلاح أو العقود التجارية وحول الغاز على سبيل المثال".
     كان البابا فرانسوا من جهته معارضاً بقوة للضربات العسكرية ضد سورية، ووجه رسالة إلى رؤساء قمة العشرين في سان بطرسبورغ في بداية شهر أيلول حول هذا الموضوع. قام بالفاتيكان أيضا بتنظيم صلاة عالمية من أجل مسيحيي الشرق، وترافق ذلك مع هذا الهجوم الدبلوماسي غير المسبوق منذ عدة سنوات في الفاتيكان. يعتقد البعض في الأوساط المسيحية أن هذه التدخلات أثرت في القرارات الفرنسية والأمريكية بالتخلي عن الضربات... ولكن بالنسبة للوران فابيوس، إن المشاركة في المسؤولية واضحة، وأكد في شهر تشرين الثاني قائلاً: "يقع على عاتق الشخصيات الدينية التأثير عبر سلطتهم الأخلاقية من أجل الحوار، ولاسيما عبر اتخاذ المواقف المشتركة والوساطات والعمل الميداني. ويقع على عاتق المسؤولين السياسيين البحث دون هوادة عن صيغ سياسية قادرة على ضمان التعايش السلمي الدائم".
     خلال السنوات الأخيرة، ظهرت خلافات أخرى في العلاقات بين بعض المسؤولين المسيحيين والدبلوماسيين الفرنسيين. حصل ذلك بشكل خاص خلال الاضطرابات في العراق عام 2008. تعهد وزير الخارجية الفرنسي آنذاك برنار كوشنير باستقبال حوالي 500 مسيحي عراقي، ولكن بعض الجمعيات انتقدت مثل هذا "التمييز الإيجابي"، بالإضافة إلى أن المسؤولين الدينيين معرفون بتحفظهم حول رؤية المسيحيين يتركون المنطقة. قال المونسينيور غولنيش: "لا يقع على عاتق جمهورية علمانية رعاية إحدى الطوائف. ما هي معايير اختيار هؤلاء الناس؟ سيؤدي ذلك إلى زيادة الشكوك بالفساد. إن إعطاء الأولوية لاستقبال المسيحيين لن يخدمهم حتى لو كان مسيحيو الشرق أصدقاءاً يتحدثون اللغة الفرنسية وينتمون إلى الفرانكوفونية. يعني ذلك أن الغرب يرعى المسيحيين. إن ما يُطلب من فرنسا هو الدفاع عن حقوق الإنسان والحرية الدينية". يبدو أنه تم سماع النداءات الداعية إلى الحذر، واعترفت وزارة الخارجية الفرنسية أنه "لا مجال لتكرار عملية كوشنير" في النزاع السوري الحالي.
     بالمقابل، يبدو أنه هناك توافق بين وزارة الخارجية وبين ما تسميه السلطات "جمعيات النية الحسنة" لمواجهة الإشاعات التي تتداولها الشبكات المعروفة بإدانتها لـ "كره المسيحية". أكدت وزارة الخارجية الفرنسية قائلة: "يقوم بعض الناشطون بصب الزيت على النار. نحن نعرفهم. إن المسؤولين المسيحيين حذرون مثلنا تماماً". يؤكد المدافعون عن مسيحيي الشرق، حتى ولو أنهم ليسوا بمنأى عن التعرض للتضليل، أنهم يحذرون من بعض إشاعات "المجازر" والصور المزيفة وبعض المواقع أو الشخصيات "التي تقع بالمبالغة وتؤذي الرسالة الموجهة"، وقال المونسينيور غولنيش: "نجد عمليات التضليل في جميع الحروب، والجميع يعرف اليوم كيف يستخدم الأنترنت"، وأكد كونه "حذراً" تجاه المعلومات المنشورة، وتأسف قائلاً: "ولكننا نعتمد على الناس هناك، لأننا لا نستطيع الذهاب إليهم في أغلب الأحيان".
     قال أحد المسؤولين المسيحيين: "يجب الانتباه أيضاً من الأطراف التي تستغل هذا الملف لتحقيق مصالحها الخاصة. إن الدفاع عن مسيحيي الشرق يُشكل تجارة مفيدة لاتخاذ بعض المواقف في النقاشات العامة". فيما يتعلق بباتريك كرم، إنه يستبق الانتقادات ويدين بدوره "استغلال هذا الملف من قبل بعض التيارات في اليمين المتطرف التي تراها فرصة للهجوم على الطائفة المسلمة والإسلام بشكل عام". إنه برهان على أن ملف مسيحيي الشرق يتعلق بالسياسة والدبلوماسية و"الشؤون الدينية" البحتة.



(الصحيح والخطأ في الثورة السورية)

صحيفة اللوموند 19 كانون الأول 2013 بقلم كريستوف عياد Christophe Ayad

     عمليات خطف ومجازر وهجمات ضد الأماكن المقدسة وإكراه على تغيير الدين: تتداخل المعلومات والإشاعات والتضليل منذ بداية الثورة السورية. محاولة للدراسة.
     تعرض الأسقف بولص يازجي (الروم الأورثوذوكس) والأسقف يوحنا إبراهيم (السرياك الأورثوذوكس) للاختطاف في كفر داعل بشمال حلب بتاريخ 22 نيسان، وذلك أثناء قيامها بمهمة وساطة للإفراج عن راهبين اثنين اختطفتهما المجموعات الإسلامية. نسبت كنيسة الروم الأورثوذوكس والنظام السوري مسؤولية الخطف إلى "الإرهابيين الشيشان". إنها مجموعة شيشانية مسلحة انفصلت عن الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التي تعيث في شمال سورية. ولكن لم يتم التأكد من هوية الخاطفين حتى هذا اليوم. من جهة أخرى، تعرض الأب اليسوعي الإيطالي باولو دالوغليو للاختطاف في بداية شهر آب عندما كان يحاول الحصول على الإفراج عن بعض الرهائن السوريين والغربيين في الرقة الموجودين لدى الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام. أخيراً، هناك معلومات متناقضة حول اختطاف حوالي 12 راهبة في منطقة معلولا.
     إن الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام هي المجموعة الجهادية الأكثر عنفاً وتحزباً داخل التمرد، وتقوم منذ بروزها على المسرح السوري بمضاعفة أعمال الترهيب ضد الأماكن المقدسة للمسيحيين، كما فعلت في العراق الذي ازدهرت فيه. بالمقابل، فيما يتعلق بجبهة النصرة، الجناح السوري لتنظيم القاعدة، فإنها تحذر من عدم الوقوع في مواجهة مباشرة مع السكان، باعتبار أن أعمال الترهيب التي تقوم بها استثنائية. لم يعقب السيطرة على الرقة في شهر آذار أعمال ترهيب فورية ضد المسيحيين. لم تقع أعمال الترهيب إلا بعد سيطرة الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التي اقتلعت الصليب الموجود في الكنيستين الرئيسيتين في المدينة من أجل استبدالهما بعلم أسود عليه الشهادة الإسلامية، الأمر الذي أثار بعض الاحتجاجات حتى خارج نطاق المسيحيين. إن الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام لا تستهدف المسيحيين  فقط، بل تهاجم جميع الناشطين.
     ظهر للعيان أن النظام يستخدم الأديرة كقواعد عسكرية ومواقع للمدفعية من أجل قصف القرى والسكان دون أن تتجرأ السلطات الدينية المسيحية على إدانة هذه الممارسات خوفاً من الانتقام. حصل ذلك في منطقة صيدنايا في دير الشيروبيم ودير ماما. إن ذلك لم يمنع النظام من تحميل التمرد مسؤولية تدمير "أكثر من ستين كنيسة ودير مسيحي في جميع أنحاء سورية، وإجبار أكثر من سبعين ألف أورثوذوكسي على مغادرة مدينة حمص، وتخلي نصف مسيحيي حلب عن منازلهم" كما قال السفير السوري في موسكو أمام البرلمان الروسي على الرغم من أن القصف الحكومي هو السبب الأول لنزوحهم.
     مجزرة 4 أيلول عندما استولت بعض المجموعات الإسلامية المتمردة على مدينة معلولا المشهورة لفترة قصيرة باعتبارها الرمز الأهم للوجود المسيحي في سورية (ما زال سكانها يتكلمون الآرامية). اغتنم النظام المعزول بسبب تداعيات الهجوم الكيميائي في الغوطة بتاريخ 21 آب هذه الفرصة، واتهم التمرد بالقيام بأعمال ترهيب مخيفة، ونشرت وكالة أنباء الفاتيكان Fides هذه المعلومات. تحدثت بعض وسائل الإعلام الغربية عن قطع رؤوس في حال رفض اعتناق الإسلام ونهب الأماكن المقدسة... الخ. كل ذلك غير صحيح. لم يؤثر النفي الصادر عن الراهبة المسؤولة عن دير تقلا بيلاجيا سياف  Pelagia Sayyaf وعن بطريرك الروم الأورثوذوكس في أنطاكيا جان العاشر يازجي بخصوص هذه المعلومات. لقد تضرر دير القديس سيرجيوس فقط بسبب قصف الجيش السوري الذي استهدف المتمردين.
     هناك إشاعة أخرى غير صحيحة: تعرض المتمردون في بداية شهر تشرين الثاني للاتهام بقتل سبعين مسيحي منهم ثلاثة رهبان في منطقة القامشلي. قام مطران الحسكة المونسينيور جاك بهنان هيندو بنفي ذلك، ولكن بعد فوات الأوان. إن المجزرة الوحيدة الواضحة التي قام بها الجهاديون حتى الآن هو مجزرة وادي النصارى بالقرب من حمص عندما  مات حوالي عشرة مسيحيين نصفهم من المدنيين في هجوم استهدف حاجزاً لإحدى اللجان الشعبية التابعة للميليشيات المسيحية.
     فيما يتعلق بقصف الأحياء المسيحية في دمشق في بداية شهر كانون الأول، لقد أدانها النظام باعتبارها هجوم طائفي. يتساءل بعض المسيحيين في أحاديثهم الخاصة حول مكان إطلاق القذائف: إنهم يؤكدون عدم وجود أهمية إستراتيجية لأحيائهم، ويرون أن النظام هو الذي يقف وراء هذه الهجمات التي لم تصب الأحياء  العلوية. يسعى النظام إلى حض المسيحيين على حمل السلاح في إطار ميليشيات الدفاع الوطني التابعة للسلطة.

     هناك صورة متداولة على الشبكات الاجتماعية منذ عدة أشهر، يظهر فيها فتاة شابة ترتدي لباساً أسود ومكشوفة الرأس، ومربوطة بحبل ثخين على عمود حجري. تم تقديمها باعتبارها مسيحية من حلب، وأنها تعرضت للإزعاج من قبل المجموعات الجهادية في التمرد بسبب رفضها التخلي عن دينها. هذا غير صحيح. إنها فعلاً إحدى سكان حلب، ولكن الصورة يعود تاريخها إلى عام 2011، وقد عاقب الشبيحة هذه الفتاة لأنها شاركت في مظاهرة معارضة للنظام.

(سورية: حلفاء قطر يتهمونها بالقيام بلعبة مزدوجة)

مدونة جورج مالبرونو Georges Malbrunot الإلكترونية 16 كانون الأول 2013

     جرى اجتماع عاجل وصاخب في لندن يوم الجمعة 13 كانون الأول لمجموعة الـ 11 التي تدعم التمرد السوري، وذلك بعد قيام بعض المجموعات السلفية بالسيطرة على مركز قيادة الجيش السوري الحر والعديد من مستودعات الأسلحة التابعة له. تحظى هذه المجموعات السلفية بدعم بعض المشاركين في هذا الاجتماع. نريد الحديث عن قطر المتهمة بالقيام بـ "لعبة مزدوجة خطيرة".
     تضم هذه المجموعات التي استولت على أسلحة الجيش السوري الحر كتيبة أحرار الشام ولواء التوحيد المقربتان من الدوحة. قال أحد المشاركين في الاجتماع متأسفاً: "إن مثل هذا الموقف المزدوج لم يعد ممكناً. لا تستطيع إحدى الدول دعم حليفنا الجيش السوري الحر، ثم تهاجمه من الخلف. أصبحت مجموعة الـ 11 على حافة الهاوية من الآن فصاعداً، وهي على وشك التمزق". لم يعترف مندوب قطر في اجتماع لندن بخطئه، وأضاف المصدر السابق قائلاً: "على العكس، لقد دافع عن موقفه وأوضح موقف بعض المجموعات الإسلامية في شمال سورية. كانت كلمته معدة سلفاً، وقام بقراءتها أمامنا".
     بالمقابل، لم يستطع المندوب الأمريكي روبرت فورد إخفاء انزعاجه، وقال المصدر: "كان متقززاً. لقد جاء للحصول على أجوبة دقيقة لأسئلته حول إعادة هيكلة الجيش السوري الحر. عاد خالي الوفاض إلى واشنطن، وبدلاً من ذلك، سيتم إزعاجه بالأسئلة من قبل محاوريه في الكونغرس وغيره الذي يرفضون أصلاً تسليح المتمردين". تم تأجيل هذه المسألة إلى أجل غير مسمى بعد الذي حصل في مركز قيادة الجيش السوري  الحر في أطمة.
     ماذا يوجد فعلاً في ترسانات الأسلحة التي أصبحت تحت سيطرة السلفيين؟ أجاب هذا المصدر: "ربما بعض وسائل التجسس التي أرسلها الأمريكيون"، الأمر الذي يُفسر "غضبهم" والتسونامي الصغيرة التي تسبب بها في واشنطن" التي قال صرح فيها الرئيس السابق لوكالة الاستخبارات الأمريكية مايكل هايدن Michael Hayden بشكل مفاجىء أن بقاء الأسد في السلطة مازال "أقل الخيارات سوءاً".

     من المفترض أن تواصل الولايات المتحدة تراجعها حول الملف السوري بعد الهجوم الإسلامي ضد الجيش السوري الحر، وستكتفي على المدى القصير بعقد مؤتمر جنيف مع الروس دون التوهم بالوصول إلى نتائج. لقد أظهر البيان الختامي لاجتماع لندن أن الأمريكيين والفرنسيين والبريطانيين لم ينجحوا في تحديد المجموعات المثيرة للمشاكل على الرغم من أنهم بذلوا كل ما بوسعهم لتسمية هذه المجموعات الإسلامية، ولكن دون جدوى. اكتفى البيان الختامي بالتأكيد قائلاً: "نحن نأسف للهجمات على مركز قيادة المجلس العسكري الأعلى والاستيلاء عليه وعلى مستودعاته يومي 7 و8 كانون الأول".

(اجتماع في ليبيا بين بعض المجموعات الجهادية في عدة دول)

مدونة جورج مالبرونو Georges Malbrunot الإلكترونية 16 كانون الأول 2013

     علمنا من الصحيفة الألمانية Welt am Sonntag بتنظيم اجتماع سري استمر ثلاثة أيام في بنغازي الليبية خلال شهر أيلول. شارك فيه بعض الحركات الأساسية في الجهاد العالمي التي تزدهر في الفوضى الناجمة عن حركات التمرد العربي منذ ثلاث سنوات، من بينها أنصار الشريعة الليبية التي لا تعترف بالمؤسسات في طرابلس، بالإضافة إلى بعض المجموعات الجهادية الليبية والمغربية والمصرية والتونسية الذين اجتمعوا مع ممثلين عن تنظيم القاعدة في المغرب الإسلامي وعن جبهة النصرة في سورية.
     كان الوضع في سورية التي تتقدم فيه الحركة الجهادية على الأرض محور النقاشات. أكدت الصحيفة الألمانية التي لم تذكر مصدرها أنه ربما طالب ممثل أنصار الشريعة التونسية ـ المستقلة عن مثيلتها الليبية ـ أبو إياد بالمطالبة بالتوقف عن إرسال التونسيين إلى سورية لأنه "توجد حاجة ماسة لوجود المقاتلين بالقرب منه" في تونس في حالة تفاقم النزاع مع النظام التونسي. إن أبو إياد ملاحق بسبب تورطه في الهجوم الذي استهدف السفارة الأمريكية في تونس خلال شهر أيلول 2012.
     لم يتقبل قادة جبهة النصرة طلب أبو إياد لأن الدعم الذي يمثله الجهاديون الأجانب بالنسبة لهم هام جداً من أجل إسقاط بشار الأسد وإقامة الخلافة في المشرق. في النهاية، تم التوصل إلى تسوية عبر السماح للجهاديين التونسيين بالعودة إلى بلدهم، ولكن بالمقابل ربما حصلت جبهة النصرة على ضمانات بأن بقية المقاتلين غير التونسيين الذين سيذهبون إلى سورية سيكونون تحت سلطة جبهة النصرة وليس تحت سلطة منافستها الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام المرتبطة بتنظيم القاعدة الذي طلب رئيسه أيمن الظواهري أن يتم تركيز جهودها في القتال حول العراق.
     تسعى جبهة النصرة بفضل هذه التسوية إلى السيطرة على الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام التي تزايدت قوتها في سورية بشكل خطير خلال عام 2013 بفضل قرب مكان عملياتها من معقلها في غرب العراق. ولكن منذ نداء الظواهري الذي دعا إلى دعم جبهة النصرة بصفتها الممثل الوحيد لتنظيم القاعدة في سورية، تضاعفت المنافسة بين المجموعتين الجهاديتين.
     إن تسوية بنغازي ـ في حال التأكد منها ـ هامة جداً باعتبار أن التمرد السوري يعيش مرحلة إعادة هيكلته. إن جناحه المعتدل الممثل بالجيش السوري الحر في حالة عجز كامل مقابل المكونات السلفية التي تحافظ على علاقاتها الميدانية مع جبهة النصرة. يشكل التونسيون أحد المكونات الأساسية للمقاتلين الأجانب الذين أغراهم الجهاد في سورية. ما زلنا نجهل ما هي مصادر الصحيفة الألمانية، ولكن الأمر المؤكد هو أن أجهزة الاستخبارات الألمانية نشيطة جداً في تونس وليبيا نقلاً عن مصدر أمني فرنسي.



(إيران: النقاط الغامضة في الاتفاق)

 صحيفة الفيغارو 19 كانون الأول 2013 ـ مقابلة مع السفير الفرنسي السابق في إيران بين عامي 2001 ـ 2005 فرانسوا نيكولو François Nicaullaud والباحث في مؤسسة البحث الإستراتيجي برونو تيرتريه Brunot Tertrais ـ أجرى المقابلة غايدز ميناسيان Gaïdz Minassian

سؤال: هل لعبت الاضطرابات الجارية في الشرق الأوسط دوراً في التوصل إلى اتفاق جنيف حول الملف النووي الإيراني؟
فرانسوا نيكولو: إنه أمر صحي أن هذه المفاوضات تجاوزت الرغبة بمعالجة جميع المشاكل مع إيران: في سورية وأفغانستان ولبنان وفلسطين. إن الأزمة النووية خاصة جداً. ولكن إذا وجدت حلاً، فإن ذلك ربما يطلق دائرة إيجابية ستستفيد منها بقية المشاكل المحورية في المنطقة. توافق إيران على أن حضورها في منطقة معقدة يخلق لها بعض الواجبات. بالإضافة إلى ذلك، يقال أن بعض الدول الغربية متعلقة جداً بمشاعر القلق الإسرائيلية والسعودية. ولكن لنتذكر أن دول مجموعة الست تتفاوض باسم المجتمع الدولي. هناك مصلحة مشروعة لجيران إيران في الحصول على الطمأنينة. لا يعني ذلك أنهم محقون دائماً، ولكن يجب الإصغاء لهم.
برونو تيرتريه: يدعي بعض الخبراء بأن إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة سيكون المرحلة التالية، إنها مزحة! إذا تم التوصل إلى اتفاق، فإن السبب بالتحديد هو أنه كان مقتصراً على المسألة النووية. يبقى السؤال الكبير في معرفة فيما إذا النظام الإيراني يستطيع تحمّل المصالحة مع الغرب. فيما يتعلق بالمسألة السورية، أنا لم أؤيد الموقف الفرنسي أثناء مفاوضات جنيف 1 في شهر حزيران 2012، الذي كان يقول بأن إيران لا مكان لها في المفاوضات. أعتقد أن هذا الموقف كان رسالة سيئة إلى إيران: إنه قد يعزز الافتراضات المسبقة لأولئك الذين يعتبرون في طهران أن الدول الغربية لا تسعى إلى اتفاق حول الملف النووي، ولكن إلى إسقاط النظام. من الممكن التساؤل فيما إذا كان تردد باراك أوباما حول سورية كان يتضمن أيضاً الخشية من أن يؤدي التدخل العسكري إلى تعقيد المفاوضات مع إيران.