الصفحات

الأحد، ٢٦ كانون الثاني ٢٠١٤

(مقتل مئات الأوروبيين في سورية منذ عام 2012)

صحيفة الفيغارو 25 كانون الثاني 2014 بقلم جورج مالبرونو Georges Malbruont

     يتراوح عدد المقاتلين الأجانب الذين يقاتلون ضد نظام بشار الأسد ما بين ثمانية آلاف وعشرة آلاف، يأتي ثلثيهم تقريباً من ثلاث دول عربية هي السعودية وليبيا وتونس. بدؤوا بالوصول إلى سورية اعتباراً من منتصف عام 2012 عندما كانت تظهر على دمشق علائم الضعف.
     خلال الأشهر الستة الأخيرة، تراجع تسلل المتطوعين الليبيين والتونسيين مقابل تزايد عدد الجهاديين الأوروبيين الذين تم تجنيدهم بعد هزيمة المتمردين في شهر حزيران في القصير تجاه نظام يساعده حزب الله المكروه من قبل الإسلاميين السنة. كما أدت مشاهد الرعب الناجمة عن  الهجوم الكيميائي المنسوب للسلطة السورية، الذي أدى إلى مقتل 1400 شخص في ضواحي دمشق، إلى إقناع العديد من الأوروبيين بالانضمام إلى قافلة الجهاد ضد الأسد.
     هذه هي النتائج الرئيسية التي توصلت إليها دراسة قامت بها إحدى أجهزة الاستخبارات الغربية، وتمكنت صحيفة الفيغارو من الاطلاع عليها، وذلك اعتماداً على دراسة حالة 700 جهادي تم الإعلان عن موتهم على شبكات التواصل الاجتماعية (فيسبوك وتويتر) منذ شهر تموز 2012. القتلى السعوديون في سورية هم الأكثر عدداً (135 حالة على الأقل). أشارت هذه الدراسة إلى أن "الرياض تبنت سياسة السماح بمرورهم على أمل التخلص من بعض العناصر غير المرغوبة على أراضيها من أجل زعزعة استقرار النظام السوري". كما كشفت الدراسة عن العديد من حالات "المعتقلين الذين أفرجت عنهم السلطات السعودية بشرط ذهابهم للقتال في سورية".


(الأنترنت، وسيلة تجنيد الجهاديين إلى سورية)

صحيفة الفيغارو 25 كانون الثاني 2014 بقلم كريستوف كورنوفان Christophe Cornevin

     أصبح الأنترنت أكثر من أي وقت مضى أفضل وسيلة لتجنيد الجهاديين الأوروبيين وإرسالهم إلى سورية. وصل غسيل الأدمغة إلى ذروته، ولاسيما في بعض المواقع الإسلامية التي تحض قراء الأنترنت على الحقد عن طريق نشر صور الجثث والجوامع المهدمة (800 جامع).
     قال الرئيس السابق للإدارة العامة للاستخبارات الخارجية الفرنسية (DGSE) آلان شويت Alain Chouet: "يقوم الأنترنت منذ عدة سنوات بتغيير كامل الجوهر الفكري الجهادي الذي تختلط فيه جميع الأحلام الخيالية وطرق صناعة القنبلة وهذيان العودة إلى العصر الذهبي للسلفية والموت والشهادة. بالنسبة للمتطوعين المتشبعين برومانسية الكتائب  الجهادية العالمية، إن سورية هي السبب الرائع. إن الذهاب إلى سورية سهل: يكفي ركوب الباص من باريس إلى استانبول، ولاسيما أن الأوروبيين ليسوا بحاجة إلى تأشيرة دخول، ثم الوصول إلى الحدود السورية ـ التركية والبنى التحتية العديدة التي بناها المتمردون هناك".
     لا يمكن تحديد الصفات المشتركة للجهاديين بدقة، ولكن الخبراء يتفقون على الحديث عن شباب تتراوح أعمارهم بين 18 و28 عاماً، وغارقين في الضواحي التي تؤجج فيهم انزعاجاً عميقاً يستفيد منه الناشطون الإعلاميون ومجانين الله على الأنترنت. قال الباحث في مجموعة الأبحاث والدراسات حول البحر المتوسط والشرق الأوسط (Gremmo) هاويز سينيغر Haoues Seniguer: "يستطيع أي شخص بفضل الأنترنت الوصول مباشرة إلى مشاهد حربية لا يمكن التأكد من صحتها كلياً، وتؤثر على عقول الذين يمكن التلاعب بهم. عندما يختلط كل ذلك مع خطاب مذهبي يدعي الشرعية، فإن قارئي الأنترنت الذين يفتقدون لنظرة انتقادية ينتابهم إغراء قرار خطير لا  يمكن العودة عنه".
     تترافق خطورة الخطاب المذهبي مع تقدمه بشكل خفي. هناك العديد من المواقع الإسلامية الراديكالية على الأنترنت التي تدعو بصراحة إلى التمجيد بالجهاد مثل موقع أنصار الحق الذي يضم لوحده أربعة آلاف عضو منهم 685 عضو ناشط، يقف وراء مثل هذه المواقع عدد كبير من الدعاة الإسلاميين الذين يقدمون أنفسهم كـ "معتدلين"، ويصغي إليهم عدد كبير من المسلمين، ويصبح خطابهم راديكالياً عندما يتطرقون إلى الوضع السوري. هذا هو الحال بالنسبة للشيخ يوسف القرضاوي الذي يمثل مرجعاً مذهبياً حقيقياً للإسلام السني، ويقدم برنامجاً بعنوان (الشريعة والحق) على تلفزيون الجزيرة، كما أنه مفتي قطر ومقرب من طارق رمضان، ويبث بمكر دعاية مضللة وعنيفة، وقال في إحدى خطبه الأخيرة بوضوح: "أصبح الجهاد في سورية واجباً على كل مسلم... إن الحصول على موافقة الوالدين ليست ضرورية في هذه الحالة".
     تقوم الشرطة بفتح ملفات للكثير من الجهاديين، وتعتقل حفنة من المتوهمين بعد عودتهم، وجُرِح بعضهم في معسكرات التدريب في تركيا قبل الوصول إلى سورية. قال هاويز سينيغر: "إنهم معزولون في الأحياء الشعبية، ولا يتحدثون اللغة العربية، ومعرفتهم الدينية معدومة أو شبه معدومة، يذهب هؤلاء المقاتلين المبتدئين إلى الجهاد في محاولة لاختلاق هوية جديدة إيجابية قائمة على الوهم، أي هوية القضية الإسلامية النبيلة التي يمكن أن تصل حتى الشهادة".
     هناك 12 قاصر فرنسي على الأقل انضموا إلى صفوف هؤلاء الجنود الضائعين، إنهم لا يمثلون إلا الجزء البارز من جبل الثلج. في بداية شهر كانون الأول، حذر وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس Manuel Valls مع نظيره البلجيكي جويل ميلكيه Joïlle Milquet من تجنيد الشباب الأوروبيين من قبل منظمات مقربة من تنظيم القاعدة في سورية، وقدّرا أن عددهم يتراوح بين 1500 و2000، وقال مانويل فالس: "هذه الظاهرة تُقلقني، وهي تمثل بالنسبة لي أكبر خطر يجب أن نواجهه في السنوات القادمة".
     لم تدق أجهزة الاستخبارات جرس الإنذار الأحمر في الوقت الحالي، لأن أغلب الجهاديين الفرنسيين ما زالوا يغادرون فرنسا. ستظهر المؤشرات الخطيرة بعد نهاية الحرب، ولاسيما إذا خرج الأسد منتصراً. تنبأ أحد الخبراء بهذه المنطقة قائلاً: "سيعود المقاتلون المتطوعون الـ 250 إلى فرنسا مع الشعور بالمرارة والعطش للانتقام، وسيقومون بتحميل الدول الغربية أسباب جميع المصائب، ولاسيما عدم تدخلهم عسكرياً في دمشق". إذا اعتبرنا أنه يجب تعبئة خمسة عشر شخصاً لمراقبة أحد المشتبه بهم أربعة وعشرين ساعة يومياً، فإن عدد الموظفين الفرنسيين للتجسس المضاد البالغ عدهم ثلاثة آلاف سيكون كافيا بشق الأنفس. إن أخطاء الشرطة في ملاحقتها لمحمد المراح قبل المجزرتين في مدينتي تولوز ومونتوبان الفرنسيتين تؤكد أن مراقبة الجهاديين صعبة.


السبت، ٢٥ كانون الثاني ٢٠١٤

(الأعداء السوريون يبدؤون المفاوضات)

صحيفة الفيغارو 25 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلها الخاص في جنيف جورج مالبرونو Georges Malbruont

     نجح الوسطاء الأمميون والعرابان الأمريكي والروسي لمؤتمر السلام في إقناع الإخوة الأعداء السوريين بالاجتماع وجهاً لوجه يوم السبت 25 كانون الثاني من أجل إطلاق المفاوضات في جنيف! اتصل الوسيط الأممي الأخضر الإبراهيمي في وقت متأخر من مساء يوم الخميس 23 كانون الثاني بالوفد الرسمي السوري لتحذيره من أن معارضيه يرفضون حضور الموعد الأول المحدد في الساعة الحادية عشر صباحاً. كان الائتلاف الوطني السوري المدعوم من الدول الغربية يؤكد أنه لن يكون هناك لقاء مع النظام ما دام لم يعترف ببيان جنيف 1 الذي ينص على تشكيل حكومة انتقالية تتمتع بكامل السلطات، وبالتالي رحيل بشار الأسد.
     سخِرَ أعضاء الوفد الرسمي السوري من "عدم استعداد" خصومهم، وهددوا بدورهم بمغادرة جنيف إذا لم يُغيّر المعارضين موقفهم حتى يوم السبت 25 كانون الثاني. قام رئيس الوفد السوري المُحنك وليد المعلم بنقل الرسالة إلى الأخضر الإبراهيمي خلال لقاء في الصباح. ثم تغيرت لهجة المعارضين ضد الأسد، وقال عضو وفد المعارضة برهان غليون الذي أدان "مناورة" غامضة من السلطة السورية: "أنا متفائل بالتأكيد أننا سنذهب إلى الاجتماع يوم السبت 25 كانون الثاني". هل أصغى المعارضون ضد الأسد إلى نداءات الاعتدال التي أطلقها الإبراهيمي أم أنهم تعرضوا للتوبيخ من قبل المستشارين الأمريكيين الذين ينشطون في الكواليس؟ قلل أحد ممثلي واشنطن في ممرات قصر الأمم من أهمية ذلك قائلاً: "هذا طبيعي، لم تكن المعارضة مستعدة، وهذا ليس أمراً خطيراً جداً".
     من المفترض أن تبدأ عملية المفاوضات صباح السبت 25 كانون الثاني عندما سيجمع الأخضر الإبراهيمي حوله تسعة أعضاء من المعارضة وتسعة أعضاء من النظام، وسيُذكّرهم بالإجراءات، وسيتطرق إلى جدول أعمال المفاوضات. سيبدأ الاجتماع بكلمة للأخضر الإبراهيمي لمدة نصف ساعة، ثم سيذهب كل وفد إلى قاعة منعزلة مع مستشاريه، الأمر الذي سيُجبر الدبلوماسي الجزائري على التنقل بين الوفدين بانتظار تحقيق "انفتاح" من أجل جمع الوفدين مرة أخرى والتقدم في المفاوضات. ولكن ستكون هناك فجوة واضحة  تفصل بين الجانبين: لا يريد النظام سماع أي شيء عدا مكافحة الإرهاب، ويرفض التطرق إلى مسألة رحيل الأسد. بينما يُكرس المعارضون جهودهم على ما بعد الأسد بموجب اتفاق جنيف 1.
     هل سيتحلى الطرفان بالحكمة للتقليل من مطالبهما من أجل التركيز على "إجراءات الثقة" التي يدعو إليها المجتمع الدولي مثل: وقف إطلاق النار على جبهة واحدة أو عدة جبهات محلية وتبادل السجناء وبعض الإجراءات الإنسانية لتلبية احتياجات مئات آلاف السوريين؟ لا شيء مؤكد. قال أحد الدبلوماسيين الأممين المنخرطين في المفاوضات: "يمكن أن يفشل كل شيء في أية لحظة".


(سورية: الوسيط الأممي ينتزع مواجهة بين النظام والمعارضة)

صحيفة الليبراسيون 25 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلها الخاص في جنيف جان بيير بيران Jean-Pierre Perrin

     سيلتقي الوفدان السوريان، الوفد الرسمي ووفد المعارضة، يوم السبت 25 كانون الثاني في قاعة واحدة في قصر الأمم بجنيف. هذا هو الإعلان المفاجىء الذي أعلن عنه الأخضر الإبراهيمي مساء يوم الجمعة 24 كانون الثاني.
     لا شك أن واشنطن وموسكو الحاضرتان في الكواليس قد مارستا ضغوطاً كثيرة على وفدي المعارضة والنظام من أجل حثهما على التقدم. ولكن من الصعب أن تذهب عملية السلام بعيداً.  أكد أحد دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي يوم الجمعة 24 كانون الثاني قائلاً: "الظروف ليست مواتية للتفاهم حول عملية إيجابية". لأنه يبدو أن العملية فيها احتيال، كما أنه لم تتم دعوة بعض الأطراف الرئيسية الخارجية للمأساة السورية مثل طهران التي لا يبدو أن آية الله علي خامنئي فيها مستعد للتأقلم مع احتمال رحيل الأسد، كما تقوم بعض هذه الأطراف مثل الرياض والدوحة بدور غامض. اعترف أحد دبلوماسيي الاتحاد الأوروبي قائلاً: "إن عدم مشاركة إيران في المؤتمر، يعني أنه هناك خطر بألا يتغير أي شيء. فيما يتعلق بالسعودية وقطر، إنهما يدفعان وفد المعارضة إلى عدم التنازل عن أي شيء. بالتأكيد، إن واشنطن هي تقوم بدعم المعارضة، ولكن هاتين الدولتين هما اللتان تتحكمان بالوضع عن بعد. إذاً، إن هامش المناورة أمام الدول الغربية محدود جداً".
     ولكن إذا ربح النظام نقطة، فإن المعارضة خسرت نقطة. أظهرت المعارضة مرة أخرى أنها أكثر انقساماً وأقل انسجاماً، لدرجة أن قائمة وفد المعارضة لم يتم الإعلان عنها حتى مساء يوم الخميس 23 كانون الثاني. هناك أيضاً مشكلة شرعية المعارضة باعتبار أنه لم يشارك في مؤتمر جنيف 2 كل من المجلس الوطني السوري (أهم أحزاب المعارضة) والممثلون الشرعيون للأكراد والأحزاب الراديكالية المنضوية داخل الجبهة الإسلامية بالإضافة إلى المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة التي تتسع سيطرتها على المناطق "المحررة". من جهة أخرى، يخيم على المؤتمر شبح تنظيم القاعدة والمجموعات الإسلامية الراديكالية.
     هناك نقطة تفاهم مشتركة بين الروس والأمريكيين هي منع بروز سلطة إسلامية في سورية. أشارت صحيفة الأخبار المقربة من حزب الله إلى أن دبلوماسي أمريكي في جنيف اعترف قائلاً: "نحن نحاول المصالحة بين مطلبنا المتعلق برحيل بشار الأسد من جهة، وضرورة منع إقامة دولة إسلامية من جهة أخرى".



(الوضع السوري الحرج)

 افتتاحية صحيفة الفيغارو 25 كانون الثاني 2014 بقلم فيليب جيلي Philippe Gélie

     يعكف الأطباء الجيدون في الدبلوماسية الدولية على معالجة الجروح السورية بواسطة القطن واللصقات الطبية. ما هي فرص نجاحهم بإنقاذ مريض أصابته الغنغرينة وأصبحت حياته في خطر؟ لم يُعلن عن فشل مؤتمر جنيف حتى الآن، ولكن هذا الفشل يبدو حتمياً. يواجه وسيط الأمم المتحدة صعوبة كبيرة في جمع ممثلي بشار الأسد والمعارضة على طاولة واحدة، وبالتالي يواجه صعوبة في البدء بمفاوضات جدية. يبدو أن الهدف المحدد لهذا المؤتمر الهام لا يمكن بلوغه أيضاً: كيف يمكن تشكيل حكومة انتقالية يعارضها النظام، في الوقت الذي لم يعد  فيه الائتلاف الوطني السوري يمثل التمرد الراديكالي؟ كما أن اختيار الدول المشاركة في المؤتمر يتجاهل الواقع: تشارك السعودية التي تمول المجموعات السلفية في المؤتمر، بينما تم استبعاد إيران التي تدعم النظام وترعى حزب الله.
     هل هو حذر أم حيرة، إن الدبلوماسية الغربية متأخرة دوماً في سورية. فات الأوان لمساعدة المتمردين الذين تراجعوا أمام إسلاميي تنظيم القاعدة، كما فات الأوان أمام تحديد "خطوط حمراء" ما دمنا مستعدين للتساهل معها. ولكن ما زالت هناك فرصة لإعداد خطة طموحة عبر البدء بمفاوضات لوقف إطلاق النار وفتح ممرات إنسانية.
ـ ما دامت الدبلوماسية تتمهل، سيستمر السوريون بالموت بالآلاف بسبب الحرب أو الجوع، ترك 20 % من السكان منازلهم، وتنتشر صدمة النزاع بخطورة في لبنان والعراق. هناك بحر يفصلنا عن هذه الأعمال المروعة، ولكن كتائب الشباب الجهاديين المولعين بهذه المجزرة السياسية ـ الدينية يتزايد عددهم في بلدنا باستمرار.

     توجد اليوم بعض الأمهات اللواتي تبكي جنون أطفالهن المراهقين الذين ذهبوا للانتحار في سورية باسم قضية تتجاوز فهمهم. غداً، إنهم الناشطون المتمرسون والمؤدلجون الذين سيعودون إلى أوروبا. من أجل لومها على جمودها؟

("يجب سحب الجنسية الفرنسية من الجهاديين")

صحيفة الفيغارو 25 كانون الثاني 2014


     أكد النائب الفرنسي والقاضي السابق لمكافحة الإرهاب آلان مارسو Alain Marsaud قائلاً: "نقلاً عن أجهزة الاستخبارات الفرنسية، يبدو أنه من المستحيل تطبيق أي نوع من الإجراءات العقابية ضد الجهاديين الفرنسيين الذي ذهبوا إلى سورية لارتكاب أعمال عنف. عندما يعود هؤلاء الجهاديون إلى فرنسا، لا يمكن استجوابهم أو حبسهم على ذمة التحقيق أو حتى توجيه الاتهام لهم. لأنه يُعتبر أنهم يتصرفون في إطار عمل، عنيف بالتأكيد، يدخل ضمن إطار توجه الدبلوماسية الفرنسية. يمكن القول بأنهم نوع من الأشخاص الذين يساعدون السياسة العامة. رفضت وزيرة العدل تغيير القانون على الرغم من الطلب الذي تقدمت به. أعلنت الحكومة البريطانية مؤخراً عن أنها ستسحب الجنسية البريطانية من هؤلاء الجهاديين الذين يملكون جنسيتين. يستطيع وزير الداخلية إظهار تصميمه الحقيقي عن طريق اتخاذ إجراء مشابه".

الجمعة، ٢٤ كانون الثاني ٢٠١٤

(أوروبا تُحذر من رحيل الشباب باتجاه سورية)

 صحيفة اللوموند 24 كانون الثاني 2014 بقلم مراسلها في بروكسل جان بيير ستروبانتس Jean-Pierre Stroobants

     سيجتمع وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي في أثينا يوم الجمعة 24 كانون الثاني من أجل التطرق خلال اجتماع غير رسمي إلى مسألة الوجود المتزايد أكثر فأكثر للمقاتلين الأوروبيين إلى جانب المجموعات الجهادية الراديكالية في سورية. يبدو أن الإدارة الأوروبية للعمل الخارجي أصبحت تعتبر هذا الملف كأولوية، واكتسب أبعاداً غير متوقعة بالنسبة للكثير من المسؤولين. قال منسق سياسة مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي جيل دو كيرشوف Gilles de Kerchove: "تشعر أجهزة الاستخبارات الوطنية بقلق لا يمكن إنكاره. أحصينا خلال ذروة النزاع الأفغاني ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف مقاتل أجنبي. برأيي، تجاوزنا اليوم الألفي مقاتل في سورية". إنه رقم غير دقيق ولكنه في تزايد.
     تبعث هذه الظاهرة على القلق بسبب عنفها. أصبحت مشاهد القتل وقطع الرؤوس كثيرة على الأنترنت. أكد السيد دو كيرشوف قائلاً: "سيكون من الصعب السيطرة على عودتهم". يبدو أن المراقبة المستمرة على أولئك الذين يعودون ستكون معقدة. اعتبر أحد أجهزة الاستخبارات الأوروبية أن ملاحقة أحد المشتبه بهم أربع وعشرين ساعة يومياً تحتاج إلى عشرين عنصراً.
     أشار أحد المتخصصين الأوروبيين إلى أن الكثير من هؤلاء الشباب الذين ذهبوا سيعودون "إما في حالة اكتئاب نفسي أو في حالة حقد مكبوت. وربما دفعهم أولئك الذين رافقوهم إلى معاقبة الغرب الذي لم يساعد إخوانهم في السلاح". فيما يتعلق بالشاب البلجيكي بريان دومولدر Brian De Mulder الذي اعتنق الإسلام وانضم إلى منطقة المعركة، فقد هدد على الأنترنت بتفجير بمدينة الألعاب السياحية المشهورة في بروكسل Atomium، ثم أشار إلى أنه لن يستطيع الانتظار حتى تاريخ 26 آذار موعد الزيارة الرسمية لباراك أوباما إلى العاصمة البلجيكية.    
     من جهة أخرى، إن الضغوط الأمريكية ليست بعيدة عن إدراك بعض القادة الأوروبية لهذه الظاهرة. تشعر واشنطن بالقلق من الإلغاء التدريجي لنظام تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة بالنسبة للأوروبيين. وتخشى واشنطن من أن يتمكن أحد المقاتلين من الهروب من الأجهزة الأوروبية وأن يدخل إلى الولايات المتحدة لارتكاب عمليات تفجير.
     بدأت فرنسا وبلجيكا عملاً مشتركاً، وانضمت إليه حوالي عشر دول من أصل 28 دولة في الاتحاد الأوروبي، من أجل التحرك وزيادة الاتصالات مع الأجهزة الأمريكية والكندية والأسترالية والتركية. كما تحاول هذه الدول إقناع شركاءها في منطقة شنغن بمعالجة مسألة عودة المقاتلين.
     لم تحصل الخطة التي أعدها السيد دو كيرشوف عام 2013 على الكثير من الاهتمام حتى أعرب المجلس الأوروبي عن قلقه في شهر كانون الثاني بسبب ارتفاع عدد المقاتلين الأوروبيين الذين يقاتلون في سورية ثلاثة أضعاف خلال ستة أشهر. لم تحصل الخطة على الإجماع، ورفض البرلمان الأوروبي فتح ملفات لركاب الرحلات الجوية. كما أن العلاقات مع بعض الأجهزة في الشرق الأوسط والمغرب العربي ربما تثير الجدل. وسيكون التعاون صعباً مع الشركات التي تفتح خطوط  الأنترنت.

     بالمقابل، هناك إجراءات أخرى ستحصل على المزيد من القبول مثل: المراقبة الأفضل للرحلات المغادرة، الوقاية المبكرة بمشاركة الأجهزة الاجتماعية والشرطة المحلية، وإعداد "رواية مضادة" بمساعدة رجال الدين المسلمين، وتحسين التنسيق بين الدول على صعيد التحليل، وجمع عناصر الأدلة.