افتتاحية صحيفة
اللوموند 25 شباط 2013
سقط
حوالي مئة قتيل في دمشق بسبب التفجيرات التي وقعت يوم الخميس 21 شباط، إنها
التفجيرات الأكثر دموية في العاصمة السورية منذ بداية التمرد قبل حوالي السنتين.
هل ما زال هناك أحد يشعر بالقلق جراء ذلك؟ هل ما زال هناك أحد يهتم بهذه الحرب
الأهلية التي تزداد وحشيتها أكثر فأكثر؟ هل هناك أحد لم يشعر بالعجز تجاه هذين
المعسكرين العنيدين ـ النظام والمعارضة ـ
اللذين يستنفذان قواهما حتماً ولكن دون أن يتحطمان؟
على
الرغم من ذلك، يجب التخلص من هذا القدر المحتوم والإصغاء إلى ما قاله الأخضر
الإبراهيمي، الوسيط الأممي المعزول والعاجز جداً، عندما قال يوم الخميس 21 شباط في
إحدى المحطات التلفزيونية العربية: "إن النظام في سورية مُقتنع بأن الحل
العسكري ممكن، وأنه أصبح قريباً". بمعنى آخر، أشار الإبراهيمي إلى أن الأسد
يعتبر بأن الشيء الذي لم تسمح القوة بتحقيقه حتى الآن ـ أي سحق التمرد ـ ، سيكون
بالإمكان تحقيقه عن طريق المزيد من القوة، وذلك على الرغم من خسائره المستمرة هنا
وهناك على الأرض. إن هذه القناعة الانتحارية لا تُدهش أحداً. وعلى أي حال، لم
تُدهش أولئك الذين يتذكرون أن الرئيس السوري كان قد هنأ نفسه علناً في شهر آب 2012
بالانشقاقات التي ستكون "تطهيراً" للبلد.
اعترفت
الولايات المتحدة والدول الأوروبية بالإخفاق منذ المأزق الدبلوماسي في الأمم
المتحدة الناجم عن الموقف الروسي الداعم لمواقف النظام السوري. حتى ولو كان
بإمكانهم الدفاع عن نفسهم، لقد تخلت الولايات المتحدة وأوروبا عن الثوار السوريين
وتركوهم في حرب غير متوازنة تجاه جيش ما زال يحصل على دعم لوجستي ومادي من إيران
وروسيا. إن حجتهم الرئيسية معروفة وهي: إن تسليح الجيش السوري الحر بشكل يؤدي إلى
دعم المقارنة مع القوة العسكرية للنظام، يمثل مخاطرة برؤية هذه الأسلحة تُستخدم
ضدهم في المستقبل من قبل المجموعات الجهادية التي تجذبها المنطقة الرمادية الجديدة
في الشرق الأوسط. ستكون هذه الحجة مُقنعة لو كان الشلل الحالي لا يؤدي إلى ما
يحاولون تجنبه أي: النمو المستمر للمجموعات الأصولية المسلحة التي تمولها بعض دول
الخليج.
إن الخبراء
الذين يتابعون الوضع في سورية عن كثب، يشكّكون بقدرة انتصار طرف على الآخر. ولكن
الجميع يؤكدون أن الحفاظ على التفوق العسكري لنظام بشار الأسد، هو الذي يدفع
النظام إلى التمسك بموقفه حتى النهاية. لهذا السبب يجب على الدول الغربية أن تطرح
من جديد مسألة تقديم الدعم العسكري إلى المجموعات المتمردة الأكثر تمثيلاً لسورية،
أي المجموعات التي نزلت إلى الشارع ابتداءاً من 17 آذار 2011 لكي تطالب بالإصلاحات
ثم بسقوط نظام بشار الأسد. إن إقامة موازين قوى جديدة هي الطريق الوحيد لكي تتصدع
الولاءات داخل النظام.
إذاً، إن تسليح المعارضة لا يتعارض مع حل تفاوضي
للتوصل إلى طرد العائلة التي يديرها بشار الأسد، وتجنب الفوضى المدمرة للمنطقة
بأسرها. بل على العكس، سيكون ذلك أداة في خدمة الدبلوماسية. إن عدم تسليح المعارضة
هو خيار: هذه هي السياسة التي تبنتها واشنطن وأوروبا حتى الآن بسبب عدم وجود خيار
آخر. ولكن يجب تحمّل مسؤولية الثمن والنتائج أي: تدمير بلد وشعب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق